غَرْسُ الْهَباء!

صقر أبو عيدة

غَرْسُ الْهَباء!

صقر أبو عيدة

[email protected]

أَتَألَمُ لَو تَرى شعباً يُقَلّبُ في النّفايَةِ..

لَمْ يَجدْ إلا الهمومَ..

وَبُؤسَهُ يَجْني ؟

*****

أَتَعجَبُ إنْ تَرَ الأجسادَ تَرْقُصُ منْ بَعوضِ الحَيْ

عميدُ القومْ عَرّاها على أمَلِ امْتِطاءِ الْحَيْ

وما رَجَفتْ لهُ جَفنٌ يهابُ الْحَيْ

ولَمْ يأْلَمْ

*****

دروبُ الموتِ تُرصفُ في عُيونِ الأمِّ والبلدِ

تُبَطّنُها عظامُ الجَدِّ والوَلدِ

وما أخفتْ خَناجرَها على أحَدِ

وحادي العيسِ يُنشِدُنا حُداءً ليسَ مِن بَلدي

فَهلْ تَأْلَمْ

*****

غرابُ البَينِ ينعقُ في مَرابِعنا

خَناجِرُهُ تَعيثُ بَجَلْخِها فينا

وتُهلِكُنا بأَيدينا

ولَمْ نَهتمْ

*****

أميرُ الدّمِّ يَخْلَعُ رِبْقَةَ الإسْلامِ مَغْلُولا

صَنيعُ الحِقدِ والتّعْصيبِ مَجْبولا

وما قالتْ لهُ أيْدٍ كَفى ذلّاً وتنكيلا

فَغَرّدَ في المَدَى وازْدادَ تَضْليلا

ولَمْ يَسْأمْ

*****

عجبتُ لِمَنْ

يرى ألمَ العصافيرِ التي تَغفو على سَكبِ الرّصاصِ..

وتَهْجُرُ الأعشاشَ مِن فَزَعِ النّواصي..

والرّحى دَمِيَتْ

ولَمْ يأْلمْ

*****

وأعجبُ من عُروبَتِنا إذا غَضبَتْ

تهيجُ لِتخنقَ النَّسماتِ إنْ هبَّتْ

يُقَبّحُ بَعضُها بعضاً إذا ذُمّتْ

وإنْ هدرَتْ

فلا تَحْلُمْ

*****

خُيولُ الدّارِ كانتْ لِلْعِدَى قَلقا

غَرَسنا مِن سَنابِكِها أَماناً يَملأُ الأُفُقا

فَسيقتْ للْمَلاهي تطلُبُ العَلَقا

وأَنتَ تَرى، فَهلْ تَألَمْ

*****

تَرى العَجَبا

لمنْ يَتْلو بُنودَ السّلمِ، والأَجْداثُ قدْ مُلِئَتْ

وذي الجدرانُ والطّرُقاتُ قدْ أَلِفتْ

هُبوبَ الموتِ، والأَعْدادُ ما وَقَفَتْ

وَلَمْ يَألَمْ

*****

وَها أنتَ الْمُقَيّدُ في سَلاسِلِ عَيلَةٍ..

والطّفلُ يَرنو للرّغيفِ..

تَخافُ منْ لَطْمِ الكُفوفِ..

وأنتَ في وَهَنٍ، فَمنْ يَشْفعْ

تَعَوَّدَ خَدّكَ اسْتئناسَ منْ يَصْفعْ

وَلَمْ تَألَمْ

*****

وَيا عَجَباً إذا قالَ الحقيرُ أنا

وتَعلمُ أنَّهُ سَرقَ الزّمامَ على عُيونِ الخلقِ ثُمَّ خَنا

وأنتَ هُنا تموتُ على رَصيفِ الثّورةِ الغَرْثَى

تعيشُ على وُعودٍ تُوئِدُ الْوَطَنا

ولَمْ يَألَمْ

*****

ومِنْ هذا الّذي هَجَرَ الرّجولةَ واكْتَفى بِالذّلْ

وَلَقّحَ أنْفَهُ رَغْماً وَعاشَ الوَيلْ

يُقادُ لِمَرْأَةٍ حَمقاءَ تَحلبُ ثديَها للنَّهبْ

تَقاسَمَها السّفيهُ ومَنْ أَتى يَحْتلْ

ولَمْ يَألَمْ

*****

أَقولُ لِمنْ يُزَيّنُ حائِطَ البَيتِ

بِأَوسِمةٍ معَ القِطَطِ السّمانِ وبَهجَةِ النّعتِ

تَرى رَخّاً يُراقبُ طِفلَةً تَشتاقُ للْمَوتِ

أَلا تَألَمْ؟

*****

ولَمّا غاصَتِ الأقْلامُ في وَحْلِ الفَضائحِ..

جاءَني قَلَمي يُحَذّرُني

منَ السّخَمِ الْمُكلّلِ بالقبائحِ..

لَم تَكنْ خَطَرتْ على بالِ الشّياطينِ

ولَكنْ تلكَ أفْواهٌ هُنا وَحِلَتْ

ومَدّتْ أنفَها للإفْكِ إذْ ضَلّتْ

ولَمْ تَألَمْ

*****

وكلُّ العُجْبِ منْ ذاكَ الّذي نَزَعَ البِلاد..

منَ الأُمومَةِ والفؤاد..

وحَرّفَ الْكَلِماتِ يَومَ غِيابِنا

والحَقُّ ضَلَّ ولم يَفقْ في حَضْرَةِ الصّمْتِ المُقاد..

وَما رَأى جُرْماَ ولا إثْماً

ولَمْ يألَمْ