حول حرب الإبادة التي يشنها الروس والصفويون على حلب

* إن جريمة الحرب التي ترتكب منذ أسبوع ضد مدينة حلب إنسانا وعمرانا هي جريمة العدوان والاحتلالين الروسي والصفوي بالدرجة الأولى . وإن دور المجرم القاتل بشار الأسد في هذه الجريمة ، هو دور المحلل ، الذي يعطي للروس والشيعة الصفويين المجرمين الشرعية لكي يمعنوا في عدوانهم، على سورية الدولة والوطن والإنسان والعمران ، وكل ما هو خير وجميل في حياة السوريين.

* إن حجم الجريمة ، بكل أبعادها من حيث أنواع الأسلحة بما فيها تلك المحرمة الدولية ، وكثافة النار ، وطبيعة الأهداف ، كل أولئك يسلك هذه الجريمة في إطار جرائم الحرب ، وحروب الإبادة الجماعية، يحدث كل ذلك بخلفيات دينية صليبة ، ومذهبية طائفية ، فتشارك المحتلان المجرمان الجهد في قتل السوريين ، وتدمير بلادهم ، في أبشع أنواع حروب التطهير الديموغرافي يشهده العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين .

* إن وقوف الأطراف الدولية مكتوفة الأيدي ، ولاسيما الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، والتي أناط بها القانون الدولي حماية الأمن والسلم الدوليين ، يؤكد أن الجريمة إنما تتم بتواطئ دولي وإقليمي ، تشترك فيه مجموعة من الدول ، ما زالت تعمل للحيلولة دون أن يستمتع الشعب السوري بحقوقه الإنسانية المشروعة .

* ليس عجزا ، وليس لامبالاة من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة تمرر الجريمة الأبشع والأضخم بعد الحرب العالمية الثانية ، بدليل أنه عندما يمس ذيل من ذيول الولايات المتحدة في سورية أو في العراق فسرعان ما تهرع بأساطيلها الجوية والبحرية لإنقاذ هذا العميل ، أو تلك الفئة التي تراهن عليها ، وتستثمر في خيانتها وعمالتها . ما يؤكد اشتراك الولايات المتحدة في الجريمة والإثم.

* نعلم اليوم ويعلم كل أحرار العالم أن مسمى ( الإرهاب ) الذي اختبأ وراءه كل أشرار الأرض ، ما هو إلا صناعة مخابراتية ذرائعية رسما وجسما واسما ، ولم يكن له من حقيقة ، إلا بقدر ما نفخ فيه الأشرار المجرمون ، الذين هم الإرهابيون الحقيقيون في هذا العالم .

* إن كل الكلمات والخطب المتشحة بالاستنكار والتشاؤم واليأس والعجز التي سمعناها على منابر مجلس الأمن ، ما هي إلا جزء من الجريمة ، إنها حروف يلوكها مجرمون منافقون ، ليتظاهروا أمام شعوب الأرض أنهم ما زالوا بشرا أسوياء ، وهم في حقيقة الأمر قد ودعوا إنسانيتهم منذ عهد طويل .

* إن المعركة في سورية اليوم ، ومعركة حلب منها بشكل خاض ، هي معركة الأمة ، الأمة المسلمة في كل مدنها وقراها . وسيعلم الذين خذلوا حلب ، وصافقوا عليها ، أنهم إنما يصافقون على عواصمهم وعلى مدنهم وبلداتهم بل على غرف نومهم ، وليعلموا أن الشيعي الصفوي يزحف إليهم ، متحالفا مع الشريرين الأكبرين ، وسيعلمون يومها أي كف قطعوا ، بخذلانهم لأهل سورية ، ولمعركة حلب ، ولات ساعة مندم . إن المواقف الباهتة لدول الجامعة العربية ، ولمنظمة التعاون الإسلامي ، ولكل دول الإقليم يؤكد أن وراء الأزمة ما وراءها من استرسال مع الجريمة أو تواطؤ مع المجرمين.

* إن جريمة حرب بحجم الجريمة التي تنفذ في حلب ـ لا يعلق عليها بعبارات الإدانة والشجب والاستنكار . إن كل الجالسين على كراسي المسئولية في العالم سواء المسئولية الأممية أو المسئوليات الأساسية يتحملون وزرهم من دماء أهل سورية وأهل حلب ، وستظل الجريمة لعنة تلاحق تاريخهم ، وستدخل معهم قبورهم ، وستكتب شهادتهم ويسألون يوم يقوم الناس لرب العالمين .

* ثم إن ما يجري على الثورة السورية اليوم ـ وما جرى ويجري على أهل داريا والوعر وفي حلب أخيرا ، هو مخرج طبيعي لمدخلات سياسات العجز ، والتواكل ، والاسترسال مع الأعداء ، والتنافس على الصغائر التي مارستها قيادات المعارضة السورية بكل هيئاتها ومسمياتها . إن كل مياه المحيطات لن تغسل دم أطفال سورية عن أيدي أولئك الذين تربعوا على كراسي المسئولية ومارسوها عجزا وتواكلا وإغرقا في الثقة بالأعداء تحت عناوين الصداقة المزيفة ، والأداء السياسي المريب .

* لقد حصحص الحق ، وأسفر الصبح لذي عينين . وإن الشعب السوري الذي أصبح بعد ست سنوات من الثورة المباركة أكثر وعيا لحاضره ، وأقدر على استشراف أبعاد مستقبله ، وأكثر معرفة بأعدائه وأعدقائه سيكون قادرا على إعادة استئناف ثورته . فلا عيش ولا تعايش مع القتلة المجرمين . ولا اتكال ولا ثقة بالخاذلين والمتخاذلين ، سيمسح هذا الشعب العظيم جراحه ، وسيجدد خياراته على ضوء التجربة والخبرة حتى يأذن الله بالنصر أو أمر من عنده .

* إن الانتقال الفوري ، إلى حرب المقاومة الشعبية ، التي تحدد أهدافها ، في انتصار وطني لكل السوريين ، وفي إصرار على دحر كل المحتلين ومحاسبة كل المجرمين على ما ارتكبت أيديهم بحق الوطن الجميل والإنسان البريء ..

* أيها السوريون الأحرار الأبطال ، لقد سجلتم أروع الملاحم في سفر البطولة لقد علمتم العالم أطفالا ونساء ورجالا ، كيف يكون الفداء وكيف تكون التضحية وكيف يكون الصمود ..

* أيها المجاهدون السوريون : (( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )) وكرة بعد كرة بإذن الله ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ...

* ولا نقول إلا ما يرضي ربنا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وإنا لما ينزل بوطننا لمحزنون . ولا تزيدنا الجراح إلا إيمانا وتسليما . اللهم أدخلنا وأدخل الأحرار الأبرار من رجال سورية ونسائها وأطفالها فيمن عنيتهم بقولك : (( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ )).

* اللهم تقبل شهداءنا ، وشاف جرحانا واجبر كسر قلوبنا ، ودمر الجبابرة والطواغيت أعداء دينك ، الذين يصدون عن سبيلك ، ويحاربون دعاتك ويبغونها عوجا ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 687