راحت السكرة وجاءت الفكرة.. وسورية ذاهبة إلى حرب، والقضية 1 2 3 ...

زهير سالم*

لا أُحب أن أَخدع ولا أن أُخدع، ولا أن أَمكر ولا أن يُمكر بي، ولا أن أضل ولا أن أُضل...

وكل التقارير الدولية والأممية - والعطف للمغايرة- تؤكد أن الجغرافيا أو الديمغرافيا السورية ذاهبة إلى استئناف الحرب. هم يعتقدون أن الزمن الذي نحن فيه، كان زمن هدنة، مع أنه لم يمر شهر إلا وكان شهداؤنا فيه بالمئات، واستقبلتْ مدننا وقرانا المزيد من الغارات...

وحين ينذر العالم أو يحذر على منابره الدولية أو الأممية من الحرب في سورية، فعلينا أن نسأل يقينا : أين وعلى من ستدور رحى الحرب؟؟ ولا تنفعنا في تقدير هذان القراءات الرغبوية لبعض صغار المدعين، يمتطون التصريح الأعرج الصادر عن الناطق المقعد، تذهب بالحديث عن حطام الحرب يمينا وشمالا .. ويقولون "ناموا... عليكم ليل طويل" ابحثوا عن أصل مقولة إبليس عندما يعقد على رؤوسنا ثلاث عقد..

الحرب على الجغرافيا - والديمغرافيا السورية قادمة وقريبة ووشيكة، تلك تقاريرهم. وهي لن تكون على عملاء الروس والإيرانيين... انتبهوا أو تنبهوا، فهؤلاء يسعى العالم كله إلى إعادة تأهليهم وتجميلهم وتعطيرهم وتسويقهم وأنتم تنظرون...

ولن تكون الحرب القريبة الوشيكة - نسأل الله أن لا تكون- على حلفاء الأمريكيين والصهاينة والروس والصفويين، فهذه لقمة أكبر من كل ماضغين...

 لا تخدعوا أنفسكم، ولا يخدعنّكم المخادعون والمدعون ، وسيكون قصارى أمر التركي أن يدفع شرهم عن حدوده ثلاثين كيلو متر ، وقصارى أمر الأسدي أن يرفع علم الجمهورية على مخفر في ديريك أو في المالكية..لا تحلموا فقد أرهقت هذه الثورة الأحلام. الحالمين.

والحرب في سورية قادمة، كما تقول كل التقارير، وإنما ستنتهي الحرب في سورية عندما ينتهي أمر هذه الملايين المكدسة في الشمال والشمال الشرقي قتلا أو اعتقالا أو تذليلا .. وأقول لكل فرد من هذه الملايين، ولن تكون في هذه المرة باصات خضراء، ولن يكون بعد هذا العمود في عملية الإعدام عمود..ربما نموت أبطالا، ولكننا سنقتل أو نموت، وسيعلق كل واحد منا نادى: عاشت سورية ثم صمت!!

الحرب في سورية على ما تبقى من ثورتها قادمة كذا تقول التقارير الدولية والأممية.. وكل من قال لكم إن اللجنة السورية ستعيش حتى تغير في الدستور المقعد مادة عرجاء فهو الكذاب الأشر.

ومع أنني من المؤمنين بحسن وعد الله..إلا أنه قد آن الأوان لأعيد قراءة المشهد بالمعطيات الحق، آن الآوان لأقشر القراءة تقشيرا وليس لأشير إليه إشارة كما ظللت أفعل طوال عشرة أعوام ..

ولن أقول حتى أؤكد لصديقي أو لأصدقائي الذين يظلون يتبجحون أن الأميركي قد صدقنا أو صدقهم الوعد، وأن السفير فورد قد حدثهم، وأنهم ما زالوا يؤملون وينتظرون من يفعل لهم، أقول لهم : بقدر ما كنتم ضحايا كنا نحن ضحاياكم .

أنتم نعم أنتم كنتم ضحايا الخبابة الأمريكية وما زلتم تحلمون "الحلم الأمريكي" وتصدقون "الوعد والأمريكي" وتنتظرون كما غودو أكثر من عشرة أعوام، وشلال دماء قوم حسبتم أنفسكم عليهم، ما تزال تتصبب..

وأعود لأسأل بغير لف ولا دوران، ولا تغليف ولا مكياج ، أسأل القادةالعسكريين من الضباط الأمراء والقادة الأركان، ما هي احتمالية انتصار الكتائب المنتشرة في الأرض الزراعية المكشوفة في معركتها ضد طيران حاقد أعمى، أبسط أنواع أسلحته: الفراغي والارتجاجي والبراميل وكل الذي تعلمون ؟؟!! أنبئوني بعلم وليس بتقاشير!!

لا تقل لي : لا تيئس، لأنني سأقول لك إن الله معنا. وكل هزائمنا التي احتويناها من القصير إلى حمص إلى حلب إلى القلمون إلى الغوطة إلى حوران.. كانت بسبب أننا أبينا الإجابة على هذا السؤال: هل ثرنا لتحرير سورية من بشار الأسد أو من بدري أبو كلبجة كما يقولون ...

