في حضرة حبيب المصريين سيّدنا أحمد البدوي... أشهر أئمة الصوفية

د. عبد الله الناصر حلمى

القطب الصوفي السيد أحمد البدوي ( أحمد بن علي بن يحيى )

هو «البدوي، شيخ العرب، الملثم، أبو الفتيان، أبو العباس، أبو فراج،

السطوحي، عيسوي المقام، القطب النبوي، باب النبي، بحر العلوم والمعارف،

الصامت، القدسي، الزاهد، جياب الأسير، العطاب، ولي الله، ندهة المضام،

محرش الحرب‏، أبو العباس، الأسد الكاظم‏»

تاريخ الميلاد: 596 هـ/1199 م

مكان الميلاد: فاس، الدولة الموحدية

تاريخ الوفاة: 675 هـ/1276 م

مكان الوفاة: طنطا، مصر، السلطنة المملوكية

مكان الضريح: مسجد أحمد البدوي

الفقه: شافعي

العقيدة: أهل السنة والجماعة

درجته: القطب الثالث

الاحتفال بمولده: النصف الأول من أكتوبر

النصف الأول من أبريل (المولد الرجبي)

أفكار مميزة: صاحب الطريقة البدوية

أحمد بن علي بن يحيى (فاس 596 هـ/1199 م - طنطا 675 هـ/1276 م) إمام صوفي

سني عربي، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب

الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء. لُقب بالبدوي لأنه كان دائم تغطية

وجهه باللثام مثل أهل البادية، وله الكثير من الألقاب، أشهرها شيخ العرب

والسطوحي.

ينتهي نسبه من جهة أبيه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب. وولد البدوي

بمدينة فاس المغربية، وهاجر إلى مكة مع عائلته في سن سبع سنوات، واستغرقت

الرحلة أربع سنوات، منهم ثلاث سنوات أقاموها بمصر. وعندما بلغ الثمانية

والثلاثين من عمره، سافر إلى العراق مع شقيقه الأكبر حسن، ورجع بعد عام

واحد إلى مكة، ثم قرر في نفس عام رجوعه, الهجرة إلى مصر، وتحديداً إلى

مدينة طنطا، لتكون موطن انتشار طريقته.

يُنسب إلى البدوي العديد من الكرامات، أشهرها ما يتداوله العامة أنه كان

ينقذ الأسرى المصريين من أوروبا الذين تم أسرهم في الحروب الصليبية،

ولذلك انتشرت مقولة في التراث الشعبي المصري هي الله الله يا بدوي جاب

اليسرى، أي أن البدوي قد جاء بالأسرى.

يُقام له في مدينة طنطا احتفالان سنوياً، أحدهما في شهر أبريل يُسمى

بالمولد الرجبي، والثاني في أكتوبر وهو الاحتفال بمولده الذي يُعد أكبر

الاحتفالات الدينية في مصر على الإطلاق، حيث يزور مسجده الكائن بقلب

المدينة أكثر من 2 مليون زائر في المتوسط خلال أسبوع.

نسبه

أجمع علماء الأنساب والمؤرخون كافة على اتصال نسب القطب البدوي بالحسين

بن علي بن أبي طالب، فهو «أحمد، بن علي، بن يحيى، بن عيسى، بن أبي بكر،

بن إسماعيل، بن عمر، بن علي، بن عثمان، بن حسين، بن محمد، بن موسى، بن

يحيى، بن عيسى، بن علي، بن محمد، بن حسن، بن جعفر الزكي، بن علي الهادي،

بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد

الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين، بن علي، بن أبي طالب».

أما بالنسبة للقب "البدوي" الذي اشتهر به، فسمي بذلك لأنه كان يشبه أهل

البادية في ملازمة اللثام. وسمّي "الملثم" أيضاً لأنه كان يغطى وجهه

بلثامين صيفاً وشتاءً.

غير أن هناك من المحققين والمؤرخين الذين يبطلون نسب البدوي وينفون صحة

نسبه للحسين بن علي، إذ لا يثبت لديهم هذا النسب. فقد ذكر فخر الدين

الرازي أن الحسن بن جعفر بن علي الهادي من المختلف في كونه أعقب أم لا،

مما يعني أن هناك قول للنسابين بأن الحسن المذكور غير معقب. فمن الذين لم

يذكروا لجعفر ابناً اسمه الحسن: الشريف بن الطقطقي والعبيدلي وابن عنبة.

أما المصادر الشيعية فلا تبطل نسب البدوي لآل البيت، بل ينسبونه إلى علي

بن جعفر الزكي وليس إلى الحسن بن جعفر الزكي، لأن الحسن لا عقب له.

مولده

ولد أحمد البدوي بمدينة فاس المغربية سنة 596 هـ/1199 م، وكان سادس

أخوته. وقد انتقل أجداده من شبه الجزيرة العربية إلى مدينة فاس سنة 73

هـ/692 م عندما زاد اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفي للعلويين.

الاحتفال بمولده

يعتبر الاحتفال بمولد البدوي من أكبر الاحتفالات الدينية في مصر، حيث

تحتفل به 67 طريقة صوفية. ويقام في منتصف أكتوبر من كل عام بمدينة طنطا

الكائن فيها ضريحه بمسجده الشهير، ويقام لمدة أسبوع وسط إجراءات أمنية

مشددة. ويتبعه الاحتفال بمولد إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق في الأسبوع

الذي يلي الاحتفال بالبدوي مباشرةً. وقد ساعد إقامة مولد البدوي كل عام

في ربط الشمال المصري بجنوبه، حيث أن كثير من أهل الصعيد لا يزورون الوجه

البحري إلا في موعد إقامة مولد البدوي، وعندما ينتهي في طنطا يذهبون إلى

دسوق للاحتفال بمولد الدسوقي.

ويقام للبدوي احتفالاً آخر يعرف بالمولد الرجبي، ويقام في النصف الأول من

شهر أبريل من كل عام، ويقام لمدة أسبوع أيضاً.

حياته

وصفه

وصف الشعراني أحمد البدوي، فقال أنه كان غليظ الساقين، طويل الذراعين،

كبير الوجه، أكحل العينين، طويل القامة، قمحي اللون، وكان في وجهه ثلاث

نقط من أثر مرض الجدري؛ في خده الأيمن واحدة وفي الأيسر اثنتان. وكان

أقنى الأنف، وعلى أنفه شامتان في كل ناحية شامة سوداء أصغر من العدسة،

وكان بين عينيه جرح، فقد جرحه ابن أخيه الحسين حين كان بمكة.

هجرته إلى مكة

في سنة 603 هـ/1206 م، عندما كان عمر أحمد البدوي سبع سنوات، هاجرت أسرته

من فاس إلى مكة في رحلة أستغرقت حوالي أربع سنوات، وقد مروا بمصر في

طريقهم، وعاشوا فيها فترة تقدر بحوالي ثلاث سنوات.

وهناك بعض القصص الصوفية تقول أن علي والد البدوي جاءه هاتف في المنام

أن: يا علي، ارحل من هذه البلاد إلى مكة المشرفة، فإن لنا في ذلك شأناً.

وقد توفي والده سنة 627 هـ/1229 م، وبعدها بأربع سنوات توفي محمد شقيق

البدوي، فلم يبقَ من إخوته الذكور أحد سوى شقيقه الأكبر حسن، وهو الذي

تولى رعايته.

وبحسب مصادر الصوفية، فإن البدوي قد لزم منذ صباه العكوف على العبادة،

وتعود الذهاب إلى مغارة في جبل أبي قبيس قرب مكة ليتعبد فيها وحده. وبقي

هكذا حتى بلغ ثمانية وثلاثين سنة من عمره، حينها قرر الرحيل إلى العراق

مع أخيه حسن سنة 634 هـ/1227 م.

الهجرة إلى العراق

طاف البدوي شمال العراق وجنوبه، وزار أم عبيدة بلدة أحمد بن علي الرفاعي

ومركز الطريقة الرفاعية، كما زار مقام عبد القادر الجيلاني. حتى اشتاق

أخوه حسن لرؤية زوجته وأولاده، فأستأذن أخاه أحمد فأذن له.

وهناك عدة أقوال في سبب ترك البدوي لمكة ورحيله إلى العراق. فقد أكد

الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق أنه لم يتصرف من تلقاء

نفسه كعادة غيره من الأولياء، وأنه رأى رؤيا تأمره بالرحيل إلى العراق.

كما ذكر آخرون أن أحمد البدوي أدرك أن مكة مع عظيم مكانتها أضيق من أن

تتسع لطموحاته وآماله، ففكر في الهجرة إلى بلد واسع الإمكانيات البشرية

والمادية، فهاجر إلى العراق، خصوصاً أنه قد عاش على أرضها العديد من

الأولياء، وقطبين من أقطاب الولاية هما أحمد الرفاعي وعبد القادر

الجيلاني.

واتجه أحمد البدوي بعد رحيل أخيه إلى لالش في شمال العراق، لزيارة ضريح

عدي بن مسافر الهكاري صاحب الطريقة العدوية، والذي يقدسه أتباع الديانة

اليزيدية ويعتبرونه إلهاً. وعندما كان بقرب الموصل حدث صراع بينه وبين

امرأة اسمها فاطمة بنت برى. وبحسب روايات الصوفية، فإن المرأة كانت غنية

وجميلة، ولكنها مغرمة بإيقاع الرجال في شباك حبها. فحاولت أن تفعل ذلك

بالبدوي لكنها لم تستطع، ثم حاولت أن تجرّه إلى الزواج بها، لكن في نهاية

الأمر يروي بعض المتصوفة أنها تابت على يديه، وعاهدته أن لا تتعرض لأحد

بعد ذلك.

قبر عدي بن مسافر في وادي لالش بكردستان العراق.

العودة إلى مكة

وبعد مرور سنة قضاها البدوي في ربوع العراق، عاد إلى مكة سنة 635 هـ/1238

م. ويذكر المتصوفة أن البدوي قد تغير تماماً في سلوكه وعبادته بعد عودته

من العراق، فأصبح يكثر من الصلاة والصيام بشكل غير معهود عليه، وأصبح

طويل الصمت، طويل النظر إلى السماء، ولا يكلم الناس إلا بالإشارات ويفضل

لزم الصمت. حتى قلقت عليه أخته فاطمة، فكانت تنبه أخاها الحسن من نومه

ليلاً تشكو إليه من حالته، ففي إحدى الروايات تقول له: ابن والدي، إن أخي

أحمد قائم طول الليل، وهو شاخص ببصره إلى السماء ونهاره صائم، وانقلب

سواد عينيه بحمرة تتوقد كالجمر، وله مدة أربعين يوماً ما أكل طعاماً ولا

شراباً.

الهجرة إلى مصر

وفي نفس عام عودته إلى مكة، قرر البدوي الرحيل إلى مصر، وبالتحديد إلى

طندتا -وهي طنطا الحالية-، وقال عدد من الصوفية منهم عبد الوهاب الشعراني

أنه لم يرجع إلى مكة، ولكنه سافر إلى مصر مباشرةً لهاتف منامي قال له: قم

يا هُمام وسر إلى طندتا. كذلك يتفق معه المناوي، ولكنه قال أن الهاتف

المنامي قد قال للبدوي: قُم (ثلاثاُ) وأطلب مطلع الشمس، فإذا وصلته فأطلب

مغربها، وسر إلى طندتا فيها مقامك أيها الفتى. وذكر المناوي أنه عندما

وصل إلى مصر، استقبله الظاهر بيبرس البندقداري بعسكره وأكرمه وعظمه، وكان

ذلك سنة 634 هـ وهذا غير صحيح، لأن الظاهر بيبرس لم يتولى حكم مصر إلا

سنة 668 هـ، وكان يحكم مصر وقتها الملك الكامل محمد بن العادل.

وقد تعددت الآراء حول قرار البدوي الهجرة إلى مصر، والاستقرار تحديداً

بمدينة طنطا، فقد قيل أنه قد يكون للبدوي فكرة عن موقع طنطا المتوسط بين

مدينتي القاهرة والإسكندرية بوسط دلتا النيل، فاستقر بها لنشر طريقته

بسهولة. وحسب مصادر الصوفية، عندما استقر البدوي بطنطا؛ أقام في دار تاجر

اسمه «ابن شحيط» ويُعرف أيضاً باسم «ركن الدين»، وسكن فوق سطح داره.

وكانت داره قريبة من مسجد البوصة، الذي يُعرف الآن بمسجد البهي. وعلل

البعض تفضيل إقامة البدوي فوق سطح الدار أنه كان يفضل العيش وسط الطبيعة،

ليرى بسهولة آيات صنع الله في السماء والأرض. وقيل أيضاً أن البدوي كان

حيياً، فاستحيا أن يعيش داخل الدار فيحد من حرية صاحب الدار وأهله، ويقل

أيضاً أن هذا لتأثره بأهل العراق لأنه عاش بينهم عاماً، فأهل العراق

قديماً كانوا يفضلون النوم فوق أسطح بيوتهم لشدة الحرارة في شهور الصيف.

وحسب مصادر الصوفية، أن البدوي أقام فوق السطح نحو اثنتي عشرة سنة، وكان

يمكث أكثر من أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب ولا ينام.

صلته بالصوفية

حسب الروايات الصوفية، كان لأحمد البدوي ميولاً نحو الزهد منذ صغره، حتى

لقبه قومه في طفولته بالزاهد. وقد لبس خرقة التصوف في فاس على يد الشيخ

عبد الجليل النيسابوري، وكان شقيق البدوي الأكبر حسن قد أخذ خرقة التصوف

عن نفس الشيخ، فأخذ أخاه الصغير أحمد إليه ليلبسه هو الآخر الخرقة.

وكان لأحمد البدوي صلة بالطريقة الدسوقية عندما استقر في مصر، فكان له

صلة وطيدة بإبراهيم الدسوقي نفسه في دسوق عن طريق مريدي كلا منهما، إذ

كان هؤلاء يتولون تبليغ ما يطلب منهم فيترددون ما بين مدينتي دسوق وطنطا،

وقيل أن البدوي بعث إلى الدسوقي ما نصه:

ومن اقوال السيد أحمد البدوي أما سمعت وعلمت أننا أخذنا العهود والمواثيق

على بعضنا؟، أما سمعت وعلمت أن الله حرّم خيرا الدنيا والآخرة على من

يفرق بيننا؟، أما سمعت وعلمت أن الله لعن من يقول هذا على طريقة وهذا على

طريقة؟، أما تعلم أن الله لعن من يقول هذا له مجلس ذِكر؛ وهذا ليس له

مجلس ذِكر؟، أما تعلم أن الله فتح على من لم يفرق بيننا؟.

وصلة السيد البدوي بسيدى ابراهيم الدسوقي تظهر أيضاً في اشتمال حزب

الدسوقي الكبير على كلمات كثيرة من حزب البدوي، وهذا يدل على وجود رابطة

روحية قوية بين هذين القطبين من وجهة نظر الصوفية.

كراماته

امتلأت كتب الصوفية بالعديد من الكرامات المنسوبة لأحمد البدوي، ويرى بعض

الصوفية كالإمام الأكبر عبد الحليم محمود أن أكبر كرامة للبدوي هي أنه قد

ربّى رجالاً، وكوّن أبطالاً مجاهدين. كذلك يرى البعض أن أكبر الكرامات هي

أن يأخذ العهد على مريده بالتوبة والرجوع إلى الله وسنّة النبي محمد.

يظهر في علم محافظة الغربية إحدى مآذن وقبة مسجد أحمد البدوي داخل الترس.

ومن أشهر الكرامات المنسوبة للبدوي، أنه كان ينقذ الأسرى المسلمين من

أيدي الصليبيين أيام الحملات الصليبية على مصر، وظل اعتقاد شائع بين

الناس أن البدوي ظل ينقذ الأسرى بعد مماته إلى عصر متأخر، حتى أنه انتشرت

مقولة بين العامة -ومازل الناس يتداولونها حتى الآن- هي: الله الله يا

بدوي، جاب اليسرى، أي أن البدوي جلاب الأسرى، وأنه لم يكف عن ذلك إلا

بطلب من «محمد سعد الدين باشا» الذي كان مديراً لمديرية الغربية في أواخر

عهد الدولة العثمانية.

ويقول بعض الصوفية، أن مسألة الأسرى تلك ترجع إلى واقعة تاريخية مشهورة،

ذلك أن وزارة الأوقاف المصرية قد أرسلت بالسيوف والدروع التي غنمها الجيش

المصري من جيش لويس التاسع، الذي أُسر في دار ابن لقمان بالمنصورة، لتخزن

في مخزن المسجد الأحمدي، فكان الدراويش وأتباع الطريقة البدوية يتقلدون

هذه الدروع والسيوف في مواكب الأحمدية، ويزعمون للناس أنهم الأسرى الذي

جاء بهم البدوي من أوروبا، فلما تقدمت الأيام، قالوا أنهم سلائل أولئك

الأسرى، وكان من الغريب أن تترك الحكومة المصرية هذه الدروع والسيوف

التاريخية نهباً للضياع في يد العامة.

عرف طريقة أحمد البدوي باسم الطريقة الأحمدية نسبة لاسمه أحمد، أو

بالطريقة البدوية نسبة إلى كنيته. وتقوم الطريقة البدوية على لبس الخرقة

من شيخ عن شيخ، والعهد بها والمبايعة، والخرقة البدوية خرقة حمراء. وبحسب

مصادر الصوفية، الراية الحمراء، اتخذها البدوي شعاراً لطريقته.

وقد وصى البدوي تلميذه المقرب عبد العال، فقال: يا عبد العال، اعلم أني

اخترت هذه الراية الحمراء لنفسي في حياتي وبعد مماتي وهي علامة لمن يمشي

على طريقنا من بعدي.

تراثه

لم يُبثت أن البدوي قد ترك أية مؤلفات أو كتباً مدوّنة، على الرغم من أن

مريديه يؤكدون أنه شكل تراثاً فكرياً ضخماً قد فقد، وأن ما بقي منه نقل

إلى مكتبات أوروبا وغير ذلك. وفي العموم يُنسب إليه قصائد شعرية، بعضها

منسوب بلسان الحال، وأخرى بلسان المقال. ولم يستطع أحد من علماء الصوفية

أن يثبت أن هذا هو شعر البدوي، لأن معظمها من الشعر الضعيف. ومن مثال

الشعر المنسوب إليه:

أنا صاحب الناقوس سلطان الهوى

أنا فارس الأنجاد حامي مكة

أنا أحمد البدوي غوث لا خفا

أنا كل شبان البلاد رعيتي

ثم الصلاة على النبي وآله

والصحب ثم التابعين وعترتي

وكذا السلام مضاعفاً عد الحصى

والرمل ما سار الحجيج لطيبةِ

ويتمثل تراث البدوي الأدبي في وصاياه لتلميذه عبد العال، وهي عبارة عن

وصايا عامة من أستاذ لتلميذه، ومن مثال ذلك: يا عبد العال؛ يقول الله

تعالى في كتابه المكنون: "إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا

والَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ". فعليك بكثرة الأذكار، واعلم أن ركعة

بالليل أفضل من ألف ركعة بالنهار. يا عبد العال أشفق على اليتيم، واكسُ

العريان، وأطعم الجيعان، وأكرم الغريب والضيفان.

وأيضاً: يا عبد العال، إياك وحب الدنيا؛ فإنه يفسد العمل الصالح كما يفسد

الخل العسل.

ونسب له بعض الأقوال مثل: سواقي تدور على البحر المحيط، لو نفذ ماء سواقي

الدنيا كلها، ما نفذ ماء سواقي.

وتنسب إليه أيضاً صلاتان وحزبان هما الحزب الصغير والحزب الكبير.

وفاته

توفي أحمد البدوي يوم الثلاثاء 12 ربيع الأول 675 هـ/24 أغسطس 1276 م

بمدينة طنطا، عن عمر يناهز 79 عاماً. وخلفه من بعده تلميذه عبد العال،

وبنى مسجده. وكان في البداية على شكل خلوة كبيرة بجوار القبر، ثم تحولت

إلى زاوية للمريدين.

ثم بنى لها علي بك الكبير المسجد والقباب والمقصورة النحاسية حول الضريح،

وأوقف لها الأوقاف للإنفاق على المسجد أثناء انفصاله عن الدولة العثمانية

وقت حكمه مصر، حتى أصبح أكبر مساجد طنطا. وقال عنه علي مبارك في الخطط

التوفيقية: إنه لا يفوقه في التنظيم وحسن الوضع والعمارة إلا قليل. وفي

عهد الرئيس السابق محمد أنور السادات، أدخلت توسعات جديدة على مسجد

البدوي عام 1975، وآخر أعمال ترميمية به كانت عام 2005.

قطب (التصوف)

القطب مركز الدائرة ومحيطها ومرآة الحق، عليه مدار العالم له رقائق ممتدة

إلى جميع القلوب الخلائق بالخير والشر على حد واحد لا يترجح واحد على

صاحبه وهو عنده لا خير ولا شر ولكن وجود ويظهر كونها خيرا وشرا في المحل

القابل بحكم الوضع عند أهل السنة وبالعرض والعقل عند بعض العقلاء.

وقد يسمى غوثا باعتبار التجاء الملهوف إليه، وهو عبارة عن الواحد الذي هو

موضوع نظر الله في كل زمان أعطاه الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في

الكون وأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيض

الأعم، وزنه يتبع علمه، وعلمه يتبع علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات

الغير المجعولة، فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل، وهو على

قلب إسرافيل من حيث حصته الملكية الحامل مادة الحياة والإحساس لا من حيث

إنسانيته، وحكم جبرائيل فيه كحكم النفس الناطقة في النشأة الإنسانية،

وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الجاذبة فيها، وحكم عزرائيل فيه كحكم القوة

الدافعة فيها.

القطبية الكبرى

هي مرتبة قطب الأقطاب، وهو باطن نبوة محمد، فلا يكون إلا لورثته،

لاختصاصه عليه بالأكملية، فلا يكون خاتم الولاية، وقطب الأقطاب الأعلى

باطن خاتم النبوة، وهو الذي يجمع الأقطاب للحضرة الإلهية الكبرى، التي

تحدث كل سنه بين الأقطاب الأربعة والله عز وجل، حيث معلوم أن الأقطاب لا

يموتون بل ينتقلون إلى البرزخ، ويتم استبدالهم في الحياة الدنيا بأقطاب

ترقية كلا حسب مكانته، حيث يقسم لهم ارزاق الخلائق في الأقطاب للقبل

الأربعة في الأرض، كلا حسب قطبيته المؤكل بها فهناك القطب للشمال المسؤول

عن القبل الشمالية للكعبة المشرفة، والقطب الجنوبي المسؤول عن القبل

الجنوبية للكعبة المشرفة. وهكذا، وهو الواضع لقدمه قوق عنق الكل من مريد

أو حوار إلى الأقطاب مرورا بجميع الأوليا زمانه والشيخ العسكري والقوس

وجميع الرتب الصوفية

مسجد السيد البدوى بطنطا بمحافظة الغربية

المسجد الأحمدي هو أكبر مساجد مدينة طنطا ومحافظة الغربية، وأشهر مساجد

منطقة الدلتا، وبلغت مساحته بعد إعادة بنائه في القرن الرابع عشر الهجري

6300 متر.

وهو مربع الشكل وهو عبارة عن صحن تحيط به الأروقة من جميع الجهات وتغطي

الصحن قبة مرتفعة، وفي الجهة الغربية للمسجد ثلاثة أضرحة أكبرها ضريح

السيد البدوي وهو الضريح الوحيد المتبقي منها الآن.

وللمسجد سبعة أبواب، أربعة بالجهة الغربية، وباب واحد بكل من الجهات

الثلاث الأخرى، وعلى الباب القبلي لوحة تشير إلى تاريخ العمارة (1320 هـ)

بدأ في القرن السابع الهجري كزاوية صغيرة للطريقة الأحمدية، وأصبح الآن

أكبر وأشهر مساجد محافظة الغربية في مصر، لم يقتصر دوره على إقامة

الشعائر والصلوات بل تحول إلى مؤسسة تعليمية مرموقة على غرار الجامعة

الأزهرية، إنه مسجد طنطا الكبير

في عصر السلطان المملوكي الأشراف قايتباي أقام مئذنة وقبة علي ضريح المسجد

في القرن الثاني عشر الهجري أقام علي بك الكبير مسجدا بجوار الضريح،

أقيمت به ثلاثة أضرحة للسيد البدوي وتلميذه عبدالعال والشيخ مجاهد إمام

المسجد، كما شيد مقصورة نحاسية لضريح السيد البدوي هي الموجودة حتى الآن،

وكذلك أنشأ سبيلا في مواجهة المسجد، وكُتابا لتعليم الأطفال اليتامى.

أوقف علي بك الكبير أرضا زراعية وعقارات للإنفاق على المسجد والعلماء

والفقراء وطلاب العلم، وأتباع الطريقة الأحمدية.

تحول المسجد الأحمدي إلى معهد للعلوم الإسلامية خلال القرن الثاني عشر

الهجري على غرار الجامع الأزهر، وكان عدد طلابه أكثر من 2000 طالب، وله

شيخ كشيخ الأزهر وبلغ قمة مجده وازدهاره خلال القرن الرابع عشر الهجري.

تم تجديد المسجد الأحمدي سنة 2008 وبلغت تكاليف عمارته 17 مليون جنيه،

وقد أجريت له عمارات وتوسعات سابقة في عصر عباس الأول ومحمد سعيد والخديو

إسماعيل وعباس حلمي الثاني والملك فؤاد،

عقدت فيه جلسة لمجلس شورى النواب سنة 1876.

في مسجد السيد البدوي مجموعة من آثاره منها مسبحته التي يبلغ طولها عشرة

أمتار وبها ألف حبة، وصنعت من خشب العود والعنبر، وتفوح منها رائحة

المسك، وأيضا عمامته ولثامه وعصاه الخشبية.

والمسجد الأحمدي تحفة معمارية وقيمة أثرية بهندسته القوية وزخارفه

الهندسية والنباتية ومشغولاته الخشبية ولوحاته الخطية المنتشرة على منبره

ومحرابه ونوافذه وأبوابه وجدرانه وقبابه.في حضرة حبيب المصريين سيّدنا

أحمد البدوي... أشهر أئمة الصوفية .

وسوم: العدد 846