أهالي بساتين حمص

مركز الميماس للثقافة والإعلام

يعتصمون أمام القصر الجمهوري ورئاسة الوزراء

مركز الميماس للثقافة والإعلام

كتب مراسل النداء :       

متابعة قضتيهم المثارة منذ فترة وعلى أصعدة مختلفة ، توجه صباح اليوم الأربعاء 28/11/2007 حشد من عائلات وأهالي بساتين غربي حمص في أربع حافلات نقلتهم إلى مقربة من القصر الرئاسي بدمشق، بغية تنظيمهم اعتصاما سلميا ضد مشروع كابوس حمص واحتجاجا على الاستملاك غير القانوني لبساتينهم ، والمنذر بتدمير باقي المساحات الخضراء المتبقية في المدينة.  

وعند وصول الأهالي على الساعة التاسعة إلى نهاية شارع أبي رمانة، بدأ رجال المرور والأمن والشرطة بمحاولة صدهم ومنعهم من التجمع، حيث وقعت مشادات ومدافعات عنيفة خلال ذلك، فشتت بعضهم بحمله في سيارات الشرطة ودفع البعض الآخر بما فيهم النسوة بكل عنف، الأمر الذي شكل منظرا مثيرا ولافتا لجموع المارة وبعض الصحافيين على مدار ساعة ونصف. وأمام   إصرار الحشد على إيصال احتجاجه وتعبيراته، سمح رجال الأمن لوفد ثلاثي منهم للدخول إلى مكاتب حرس القصر الرئاسي، متمثلا بالسادة : عبد الغني الجنيات ورضوان البارودي وعماد الشعار، الذين استقبلهم العميد رفيق شحادة واستمع إليهم، كما تسلم منهم إضبارة تتضمن كافة الوثائق المتعلقة بشكواهم، ثم طلب منهم التوجه إلى مكتب رئاسة مجلس الوزراء بعد قيامه بالاتصاله به.  

ببعد ذلك سمح للحشد بالتجمع ثانية واستعادة الحافلات التي نقلتهم إلى مقربة من صالة الفيحاء بمرافقة دوريات الشرطة والأمن، وهناك توجه وفد ثنائي إلى مكاتب المجلس، ريثما يتم استقباله ، لكن الأخبار التي وصلت من حمص إلى المتحشدين عن قدوم موظفي البلدية مع رجال الشرطة والبلدزورات لتنفيذ الإخلاءات في منطقة البساتين أثارت الحشد من جديد، ودفعته رجالا ونساء إلى تجاوز دوريات الشرطة والأمن المحيطة بهم وصولا إلى مبنى المجلس، الأمر الذي عجل من استقبال الوفد والاستماع إليه من قبل السيد رئيس الوزراء، الذي تسلم إضبارة الشكوى والفضية بدوره وأجرى العديد من الاتصالات، كان آخرها مع وزير الإدارة المحلية، حيث طلب منه لقاءهم.  

وهكذا، قام رجال الشرطة والأمن بمرافقة حافلات المحتشدين حتى خارج دمشق، بينما سمح   للوفد الثنائي المنتدب عنهم بالوجه إلى وزارة الإدارة المحلية، حيث اجتمع مع السيد الوزير ( الأطرش) ومستشاره القانوني وما زال هناك حتى بعيد الساعة السادسة مساء حسب آخر المعلومات .  

ووفق مصادر الأهالي الذين تعرضوا للعنف والإبعاد اليوم، وكان جل مطالبهم انتظار بت القضاء بقضيتهم المرفوعة أمامه منذ سنوات، فهم لا يتوقعون حلولا سريعة من المسؤولين رغم وعود الدراسة التي تلقوها، ولذلك فهم يتحسبون لإجراءات البلدية والمحافظة، ويستعدون للدفاع عن أرضهم وحياتهم بكل الوسائل المشروعة.  

ـــــــــــــــــــــــــــــ 

النداء / خاص  

فيما يلي عرض للقضية  بقلم أصحابها:  

حقيقة كابوسية حلم حمص  

بقلم: لجنة من أهالي البساتين 28/11/07  

ردا على ماجاء في بعص الصحف السورية   كالاقتصادية والعروبة (25/11/07) وغيرهما تحت عنوان " محافظ حمص يوضح حقيقة حلمه لحمص " وبدافع الحق في عرض كافة وجهات النظر ، وعدم انفراد واحدة منها بالمجال كاملاً على حساب غيرها ، وهو ما حدث في بعض الوسائل الإعلامية .  

فإننا نعرض لما ورد في مقال السيد المحافظ عن الحلم وأطراف الحلم ..  

يصّر سيادته بداية على أنه حلم لجميع أبناء حمص ، يحقق كافة أحلامهم ورغباتهم . دون أن يحدد نوع تلك الأحلام والرغبات .. وهو يحمل مسؤولية رد الفعل السلبي ضد الحلم بعض من وصفهم بالجهلة في أحسن الأحوال الذين أثاروا الناس بخلفيات غير وطنية .. الخ  

فأين الشفافية والوضوح اللازمان لمنع سوء الفهم وردود الأفعال الاعتباطية ؟ ولماذا لا يشرح لنا السيد المحافظ دلالات ومغازي غياب الجهات الرسمية والشعبية ؟ حتى في مؤتمر توقيع مذكرة التفاهم مع الديار القطرية لوحظ فيما لوحظ غياب مجلس مدينة حمص ورئيسته السيدة ناديا كسيبي .. وهو غياب مستمر عن الحلم حتى تاريخه ، ومع ذلك يصرّ على أن الحلم لكل أبناء المدينة !! .. وللتذكير ، فإنه في ذلك المؤتمر الذي جرى في فندق سفير حمص ، صرح الحاضرون من مسؤولين ورجال أعمال عن الحلم ، فالأستاذ غزال هو من تحدث عن مشروع قلب العالم القديم ، وهو يقصد المنطقة التجارية المحصورة بين الساعة القديمة والأسواق القديمة امتداداً نحو الساعة الجديدة ودار الحكومة ، وذلك لإعادة تأهيلها وبناء أبراج وأسواق تحت الأرض وفنادق وموتيلات ومحطات مترو .. وللتذكير أيضاً فإن المهندس جلال المسدي هو من صرح بأن مشروع إعادة تنظيم بساتين حمص سيقوم على مبدأ المقايضة الإجبارية حيث سينال مالك الأرض عوضاً عنها أسهماً في المشاريع التي ستقام كملاعب الغولف والأبراج التجارية وغيرها .. وأيضاً صرح رجل الأعمال عصام أنبوبا أنه من غير المجدي أن نجني طن من البندورة من أراضٍ تساوي قيمتها مئات الملايين إن استثمرت في مجالات أخرى .. كل تلك التصريحات موثقة في موقع سيريانيور وفي جرائد العروبة والثورة وغيرها .. فهل نلقي – بالتبعية بعد ذلك على جهلة مزعومين تحركهم خلفيات غير وطنية ؟ .  

كنا نأمل من السيد المحافظ أن يراعي أن حلمه يتم على أرض يقوم عليها مجتمع معقد بمشكلاته وهمومه . إن مجرد فرض ضريبة بسيطة يستلزم دراسات اجتماعية واقتصادية ميدانية موسعة لتحديد الآثار المحتملة ومقارنة النتائج ببعضها الضارة منها والنافعة . فكيف يكون الحال مع حلم سيُزيل أوضاعاً اقتصادية ، ويلغي عشرات الآلاف من فرص العمل وسيرتب آثاراً اجتماعية هائلة قد تخرج عن السيطرة ؟ .  

في ملاحظته الغريبة يُورد السيد المحافظ أن مشروع إعادة تأهيل قلب المدينة التجاري يمتد على مساحة مقدارها    / 12 / هكتار ملكية  79.42 % منها عامة بينما 20.58 % خاصة ، وبصرف النظر عن حقيقة النسب والأرقام ، وبعيداً عما قصده بالملكية العامة ( إن كانت أوقافاً أو غير ذلك .. ) ، فإن المنطق الاجتماعي والاقتصادي والخلفية الوطنية التي شدد عليها سيادته ، يلزمنا بالمراعاة الكاملة لأرضية المشروع التي تضم عشرات الآلاف من فرص العمل التي تعيل مئات الألوف من الأنفس الموزعة في شكل أسر . كيف سيتم المشرع حالما تجهز الدراسات والماكيتات ؟ كيف سيعيش هؤلاء وكيف سيعيلون أسرهم طيلة مدة تنفيذ المشروع ؟ هذا إذا توثقنا من كونهم سيُعادون إلى المراكز التجارية الجديدة من أبراج وأنفاق وغيرها ؟ . وعلى أي أساس سيتم التعامل مع المراكز القانونية من عقود إيجار أو رهن أو ملكية أو غيرها مما تستند إليه الأوضاع الحالية ؟ لقد ترك سيادته كل تلك الأسئلة الملحة ليشير إلى 10000 فرصة عمل سيحققها المشروع ، ناسياً أو متناسياً أضعاف أضعافها من تلك التي ستُلغى وتضيف إلى أزمات المجتمع أزمات أشد وكوارث أعظم . وفي البند التاسع من مقاله يتعرض السيد المحافظ لمشروع جنة حمص محدداً عنوانه الأساسي بالمحافظة على رئة حمص الخضراء الممتدة بين المدينة القديمة وحمص الجديدة بمساحة  / 1800 / هكتار . ويسجل سيادته ارتفاع نسبة الأبنية البيتونية في هذه البساتين الخضراء من 0.5 % إلى 11.5 % خلال العشرين سنة الماضية بسبب الفساد الإداري المستشري في الجهات العامة الرقابية المتابعة لتجاوزات البناء ، مع توقعه لارتفاع النسبة إلى 25 % خلال العشرين سنة القادمة إن بقيت الأوضاع على ما هي عليه . لكن سيادته بدلاً من التركيز على تطهير الجهات العامة من الفساد الإداري الذي أكده بنفسه ، يقترح في سياق حلمه نزع ملكية تلك   البساتين ، وتحويلها إلى ملكية عامة تقوم عليها الجهات العامة المصابة بمرض الفساد الإداري . فهل ستكون هذه الجهات أكثر أمانة على تلك البساتين من أصحابها ؟ ولنا من التجارب المريرة من استملاكات حي الأربعين إلى شارع القوتلي ما يلّون هذا الحلم بالأسود القاتم ! . بل إن ما يلفت النظر هو تصور سيادته لمفهوم الملكية والمنفعة العامة . ليس هناك إجراءات أشد ولا قيد أخطر من الاستملاك ، ولذلك نجد الإدارات في كافة الدول تلجأ إليه بحذر وحيطة تحسباً لتداعياته وآثاره . لكن هل حقاً سيتم التعويض على المالكين وفق الأسعار الرائجة في السوق .. إن نظرة سريعة على مشكلة بساتين الغوطة المستملكة   بموجب القرار / 5047 / كافية لتنفي صحة ذلك بالمطلق .  