أحكي لكم حكاية من 1982. أظن أصبح من المقبول لدى جماعة الإخوان المسلمين أن تكشف سطورا من الأرشيف، لعلها تكون دروسا لشعب والاها حينا من الدهر..

في سنة 1982 وفي عملية الاستنفار العظمى التي أطلق عليها "النفير" والتي جاءت على أطلال مجزرة حماة الكبرى، والتي كانت الصدمة الأعنف التي عاشها شباب الجماعة، والتي لم أشهدها لأنني كنت أعقل، حدثني الثقة وما يزال، ولعله يقرأ معنا هذا المقال، قال استنفر ضابط كبير من أبناء مدينة دير الزور - حيّ الله دير الزور ورجالها- لكي يساعد أو يعين، فجاء إلى القيادة العامة في موقع النفير يسعى، يقول صاحبي الذي استقبله في المطار وعاد به بعد ثلاثة أيام إليه: مكث الرجل بين صفوف قيادة النفير ثلاثة أيام يطرح عليهم سؤالا واحدا: أي نوع من الحروب ستحاربون ؟؟ هي الحرب علم، كما كتب الكاتبون، ودرس الدارسون، وتخرج الضباط المتخرجون .. ولو فتحت المكتبات حول العنوان لهالك كم كتب الكاتبون...

أي حرب ستحاربون...؟؟ ثلاثة أيام ، ولو صح لمجيب جواب لسمع الجواب: ما المسؤول بأعلم من السائل...؟؟

وما زلنا في الساحة نفسها، وأمام السؤال نفسه، وما زال بعضنا يسأل: أي حرب ستحاربون، هذا إذا كانت الحرب ما تزال خيارا...!!

وما زلت أسأل السؤال نفسه: أي حرب ستحاربون؟؟ لا تغرنكم العبارات ولا الأسماء وليس من ضعف ولا من جبن ولا من خور ولا من خيانة أوتيت الجيوش والفيالق والتنظيمات لا أحرار الشام ، ولا فيلق التوحيد، ولا جيش الإسلام ...

وإنما أوتي الجميع، من كون المعادلة لا تستقيم التي يحاولونها إن استقامت في حلم فإنها لا تستقيم في علم ... ومن كون الموك والموم زودونا بالعصا، ودفعونا لمواجهة الطيران، وقد علم القاصي والداني أن الطائرة لا تقابل بالمقلاع!!

وأقول لكل السوريين ولا يغرنكم ما يجري على أرض فلسطين، فمع كل توحش العدو الصهيوني وتفوقه الجوي المطلق؛ إلا أن حرب الصهاينة هناك تجري تحت قيد وضمن إطار ... وحرب الروسي والإيراني والأسدي على الشعب السوري تدار متمردة على كل قانون وأي اعتبار لدين أو خلق أو قيمة...

يعجبني أن أسمع أو استمع إلى قادة الفصائل يعربون عن عزم وتصميم ومضاء، لا أشكك في أحد من هؤلاء، وإنما كل الذي أنادي به أن توظف هذه الشجاعة وهذه العزيمة وهذه القوة ، في مساراتها المنتجة. وإلا فالنتيجة هي النتيجة، وهذه المرة لن نجد ضامنا يقدم تسهيلات الاستسلام!! لعلكم تتفكرون

الحرب علينا قادمة، وأكثر القوم ممن حولنا رضوا من الغنيمة بالإياب، وهو ما لن يتاح لملايين الصادقين المصدقين منا، ففكروا يا قوم ما البديل...

سيقول البعض تيأسنا لتدفعنا إلى الاستسلام، وأقولها لكم مبكرا عليكم مكبرا على عدوكم أربعا: لن يقبل منكم بشار الأسد وحسن نصر الله والولي الفقيه استسلاما، ولن ينصركم منهم أحد، ولن يكون لكم ولذرااريكم حق إلا ما تنتزعونه بصدقكم وثباتكم ...فأروا الله من عقولكم خيرا، من عقولكم وليس فقط من نفوسكم...ثلاثة آلاف مقاتل خسر المسلمون في موقعة الجسر، وإنما أوتوا من عقولهم وليس من نفوسهم، لا تصدقوا تجار الغرور ..,.

والوضع في سورية لن يستطيعه عقل أربعين جهبذ يجلسون حول طاولة مزودين بكل المعطيات، وبكل الأدوات ، وقبل كل ذلك، بالصدق والإخلاص، ليجيبوا على سؤال إلى أين وكيف ؟؟:ولات حين مناص...

ربما هو بعض الزمن الضائع، الذي نحن فيه. والمبادرة غدت واجب الوقت المضيق ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ...

إذا لم يعجبك كلامي فألق ربعَه ,,نصفَه .. كلَه في البحر فما أردت إلا التحذير والتنبيه...ولا تتهمني

وأبكي حين يزل مخالفي، عليه..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية