المحكمة الميدانية

عبد الرحيم عبد الرحمن منصور

عبد الرحيم عبد الرحمن منصور

قصة حقيقية عن وقائع المحكمة الميدانية التي جرت في مدينة جسر الشغور بتاريخ 8/ آذار / 1980 إثر مظاهرة حاشدة قام بها أهل المدينة تضامنا مع بقية المدن السورية المحتجة على نظام أسد الفاسد .

هذة المحاكمة الميدانية التي قضت بإعدام /71/ شابا أغلبهم من طلاب الجامعات وذلك في دقائق معدودة نصفهم تم إعدامه قبل المحاكمة  والنصف الآخر تم إعدامه دون أن يدري لماذا.

وقد ترأس هذة الحكمة الخائب توفيق صالحة عضو القيادة القطرية  بتكليف من الرجيم حافظ أسد.

محكمة ميدانية:

المشهد الأول:

الزمان: يوم الإثنين 8 / آذار / 1980 الساعة الرابعة عصرا

المكان: زنزانة معتمة (فرع أمني ) في مدينة جسر الشغور

الشخصيات : مجموعة من شباب البلدة بحالة رثة داخل الزنزانة. ( أحمد, سامر, مصعب, محمود.... )

 ترفع الستارة  مع موسيقى هادئة وحزينة , إضاءة خافتة , يسلط ضوء  خفيف على الزنزانة يظهر الشبان وهم يتهامسون

أحمد :لقد اعتقلوا كل من صادفوه في الشارع

سامر :هل عرفت عددهم ؟ هل تعرف أحدا منهم ؟

أحمد : إنهم كثيرون  يزيد عددهم على السبعين شخصا

مصعب : أما عرفت أحدا منهم ؟

محمود: أنا عرفت اثنين من أبناء حارتي (جواد , ومعاذ) وهما معي ايضا في الجامعة

أنهم يهتمون كثيرا بطلاب الجامعة , طالب الجامعة عدوهم اللدود , إذا عرفوا شخصا جامعيا يا ويله ويا سواد ليله منهم

مصعب: لمحت بين المعتقلين شخصا يشبه أخي فؤاد  لم أتأكد ولكني ما زلت مشغولا عليه

أحمد : كلهم إخوتنا ما الفرق

سامر : لكن أين ذهبوا بهم ؟ لم نر أحا منهم !!

أحمد: وزعوهم على الفروع الأمنية  ونحن كنا من نصيب الفرع العسكري

مصعب : والباقي ؟

محمود: الباقي قتلوهم  وجمعوا جثثهم وحملوهم في سيارة زيل عسكرية ومضوا بهم إلى مكان مجهول

وما أدراك أنت ؟

محمود: رايتهم مكومين في السيارة ..وهناك بعض العساكر قد أفصح عن ذلك وهو يتفاخر بفعلته

سامر: يالطيف .. اللهم سلم ... لا ندري ما مصيرنا !!

محمود: هيا نتلو وردنا المعتاد  على نية الحفظ والسلامة

يبدأون بتلاوة الورد فلا تسمع إلاهمسا تسدل الستارة مع موسيقا مناسبة 

المشهد الثاني:

الزمان: /8/آذار 1980

المكان :شعبة حزب البعث في جسر الشغور

الشخصيات : عضو القيادة القطرية توفيق صالحة (ماهر) ,أمين شعبة الحزب في جسر الشغور محمد أنيس (ناجي), علي حيدر قائد الوحدات الخاصة (علي), ضابط في الوحدات الخاصة الرائد هاشم معلا (هاشم).

ترفع الستارة

موسيقا ثورية

قاعة مضاءة بشكل جيد , أثاث فاخر , طاولة عريضة , خلفها كرسي دوار فاخر ومريح ( من المناسب تسليط الضوء بهدوء على محتوبات القاعة )

يفتح الباب  يقف جنديان باستعداد عند الباب يدخل شخص مسرعا أنيق الثياب  مصفف الشعر حليق الذقن يمر بين المقاعد بسرعة وهو يتكلم :

ناجي : سوف نحل هذه المشكلة ... بسيطة يارفيق ..لا تهنم .

يدخل البقية إلى الغرفة بينما يؤدي الجنديان التحيه لهم

ناجي: يشير بيديه إلى ماهرعضو القطرية : تفضل يارفيق تفضل هنا على الطاولة

ماهر شكرا .. شكرا يارفيق يجلس على الكرسي الدوار منتفشا كالطاووس  يجلس الضابطان قبالته  ويبقى ناجي واقفا يسعى بين ايديهم

