الانتخابات الفلسطينية معركة الديمقراطية في مواجهة الاحتلال

د. أحمد مجـدلاني

الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني 

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

المقاربة الجديدة التي تقوم على المدخل الديمقراطي بعد فشل المحاولات البيروقراطية في الاتفاقات السابقة بدأ من اتفاق 2011 وصولاً لاتفاق 2017 في معالجة أزمة الانقسام وتوحيد الوطن الذي هدد وحدته ليس الجغرافية فحسب وإنما وحدته الاجتماعية والسياسية ، ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني . 

المقاربة الجديدة تقوم على أساس الاحتكام لصندوق الاقتراع ولاختيار الشعب لممثليه في برلمان الدولة ، والذين سيكونون حكماً أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني ، برلمان الشعب الفلسطيني أينما تواجد ، وهذه العملية المترابطة والمتوالية في مراحلها تفضي لمعالجة وضع مؤسسات الدولة من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية من الكتل الفائزة بالبرلمان أو التشريعي أين كان حجمها ، مهمتها الأساسية توحيد المؤسسات ومعالجة كافة تداعيات الانقسام منذ الانقلاب عام2007 .  

 التوافقات التي جرت في اسطنبول بين وفدي حركتي فتح وحماس ، هي أيضا أحد نتائج ومخرجات اجتماع الأمناء العامين، والحوار الثنائي أساس يبنى عليه الحوار الشامل وليس بديلاً له ، لأنه يوفر المناخ لمعالجة القضية الجوهرية التي جرى الانقسام عليها وهي السلطة . 

إن التوافق على نظام الانتخابات بالنسبية الكاملة والوطن دائرة انتخابية واحدة ، ونسبة الحسم 1.5% ، من شأنه أن يفتح الباب أمام التعديدية السياسية في البرلمان القادم ، ويوسع دائرة المشاركة ، كما من شأنه أيضا يشجع التحالفات والائتلافات في القوائم الانتخابية سواء قبل الانتخابات أم بعدها . 

ولا يخفى علينا ونحن نتحدث عن آمالنا الكبيرة بهذا الانجاز في ظل التحديات السياسية الكبيرة والخطيرة التي تواجه شعبنا وحقوقه ومستقبله على أرضه ومستقبل لاجئيه في المهجر والشتات ، والمحاولات الرامية للاستيلاء على النظام السياسي الفلسطيني عبر الدعوات المشبوهة من أطراف دولية ، وإسرائيلية ، لتغيير القيادة الفلسطينية التي شكلت بموقفها الصامد العقبة الكأداء في مواجهة وإحباط مشروع ترامب المسمى صفقة القرن ، ومكونه الإسرائيلي سياسية الضم ، وامتداده الإقليمي التطبيع مع العالم العربي لصنع سلام عربي – إسرائيلي موهوم كبديل عن السلام الفلسطيني – الإسرائيلي . 

آمالنا الكبيرة ونحن في مواجهة هذه التحيات مبنية ، على ثقتنا بشعبنا واستنهاض قواه الحية ، وإعادة الحياة الديمقراطية ومشاركته الفاعلة فيها، وفي تخطي العقبات المحتملة التي قد يضعها الاحتلال أمام نجاح العملية الديمقراطية سواء في القدس أم في المناطق المصنفة ج ، أم عقبات أخرى قد يلجأ لها للتعطيل والإفشال ، لكن إرادتنا الحرة بأن نحول الانتخابات ميداناً للاشتباك السياسي مع الاحتلال الساعي لمنع شعبنا من ممارسة حقه الديمقراطي الأصيل ، وتجنيد الموقف الدولي في هذه المعركة لردع الاحتلال وفضح ديمقراطيته الزائفة ، فإن هذه المعركة بنتائجها ، هي كسر لمعادلة استمرار وإبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه لأنه يستهدف تحلل وإضعاف المؤسسات والقيادة الشرعية الفلسطينية وانهيارها لفرض خيار القيادة البديلة ، لذلك فإن معركة الانتخابات كما هي معركة اشتباك مع الاحتلال ولتجديد شرعية النظام السياسي برمته ، وضخ دماء جديدة فيه ، وتحدي لأصحاب مشاريع البدائل بأن خيارات شعبنا ما زالت وطنية ديمقراطية وسوف تستمر حتى تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس . 

وأخيراً لمن يضعون العقبات والعراقيل من الداخل بأن هذه الانتخابات سوف تجري على قاعدة أوسلو ، فإن قرارات القيادة الفلسطينية التي أعنها الرئيس محمود عباس في 19/أيار الماضي ، نقطة فاصلة ونهائية وقطع الصلة مع الاتفاقيات المرحلية ، ولغيرهم أيضا ممن يبحثون عن ذرائع ويختلقون أسباب وهمية لتعطيل المسار الديمقراطي ، فإنهم بوعي أم بغير وعي ينقلون الشعب الفلسطيني ، والحالة الراهنة التي يعيشها من الأزمة إلى المأزق الذي يفتح الطريق أمام البدائل الأمريكية الإسرائيلية الإقليمية ، والتي في نتيجتها تبديد للحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا، وفي مقدمتها حقه بتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.