شيخ المفسرين وإمام المحدثين محمد متولي الشعراوي

محمد فاروق الإمام

 

sha3rawi901.jpg

الشيخ محمد متولي الشعراوي أشهر مفسري (القرآن الكريم) في العصر الحديث وإمام هذا ‏العصر حيث كان لديه القدرة على تفسير أي مسألة دينية بمنتهى السهولة والبساطة كما أن له ‏مجهودات كبيرة وعظيمة في مجال الدعوة الإسلامية.‏

عُرف بأسلوبه العذب البسيط في تفسير القرآن، وكان تركيزه على النقاط الإيمانية في تفسيره ‏جعله يقترب من قلوب الناس، وبخاصة وأن أسلوبه يناسب جميع المستويات والثقافات.‏

يعتبر من أكثر الشخصيات الإسلامية حباً واحتراماً وتقديراً في مصر والعالم العربي ويلقب ‏‏(بإمام الدعاة).‏

ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 نيسان عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر ‏بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. وفي عام 1916م التحق ‏الشيخ الشعراوي بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر ‏والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل ‏المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا ‏لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد ‏المنعم خفاجي، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور ‏حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون. وكانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، ‏عندما أراد له والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع ‏إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات ‏وتجهيز المكان للسكن.‏

فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة ‏وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده ‏بعودته إلى القرية.‏

لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه ‏الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. فما كان أمام ‏الشيخ إلا أن يطيع والده، ويتحدى رغبته في العودة إلى القرية، فأخذ يغترف من العلم، ويلتهم ‏منه كل ما تقع عليه عيناه.‏

والتحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، ‏فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن ‏سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر الشامخة ‏في القاهرة، فكان الشيخ يزحف هو وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب مما ‏عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.‏

تخرج الشيخ عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م.‏

بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني ‏بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل ‏في السعودية عام 1950م ليعمل أستاذًا للشريعة بجامعة أم القرى.‏

ولقد اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ‏ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة ‏لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع. وفي عام 1963م حدث الخلاف بين الرئيس ‏جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى أثر ذلك منع الرئيس عبد الناصر الشيخ الشعراوي ‏من العودة ثانية إلى السعودية وعين في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن ‏مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر ‏حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت هزيمة حزيران ‏‏1967م، وقد سجد الشعراوي شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر - وبرر ذلك ‏‏(في حرف التاء) في برنامج من الألف إلى الياء بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان ‏الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم- وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديرًا ‏لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلاً للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى المملكة ‏العربية السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.‏

وفي تشرين الثاني 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند ‏إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى تشرين الأول ‏عام 1978م.‏

وبعد أن ترك بصمة طيبة على جبين الحياة الاقتصادية في مصر، فهو أول من أصدر قراراً ‏وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو (بنك فيصل) حيث إن هذا من اختصاصات ‏وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب ‏على ذلك.‏

وقال في ذلك: إنني راعيت وجه الله فيه ولم أجعل في بالي أحدًا لأنني علمت بحكم تجاربي في ‏الحياة أن أي موضوع يفشل فيه الإنسان أو تفشل فيه الجماعة هو الموضوع الذي يدخل هوى ‏الشخص أو أهواء الجماعات فيه. أما إذا كانوا جميعًا صادرين عن هوى الحق وعن مراده، فلا ‏يمكن أبدًا أن يهزموا، وحين تدخل أهواء الناس أو الأشخاص، على غير مراد الله، تتخلى يد ‏الله.‏

