الشيخ العلامة الشهيد إحسان إلهي ظهير

عمر العبسو

ssfgdgh9951.jpg

(1360 - 1407 هـ = 1941 - 1987 م)

   هو الشيخ العلامة إحسان إلهي ظهير بن ظُهور إلهي بن أحمد الدين بن نظام الدين بن ألطاف، عالم ومفكر وكاتب إسلامي مشهور، كان طرازًا فريدًا من العلماء المجاهدين، ركَّز جهوده في نقد وتحليل الفكر الشيعي والفرق الباطنية المنحرفة، فكانت النتيجة اغتياله بزرع قنبلة موقوته في مزهرية انفجرت أثناء إلقائه محاضرة في مدينة لاهور الباكستانية، وذلك يوم الاثنين 23 رجب سنة 1407هـ، الموافق 7 مارس 1987م، أصيب على إثر الانفجار بجروح بالغة، بعدها تم نقله للعلاج في المستشفى العسكري بالرياض في المملكة العربية السعودية بطلب من المفتي العام للملكة سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، رحمه الله، لكنه توفي بها في صباح يوم الاثنين 30 رجب 1407 هـ، ودفن بمقابر البقيع بالمدينة المنورة، رحمه الله وتقبله في الشهداء.

المولد، والنشأة:

ssfgdgh9952.jpg

   كانت ولادته في مدينة (سيالكوت)، وهي من المدن القديمة في باكستان، تقع شمال إقليم البنجاب، وهي نفس المدينة التي ولد فيها الشاعر الإسلامي محمد إقبال وعلماء آخرون أقل شهرة منه[2].

وقد اختلفت المصادر في تحديد سنة ولادته، فقيل: سنة 1940، وقيل: 1941، وقيل: 1945، وأصحَّها سنة 1945 الموافق لسنة 1360هـ؛ لأن هذا ما ذكره هو عن نفسه في عدّة لقاءات صحفية أجرتها معه مجلات عربية مثل: «المجلة العربية» السعودية، و«مجلة الدعوة» السعودية، ومجلة «الشريعة» الأردنية.

أسرته:

ولد الشيخ إحسان إلهي ظهير لأسرة «سيتي»، وهي أسرة باكستانية عريقة تتميز بالدين والصلاح والثراء، ويعمل أكثر أفرادها في تجارة الأقمشة، وقد عمل والده (ظهور إلهي) في هذه التجارة فأصبح ميسور الحال صاحب أموال، وقد حرصت أسرته على أن يكون من أبنائها علماء ومجاهدون، لذلك وجه والد إحسان إلهي ابنه إلى طلب العلم «وطلب منه أن يكرِّس كل وقته للعلم ولا يفكر في كسب قوته ومعاشه، بل حثه على أن يقف نفسَه على طلب العلم والدَّعوةِ إلى اللهِ»[3].

   وقد عُرفت هذه الأسرة بانتمائها للتيار السلفي المحافظ في باكستان، كان والده أميًّا لكن صاحب دين وورع، وكانت والدته زاهدة متعبدة، وللشيخ إحسان إخوة كلهم ذو خُلق ودين، وهم: فضل إلهي ظهير أستاذ بجامعة الإمام بالرياض، ومحبوب إلهي ظهير يعمل بالتجارة، وشكور إلهي ظهير يساعد والده في التجارة، وعابد إلهي ظهير حفظ القرآن وحصل على الباكلوريوس من باكستان، ثم التحق بجامعة الإمام بالسعودية وحصل على الماجستير، ويعمل في تجارة الكتب الإسلامية، وأمَّا الأولاد: فللشيخ ثلاثة أبناء، هم: ابتسام، ومعتصم، واحتشام، وكلهم يحفظون القرآن، وبعضهم يعمل في الدعوة.

دراسته، وطلبه العلم:

تفرغ الشيخ لطلب العلم صغيرًا وترقى في سلم التعليم؛ فحفظ القرآن الكريم كاملًا وهو ابن تسع سنين.

وكانت دراسته الابتدائية والمتوسطة في المدرسة الشهابية في مدينة سيالكوت.

ثم التحق بالجامعة الإسلامية الأهلية في مدينة (ججرا نواله) على بعد أربعين كيلومتر من مسقط رأسه سيالكوت، وتُسمى «الجامعة المحمدية»، واستمر فيها مدَّة ثماني سنوات، درس خلالها العلوم الشرعية: علوم القرآن والتفسير، والحديث وأصوله، والفقه وأصوله، وعلوم اللغة وغير ذلك.

ثم ذهب للدراسة في الجامعة السلفية أو جامعة أهل الحديث بمدينة (فيصل آباد)، وتخرج فيها سنة 1961م.

ثم التحق بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية سنة 1963م، وحصل منها على الليسانس من كلية الشريعة سنة 1967م بتقدير ممتاز، وكان ترتيبه الأول على جميع طلاب الجامعة، ثم حصل منها على الماجستير.

وبعد تخرجه عُرض عليه التدريس في الجامعة الإسلامية، وذلك لمكانته العلمية، فرفض ذلك العرض وقال: « إنَّ بلدِي في حاجةٍ إليّ».

ثم عاد إلى باكستان وأتقن العديد من اللغات: الأردية، والبنجابية، والفارسية، والعربية، والإنكليزية.

وحصل من جامعة البنجاب على خمسة ماجستيرات أو أكثر، في اللغة العربية، واللغة الفارسية، واللغة الأردية، واللغة الإنجليزية، والشريعة، والفلسفة، والسياسة والقانون.

وسجل لمرحلة الدكتوراه عن العلامة الشيخ "صدِّيق حسن خان القنوجي"، لكنه لم يكمل الموضوع لاختلافه مع الجامعة وأساتذتها في مسائل علمية.

الوظائف، والمسؤوليات:

كان رحمه الله رئيساً لمجمع البحوث الإسلامية.

وكان رحمه الله عظيم الشأن في أموره كلها.. رجع يوم رجع إلى بلاده ممتلئاً حماساً للدعوة الإسلامية.

وقد عرض عليه العمل في المملكة العربية السعودية فأبى آخذاً بقوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (122) {التوبة: 122}.

عُرِضتْ عليه مناصبُ كثيرة فرفضها، من ذلك: عُرض عليه أيام حكم الرئيس ذو الفقار علي بوتو أن يكون سفيرًا في أي بلدٍ عربي يختاره فرفض.

وعرض عليه أن يكون وزيرًا للشئون الإسلامية في عهد الرئيس ضياء الحق لكنه رفض.

وكان مستشارًا للرئيس ضياء الحق لكنَّه استقال، ورفض المنصب.

ومع ذلك شغل عدَّة مناصب دعوية، منها:

انتخب أميًا عامًّا لجمعية أهل الحديث في باكستان، ومركزها لاهور، وهذه الجمعية (جماعة أهل الحديث) تدعو الناس إلى العودة إلى الإسلام الصحيح، والاتباع الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم، ونبذ الشرك والبدع والخرافات، وترك التقليد الأعمى.

كما عُيِّن مديرًا لمجلة "الاعتصام" التابعة لجمعية أهل الحديث.

ثم أصدر مجلة «ترجمان الحديث» وهي مجلة شهرية كان يمتلكها بنفسه، وكان رئيس تحريرها، أسسها سنة 1969م في لاهور. وكانت هذه المجلة تعبر عن اهتماماته وفكره، وكان يهدف من ورائها إلى نشر الكتاب والسنة والرد على المخالفين وأصحاب البدع، وقد استمر إصدار المجلة بعد مقتله رحمه الله.

كذلك كان مدير التحرير بمجلة أهل الحديث الأسبوعية.

مؤلفاته:

 بالإضافة إلى محاضراته في الباكستان، والكويت، والعراق، والمملكة العربية السعودية والمراكز الإسلامية في مختلف ولايات أمريكا.

