حمام الدوح
03تشرين22012
د. عبد الرزاق حسين

د. عبد الرزاق حسين
أستاذ الأدب العربي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن
| يا حمامَ الدَّوحِ قلبي مُسْتهامْ هو في قلبي ربيعٌ دائمٌ حُمِّلَ القلبُ بليلايَ العنا وأنا في الفقدِ فرخٌ أُمُّهُ * * * طَلُّها أندى وللقلبِ الندى ورميمُ الجسمِ مِنّي ينتشي ليتَ منها نسمةً أوْ بسمةً فبذكراها لساني ناطقٌ * * * يا حمامَ الدَّوْحِ جسمي قدْ نحلْ فهلِ الأيامُ تُدنيهِ إليا قبلما يا خلُّ يأتي أَجَلي طالَ مُكثي وانتظاري عودةً * * * وأنا أرقبُ ليلي بانتظارْ فإذا الفجرُ إلى التيهِ مضى وأنا السبَّاحُ لكنّي بلا فأنا عُدَّةُ غَوصي سقطتْ * * * يا حمامَ الدَّوْحِ لوني قدْ علاهْ وأنا في ذكرهِ لا أنثني هوَ محبوبي بقلبي لم يزلْ شِبهُهُ في الأرضِ معدومُ النظيرِ * * * يا حمامَ الدَّوْحِ وصِّلْ لي الخطابْ وأنا مابينَ خوفٍ ورجاءِ ضاعَ ما كنتُ أُرَجِّي بل مضى فاحملِ المكتوبَ عنِّي عَلَّهُ * * * يا حمامَ الدَّوْحِ عَجِّلْ بالوصولْ وانقلِ الأخبارَ عنْ حِبٍّ لهُ إنَّ دمعي من عيوني قد هما فوحيدُ الدارِ يبكي خِلَّهُ * * * يا حمامَ الدَّوْحِ قد عزَّ المسيرْ كانَ روحاً ورياحاً وندى وأنا في قَيْدِ همِّي مُثقلٌ فقدتْ عينايَ رؤياهُ فلي * * * يا حمام الدَّوْحِ قد خفَّ القطينْ غابَ واللهِ وربِّي لمْ يغبْ غاب عني أَتُراهُ قد سلا أَمْ تُراهُ تاهَ في ليلِ الدُّجى * * * يا حمامَ الدَّوْحِ قد لاحَ الصَّباحْ وفقدتُ الريشَ مُذْ فارقتُهُ وغدوتُ دُميةً يَلهو بها في مهبِّ الرِّيحِ ريشي طائرٌ * * * يا حمامَ الدَّوْحِ آمالي غُروبْ نِضْوُ جسمي وهُزالي حاكمي أكتمُ الحبَّ بصدري لوعةً ودعائي قائماً أو قاعداً * * * همُّ قلبي أنْ أراهُ لُمْحةً فمروجي منْ سناهُ تزْدهي فإذا منهُ رؤاهُ لامستْني فخريفي كربيعي يحتفي * * * يا حمامَ الدَّوْحِ ضيَّعتُ الطريقْ تاهَ خطوي وتغشّاني الأسى وأنا أمضي بجرحي شارداً وحدَهُ الحزنُ رفيقي في الدُّنا * * * يا إلهي هلْ إلى الشملِ التئامْ ويعودُ الطيرُ للرَّوْضِ يغنّي ويبيتُ الطَّلُّ في أحداقها ويبوحُ الشوقُ بالنَّجوى التي | بحبيبٍ زادَ وجدي والسِّقامْ وهو في رَوْضِيَ نبتاتُ الغمامْ وأنا في الحبِّ قيسيُّ الغرامْ صادها الصيّادُ منْ بينَ اليمامْ * * * منهُ يُسْقى نبتُ روحي والجوى وبهِ تحيا عروقي في الثَّرى تمسحُ الآلامَ عنِّي والعنا ومحياها بقلبي قد ثوى * * * وبراهُ الشَّوْقُ والشخصُ اضمحَلْ ويفوزُ الطَّرْفُ بالطيفِ اكتحلْ وأنا يا ويحَ قلبي في وجلْ غرَّني بل ضرَّني طولُ الأملْ * * * طلعةَ الفجرِ وأنوارَ النهارْ غارَ في الظلمةِ في قاعِ البحارْ جسدٍ يقوى ولا لي مِنْ خيارْ لم يعُدْ لي منْ يُعِرْني أَوْ يُعارْ * * * صفرةُ العشقِ لِحِبٍّ قدْ سلاهْ في قيامي ودعائي والصلاهْ ليسَ لي في الأرضِ محبوبٌ سواهْ وكأَنَّ اللهَ في الخلقِ اصطفاهْ * * * ضاق صدري منْ بعادٍ وغيابْ لم أَعُدْ أصبرُ قدْ طار الصَّوابْ كلَّ ما أُبْصِرُ في الدنيا سرابْ يوصلُ المحبوبَ لوعاتِ المصابْ * * * لا تَعُجْ بالدَّوْحِ وائتِ يا رسولْ في شِغافِ القلبِ شرحٌ قدْ يطولْ فاحملْ البُشرى وعجِّل بالوصولْ ذاكَ خِلٌّ لا يُدانيهِ خليلْ * * * لحبيبٍ غابَ لمْ نَدْرِ المصيرْ كانَ مثلَ الدَّوْحِ بل كان الغديرْ هُوَ سجني وأنا فيهِ أسيرْ لقبُ الأعمى وإنِّي لَبصيرْ * * * وطواهُ البعدُ والبعدُ خؤونْ عنْ عيوني بل تغطّى بالجفونْ هوَ يحيا في شغافي والوتينْ لا ، فحِبي صادقٌ برٌّ أمينْ * * * وأنا كالطير مقصوصُ الجناحْ وفقدتُ العُشَّ والأرضَ البراحْ كلُّ من دبَّ على الدرْبِ وطاحْ صرتُ منْ ضعفي تُذَرِّيني الرياحْ * * * وحبيبي شمسُ نفسي لا تغيبْ وبعيدُ الدارِ عني لا يؤوبْ أذرعُ الأرضَ فأقصاها قريبْ لإلهي جمعُ شملي بالحبيبْ * * * نبعُ حبي برؤاهُ سلسبيلْ وبهِ تزهو رياضي والحقولْ حيَّرتْ بلْ غيَّرتْ منِّي الفصولْ وشتائي مثلُ صيفي قد يحولْ * * * جفَّ مِنِّي الحلقُ واشتدَّ الحريقْ سدَّ كلُّ الناس في وجهي المضيقْ كغزالٍ ضاعَ من بين الفريقْ لم يَعُدْ لي في هذه الدنيا رفيقْ * * * فيعيدُ الدَّهْرُ ضحكاتِ الوئامْ يُرْقِصُ الأزهارَ مِنْ تحتِ الكُمامْ لؤلؤاً بضّاً كحباتِ الغمامْ تفضحُ العشاقَ منْ أهلِ الغرامْ |
![]()