وفي سنة 1987م اختير فضيلته عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين). وقرَّظه زملاؤه ‏بما يليق به من كلمات، وجاء انضمامه بعد حصوله على أغلبية الأصوات (40 عضوًا). وقال ‏يومها: ما أسعدني بهذا اللقاء، الذي فرحت به فرحًا على حلقات: فرحت به ترشيحًا لي، وفرحت ‏به ترجيحاً لي، وفرحت به استقبالاً لي، لأنه تكريم نشأ عن إلحاق لا عن لحوق، والإلحاق ‏استدعاء، أدعو الله بدعاء نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أستعيذك من كل عمل ‏أردت به وجهك مخالطاً فيه غيرك. فحين رشحت من هذا المجمع آمنت بعد ذلك أننا في خير ‏دائم، وأننا لن نخلو من الخير ما دام فينا كتاب الله، سألني البعض: هل قبلت الانضمام إلى ‏مجمع الخالدين، وهل كتب الخلود لأحد؟ وكان ردي: إن الخلود نسبي، وهذا المجمع مكلف ‏بالعربية، واللغة العربية للقرآن، فالمجمع للقرآن، وسيخلد المجمع بخلود القرآن.‏

تزوج الشيخ الشعراوي وهو في الابتدائية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق ‏الشيخ على اختياره، وكان اختيارًا طيبًا لم يتعبه في حياته، وأنجب الشعراوي ثلاثة أولاد وبنتين، ‏الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة. وكان الشيخ يرى أن أول عوامل ‏نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين. وعن تربية أولاده يقول: أهم شيء في التربية ‏هو القدوة، فإن وجدت القدوة الصالحة سيأخذها الطفل تقليدًا، وأي حركة عن سلوك سيئ يمكن ‏أن تهدم الكثير.‏

فالطفل يجب أن يرى جيدًا، وهناك فرق بين أن يتعلم الطفل وأن تربي فيه مقومات الحياة، ‏فالطفل إذا ما تحركت ملكاته وتهيأت للاستقبال والوعي بما حوله، أي إذا ما تهيأت أذنه للسمع، ‏وعيناه للرؤية، وأنفه للشم، وأنامله للمس، فيجب أن نراعي كل ملكاته بسلوكنا المؤدب معه ‏وأمامه، فنصون أذنه عن كل لفظ قبيح، ونصون عينه عن كل مشهد قبيح.‏

وإذا أردنا أن نربي أولادنا تربية إسلامية، فإن علينا أن نطبق تعاليم الإسلام في أداء الواجبات، ‏وإتقان العمل، وأن نذهب للصلاة في مواقيتها، وحين نبدأ الأكل نبدأ باسم الله، وحين ننتهي منه ‏نقول: الحمد لله.. فإذا رآنا الطفل ونحن نفعل ذلك فسوف يفعله هو الآخر حتى وإن لم نتحدث ‏إليه في هذه الأمور، فالفعل أهم من الكلام.‏

مُنح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في ‏‏15نيسان عام 1976م قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر. ومُنح وسام الجمهورية من ‏الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام في يوم الدعاة.‏

حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية.‏

اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي ‏في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من ‏المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.‏

أعدت حوله عدة رسائل جامعية منها رسالة ماجستير عنه بجامعة المنيا ـ كلية التربية ـ قسم ‏أصول التربية، وقد تناولت الرسالة الاستفادة من الآراء التربوية لفضيلة الشيخ الشعراوي في ‏تطوير أساليب التربية المعاصرة في مصر.‏

جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقده كل عام لتكريم أحد ‏أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته ‏وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً، ودولياً، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.‏

للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه ‏المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات:‏

شق الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ اللغة العربية، وعرف ببلاغة كلماته مع بساطة في الأسلوب، ‏وجمال في التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر، فكان شاعراً يجيد التعبير بالشعر في ‏المواقف المختلفة، وخاصة في التعبير عن آمال الأمة أيام شبابه، عندما كان يشارك في العمل ‏الوطني بالكلمات القوية المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر أيضاً في تفسير القرآن الكريم، ‏وتوضيح معاني الآيات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان يقول (عرفوني شاعراً).‏

وعن منهجه في الشعر يقول: حرصت على أن أتجه في قصائدي إلى المعنى المباشر من ‏أقصر طريق.. بغير أن أحوم حوله طويلاً.. لأن هذا يكون الأقرب في الوصول إلى أعماق ‏القلوب. خاصة إذا ما عبرت الكلمات بسيطة وواضحة في غير نقص. وربما هذا مع مخاطبتي ‏للعقل هو ما يغلب على أحاديثي الآن للناس.‏

