ثلاث مقدمات دخلت اليمن بعدها "مَخْسَعَة" السويد بثلاثية خاشوقجي وكوشنر وظريف

عبدالقادر الجنيد

Abdulkader Alguneid(عبدالقادر الجنيد)

مقدمة رقم ١

نشأة مسمى المجتمع الدولي والسياسة الدولية، تعود إلى فترة ما بعد عام ١٨١٥، وهزيمة نابليون ونفيه إلى جزيرة سانت هيلانة.

مسميات تعاقبت من الحلف الثلاثي المقدس إلى الحلف الرباعي إلى الخماسي إلى مبدأ ميترنيخ إلى لقاء مشترك أوروبا أو مشترك فيينا.

مسميات متتابعة في تاريخ أوروبا، تجمعها فكرة بسيطة:

"قبل أن يقرروا أن يتحاربوا يمكنهم الدعوة إلى إجتماع وتقاسم المصالح بناء على توازن القوى"

نستطيع أن نكتب ونغوص في هذا التاريخ لمدة طويلة، ولكن ما يعنينا هنا فكرة "المجتمع الدولي" فكرة معيار "توازن القوى".

تفهم هذه المقدمة الأولى، ضروري كبداية لفهم كيف أن ميزان القوى هو الذي أدى إلى "مَخْسَعَةْ" اليمن الحالية.

مقدمة رقم ٢

-

ابتدأت السعودية حرب اليمن قبل أربعة سنوات ضد إنقلاب الرئيس صالح والحوثي، وكانت تتمتع بتأييد جارف من معظم اليمنيين وبتأييد لا بأس به من كل دول العالم.

ولكن باختصار، حصل الآتي:

•الحوثي، قصر خطوط إمداده وتموينه وانسحب لمناطق يستطيع الدفاع عنها وزودته إيران بقدرة صاروخية لإيلام السعودية.

•همَّش التحالف أصدقاءه اليمنيين وغذى عوامل الفتن بينهم بحيث أصبحوا قوة صورية شكلية.

•لا ندري أسباب جبهات طفي/لصي ولكن تأثيرها المعنوي والحربي والمادي على اليمنيين جعلهم يشعرون بالسخط على الشرعية والتحالف.

•سوء إدارة المناطق المحررة

طفي/لصي للجبهات وعفن المناطق المحررة يفتح مجالا لتأويلات لا تنتهي ولكنها كلها تتراوح  بين العجز وسوء النيَّة من قبل التحالف والشرعية.

وهذه المقدمة الثانية، تشرح كيف تبلورت موازين القوى التي أدت إلى "مَخْسَعَةْ" اليمن الحالية

مقدمة رقم ٣

-

هناك تصريحات وأحاديث صحفية لولي العهد السعودي بأن حرب اليمن يمكن أن تطول كما تشاء وأن عامل الزمن هو لصالح السعودية ولا تستطيع إيران ولا الحوثية تحمل أعباء حرب طويلة.

وليس أحب على إيران ولا الحوثي من مثل هذا التفكير والكلام.

خسائر إيران والحوثي البشرية والمادية والمعنوية المباشرة وتدمير مقدرات وروح ونسيج مجتمعات اليمن، لا تعنيهم بشيئ مقابل المكاسب الهائلة التي سيحصدونها في نهاية الحروب والصراع الطويل كما حدث بالضبط في ثلاث بلدان عربية من قبل.

وحلم الحوثي هو أن يصبح إمام اليمن، وهذا بالنسبه له يستاهل دفع أي ثمن.

وكذلك المكسب العظيم لإيران والحوثي، بنزف السعودية ماليا الذي يقدر بمائة مليار سنويا، وبمقابل دفع ثمن لا يعنيهم بشيئ فالذي يدفعه هو شعب اليمن.

هذه المقدمة الثالثة، تشرح كيف أن "توازن القوى" أصبح- عمليا- بين السعودية والإمارات من جهة وبين الحوثي وإيران على الجهة الأخرى.

••بعد المقدمات الثلاث يأتي أشخاص ثلاثة- خاشوقجي، كوشنر، ظريف، وهم الذين أدخلوا اليمن وسط "المَخْسَعَة" الحالية بأيديهم مباشرة.

أولا يجب أن نشير بأننا كنا نعيش في وسطة مخاسع الوحل والطين المتتالية لعقود طويلة من الزمان، وأن حديثنا الآن هو عن المخسعة الحالية التي أوصلتنا إلى مشاورات السويد وإلى أشكال جديدة من المخساعات أو المخاسع التي سنغوص أو نغرز داخلها ما بعد السويد وما بعد بعد السويد.