فقد كتب الشيخ إحسان العديد من الكتب والمؤلفات التي سعى إلى جمع مصادرها من أماكن متفرقة كأسبانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيران، ومصر.. كلها في الفرق الإسلامية، بعضها طُبع أكثر من ثلاثين مرَّة، وبعضها تُرجم إلى عدَّة لغات، أهمّها:

1- «القاديانية»: صنَّفه في مرحلة الدراسة الجامعية في السنة الرابعة بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية قبل التَّخرج، وكان يكتبه في صورة مقالات متفرقة يبعث بها إلى "مجلة حضارة الإسلام" في دمشق التي كان يشرف عليها الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، سنة 1403هـ، طبع الكتاب أكثر من ثلاثين مرَّة باللغة العربية، وترجم إلى عدَّة لغات، كما طبعته دار الإفتاء السعودية ووزعته وقفًا لله تعالى.

2- «الشيعة والسنة»: من أوائل مؤلفاته التي صنفها في نقد الشيعة، بيَّن فيه عقيدة الشيعة في الله والرسول والصحابة والأئمة، وقد طُبع طبعاتٍ كثيرة وصلت ثلاث وثلاثين طبعة، وتُرجم إلى عدَّة لغات، انتهى من تأليفه في 18 ربيع الثاني من عام (1393هـ).

3- «الشيعة وأهل البيت»: ألَّفه بعد كتابه «السنة والشيعة»، تحدَّث فيه عن حقيقة الشيعة، وألقى الضوء عليهم، وأظهر خفاياهم. طُبع هذا الكتاب عدَّة طبعات وصل عددها أكثر من اثنتي عشرة طبعة باللغة العربية، وترجم إلى عدَّة لغات، انتهى الشيخ من تأليفه في الثامن من شوال لعام اثنتين وأربعمائة وألف من الهجرة، وكانت الطبعة الأولى سنة (1403هـ).

4- «الشيعة والقرآن»: صنَّفه الشيخ لتفنيد أقوال الشيعة وبيان تحريفاتهم لمعاني القرآن الكريم، وإبطال دعواهم أن القرآن الذي عند أهل السنة محرَّف، وقد انتهى الشيخ من تصنيفه في السابع عشر من ربيع الأول لعام ثلاثة وأربعمائة وألف من الهجرة، وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات باللغة العربية في إدارة ترجمان السنة، بلاهور.

5- «الشيعة والتشيع - فرق وتاريخ»: ألَّفه الشيخ بعد كتاب «السنة والقرآن»، يشتمل على تاريخ الشيعة والتشيع، وعلى تطور التشيع، وعقائد الشيعة وفرقها، ووضَّح تطور الفكر الشيعي بدءًا من عبد الله بن سبأ وانتهاء بفرقة الشيعة الإثنى عشرية أو الإمامية، وقد طبع هذا الكتاب أكثر من عشر طبعات باللغة العربية، وترجم إلى عدَّة لغات، وهو من آخر ما صنف الشيخ في نقد عقائد الشيعة.

6- «الرد الكافي على مغالطات الدكتور علي عبد الواحد وافي في كتابه بين الشيعة وأهل السنة»: هذا الكتاب ألفه الشيخ بعد زيارة لمصر في عام 1984م بعد أن وقف على كتاب الدكتور علي عبد الواحد وافي «بين الشيعة وأهل السنة»، وانتهى من تأليفه في ليلة الخميس السادس والعشرين من ذي القعدة، سنة أربعة وأربعمائة وألف للهجرة.

7- «الإسماعيلية تاريخ وعقائد»: صنَّفه قبل وفاته بأقل من عامين، فهو من آخر ما صنف، ولكنَّه من أهمها وأكبرها حجمًا، اهتم المؤلف في هذا الكتاب بالجانب التاريخي للإسماعيلية والجانب العقدي ولكن الجانب العقدي حظي بالاهتمام الأكبر، انتهى من تصنيفه في الثاني عشر من شهر شوال من عام ألف وأربعمائة وخمس للهجرة النبوية، وطبع في إدارة ترجمان السنة، بلاهور سنة 1406هـ.

8- «البابية عرض ونقد»: صنفه الشيخ للتعريف بهذه الحركة وعقائدها وأفكارها والتعريف بمبادئها وأهدافها، وقد مكنته معرفته باللغة الفارسية من مطالعة كتب البابية والبهائية وجعلته يسبر غور عقائدهم وأقوالهم، ويدينهم من أفواههم. وقد طُبع الكتاب باللغة العربية أكثر من اثنتي عشرة طبعة، الطبعة الأولى سنة 1978م، بإدارة ترجمان السنة، بلاهور.

9- «البهائية نقد وتحليل»: ألفه الشيخ بعد كتاب «البابية»، وهو بمثابة الجزء الثاني لهذا الكتاب، وقد طبع من هذا الكتاب اثنتي عشرة طبعة في حياة المؤلف باللغة العربية، وترجم إلى اللغة الإنجليزية. الطبعة الأولى بإدارة ترجمان السنة، بلاهور 1401هـ.

10- «البريلوية عقائد وتاريخ»: بيَّن فيه عقائد البريلوية الباطلة، وبين مخالفتها للكتاب والسنة، طبع الكتاب نحو عشر طبعات باللغة العربية، وترجم إلى الإنجليزية وغيرها، انتهى الشيخ من تصنيفه ليلة الخميس الثاني عشر من جمادى الآخرة من عام ثلاث وأربعمائة وألف للهجرة في المدينة النبوية.

11- «التصوف، المنشأ والمصادر»: هو من أواخر ما صنَّف الشيخ، تحدث فيه الشيخ عن منشأ ومصدر التصوف ورجع كعادته إلى كتب القوم أنفسهم، وبين فيه علاقة التصوف بالتشيع، وتحدث عن عقائد القوم مثل: عقائدهم في الوحي والملائكة، والمساوة بين الولي والنبي، والعصمة، والإمامة، والولاية، والوصاية، والحلول، والتناسخ، والتَّقيَّة، والظاهر والباطن، ونسخ الشريعة ورفع التكاليف، ومراتب الصوفية. وقد طُبع الكتاب بإدارة ترجمان القرآن، بلاهور سنة 1406هـ.

12- «دراسات في التصوف»: هذا الكتاب من أواخر ما صنَّف، وهو بمثابة القسم الثاني المتمم لكتابه «التصوف، المنشأ والمصادر»، وبعد الانتهاء من تصنيفه في 9 جمادى الأولى سنة 1407هـ، دفع بالكتاب إلى فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان – رحمه الله - الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى بالمملكة السعودية ليطلع عليه ويكتب له مقدمة، وفي هذه الفترة تم اغتيال الشيخ إحسان، رحمه الله، وأنزل على قبره شآبيب الرحمات، وتقبله في الشهداء، ثم طُبع الكتاب بعد وفاته عدَّة طبعات.

13 - دراسات في التصوف وهو الجزء الثاني .

14- الباطنية بفرقها المشهورة.

15- فرق شبه القارة الهندية ومعتقداتها.

16 - النصرانية.

17- كتاب الوسيلة بالإنجليزية والأوردية.

18- كتاب التوحيد.

20 الكفر والإسلام بالأوردية.

21 الشيعة والسنة بالفارسية والإنجليزية والتايلندية.

وله مصنفات أخرى ليست بأهمية تلك الكتب، لم تطبع في حياته، يمكن الوقوف على أسمائها في مصادر ترجمته.

الشيخ إحسان إلهي ظهير: المجاهد بالقلم

وكتب خالد بن سليمان الجبرين يقول:

إحسان إلهي عالم باكستاني من أولئك الذين حملوا لواء الحرب على أصحاب الفرق الضالة، وبينوا بالتحقيق والبحث الأصيل مدى ماهم فيه من انحراف عن سبيل الله وحياد عن سنة نبيه ، وإن ادعوا الإسلام وملأوا مابين الخافقين نفاقاً وتقية.

ولد في "سيالكوت" عام (1363ه) ولما بلغ التاسعة كان قد حفظ القرآن كاملاً وأسرته تعرف بالانتماء إلى أهل الحديث.. وقد أكمل دراسته الابتدائية في المدارس العادية وفي الوقت نفسه كان يختلف إلى العلماء في المساجد وينهل من معين العلوم الدينية والشرعية.

الجامعة والنبوغ الجامعي:

لقد حصل الشيخ على الليسانس في الشريعة من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وكان ترتيبه الأول على طلبة الجامعة وكان ذلك عام (1961م).

وبعد ذلك رجع إلى الباكستان وانتظم في جامعة البنجاب، كلية الحقوق والعلوم السياسية، وفي ذلك الوقت عين خطيباً في أكبر مساجد أهل الحديث بلاهور. ثم حصل على الليسانس أيضاً.

وظل يدرس حتى حصل على ست شهادات ماجستير في الشريعة، واللغة العربية، والفارسية، والأردية، والسياسة. وكل ذلك من جامعة البنجاب وكذلك حصل على شهادة الحقوق من كراتشي.

يقول عنه الدكتور محمد لقمان السلفي في مجلة الدعوة (1):

"لقد عرفت هذا المجاهد الذي أوقف حياته بل باع نفسه في سبيل الله أكثر من خمس وعشرين سنة عندما جمعتني به رحمه الله مقاعد الدراسة في الجامعة الإسلامية، جلست معه جنباً إلى جنب لمدة أربع سنوات فعرفته طالباً ذكياً يفوق أقرانه في الدراسة، والبحث، والمناظرة! وجدته يحفظ آلاف الأحاديث النبوية عن ظهر قلب كان يخرج من الفصل.. ويتبع مفتي الديار الشامية الشيخ ناصر الدين الألباني(2) ويجلس أمامه في فناء الجامعة على الحصى يسأله في الحديث ومصطلحه ورجاله ويتناقش معه، والشيخ رحب الصدر يسمع منه، ويجيب على أسئلته وكأنه لمح في عينيه ما سيكون عليه هذا الشاب النبيه من الشأن العظيم في سبيل الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بالقلم واللسان".

وكان الشيخ رحمه الله يتصل بالدعاة والعلماء في أيام الحج في شتى بقاع الأرض.. يتداول معهم الموضوعات الإسلامية والمشاكل التي يواجهها المسلمون.

دعاة الضلالة والحقد المستعر:

لكل مجاهد مخلص.. خصوم وأعداء، ولكل حق ضده من الباطل وبما أن الشيخ كان سلفي العقيدة من المنتمين لأهل الحديث فقد جعله هذا في حرب فكرية دائمة مع الطوائف الضالة كالرافضة والإسماعيلية والقاديانية.

لقد كان يرفضها.. ويرد على ضلالاتها.. ويجابهها في كل مكان وكل منتدى شأنه شأن كل مؤمن حقيقي الإيمان يعتقد في قرارة نفسه أن الكتاب والسنة هما الطريق الأوحد ولا طريق سواه لكل من أراد أن يكون من المنتمين لدين الإسلام. ويعتقد كذلك أن أدياناً تبنى على الكذب وتتستر خلف الترهات والأباطيل لجديرة بألا تصمد أمام النقاش وأن تتضعضع أمام سواطع الحق ونور الحقيقة.

ولهذا الأمر طفق يلقي المحاضرات، ويعقد المناقشات والمناظرات مع أصحاب الملل الضالة، ويصنف الكتب المعتمدة على مبدأ الموضوعية في النقل والمناقشة والتحقيق. وكثيراً ما كان يرد على المبطلين بأقوالهم.. ويسعى إلى كشف مقاصدهم والإبانة عن انحرافهم وضلالهم وفي كل ذلك كان يخرج من المعركة منتصراً يعضده الحق، وينصره الله تعالى.

ولما أحس به أهل الانحراف، وشعروا بأنه يخنق أنفاسهم، ويدحض كيدهم عمدوا إلى طريقة تنبئ عن جبن خالع.. عمدوا إلى التصفية الجسدية بطريقة ماكرة!

وفاته، واستشهاده:

في لاهور بجمعية أهل الحديث وبمناسبة عقد ندوة العلماء كان الشيخ يلقي محاضرة مع عدد من الدعاة والعلماء، وكان أمامه مزهرية ظاهرها الرحمة والبراءة، وداخلها قنبلة موقوتة.. انفجرت لتصيب إحسان إلهي ظهير بجروح بالغة، وتقتل سبعة من العلماء في الحال وتلحق بهم بعد مدة اثنان آخران.

كان ذلك في 23-7-1407هـ ، ليلاً.

وبقي الشيخ إحسان أربعة أيام في باكستان، ثم نقل إلى الرياض بالمملكة العربية السعودية على طائرة خاصة بأمر من الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله واقتراح من العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله .

وأدخل المستشفى العسكري، لكن روحه فاضت إلى بارئها في الأول من شعبان عام (1407ه)، فنقل بالطائرة إلى المدينة المنورة ودفن بمقبرة البقيع بالقرب من صحابة رسول الله.

في رثاء الشيخ إحسان إلهي ظهير:

كتب الدكتور عبد العزيز عتيق يقول في رثاء الشهيد:

بَكتْ لاهورُ من فَدْحٍ غَشاهَا      لفَقْدِ خطيبِها حارتْ نُهاها

ففاضتْ بالعيون دموعُ وَجْدٍ من الحزْنِ العظيم ارفَضَّ مَاها

فآلتْ لا تزالُ الدَّهرَ ثَكْلى      على شبهِ السِّنانِ تَصيحُ واهَا

تَخطَّفه المنونُ بغيرِ علمٍ          فأضحتْ واجمًا تشكو بَلاها

خَسيسُ القومِ لا تَبدو رُواه          إذا سُلَّ المهنَّدُ في حِماها

إذا حربٌ تطايَر منه قَدْحٌ          يُولِّي مثلَ كلبٍ عن حِماها

أغاظ الكلبَ أن يُبدي عُراةً        لكلِّ الخلقِ تَنشر في سماها

فكم طارتْ له في الناس فتوى        ترَدَّدُ قد بدَا نورًا سَناها

يحاربُ من أتى بغيًا وخُلْفًا          لشِرعةِ ربِّه يُعلي بُناها

هو الإحسانُ إحسانٌ ظهيرٌ          لكلِّ موحِّدٍ يبغِي عُلاها

أبان الزَّيغَ من شركٍ وكُفرٍ        وللأعداءِ قد أعمَى هُداها

يُخاطبُ للعقيدةِ في سُموٍّ            يُجدِّدُ للملا أَقوى عُراها

يُطالبُ رَجعةً للدين جَهرًا            ويرفعُ رايةَ الحقِّ تَراها

أزاحَ اليوم للأفعى غطاءً            وبدَّد سِتْرَها أنَفى بلاها

وكانت قبلُ قدْ دسَّتْ دفينًا        من السُّمِّ الزُّعافِ بقولِ فاها

عرَفناه وكان العهدُ منه                لِمِلَّتِه يُحاربُ مَن ثَناها

ويَحمِل في رِكاب النَّعش نفسًا ترى حُكمَ الشريعة هو مُناها

يعاتِبُ لا يُبالي قولَ حقٍّ                ولو كانت مَنيَّتُه رآها

فقَدناه فنِعْمَ فقيدُ قومٍ                  يُخلِّف بعدَه كَنزًا رَعاها

سَقاها باليَراعِ غَريرَ علمٍ            ووَثَّق قوْلها نصًّا عزاها

وأغْدق أصلَها حقًّا رصينًا      وأنبتَ فرعَها مِن عذبِ ماها

فردَّت للجحودِ يَمينَ غَدرٍ              وبانتْ منه نيَّاتٍ نواها

أبانَ الباطنيةُ في نهارٍ            أزالَ غموضَها عَمَّنْ خفاها

فأضحتْ كالحاقدِ ساءَ منها      جَبينٌ في الفضا أبدًا خِزاها

وبيَّن للدودِ عُروقَ وَصْلٍ        بصِهْيَونٍ وغَربٍ في قُراها

فحمدًا للإله يزيلُ زيْفًا          ويَكشِفُ شُبهةً يُغري رُواها

تغمَّده إلهُ العرشِ عفوًا                  وجناتٍ يُظلِّلُه فِناها

وأَلْهَمَ أهلَه صبرًا جميلًا          وأخلَفَ أمةً خيرًا قضاها

بَني الإسلامِ هذا فِعلُ حقدٍ            يُهدِّدُ مِلَّةً نَذَّ اجْتواها

على عهد الرَّسولِ وصَحْبِ برٍّ    تآمَر بالعداءِ فلا رباها

فخابَ مُرادُه واندَسَّ يُخفى  من الأضغانِ ما تَبدو سَفاها

وليس غريبٌ قتلُ العدلِ يومًا  فمختارُ الأئمةِ مِن صداها

أُقيم عليه في الدنيا نُواحٌ          وكَدْرٌ طعْنُه يومًا صفاها

وأعْقَبَه كثيرٌ في سِجلٍّ          من الأيامِ لو يَحكي هواها

متى يا قومُ نَدري عن عِنادٍ        يُهدِّدُ أمَّتِي في مُبْتغاها

إذا قُتل الكبارُ لقولِ صدْقٍ    وصُدَّت أنفسٌ عن مُرتَضاها

فسلِّمْ ثمَّ سلِّمْ ثمَّ فارِقْ            فإنَّ السيْلَ قد أرْبَى زُباها

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

ssfgdgh9953.jpg

مصادر الترجمة:

1-«الشيخ إحسان إلهي ظهير منهجه وجهوده في تقرير العقيدة والرد على الفرق المخالفة»، رسالة دكتوراه للباحث علي بن موسى الزهراني، قسم العقيدة، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى سنة 1420 – 1421هـ، ثم طبعت في دار المسلم، الرياض، الطبعة الأولى سنة 1425هـ / 2044م، وهي أهم ما كتب عن الشيخ وأكثره استيعابًا.

وعلى هذه الدراسة اعتمدت بصورة أساسية في كتابة هذا المقال التعريفي المختصر بهذا العالم الجليل المجاهد.

2-وله أيضًا ترجمة في: «إتمام الأعلام» (ص27/ط2) لنزار أباظة ورياض المالح

3-و«ذيل الأعلام»، للعلاونة (2 /20)

4- و«معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م» (1 /90 – 91)

5-«تتمة الأعلام»: محمد خير رمضان يوسف: ( 1 /93 – ط الوفاق).

6- ذكر ذلك عن نفسه في المجلة العربية، العدد 87، ربيع الثاني 1405هـ / 1985م (ص90).

7-مقال للدكتور خالد الشنتوت في مجلة «الجندي المسلم»، العدد 48، عام 1408هـ، (ص118).

  1. مجلة الدعوة السعودية عدد (1087)
  2. حيث كان الألباني مدرساً بالجامعة الإسلامية في الفترة ما بين (1381هـ و 1383)
  3. إحسان الهي ظهير: الجهاد والعلم من الحياة إلى الممات: رسالة من تأليف: محمد إبراهيم الشيباني، الكويت، مكتبة ابن تيمية، ط1 1408هـ.
  4. مجلة المجتمع الكويتية (812)
  5. مجلة الفيصل السعودية العدد (123)

13-مجلة الجندي المسلم: (مجلة تصدر عن وزارة الدفاع السعودية)، العدد 105

14-«موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر»، للحازمي (1 /209)