ماهر : لنبدأ .. أولا كم عدد الجميع با رفيق علي ؟

علي : عددهم/71/ نفرا

ماهر : كم بقي منهم أحباء ؟ وكم عدد القتلى ؟

هاشم : قتلنا مباشرة /37/نفرا

ماهر: والباقي ؟

هاسم : موجودون في أمن الدولة والفرع العسكري

ماهر: هنا أم في المحافظة ؟

هاشم : لاسيدي هنا .. هنا في الجسر

ماهر : لابأس إذن بإمكاننا الانتهاء  من عملنابسرعة  ... أحضروهم

علي : ولماذا إجضارهم يا رفيق  هل هذا ضروري ؟

ماهر : كيف سنحاكمهم إذن !؟

علي : مهمتنا معروفة  .. نصدر أحكامنا .. والرائد هاشم عليه التنفيذ  أما الرفيق  ناجي فعليه أن يبرر فعتنا أمام الأهالي

ماهر : يضحك .. ويخاطب علي : ( والله إنك صاحب ذهن وقاد يا رفيق )

ناجي : هذه لائحة بأسماء الأموات والأحياء  العدد /71/

ماهر : ينظر في اللائحة  وبدون مقدمات يقول :

" قررت محكمة الثورة الميدانية في جلستها غير العادية المنعقدة في الميدان في جسر الشغور إعدام المجرمين التالية أسماؤهم باللائحة رميا بالرصاص حتى الموت جزاء خيانتهم للحزب والثورة وتعاملهم مع العدو الصهيوني ".

ماهر : يلتفت إلى الحاضرين : ما رأيكم !!؟

علي : تمام ..انتهى كل شيء .. بقي التنفيذ  يلتفت إلى الرائد هاشم ويقول : هذا عملك سيادة الرائد !!

 هاسم : يقف محييا علي  ومستأذنا من الجميع  ويغادر لتنفيذ الأوامر .

ناجي : يطلب قهوة للحضور .. يتسون القهوة ويتبادلون الأخاديث وهم في نشوة وسعادة  وكأن شيئا لم يكن .

بعد القهوة

ماهر : يا رفيق ناجي

ناجي : نعم سيدي

ماهر : اجمع لنا عددا من أعيان البلدة

علي مقاطعا : إذا كان فيهم أعيان ...

يضحكون

يتابع ماهر : لنطلعهم على الحكم وحيثياته ليكون نذيرا ورادعا

ناجي : حاضر سيدي  إذن تتناولون غداءكم ريثما نجمعهم .. اسمحوا لي

يخرج ليتابع عمله ..

تسدل الستارة

 المشهد الثالث

ترفع الستارة

يسلط الضوء على جهة من قاعة الاجتماعات في شعبة الحزب في جسر الشغور مجموعة من أهالي البلدة  لا يتجاوز عددهم العشرة  جميعهم من أهالي الشبان المغدورين  يحيط  بهم أكثر من ثلاثين عنصر من عناصر الوحدات الخاصة  بلباس الميدان الكامل وجميعهم وقوف

يسلط الضوء على الجهة المقابلة من القاعة   أعضاء المحكمة الميدانية حلوس  وأمامهم طاولة عليها شتى أنواع الأسلحة  والذخائر

 ناجي :  أيها الرفاق  يا أهالي هذه البلدة الطيبين  عرفتم جميعا ما حدث في هذه البلدة من أعمال قتل وحرق وسلب ونهب من قبل عناصر مشبوهه غير منتمية  لهذا الشعب ولا إلى هذا الوطن ولكن يقظة  قواتنا الأمنية مكنتها من إلقاء القبض عليهم وقد نالوا جزاءهم العادل  وسوف يحدثكم بالتفصيل الرفيق ماهر عضو القيادة القطرية مبعوث السيد الرئيس عما جرى

 تفضل يا رفيق ماهر

ماهر :  أمة عربية واحدة .. ذات رسالة خالدة .. وحدة .. حرية .. إشتراكية

 تحية الحزب القائد  وتحية الثورة والثوار  وتحية الرفيق المناضل قائد الثورة والثوار

لقد سمعتم ما قال الرفيق ناجي عن الزمرة العميلة الخائنة  ولقد ثبت لنا وتأكد من خلال التحقيقات السريعة والمكثفة أن هذه المجموعة من المخربين الذين باعوا أنفسهم للعدو  كانوا يريدون تخريب هذا البلد ونشر الفوضى والذعر والقتل في أرجائه وقد ألقي القبض عليهم متلبسين وبحوزتهم أدوات التخريب   والتدمير وقد اعترفوا بكل شيء وهذه بعض الأسلحة التي كانت بحوزتهم وكلها صهيونية الصنع والمنشأ  وموسومة باللغة العبرية وها هي أمامكم لمن أراد أن يتأكد  لذا فقد تم إعدامهم على الفور ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه التعاون أو التسترعلى أي مخرب أو عميل  وقد أعذر من أنذر

أمة عربية واحدة .. ذات رسالة خالدة

تخفت الأضواء وتنسدل الستارة ببطء وهدوء وينطلق صوت قارىء يأتي من بعيد يتلو من القرآن ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعملون ....  )