يقول في قصيدة بعنوان (موكب النور):‏

أريحي السمــاح والإيثـار***** لك إرث يا طيبة الأنـوار

وجلال الجمال فيـك عريق***** لا حرمنا ما فيه من أسـرار

تجتلي عندك البصائر معنى ***** فوق طوق العيون والأبصار

ويتحدث إمام الدعاة فضيلة الشيخ الشعراوي في مذكراته التي نشرتها صحيفة الأهرام عن تسابق ‏أعضاء جمعية الأدباء في تحويل معاني الآيات القرآنية إلى قصائد شعر. كان من بينها ما ‏أعجب بها رفقاء الشيخ الشعراوي أشد الإعجاب إلى حد طبعها على نفقتهم وتوزيعها. يقول إمام ‏الدعاة ومن أبيات الشعر التي اعتز بها، ما قلته في تلك الآونة في معنى الرزق ورؤية الناس ‏له. فقد قلت:‏

تحرى إلى الرزق أسبابه

فإنـك تجـهل عنـوانه

ورزقـك يعرف عنوانك

وعندما سمع سيدنا الشيخ الذي كان يدرّس لنا التفسير هذه الأبيات قال لي: يا ولد هذه لها قصة ‏عندنا في الأدب. فسألته: ما هي القصة: فقال: قصة شخص اسمه عروة بن أذينة.. وكان ‏شاعراً بالمدينة وضاقت به الحال، فتذكر صداقته مع هشام بن عبد الملك.. أيام أن كان أمير ‏المدينة قبل أن يصبح الخليفة. فذهب إلى الشام ليعرض تأزم حالته عليه لعله يجد فرجاً لكربه. ‏ولما وصل إليه استأذن على هشام ودخل. فسأله هشام كيف حالك يا عروة؟. فرد: والله إن ‏الحال قد ضاقت بي.. فقال لي هشام: ألست أنت القائل:‏

لقد علمت وما الإشراق من خلقي *** إن الذي هـو رزقي سوف يأتيني

واستطرد هشام متسائلا: فما الذي جعلك تأتي إلى الشام وتطلب مني.. فأحرج عروة الذي قال ‏لهشام: جزاك الله عني خيراً يا أمير المؤمنين.. لقد ذكرت مني ناسياً، ونبهت مني غافلاً.. ثم ‏خرج..‏

وبعدها غضب هشام من نفسه لأنه رد عروة مكسور الخاطر.. وطلب القائم على خزائن بيت ‏المال وأعد لعروة هدية كبيرة وحملوها على الجمال.. وقام بها حراس ليلحقوا بعروة في الطريق.. ‏وكلما وصلوا إلى مرحلة يقال لهم: كان هنا ومضى. وتكرر ذلك مع كل المراحل إلى أن وصل ‏الحراس إلى المدينة.. فطرق قائد الركب الباب وفتح له عروة.. وقال له: أنا رسول أمير ‏المؤمنين هشام.. فرد عروة: وماذا أفعل لرسول أمير المؤمنين وقد ردني وفعل بي ما قد عرفتم ‏؟..‏

فقال قائد الحراس: تمهل يا أخي.. إن أمير المؤمنين أراد أن يتحفك بهدايا ثمينة وخاف أن ‏تخرج وحدك بها.. فتطاردك اللصوص، فتركك تعود إلى المدينة وأرسل إليك الهدايا معنا.. ورد ‏عروة: سوف أقبلها ولكن قل لأمير المؤمنين لقد قلت بيتاً ونسيت الآخر.. فسأله قائد الحراس:‏

ما هو ؟.. فقال عروة:‏

أسعى له فيعييني تطلبه *** ولو قعدت أتاني يعينني ‏

وهذا يدلك ـ فيما يضيفه إمام الدعاة ـ على حرص أساتذتنا على أن ينمو في كل إنسان موهبته، ‏ويمدوه بوقود التفوق.‏

يقول الشيخ: وأتذكر حكاية كوبري عباس الذي فتح على الطلاب من عنصري الأمة وألقوا ‏بأنفسهم في مياه النيل شاهد الوطنية الخالد لأبناء مصر. فقد حدث أن أرادت الجامعة إقامة ‏حفل تأبين لشهداء الحادث ولكن الحكومة رفضت.. فاتفق إبراهيم نور الدين رئيس لجنة الوفد ‏بالزقازيق مع محمود ثابت رئيس الجامعة المصرية على أن تقام حفلة التأبين في أية مدينة ‏بالأقاليم. ولا يهم أن تقام بالقاهرة.. ولكن لأن الحكومة كان واضحاً إصرارها على الرفض لأي ‏حفل تأبين فكان لابد من التحايل على الموقف.. وكان بطل هذا التحايل عضو لجنة الوفد ‏بالزقازيق حمدي المرغاوي الذي ادعى وفاة جدته وأخذت النساء تبكي وتصرخ.. وفي المساء ‏أقام سرادقاً للعزاء وتجمع فيه المئات وظنت الحكومة لأول وهلة أنه حقاً عزاء.. ولكن بعد توافد ‏الأعداد الكبيرة بعد ذلك فطنت لحقيقة الأمر.. بعد أن أفلت زمام الموقف وكان أي تصد ‏للجماهير يعني الاصطدام بها.. فتركت الحكومة اللعبة تمر على ضيق منها.. ولكنها تدخلت ‏في عدد الكلمات التي تلقى لكيلا تزيد للشخص الواحد على خمس دقائق.. وفي كلمتي بصفتي ‏رئيس اتحاد الطلبة قلت: شباب مات لتحيا أمته وقبر لتنشر رايته وقدم روحه للحتف والمكان ‏قربانا لحريته ونهر الاستقلال.. ولأول مرة يصفق الجمهور في حفل تأبين. وتنازل لي أصحاب ‏الكلمة من بعدي عن المدد المخصصة لهم.. لكي ألقي قصيدتي التي أعددتها لتأبين الشهداء ‏البررة والتي قلت في مطلعها:‏

نــداء   يا بني وطني نــداء ***** دم الشهداء يذكره الشبــاب

وهل   نسلوا   الضحايا   والضحايا ***** بهم قد عز في مصر المصاب

شبـــاب برَّ لم يفْرِق.. وأدى ***** رسالته، وها هي ذي تجاب

فلـم   يجبن   ولم يبخل   وأرغى ***** وأزبد لا تزعزعـــه الحراب

وقــــدم روحه للحق مهرًا ***** ومن دمه المراق بدا الخضاب

وآثر أن يمــــوت شهيد مصر ***** لتحيا مصر   مركزها   مهاب

بدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسيره على شاشات التلفاز سنة 1980م بمقدمة حول التفسير ‏ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف وحالت ‏وفاته في16 أيار من عام 1998م، دون أن يفسر القرآن الكريم كاملاً. يذكر أن له تسجيلاً ‏صوتياً يحتوي على تفسير جزء عم ( الجزء الثلاثون ) .‏

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي موضحـًا منهجه في التفسير: خواطري حول القرآن الكريم لا ‏تعني تفسيرًا للقرآن .. وإنما هي هبات صفائية.. تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع ‏آيات.. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر.. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس ‏بتفسيره.. لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل.. وله ظهرت معجزاته.. ولكن رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم ‏أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي (افعل ولا تفعل.. ) .‏

اعتمد في تفسيره على عدة عناصر من أهمها:‏

‏1- اللغة كمنطلق لفهم النص القرآني.‏

‏2- محاولة الكشف عن فصاحة القرآن وسر نظمه.‏

‏3- الإصلاح الاجتماعي.‏

‏4- رد شبهات المستشرقين.‏

‏5- يذكر أحياناً تجاربه الشخصية من واقع الحياة.‏

‏6- المزاوجة بين العمق والبساطة وذلك من خلال اللهجة المصرية الدارجة.‏

‏7- ضرب المثل وحسن تصويره.‏

‏8- الاستطراد الموضوعي.‏

‏9- النفس الصوفي.‏

‏10- الأسلوب المنطقي الجدلي.‏

‏11- في الأجزاء الأخيرة من تفسيره آثر الاختصار حتى يتمكن من إكمال خواطره.‏

وسوم: العدد 901