•مقتل خاشوقجي

-

فاجعة هزت العالم.

قررت أمريكا وأوروبا بأن السعودية يجب أن تدفع أثمانا لنهاية خاشوقجي.

وقرر العالم بأن يكون إخراج السعودية من اليمن، هو أول عقاب لها، ولا مانع بأن يكون هزيمة لها وتقليص لسمعة وهيبة حكامها، ولكن بحيث يتم المحافظة على استقرارها ودورها كحليف للغرب في المسائل الأخرى.

وهذا أهم شيئ أوصلنا إلى مخسعة السويد

•جاريد كوشنر

-

بالرغم من امتعاض بومبيو الخارجية  وماتيس الدفاع وبولتون الأمن القومي في إدارة ترامب من التواصل المباشر والغير المسجل بين جاريد كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلا أنه مستمر بالتواصل والتشاور وتوجيه النصائح، بحسب ما كتب في مقالة طويلة قبل أيام في النيويورك تايمز.

جاريد كوشنر، هو صهير ترامب وهذا الرئيس الأمريكي لا يعجب بأحد كما يعجب بصهيره جاريد.

وصل الأمر إلى إعطائه مكتبا في البيت الأبيض كناصح للرئيس ومحرك لكل الأمور من وراء الستار.

جاريد كوشنر، نصح محمد بن سلمان بأن يتخلص من كل الصراعات التي دخل فيها في كل المنطقة.

حاول مع تركيا، ولكن الحبال مقطوعة.

حاول مع قطر، ولكن قائمة الحساب مع الأمير تميم طويلة وتحتاج لأكثر من تقبيل "الخشوم".

ولم يبق مع محمد بن سلمان إلى اليمن.

وكما لا يستطيع ولي العهد مخالفة جاريد كوشنر، فإن رئيس اليمن هادي لا يستطيع مخالفة قائد عاصفة الحزم.

وهكذا أُجبِرت شرعية اليمن إلى دخول مخسعة السويد.

•جواد ظريف

-

المكان الوحيد الذي يستطيع أن يتعامل مع إيران، هو الإتحاد الأوروبي.

الأوروبيون، يساندون إيران ضد موقف ترامب من الإتفاق النووي معها.

الأوروبيون، ينشؤون الآن نظاما ماليا للتخفيف من العقوبات الأمريكية على إيران

الأوروبيون، طلبوا من جواد ظريف وزير خارجية إيران أن يقنع الحوثي بالذهاب لمشاورات السويد.

جواد ظريف، فرح بزيارات وزراء الإتحاد الأوروبي وبطلباتهم، وعمل شيئين:

أولا: ظريف، استغل الفرصة، فأطلقت إيران تجربة صاروخ متوسط المدى يستطيع أن يصل إلى أوروبا.

ظريف كان متأكدا بأن أوروبا أو أمريكا ستسكتان ولن تعترضا لأنهما تحتاجانه مع الحوثي.

ثانيا: ظريف، أخبر الحوثي بأن الذهاب إلى السويد شيئ رائع، حيث سيتم نزع صفة المتمرد عنه وترقيته إلى طرف نزاع أمام العالم.

وهناك في السويد، يستطيع أن يعمل ما يشاء ولا يوافق على أي شيئ وهكذا سيحوله إلى هزيمة للشرعية وللسعودية والإمارات.

وشرح ظريف للحوثي بأن هذا مماثل لما حدث لأصدقاءهم في لبنان والعراق وسوريا وأنهم كلهم هم من انتصروا في النهاية.

وشرح ظريف للحوثي كيف أن الأمم المتحدة كيس فارغ وطبل أجوف بلا معنى أو قيمة وأن كل ما يمكن أن تعمله هو أن تكون حبة مهدئ للألم بدون أي شفاء أو حل لأي مشكلة.

وأكد ظريف للحوثي بأن الذهاب للسويد إنما هو حفرة طين ووحل لكل خصومه، ولا يهم أن تصبح مخسعة لكل اليمن إن استمر هو وبقى.

•الأمم المتحدة

-

لا تستحق أن نذكرها بعنوان.

لكن من باب إكمال الموضوع، فحتى الليلة السابقة لإنتهاء مخسعة السويد، لم يكن هناك إتفاق على أي شيئ.

ولكن جريفثس طبخ كلاما فضفاضا غير مفهوم بموافقة الطرفين، ويمكن لأي طرف أن يفسره كما يشاء عندما يحين وقت ما بعد مخسعة السويد في الحديدة وتعز.

وتم تصافح رئيسي الوفدين في احتفال خاسع وسط ترحيب وتهليل "المجتمع الدولي"