أمومة وقصص أخرى

صلاح عويسات

أمومة

مكبّرات الصوت تصدح بأغاني النّجاح، والعمداء في الصّفّ اﻷوّل، يجلس من خلفهم الخرّيجون يملأ قلوبهم الفرح، أجواء احتفاليّة بامتياز، الدّموع تنهمر من عينيها المتعبتين، دموع اختلط فيها الفرح بالحرمان، كم تمنت أن يكون لها ابن في هذا الحفل.

هموم

منّى نفسه طوال أسبوع عمله الأول أن يُسعد زوجته وأبناءه، ويوسع عليهم بالطعام والفواكه وربّما ببعض الملابس، قبض أجرته وهرول مسرعا،عند أوّل محلّ تجاريّ، كاد قلبه يتوقف عندما مدّ يده ليخرج النّقود فوجدها قد ضاعت.

 

غموض

للوهلة اﻷولى ظننت أنّ جسمي شفّاف لا يرى، تنحنحت وللمفاجأة سمعت صوتي، رفعت صوتي... التفت المارّة في الطّريق نحوي، يظنّون بي مسّا من الجنون، إلا هو لم ينتبه لوجودي، ولم يسمع صوتي حين مررت بجانبه وبادرته بالتّحيّة، هذه الحالة صارت صفته بعد أن أصبح ذا مال مجهول المصدر، وركب السّيّارات الفارهة، وغطّى عينيه بنظّارة سوداء.. عن أخي أتحدّث.

سيادة الرّئيس

أجلب عليهم بخيله ورجله، وشاركهم في الأموال والأولاد، ووعدهم فأخلفهم، استخفّهم فأطاعوه، حين هلك نصبوا له تمثالا، وملأوا ضريحه بأكاليل الورود واتّخذوا قبره مزارا.

أوّل ثمار الحرّيّة

عندما دخل حدود العالم الحرّ، تنفّس نسائم الحرّيّة، فتح أزرار قميصة، أحسّ نفسه يطير فوق الغيوم، منّى نفسه بكل المتع الجسديّة، لا تقييد هنا ولا تعقيد، حرّيّة مطلقة، صعد القطار، حشر نفسه بين فتاتين حسناوتين، ابتسمت إحداهما لما عرفت أنّه عربيّ، وضع يده على رقبتها، ضحكت ومرّرت أصابعها على ظهره، أصابته قشعريرة لذيذة، حين أراد الشّراء من سوق المدينة لم يجد المحفظة التي أودعها جيبه الخلفيّ.

إخلاص

ذلك الشّاب الذي تاب وأناب، توجّه الى بيت الله ليحسّ بالطّمأنينة والرّاحة النّفسيّة، صلّى مع الجماعة، بكى واستغفر، ثمّ أسند ظهره إلى اسطوانة المسجد، أخذته سنة من النّوم.. فوجئ بسادن المسجد يركله في خاصرته صارخا اذهب ونم في بيتك، فالمسجد ليس فندقا للنّوم.