ففي خاتمة مقاله كتب سيادته عن حديقة الشعب ، وهي البساتين المحصورة بين حيي الغوطة والقرابيص ، والممتدة بين الكورنيش وشارع الميماس بمساحة / 460 / دونم ، استملكت بموجب القرار / 5047 / تاريخ 1994 الصادر عن رئاسة الوزراء ، ويورد بأن كافة الإجراءات منتهية ، وبأن بدلات الاستملاك قد أُودعت في المصرف ، وبأن أصحاب المشاتل منهم قد تم تخصيصهم بمشاتل بديلة في غابة الوعر ، كما تم تخصيص 65 مسكناً للقاطنين الحاليين في البساتين المذكورة ، ويذكر أن مجلس المدينة قد انتهى من كافة الإجراءات القانونية،   وتوجيه الإنذارات وإيداع بدلات الاستملاك وفق أحكام المرسوم 20 / تاريخ 1983 / . وفي عبارة لافتة قوية الدلالة يختم سيادته " ومن ثم إن مجلس المدينة ملزم بتنفيذ الاستملاك " .. نعم لقد صدر القرار المذكور لكن الاستملاك لم يثبت بعد . لقد طعن الأهالي بالقرار أمام القضاء الإداري الذي قضى بانعدامه وذلك لاستناده على القانون 60 تاريخ 1979 والذي يختلف بغاياته ومجالاته عن الاستملاك بقصد المنفعة العامة . ولدى قيام القضاء بتصويب القرار المذكور بإسناده إلى المرسوم التشريعي 20 تاريخ 1983 ثارت قضية انعدام الأحكام القضائية ، وذلك بسبب التعارض مع النصوص الدستورية القاضية باحترام واستقلال السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية . لقد تجاوز القضاء على اختصاصه، وتعدى على اختصاص السلطة التنفيذية بأحكامه تلك التي لم تكن في الحقيقة سوى إلغاء لاستملاك وإنشاء لآخر . وهو ما فتح المجال لكثير من المداخلات القانونية . هذا بالنسبة لبعض الدعاوى ، في حين ما يزال القضاء الإداري ينظر في الكثير الآخر منها . ومع ذلك يعلن سيادته بأن الإجراءات الاستملاكية منتهية !! بل إن من الإجراءات الشديدة الانتهاك للقانون هو ما صدر عن السجل العقاري بتاريخ 4/ 1 /2005 من تحويل ملكية العقارات المذكورة من ملكية خاصة مسجلة بالطابو إلى ملكية عامة نقلاً جبرياً ، بناء على مذكرة من مجلس المدينة بتاريخ 21 /10 / 2004 م . تم هذا والقضاء لم يحسم القضية بعد !! . من جانب آخر تتميز المنطقة المذكورة بنسيجها الاجتماعي المكون من أسر محدودة الدخل ، تمثل الأرض لهم المأوى والرزق والعمل ، إذ لا ( فـلل)  ولا مسابح هنا ولا يغير من وصفهم هذا فورات السوق التي ارتفعت بأسعار أراضيهم إلى أرقام فلكية . إن إخلاء المنطقة من الأهالي البالغ عددهم حوالي 1500 نسمة . هو شكل حقيقي للتشريد وتفعيل لمشكلة البطالة . البيوت الـ 65 التي تحدث عنها سيادته ليس منح كريمة لهؤلاء ، فبغض النظر عن قلة عددها وعجزها عن استيعاب الأهالي ، فإنها تقدم إليهم بقيمة تتراوح بين 1.8 – 2 مليون ل.س ويترتب على المستفيد منها أن يسدد شهرياً مبلغاً يتراوح بين 6 – 8 آلاف ل.س فهل تساءل سيادته عن مدى قدرة هؤلاء على السداد بعد أن فقدوا العمل ؟ وما الحل عندما سيقصرون في التسديد وهو أمر حتمي ؟ هل سيتم طردهم إلى الشارع ؟ .  

من ناحية أخرى ، حبذا لو عاد سيادته إلى قوائم بدلات الاستملاك وصحح معلوماته ، فهي ليست كلها على أساس المرسوم 20 تاريخ 1983 . وليس هناك في كل أحلامه تعويضات تتم وفق الأسعار الرائجة ، لأن هذه سرعان ما تتأطر بمقولة السقف المحدد من رئاسة الوزراء ، وهو ما يمسخ البدل إلى أدنى من عشر القيمة الحقيقية للعقار المستملك وذلك في أحسن الأحوال. المشكلة صارت أعقد بكثير من مجرد مشروع استملاك . هناك قضية اجتماعية خطيرة بذيول اقتصادية تشيح المحافظة ومجلس المدينة بالوجه عنها . سؤال مشروع بل واجب وعلى المعنيين من خارج الحلم أو داخله يقع عبء الإجابة : ما معنى المنفعة العامة ؟ وما حقيقة المنفعة بالنسبة للمدينة بحصولها على حديقة للشعب على حساب تجفيف موارد رزق 1500 مواطن ، وتهجيرهم من أرضهم إلى شقق لن تستوعبهم ، كما لن يقوى أكثرهم على تسديد أقساطها ؟ ألم يكن من الأولى أن تتجه جهود المحافظة ومجلس المدينة نحو تأهيل الحدائق القائمة بالفعل ، والتي يقر السيد المحافظ بأن أغلبها مشوه لوجود البراكيات ومراكز التحويل ، ونضيف نحن بأنها مكبات للقمامة !! .  

ليس هناك أي منطق في مشروع حديقة الشعب وآثاره الفادحة ، بينما حدائقنا واضحة التردي بحسب شهادة سيادته ، ثم أي معنى لترحيل المشاتل إلى غابه الوعر وحجز مساحات منها وتحريمها على الجمهور . لقد كانت غابة الوعر منتزهاً جميلاً قبل بضعة سنوات ، ثم ما فتئت الأبنية البيتونية تلتهمها تحت مسمى مطعم وصالة أفراح وكافتيريا .. الخ.  

والتسويغ الرائج لهذا الاعتداء على الغابة هو الصورة العصرية للمنتزهات !! . إن ما يسعى إليه أهالي البساتين المستملكة هو رفع الاستملاك ، وحجتهم القوية هي غلبة الأضرار على الفوائد الضئيلة ـ إن وجدت ـ التي ستجنيها المدينة من حديقة الشعب . وإننا سنعيد عبارة السيد المحافظ نفسها ، لنقول إن سيادته ملزم بوصفه رأس السلطة التنفيذية في المحافظة بتحقيق مصالح المدينة ومواطنيها الذين هم الرأسمال الحقيقي للوطن ، وهم حجر الزاوية في كل حلم حقيقي جماعي غير فردي . لسنا معنيين هنا بمناقشة وجهة نظر السيد المحافظ التي عرضها في لقائه مع لجنة الأهالي يوم 19 /11 / 2007 م عندما نفذوا اعتصامهم الصاخب أمام مبنى المحافظة ومبنى البلدية ، وسوف نرجئ تحليل مفهوم سيادته للنفع العام ولمكان القانون في حلمه ، ولحضور مصلحة المواطن البسيط في مشاريعه . لكننا سنختم أن الفرق بين الحلم والكابوس هو نفسه الفرق بين الاستثمار والتنمية ، الرفاه والضرورة ، الفردية والعمل الجماعي المدروس والمنظم ، الربحية الريعية والحسابات المؤسساتية المسؤولة .. إن حلماً مثيراً كحلم سيادته ، يُوضع عادة من قبل الإدارات على اختلافها في شكل خطط خمسية قد تتجاوز الثلاث . ولا يُطرح مطلقاً بمنطق رجال الأعمال منفردين بحساباتهم التي لا تتعدى الأرباح والخسائر . من هنا كانت الكابوسية ، كابوسية حلم سيادته لحمص .