مَغْرَم بحبك وَطَنِي

حشاني زغيدي

أُحِبُّك حُبّا فِطْرِيّا وَجَدْته فِي أحشائي عِنْد الْمِيلَاد .

حُبّ مزروع فِي الشَّرَايِينِ و الأوردة رضعته مِن لِبَنِي أُمِّي الصَّافِي .

أَحَبُّك مَنْ أعماقِي بِجُنُون

أُحِبُّك مِثْلَ حَبِّ الطِّفْلِ ، يَفْتَح ذِرَاعَيْهِ ، يُلَوِّحُ بها إلَى السَّمَاءِ ، يَقُولُ بَلَغَتِه الَبريئَةِ، هَكَذَا بِمُدِّ ذِرَاعَيْه !

أَحْبَبْتُ سَمَاءَكَ ، مَاءَك، و هواءك .

أَحْبَبْتُ تلالَك و وديانَك

أَحْبَبْتُ جبالَك و هضابَك ، تَنَاطَحُ السَّمَاءَ فِي كِبْرِياء . و شُمُوخ .

أَحْبَبْتُ زُرْقَةَ مِيَاهِ بحرِك المتلاطمِ

أَحْبَبْتُ الْمُرُوجَ الَّتِي تُزَيِّنُ بساطَك الْأَخْضَرِ

أَحْبَبْتُ رِمَالَك الذَّهَبِيَّةَ الَّتِي تَبْعَثُ السِّحْرَ فِي كيانِي ، فتبعث فيه شِرْيَانَ الْحَيَاةِ .

أَحْبَبْتُ واحَةَ نَخِيلِك الْبَاسِقَةِ ، بِثَمَرِهَا الذَّهَبِيّ

تَمَثَّلَتُ حُبَّك فِي خَيَّالِي أُغْنِيَّةً ، تُحَاكِي قِصَّةَ وَطَنٍ خَالِدٍ ،و أمة ضاربة في التاريخ ، تمثله وَطَنٌ رَنَ بروعته و جَمَالِه و سَحَرَه الخلاب

قَرَأْت كُتُبَ التّارِيخِ، فَحَكَى لي قِصَّةَ الأمْجَادِ و البطولاتِ ، و ملاحمَ الأَجْيَالِ عَبَّر الأَجْيَالِ .

أَحْبَبْتُ وَطَناً قَارَّةً بِتَنَوُّع أَجْنَاسِه و لهجاتِه و عَادَاتِه و تَقالِيدِه و فُنُونِه و كُنُوزِه ، وطن كَأَنَّه رَوْضَةٌ غنَّاءَ سَاحِرَةٌ، تَزيَّنَت بجمالِ أَصْوَاتِ الشحاريرِ و الكناري

أَحْبَبْت تِلْك ( الْقِطْعَة القدسية) الَّتِي حِمَاهَا صَوْتُ الرَّصَاصِ المدوِّي ، حماها دَوِيُّ الْمَدافِعِ الْمَمْزُوجَةِ بصيحاتِ التَّكْبِير .

أَحْبَبْتُ جِهَادِك الطَّوِيلِ الَّذِي مَرَّغ كُلُّ قُوَّةٍ ظَالِمِةٍ ، هَزّ عَرْشَ كُلِّ مُعْتَدِ دَخِيلٍ .

هِي قِصَّة حُبّ فِطْرِيّ اِحْتَلّ الْقَلْبَ و الْفُؤَادَ ، فَصَاغ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي خَرَجَتْ دُونَ تَكَلُّفٍ ، لِأَنَّهَا تَحْكِي قِصَّة حُبٍّ مُرَصَّعٍ بِالْجَمَالِ .

حَقًّا لَا بُدَيْل لحبّك يا وطنُ، قَالَهَا الشَّاعِرُ الْمُبْدِع نِزَار الْقَبَّانِيّ فِي حُبِّك ، و نَقُولُهَا نَحْنُ كَذَلِكَ وطني نحبك لا بديل .

يَقُول شاعرنَا: فِي رائعتِه هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تهزُّ الْقُلُوبَ ، فتَدْمَعُ الْعُيُون .

وَطــــنِــــي أحِـــبُّـــكَ لاَ بَــدِيـــــــــــلْ

أتُـــريــــدُ مـِنْ قَـــــوْلِي دَلِــــــــيـــــــلْ

سَـــيَــــضَلُّ حُبُّـــــكَ فِــــي دَمِي

لَا لَــــنْ أَحِـــــــيدَ ولَنْ أَمِـــــــــيلْ

سَيَضَلُّ ذِكــــــــرُكَ فـــــي فَمِي

وَ وَصِــــيَّــــــتِــــي فِي كُــــلِّ جِيلْ

حُبُّ الوَطَـــــن لَيْسَ إدِّعَاءْ

حُبُّ الوَطَـــــــــنِ عَمَلٌ ثَقِيلْ

وَدَلِــــــــيلُ حُبِّـــي يَــــــا بِـــــــــــلاَدِي

نَقُولُ، نردّدها بِصَوْتٍ عَالٍ كَمَا ردّدها قَبْلِي كُلُّ مُحِبٍّ لِوَطَنِه ( الجزائر فِي الْعُيُونِ نفنَى و لَا تهُون)