الذرائع الواهية للخارجية الجزائرية لتبرير قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية

محمد شركي

خلافا لما كان يوصف به وزير الخارجية الجزائري الحالي  لدى الخبراء في المجال الدبلوماسي من أنه ذو خبرة وذو حنكة بحكم المناصب والمهام التي شغلها فإنه  قد تصرف خلال إعلانه  عن قطع العلاقة الدبلوماسية مع المغرب تصرف غر طائش .ومن المحتل أن يكون الذي حذا به هذا الحذو أحد أمرين :

 إما أنه جارى العصابة العسكرية الحاكمة في تهورها خصوصا وأنها أبعد ما تكون عن الدبلوماسية ، وذلك عملا بمنطق العصبية القبلية الذي يلخصه قول الشاعر دريد بن الصمة متحدثا عن غواية قومه وقد خالفوا الحق والصواب :

وإما أنه  ينطبق عليه قول المثل  السائر "  تلك العصا من العصية ، ولا تلد الحية إلا حية  "

ويكون حينئذ رأس الغواية وأبو عذرتها ، ولا يستبعد ذلك منه ولا يستغرب وهو يحمل اسم "رمطان"  وهي صفة تطلق على الذي يرمط أي يعاب ويطعن عليه ، وهو بذلك اسم على مسمى كما يقال ، وربما كان في لقبه أيضا ما يدل على قدح ذلك أن الضبع تكنى بأم عامر ، ومن خصالها الغدر، وفي التعبير عن غدرها قال الشاعر :

ويصدق هذا القول على وزير الخارجية الجزائري وعلى عصابته حيث وقف المغرب إلى جانبهم يوم كان المحتل الفرنسي جاثما على أرضهم ، فلما استقلوا عنه وجهوا سلاحهم إلى صدور من آووهم ونصروهم لؤما وغدرا وخيانة وهم يعلمون علم اليقين أن المحتل الفرنسي قد توسع في الجزائر وهو يحلم بضمها إلى أرضه مقتطعا أجزاء من أرض المغرب ، وعوض أن يقطعوا الصلة مع سياسته العدوانية التوسعية تبنوها وهو ما تسبب في حرب الرمال التي جعلها  رمطان من بين الذرائع الواهية التي قدمها بين يدي إعلان قراره قطع العلاقة الدبلوماسية مع المغرب، وهي ذريعة لا تختلف عن ذريعة مساندة الانفصاليين وهو يعلم علم اليقين أيضا أن الصحراء أرضا مغربية  كانت محتلة من طرف الاحتلال الإسباني الذي كان  هو الآخر يريد بها ما كان يريده المحتل الفرنسي بالأراضي المغربية التي ضمها إلى الجزائر ظلما وعدوانا  إلا أن مصيره كان  الجلاء عنها كمصير كل احتلال ، كما أن التذرع بنسبة الحرائق إلى المغرب ذريعة أوهى خصوصا وأن موجة الحرائق طالت العديد من بلاد العالم بسبب موجة الحر ليس إلا .

ونعود إلى ذريعة حرب الرمال الواهية  لنسأل رمطان هل تستطيع أن تصرح بقطع العلاقة مع فرنسا بذريعة حرب لا تقاس مدتها بمدة حرب الرمال لأنها دامت قرنا وربع قرن من الزمان ؟ ومتى كان النبش في الحروب السابقة  بين الأمم  يعتمد لقطع العلاقات فيما بينها ؟ ولو كان الأمر كذلك لما كانت أبدا علاقة دبلوماسية بين اليابانيين والأمريكان وقد ألقوا عليهما قنبلتين نوويتين ، ولما كانت علاقة بين الألمان وخصومهم الأوروبيين والأمريكان وقد هزموهم شر هزيمة . إن النبش في ماضي الحروب مهزلة تعرض النابش فيها للسخرية لأنه يعيش حاضره بماض قد طوي وولّى بلا رجعة .

ولقد من المنتظر من رمطان وعصابته التفكير بجد في حرب أراد عاهل المغرب أن يخوضها بمد يد الأخوة إليهم لخوض حرب ضد الفرقة التي قطعت أوصال بلدان الوطن العربي ومنها البلدان المغاربية ، وهي حرب تنمية شاملة من شأنها أن تنهض بهذه البلدان وتلحقها بالبلاد المتقدمة في العالم .

وإن رمطان وعصابته يريدون الاستمرار في خوض حرب استنزاف بدأت بإغلاق الحدود بينهم وبين المغرب ، وهو إجراء يحسب عليهم ولا يحسب لهم لأن الشعب الجزائري قد صرخ بأعلى صوته مطالبا بفتح الحدود ليحتضن إخوانه المغاربة كما احتضنوه يوم كان يعيش محنة الاحتلال الفرنسي البغيض ، وكان من بين من احتضنهم قادتهم من أمثال محمد بوخروبة ، وعبد العزيز بوتفليقة الذي لازال بيته شاهدا على ذلك  ، و المرحومين محمد بوضياف والشاذلي بن جديد ... وغير هؤلاء.

ودون  ذرة من حياء أو خجل يطالب الرئيس الجزائري المغرب بالاعتذار عن فرض التأشيرة على الجزائريين بعدما لفحته نار الإرهاب على أيدي حركيين جزائريين لزعزعة استقراره، ونسي أن من كانوا قبله في السلطة قد فعلوا ما هو أشنع وأفظع من فرض تأشيرة حين طردوا آلاف المواطنين المغاربة الذين كانوا يعيشون بينهم يوم عيد أضحى وقد جردوهم من أبسط حاجياتهم ، واستولوا على ممتلكاتهم ،ولا زالوا لم  يعتذروا عن ذلك  لحد الساعة ، ولا زالوا يغلّون ما سلبوه منهم  ظلما وعدوانا .

ولو كان حاكم الجزائر يملك ذرة من ذكاء لأدرك من خلال خطاب العرش أن عاهل المغرب قد قدم للشعب الجزائري ما هو أعظم من اعتذار عن فرض تأشيرة حين عبر عن عدم مسؤوليته عن ذلك، وبرأ أيضا كل من قاد الجزائر بعد ذلك لأنه عاهل لا ينظر إلى الوراء كما تفعل العصابة الحاكمة في الجزائر وهي تروم النبش في حرب الرمال لتعتمدها ذريعة للرد على اليد الممدودة للأخوة والتعاون والبناء المشترك لمغرب عربي كبير وقوي تحسب له دول الشمال وغيرها ألف حساب .

ولقد بات السبب الحقيقي لقطع العصابة المتسلطة على الشعب الجزائري الذي لا زالت أصوات حراكه تنادي برحيله ما يفوق مدة حول العلاقة الدبلوماسية مع المغرب هو اقلاع قطار تنميته بوتيرة سريعة  بينما لا زال قطار الجزائر جاثما في محطته بالرغم من توفرها على مؤهلات ومقدرات من شأنها أن تذهب بها بعيدا في آفاق التنمية التي تعود على الشعب الجزائري بالرخاء لكنها مع الأسف الشديد تهدرها إما بالسرقة والتهريب إلى البنوك الأجنبية أو بالإنفاق على التسلح بدافع العنترية الفارغة أو بالإنفاق على عصابة الانفصاليين الإجرامية  في تندوف والتي تحتجز مغاربة أبرياء نساء وأطفالا وشيوخا لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا للعودة إلى وطنهم من أجل العيش الكريم عوض معيشة الذل والهوان في مخيمات العار والشنار .

وأخوف ما تخافه العصابة المتسلطة على رقاب الشعب الجزائري هو فتح الحدود الأمر الذي سيجعل المواطنين الجزائريين يدركون الفرق بينهم وبين إخوانهم المغاربة في مستوى عيشهم ومستوى تطور بلدهم في شتى الميادين ،  وهو ما يشهد به من يعيشون بين ظهرانيهم من المواطنين الجزائريين ،ويزداد  بذلك حراكهم قوة وإصرارا على رحيل العصابة  المستبدة، وحياد العسكر الذي يقحم في غير مهامه  ، وبناء وطن ديمقراطي بحكم مدني يختارونه بحرية وشفافية لا عن طريق التزوير كما فعلت العصابة الزورة متبجحة بديمقراطية صورية، ومثيرة للسخرية .

وإلى الشعب الجزائري الشقيق نتوجه مرة أخرى بالتحية الحارة والمحبة الخالصة والتقدير الكبير وقد عبر شرفاؤه وعقلاؤه على رغبتهم الصادقة في مقابلة اليد الممدودة للأخوة بمثلها  لقطع الطريق على مناورات العصابة المتهورة التي تلوح بما يعود على الجزائر بعواقب وخيمة . ولو كانت القوة العسكرية مجدية لما اضطرت القوات الأمريكية للرحيل عن أفغانستان بعدتها وعتادها، وأذعنت إلى الحوار والمفاوضات  مرغمة مع من كانت تحتل أرضهم  مدة عقدين .

أما ذباب العصابة المسخر لتسويق ذرائعها الواهية  وأكاذيبها الملفقة ، فنقول له إن حبل الكذب قصير ، ولا يصح  في النهاية إلا الصحيح .