لا تعادوا الناس في أوطانهم

زهير سالم*

وقبل أن ندين أشكال الهجرة غير النظامية، وطرائق تسلل اللاجئين، وحقوق الشعوب والحكومات من اتخاذ التدابير لحماية حدودهم وصيانة مجتمعاتهم، والتحفظ على إمكاناتهم؛ علينا إذا كنا بشرا عقلاء أسوياء أن ندين ونشجب ونتصدى لسياسات التهجير...!!

"لا تعادوا الناس في أوطانهم" كان شعارا حاضرا في ثقافة أمتنا...

لا تعادوا الناس في أوطانهم ..قلما يرعى غريب الوطن.

القرآن الكريم في أكثر من موضع قرن قتل الأنفس بالإخراج من الديار. في عالم يتسيد فيه ما يسمى "مجلس الأمن الدولي" و"الجمعية العامة للأمم المتحدة" ما يزال شخص غير سوي، شخص واحد فقط يرتكب جريمة مستدامة مستمرة على مدى اثني عشر عاما يمعن فيها، في تهجير ملايين الناس من وطنهم، يرتكب جريمته جهارا نهارا ؛ ومن يزعمون أنهم رعاة الأمن والقانون الدوليين يتفرجون...

 

ويحتجون على الضحية ولا ينظرون شذرا في وجه الجلاد. يقطعون الطرق على المهاجرين، ولا يأخذون على يد من هجرهم ولا يزال يهجرهمـ بل يتبارون كيف يمكنونه أكثر، وكيف يذيقونهم المر والهوان أكثر !!

وتعلن منظمة الهجرة الدولية منذ أيام أن أكثر من من تسعة وعشرين ألف شخص، 29 ألف شخص، قضوا غرقى على طريق الهجرة. ربما ارتفاع الرقم يريح الدول التي كانت مهددة بوصول هؤلاء المهاجرين إلى أراضيها!!

تقول المنظمة: إن تسعة وعشرين ألف شخص منهم نساء وأطفال، قضوا غرقا على طريق الهجرة، وجُلهم يعني كثرتهم من السوريين، وأكثرهم قضى في البحر الأبيض المتوسط...!! يا فرحة الذين ساءهم يوم اليرموك.

ومع سياسات إعادة اللاجئين ليكونوا تحت سيطرة القتلة والمجرمين، ومحاصرة هؤلاء الخائفين الطالبين للأمان بين أقواس الرغبات منزوعة الإنسانية، كم سيستقبل البحر المتوسط بعد من أرواح ومن أجساد؟؟!!

وهل سيكون للمضطر الهارب من جحيم لم يصنعه بشار الأسد وحده، بل شاركه في صنعه إنسان منزوع الإنسانية، مردود كما وصفه الرب إلى أسفل سافلين، .خيارٌ غير أن يجد أن بطون الأسماك في أعماق البحار أقل قسوة من غرف الملح والزنازين التي ينتهك فيها كل شيء في الإنسان..!!

منظمة الهجرة الدولية ومثيلاتها إذ تعلن..

فإنها تعلن إعلان شماتة، تسعة وعشرون ألفا قضوا في أعماق المتوسط، يا لشماتة من قال: ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين...

ويبدأها اليوم عون وبطرس الراعي في شراكتهم مع أحفاد ابن العلقمي، وغدا يقتدي على نهجهم آخرون..

ويبقى على علماء المسلمين أن يفتوا : هل ستظل لحوم أسماك المتوسط حلالا بعد أن صار أكثر غذاؤها من لحوم السوريين!!

إعادة اللاجئين السوريين إلى براثن الأسد غدر .. وحثوا في وجوه الغدارين التراب..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية