علي عزت بيجوفيتش

أدباء الشام

قالوا: 

علي عزت بيجوفيتش ظهر بأربعة صور:

صورة المفكّر في كتابه الإسلام بين الشرق والغرب. 

صورة الإسلامي في كتابه الإعلان الإسلامي. 

صورة السجين في هروبي إلى الحرية. 

صورة السياسي في سيرته الذاتية.

*****************************************

قالوا عن المؤلف :*

أي رجل عظيم كان هذا الرجل؟! 

حتى مع شدة تواضعه وإنكاره لذاته والتجرد في وصف ما وقع؛ تستشفّ من السطور ثنايا عظمته، كنتُ أُحدّث نفسي خلال القراءة؛ هذه سيرتك الذاتية يا رجل تكلم قليلا عن نفسك! 

أعتقد حقيقة أنني بحاجة لقراءة كتاب آخر عن هذا الرجل يكون مؤلفه شخص آخر غير بيجوفتش نفسه، الذي على ما يبدو كان يرى نفسه ليس إلا رئيس جرى اختياره وفق انتخابات حرة . وليس رجلا فذّا استثنائيا 

لا أُبالغ إن قُلت لولاه لذابت البوسنة من الوجود في ظرف أيام، 

رجل قاد شعبه في أحلك حلقات تاريخه، شخصية تاريخية بثت الروح في حياة دولة وشعب بالكامل، شيخ في عقده الثامن منح لوطنه أسباب البقاء.

أنا كنت أستغرب مسبقا الأوصاف التي أطلقت على هذا الرجل، وكنت أتهمها أحيانا بالمبالغة، لأنه قلما نجد في هذا العصر الحديث رجل استحق ما وصف به، لكن خُلِفَت ظنوني هاهنا وأظن أن هذا الرجل استحق كل حرف مديح ناله، فيلسوف، مجاهد، رئيس دولة، بطل، داهية سياسية، إنسان.

*****************************************

قالوا عن الكتاب* 

هذه أقل السير الذاتية التي تحدث فيها مؤلفها عن نفسه، وإنما كان شغله الشاغل فيها تأريخ واقع البوسنة الصغيرة، تلك الدولة التي خذلها الجميع، وشعبها الشجاع وكفاحه ضد السفاحين الصرب والكروات. 

لقد رأت البوسنة في سنوات الحرب القليلة ما يكفي من البشاعة ليعكر ماء المحيط، ولا نعلم كيف رمق للعالم جفن بنوم وعند رأسه هذه المذابح والمآسي.

أظن أن بيجوفتش قد أوجز عندما وصف العالم بقوله "حاله هكذا", فأبلغ الوصف قاطبة هو ما تراه العين لا ما تسمعه الأذن.

واقع البوسنة تحت حكم الشيوعية، ثم تفكك يوغسلافية، خيار الحرب المرير، يوميات الحرب، المذابح والمآسي والإبادة العرقية، تجاهل العالم، المفاوضات والضغط، الإستبسال والدفاع بصدر عارٍ، تكوين الجيش البوسني من لا شيء تقريبا، كل ذلك وأكثر بكثير هي أمور تم عرضها بدقة بالغة في هذا الكتاب، والذي عرضها كان هو أدرى الناس بها، لذلك تشعر وأنت تقرأ بأنك في مبنى الرئاسة أو القاعات المغلقة أو على الجبهة أو في ساحات الأمم المتحدة.

ما قد يراه البعض عيب في هذا الكتاب وأراه ميزة له أن الكتاب مُتخم بالوثائق والخطابات والمقابلات الصحفية والمحاضرات، يقول البعض أنها حولت هذه السيرة الذاتية لجريدة ربما أو ملحق جريدة، وأقول أنها جعلت هذه السيرة الذاتية صادقة ومحايدة، فهذا كتاب يضعك في قلب الحدث ويقول لك : احكم بنفسك.

*****************************************

*مقدمة الكتاب* 

تحدث علي عزت بيغوفيتش في مقدمة كتابه عن تأليف هذا الكتاب:

  

خاصة بي وحدي، وما يتبقى هو عرض للأحداث أكثر من سيرة ذاتية، إنه وصف للأحداث التي مرت بي خلال حياتي أسوقها هنا، على أكبر درجة من الدقة والإخلاص التي يمكن أن تكون عليها الرواية الشخصية للأحداث، لا أعرف كيف تكتب المذكرات، فلقد أدركت عند قراءتي لمذكرات تشيرشل الشهيرة، أن الكاتب في هذا النوع من الأدب، وكما يقول تشيرشل نفسه، يربط سجله للأحداث العسكرية والسياسة بخيوط تجربته الشخصية، ولذلك فإن المذكرات هي دوما وجهة نظر شخصية وليست موضوعية، وإنها ليست تاريخاً، حيث إنه لا يجب أن تتم كتابة التاريخ من قبل أولئك الذين يصنعونه أو يكونون جزءاً منه، ويتألف جزء كبير من هذا الكتاب من رسائل أو أجزاء من رسائلي وخطاباتي ومقالاتي الصحفية خلال تلك الفترة، ولقد ارتأيت أن أقتبس بعضاً منها كاملة أو أجزاء طويلة منها، لأنها كانت ردود فعلي المباشرة، وتعليقاتي السريعة والفورية على الأحداث عند تكشفها. ولذلك فإني أعد ردود فعلي تلك أصدق شاهد على تلك الأحداث. ولقد كان اقتباس الرسائل والخطابات والتعليقات وسيلة لتفادي تقويم الأشياء بعد انقضائها الذي غالباً ما يطغي على الكتابات من هذا النوع. وباختصار فإن السطور التالية هي الحقيقية كما أراها حقبة صعبة من تاريخنا.

*****************************************

*كتاب : سيرة ذاتية وأسئلة لامفر منها* 

علي عزت بيجوفيتش

ترجمة: عبدالله الشناق ورامي جرادات

————

*أقسام الكتاب* 

    محتوى من حياتي .

    تاريخ البوسنة والهرسك الموجز .

    مرحلة الشباب والسجن الأولى .

    محاكمة سراييفو .

    تأسيس الحزب ومحاولة اعادة هيكلة يوغوسلافيا .

    يوميات الحرب .

    سيربرينتسا .

    الحرب والكماشة .

    يوميات دايتون .

    بعد مؤتمر دايتون .

*****************************************

وإن سيرته الذاتية .. فيها من العبر الشيء الكثير والعميق ..

فهو أوروبي صميم .. ومسلم صميم .. ومثقف صميم .. وسياسي صميم .. وقلما تجتمع هذه !

وهذا ما يجعل سيرته وكتبه مهمة لكافة الأطياف .. الحرية كانت هاجسه .. الحرية ضمن مبادئه .. مبادئه التي يستطيع أن يعيش من خلالها مع العالم الأوروبي ولا يفقدها .. يؤكد كثيرا على أننا يجب أن ننافس لا أن ننعزل ..

أن نقاوم .. لا أن ننخذل .. أن نستفيد منهم لا أن نقاطعهم ..

من طرائف الكتاب ، حين تحدث عن جاك شيراك يقول : ( قد كان شيراك على النقيض التام لسلفه فرانسوا ميتران ، .. ، أما شيراك فقد كان دائم الحراك ، وينظر في عينيك مباشرة في محاولة لإقناعك بما يقول ولذلك أخبرته مرة أنه ليس ديبلوماسيا ، فأطبق صامتا !

فسارعت إلى شرح ذلك بأن هذا ثناء فحسب، فابتسم ابتسامة عريضة).

وأنه زار الملك فهد في قصره الذي ذكره بالقصص الخيالية !

وأنه حين قابل الملاكم محمد علي كلاي في أمريكا وظهر في التلفاز وهو معه .. فلما عاد إلى البوسنة .. كان من سأله عن لقاءه مع كلاي أكثر ممن سأله عن لقاءه مع بيل كلينتون ..

وأن خصمه الألد ميلشوفتش كان دائما ثملا أو شبه ثمل !

( إنني أعيش في شقة من غرفتين ، وهي ملك للرئاسة البوسنية ، دون خدم ولا بذخ .. ولا أمتلك أي شيء سوى ممتلكات بدائية ، وليس لأولادي ممتلكات كذلك ، سوى شقق بسيطة وأثاث متواضع .. وهو ما يمتلكه نصف المواطنين في سراييفو)

هذا رئيس جمهورية البوسنة !

وفي آخر المذكرات .. يتحدث حديثا يفيض ألما وانسانية وفلسفة .. عن استقالته بعد أن وصل الخامسة والسبعين ومفاوضات طويلة .. ومعاناة مريرة .. ولحظات كان الموت أقرب فيها من كل شيء وبعد عمر مديد من الحياة السياسية .. يتحدث عن رجوعه للبيت .. عن مدرسة الطفولة .. عن عناءه مع الشيوعية في صباه ..

حديثا لا تملك عينك معه .. يقول في آخر سطر من سيرته 

( لو عُرضت علي الحياة مرة أخرى لرفضتها لكن لو كان علي أن أولد من جديد .. لاخترت حياتي)

********************************

إن ما يلفت النظر في سيرته رحمه الله ، الصلابة منقطعة النظير في أحلك الظروف .. والتماسك النفسي في أكثر الأوقات خطراً .. وعدم الانفعال .. لم يُبعد ريتشارد هولبروك - عرّاب اتفاقية دايتون- حين وصف علي عزت بقوله (كان هذا الرجل ذو السبعين خريفا يرى السياسة كفاحا مستمرا بعد قضائه ثماني سنين في سجن تيتو ، وصموده أربع سنوات في وجه هجمات الصرب ، لقد كان في عينيه نظرة باردة وبعيدة ، وبدت عيناه وكأنهما لا تكترثان ولا تتأثران بالآم الآخرين ومعاناتهم) إن التماسك الرهيب الذي يبديه علي عزت في كافة الظروف والكوارث ، إنما هو نوع من السيطرة وضبط النفس ، فقط لأجل التفكير في القضية بكامل أبعادها ، وليس من عدم تأثر أو رحمة في قلبه ، لذا تجده يعترف أكثر من مرة وفي أكثر من مقابلة بأنه لم يخطأ خطأ استراتيجيا واحد في القضية البوسنية !

ولا يمكن أن يكون ذلك القاسي ، كيف وهو بعد ما انتهى من اجتماعات مضنية وشاقة متواصلة لمدة أسابيع في روما بخصوص قضية البوسنة في أعقاب اتفاقية دايتون يقول (عدت إلى سراييفو في أواخر شهر رمضان قبل العيد بيوم واحد ، وبعد أن صلينا العيد ، صافحت ألف فرد على أقل تقدير ، وتحدثت مع نزلاء مستشفى الشلل ، والحديث معهم حديثٌ مع أناس لا أمل لهم في الحياة .. وكنت هناك لأكثر من ساعتين وأضغيت لقصصهم واحدا واحدا ، ثم ذهبت لزيارة مقبرة الشهداء .. واستمعت لقصص الأمهات والزوجات أقاربِ الشهداء .. ) ثم يتحدث عن جدوله بقية المساء .. ومدى عدم راحته من كثرة التنقل .. وفي اليوم التالي مباشرة .. يصاب بذبحة صدرية !

إن صلابة نفسه ناتجة عما تحتاجه القضية فكما قال (نحتاج الكثير من العقل والقليل من العاطفة .. والكثير الكثير من الصبر) !

يتحدث عن شعبه .. بأنه خُير بين سلام غير عادل .. وحرب غير متكافئة .. وكيف اجتاز بشعبه هذه المحنة .. ويخبرك أن مرحلة السلم بعد الحرب .. أخطر من مرحلة الحرب .. لأن المريض له غاية واحد .. هي أن يشفى من مرضه .. ولكنه حين يُشفى .. تتوالى رغباته وغاياته !

وهكذا كان الشعب في الحرب .. يبحث عن السلم فقط .. فلما جاء .. أصبح يبحث عن أشياء كثيرة !

وقد رفض اعتماد الدولار كعملة مؤقتة لستة أشهر ، حتى تنحل القضية ، ولكنه رفض رفضا قاطعا قائلا

(هذا يؤمرك المنطقة بكاملها ، وهذا لا نرضاه أبدا) .. لقد كان مأخوذا بالحرية والانعتاق له ولشعبه وحُق له .. فقد كان يقول لنفسه وهو صغير (الإسلام الذي أفهمه لا يمكن أن يرضى بالحال الذي نعيشه) !

********************************

********************************

********************************

********************************

********************************

********************************

وسوم: العدد 825