المجلس الاقتصادي والاجتماعي يعتمد قرارين لصالح فلسطين

المحامي علي أبوهلال

على الرغم من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لدعم حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في هيئات الأمم المتحدة لمنعها من إصدار قرارات تدين سياسة وانتهاكات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلاّ أن هذه الجهود لا تنجح، فقد  اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في نيويورك في دورته الحالية، والمكون من 54 عضو، بأغلبية ساحقة قرارين بشأن "التبعات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وللسكان السوريين في الجولان السوري المحتل "، و"حالة المرأة الفلسطينية وتقديم المساعدة لها".

ويدعو القرار الأول إلى فتح المعابر الحدودية المؤدية إلى قطاع غزة بشكل كامل، وإلى رفع جميع القيود الصارمة المفروضة على تحرك الشعب الفلسطيني، وضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع في أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ومن وإلى العالم الخارجي. ويعيد القرار تأكيد الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني في جميع موارده الطبيعية والاقتصادية، ويدعو إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، إلى عدم استغلال تلك الموارد أو تعريضها للخطر أو التسبب في فقدانها أو استنفادها. ويدعو كذلك إلى الوقف التام لجميع أشكال الاستيطان وما يرتبط بها من أنشطة، بما في ذلك الوقف التام لجميع التدابير الرامية إلى تغيير التركيبة الديمغرافية والوضع القانوني والطابع المميز للأراضي المحتلة، بما في ذلك على وجه الخصوص في القدس الشــرقية المحتلة وحولها، امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصــلة، ومن ضمنها القرار 2334.

وحصل مشروع القرار هذا على تأييد 43 دولة، مقابل اعتراض4 دول فقط وهي: الولايات المتحدة وكندا وليبيريا واسرائيل، وامتناع 4 دول فقط وهي: ساحل العاج وغواتيمالا وجزر سليمان والمملكة المتحدة. ويلاحظ عدد الدول القليلة التي اعترضت على هذا القرار وعددها 4 دول فقط من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة لدولة كندا، ودولة ليبيريا، وغالبا ما تصوت هاتين الدولتين لصالح إسرائيل في هيئات الأمم المتحدة، بسبب تأثير كل من الولايات المتحدة وإسرائيل عليهما.

وكذلك الأمر يلاحظ عدد الدول القليلة التي أمتنعت عن التصويت وعددها 4 دول فقط، وهي دول صغيرة لا تأثير لها على الصعيد الدولي، وغالبا ما تأخذ هذه الدول هذه المواقف لصالح إسرائيل في هيئات الأمم المتحدة بفعل تأثير الولايات المتحدة عليها، بالإضافة الى دولة المملكة المتحدة التي تقف في غالب الأحيان لصالح إسرائيل في هيئات الأمم المتحدة، وهذا ما يشير إلى عزلة إسرائيل " السلطة القائمة بالاحتلال" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا يزال هذا مؤشر إيجابي لصالح دعم المجتمع الدولي للحقوق الوطنية الفلسطينية.

وهذا ما أكدته نائبة المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير فداء عبد الهادي ناصر، التي قدمت الشكر للدول التي صوتت لصالح القرار على موافقها المبدئية، ووقوف المجتمع الدولي مع فلسطين، وحثت المجتمع الدولي على بذل جهود جادة ومسؤولة لدعم هذه المواقف، واتخاذ تدابير حقيقية للمساءلة عن جميع انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني.

وفيما يخص القرار الثاني فقد أعرب المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن بالغ القلق من الوفيات والإصـــــابات التي لحقت بالمدنيين، بمن فيهم الأطفال والنســـــاء والمتظاهرون ســـــلميا والصـــــحفيون، وشـــــدد على وجوب حماية الســـــكان المدنيين وفقا للقانون الدولي الإنساني، كما ادان بشدة مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة وشدد على ضرورة ضمان المساءلة على وجه السرعة، وعلى ضرورة حماية الجهات الفاعلة في المجتمع المدني لتمكينها من أداء عملها بحُرية ودون خوف من الاعتداءات والمضايقة من أي طرف. وحصل مشروع القرار على تأييد 40 دولة، مقابل اعتراض 6 دول وهي: الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة والتشيك وليبيريا واسرائيل وامتناع 4 دول وهي: النمسا وكرواتيا وغواتيمالا وجزر سليمان، ويلاحظ أن الدول المعترضة والممتنعة هي نفسها التي اتخذت هذا الموقف، هي نفس الدول التي أتخذ هذا الموقف تجاه القرار الأول إضافة إلى دول أخرى لنفس الاعتبارات السياسية. 

وهذا ما أكده المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الوزير د. رياض منصور، إنه وعلى الرغم من إضافة لغة جديدة على قرار المرأة الفلسطينية بما في ذلك ادانة قتل الصحفيين، وإدانة شديدة لجريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، إلا أن القرارين اعتُمدا بالأغلبية الساحقة، وهذا يدل على فشل دولة الاحتلال، إسرائيل، العضو الحالي في المجلس الاقتصادي.

ان المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة مجتمعة تقف مع الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتدين الانتهاكات الإسرائيلية، في الأمم المتحدة بغالبيتها العددية والنسبية، ويبقى أن تتحول هذه المواقف إلى تدابير وإجراءات عملية، حتى تشكل رادعا لسياسة حكومة الاحتلال، لنقلها من موقف سياسية التنديد إلى المحاسبة والعقاب.