قراءة رقمية سياسية حول قرارات الجمعية العامة في القضية السورية

(( لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ )) :  مطلب قرآني ملحاح ورد في القرآن الكريم بصيغ وعبارات كثيرة ، تطلب من الناس التفكر والتذكر والتدبر ( النظر في العواقب ) وتأمل المدخلات والمخرجات ، والنتائج وقبلها المقدمات . نذكر بهذا الذين يظنون أن رسالة إلى الله إلى خلقه اقتصرت فقط على أمرهم بالصلاة والحج والزكاة ...

خلال خمس سنوات انقضين من عمر الثورة السورية المباركة ، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي هي أوثق هيئة سياسية كونية ، ثمانية قرارات تخص ما اصطلح على تسميته القضية السورية ، ونصر نحن أن نسميها الثورة السورية . ولقد جاءت هذه القرارات جميعها مؤيدة لحقوق الشعب السوري ، دافعة عنه ، مطالبة بوقف الظلم الواقع عليه ، مدينة ظالميه ومستنكرة على مؤيديه وداعميه . مما ينبي على أمرين ؛ الأول أن الضمير الإنساني ما زال بخير . والثاني حجم الجنف والظلم الذي قام عليه نظام مجلس الأمن ، وما يكرسه من غطرسة وعدوان .

ولأن القرار الأخير كان ذا مضمون عدلي إنساني حقوقي محض . المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب في سورية – كائنا من كانوا – وتوثيق جرائمهم من طرف الأمم المتحدة ، وتثبيتها وحفظها لكي لا تضيع ، لتقديمها حين تحين فرصتها للعدالة المحايدة النزيهة ؛ فقد كان لا بد أن يلفت نظر المتابع المهتم نسبة التقاعس عن التصويت على منبر الجمعية العامة . وحجم التقاعس عن المتابعة على كنبات قيادة المعارضة .   

في نتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة دلالات مهمة لا ينبغي للسياسي ، ولا لصاحب القضية أن يغفل عنها ولا أن يتناسى مسئوليته المباشرة عن حصادها .

لقد صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى الآن ثمانية قرارات ، كلها تؤيد حق الشعب السوري ، وكلها تدين المجرم القاتل ومؤيديه .

والجدول التالي يوضح أرقام هذه القرارات ، وتواريخ صدورها . وتوزع المصوتين عليها بين معارض ومؤيد وممتنع عن التصويت .

24/12/2016

الغائبون

المعارضون

للقرار

الممتنعون عن التصويت

المؤيدون للقرار

التاريخ

القرار رقم

43

11

6

133

19/12/2011

66/176

17

12

27

137

16/2/2012

66/253

36

12

10

135

20/12/2012

67/183

59

12

15

107

15/5/2013

67/262

47

13

6

127

18/12/2013

68/182

48

13

5

127

18/12/2014

69/189

37

13

39

104

23/12/2015

70/234

21

15

52

105

21/12/2016

71/

سنلاحظ بالقراءة الرقمية الأولى أن عدد الدول التي ظلت تعارض هذه القرارات على مدى السنوات الخمس تراوح بين 11 – 15 دولة من العدد الكلي لدول الجمعية العامة للأمم المتحدة . نذكر أن بين هذه الدول ، صوت سورية الذبيحة التي لا يزال يمسك باسمها جلادها . 

إن الرقم  12 أو 13 أو 15 هو أقصى رقم لعدد الدول التي تؤيد الجريمة في العالم فهل في هذا الرقم حجة و بلاغ لحكومات وشعوب ونخب ما تزال تؤيد الجريمة والمجرمين؟! 

هل في ذك بلاغ لبقايا من أبناء الشعب السوري ، ما زالوا يفذلكون الظلم والاستبداد بمنطق عقيم ، ومداخل للقول تزري بعقول أصحابها وقديما قالوا : اختيار المرء قطعة من عقله . أما كلامه فهو بلا شك عقله كله.

ومع ذلك فما كان لقوى الثورة والمعارضة ، وما كان للدول التي تزعم ـأنها صديقة للشعب السوري إلا أن تتساءل ، كيف قفز رقم المعارضين لقرارات الأمم الجمعية العامة ، أو بتعبير آخر عدد المؤيدين للجريمة مع تفاقمها واشتدادها من 11 – 15 . وهل نستطيع أن نفسر ذلك بغير الكسل الدبلوماسي للدول الصديقة ، وبالتراخي واللامبالاة بالنسبة لقوى الثورة والمعارضة جميعا؟!

في قراءتنا السياسية لقوائم المصوتين نلحظ تحول تصويت حكومة الجزائر  من قائمة الدول الممتنعة عن التصويت إلى القائمة السوداء في الدول المعارضة، حتى لإجراء محاكمات للمجرمين ، فمم يخاف المجرمون ؟!  يجب ألا نتوقف عن تحليل موقف الحكومة الجزائرية ، ولا ينبغي أن نحلل موقف هذا القطر العربي الشقيق ، الحر الأصيل شعبه ، تحليلا قريبا عارضا . العشرية السوداء لا تفسر كل شيء ، وربط الثورة السورية بها أعجب ، وهل لنا أن ننسى أو نتناسى أن الجزائر ظلت على مدى عقود موئل نخبة سورية معارضة لها خصوصياتها ، وهل لنا أن نتساءل عن دورها وأثرها. والأهم كيف نستدرك الأمر ، وكيف يمكننا تلافيه.

تراوح عدد الدول المؤيدة لقرارات الجمعية العامة ، أو بتعبير آخر لحق الشعب السوري  بين 137 – 104 . معلنا تحولا سلبياغير قليل في مواقف الدول ، لمصلحة الدائرة الرمادية ( الامتناع عن التصويت )

ومرة أخرى نكرر إن هذا التحول مما لا ينبغي الاستهانة به , وهو يدل على كسل دبلوماسي لدى وزراء خارجية الدول الصديقة ، وعلى لا مبالاة قاتلة في صفوف قوى الثورة والمعارضة يجب التوقف عندها وتداركها .

ويبقى السؤال المطروح عند المهتمين : كيف ؟ ومتى ؟ ومن ؟ ولماذا ؟

وتردد تعداد الممتنعين عن التصويت  بين 4 – 52 دولة وهو رقم كما نقدر كبير جدا . يجب أن تدرس أسبابه العامة ، والخاصة بالتتبع . لنجد أنفسنا أمام نفس الدائرة من تحمل المسئولية أو المسئوليات السائبة والمضيعة ، لدى قوم لا يميزون بين الأبيضين السكر والملح .

 عندما نتوقف عند القرار الأخير القرار الحقوقي العدلي في محاسبة مجرمي الحرب نجد نتائج أكثر سلبية في طبيعة التحولات . نتائج لا ينبغي أن تمر على متحملي مسئولية ثورة شعب ، ولا على من توكل بمتابعتهم وتذكيرهم ولو بأطرهم على الحق أطرا . وبين أيدينا رصد أولي لتوزع التصويت على قرار الجمعية العامة رقم 71/ بتاريخ  21/12/2016

 لقد صوت مع القرار 105 دول من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وألمانيا إلى جانب تركيا والسعودية وقطر وتونس ) ورفض القرار 15 دولة منها (الجزائر ، كوريا الشمالية ،زمبابوي وسوريا ، وروسيا ، نيكارغوا ، فنزويلا ، الاكوادور ، ايران ، كوبا ، الصين ، بلاروسيا ،جنوب السودان ، قيرغيزستان و بوروندي ) وامتنع عن التصويت 52 دولة منها ( السودان  ، مصر ، ماليزيا  الهند ، اندونيسيا ، العراق ، كينيا ، كازخستان ، نيجيريا ، لبنان ، موزنبيق الإكوادور ، مالي ، أرمينيا) فيما تغيبت عن التصويت ( لواذ) 21 دولة  منها (عُمان ، باكستان ، المغرب ، ليبيا ، جنوب افريقيا ) 

 في قائمة هذه الدول دول  تثير الحفيظة ، و تبعث على التساؤل ، وينبغي أن تحرك الهمم وأن تدفع إلى التحرك نحو الشعوب قبل الحكومات. نداءات عملية حقيقية لشعوب الجزائر ومصر والسودان أهلنا هناك لقد خان الأمين .. وإذا اعتذروا لدول الاستبداد بالا ستبداد،  فهل يعقل أن نرى في قائمة الدول الممتنعة عن التصويت ديمقراطيات مثل الهند وماليزيا وأندونيسيا . وهل يعقل أن تتغيب عن التصويت دول مثل  المغرب ( مغرب أمير المؤمنين ثم بن كيران ) ثم عُمان وباكستان وجنوب أفريقيا ..

تساؤلات مشروعة ومفتوحة وكل تساؤل يقتضي عملا وجهدا ودأبا ومتابعة وسهرا وقبل كل ذلك ثقة بالنفس وإيمانا بعدالة القضية ...

أيقظ نديمك فقد نعسا ..

الغائبون

المعارضون

للقرار

الممتنعون عن التصويت

المؤيدون للقرار

التاريخ

القرار رقم

43

11

6

133

19/12/2011

66/176

17

12

27

137

16/2/2012

66/253

36

12

10

135

20/12/2012

67/183

59

12

15

107

15/5/2013

67/262

47

13

6

127

18/12/2013

68/182

48

13

5

127

18/12/2014

69/189

37

13

39

104

23/12/2015

70/234

21

15

52

105

21/12/2016

71/

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 700