الشيخ الوزير الداعية عبد الباقي جمو

عمر العبسو

zghdghhfj944.jpg

( تشرين الثاني 1922م / مايو 2016م )

هو رجل دين اسلامي ونائب ووزير أردني من أصول شيشانية. فهو من مشايخ الشركس والشيشان بالأردن.

المولد، والنشأة:

ولد الشيخ الوزير الداعية عبد الباقي جمو محمد الكيلاني الشيشاني عام 1922م في مدينة العسكر بالأردن..لأبوين من الشيشان في القوقاز..

وأمه من شيشان الجولان في سورية، والشيشان ليس اسما لقبيلة أو عشيرية بل هو اسم لبلد ( شيشينية) احدى الجمهوريات الاسلامية التي تحتلها روسية.

ويؤكد الشيخ عبد الباقي جمو أنه من أصل عربي ينتمي أجداده الى الشيخ عبد القادر الجيلاني وأن جديه الحادي عشر والثاني عشر كانا في جمهورية الشيشان حيث قدموا من بلاد العرب .

ونتيجة للاضطهاد في أيام القياصرة والثورة الشيوعية هرب الشيشان بدينهم فسكنوا تركيا وسورية ولبنان والأردن والعراق ومصر والمغرب وبلاد المهجر ويبلغ عددهم في تركيا 4 ملايين وفي الأردن 30 ألفا.

الدراسة، والتكوين:

درس مراحل التعليم المختلفة في مدارس الأردن.

ثم سافر الى مصر لاتمام دراسته في الأزهر الشريف فحصل على ماجستير وشهادة التخصص في العلوم الشريعة من جامعة الأزهر بالقاهرة وتخرج فيها 1952م ، فكان معلما مناضلا.

- التقى بعدد من العلماء فترة وجوده في مصر وكان له اتصال بعدد من علماء الاخوان المسلمين كالشيخ حسن البنا والشيخ حسن الهضيبي .

وقد انخرط في جماعة الاخوان المسلمين بعد اجتماعه بالامام حسن البنا وتدرج في المناصب القيادية الى أن صار نائبا للمراقب العام في الأردن، وكان المراقب العام وقتها المحامي الداعية محمد عبد الرحمن خليفة رحمه الله.

الا أن صلة الشيخ عبد الباقي جمو انقطعت بالاخوان تنظيميا عام 1995م حيث ترك الجماعة هو وعدد من قياداتها لوجود خلاف سياسي معهم.

وبالرغم من تركه الاخوان تنظيميا الا أنه بقي يحافظ على علاقة ودية مع رموز الجماعة ويبادلونه الاحترام.

الوظائف، والمسؤوليات:

شغل الشيخ عبد الباقي جمو مناصب عديدة في الدولة:

- رشخ الاخوان المسلمون الشيخ عبد الباقي، فانتُخب نائباً في البرلمان الأردني عن المقاعد المخصصة للشركس والشيشان في محافظة الزرقاء في 24 تشرين أول سنة 1956 م، واستمر نائبا لعقود طويلة وصارت عمامته المميزة رمزا من التراث السياسي البرلماني الأردني حيث تشير عمامته الى الشيشان والى الاتجاه الاسلامي في البرلمان.

- وعضو مجلس نواب من عام 1961..حتى عام 1963م..وترأس اللجنة القانونية لمدة 16 عاما.

وكان للشيخ عبد الباقي جولات في البرلمان، ورؤى سياسية لا تختلف عن الاسلاميين عموما حيث المنطلق الواحد ولعل أبرز قضية أشغلت وتشغل المسلمين وهي قضية فلسطين وهي خير مثال على رؤى الشيخ السياسية فطالما خطب فوق المنابر في المساجد وفي البرلمان وكان يؤيد أن لا حل الا بالجهاد..

ثم تم تعيينه وزير دولة للشؤون البرلمانية في الفترة بين 1989 - 1991 في حكومة مضر بدران.

كما شغل منصب وزير دولة للشؤون القانونية والبرلمانية سنة 1994. .في حكومة عبد السلام مجالي.

وعمل في سن التشريعات التي ترسل الى مجلس الأمة، ثم عضو مجلس الأعيان.

وأخيراً تم تعيينه في مجلس الأعيان الأردني سنة 1997.

وحصل على وسام الكوكب الأردني من الدرجة الثانية.

- صار مدير عام مدارس صلاح الدين الأيوبي الثانوية للبنين.

- ورئيس عدد من الجمعيات الخيرية.

- وعمل اماما ومدرسا وخطيبا في مسجد الزرقاء الكبير .

- كما عمل مأمورا في مديرية أوقاف الزرقاء.

كان من رموز الحركات الاسلامية السياسية منذ الخمسينات .

وكان من القيادات الحزبية الشابة آنذاك.

طلب منه رسميا استلام السلطة بجمهورية شيشان أنجوش لكنه أصر على البقاء بالأردن.

وفاته:

وفي مساء يوم الأربعاء في 11 أيار عام 2016م انتقل الى رحمة الله بعد حياة زاخرة بالعطاء والعمل الصالح وخدمة الوطن ونفع الناس، وشيعت جنازته بعد صلاة العصر يوم الخميس 12 أيار 2016م من جامع الشيشان في الزرقاء الى مقبرة الشيشان في السخنة رحمه الله تعالى.

أصداء الرحيل:

وبعد رحيله نعاه رئيس الوزراء د. عبد الله النسور واستذكر مناقب الفقيد وجهوده في خدمة الوطن وأعرب عن تعازيه لأسرة الفقيد، وطلب الرحمة له.

تشييع جثمان الشيخ عبد الباقي جمو في الزرقاء

نشرت جريدة الدستور الأردنية في الجمعة 13 أيار / مايو 2016م

الزرقاء - شيع أبناء محافظة الزرقاء بعد صلاة عصر أمس من مسجد ابي بكر الصديق في الزرقاء جثمان سماحة الشيخ عبد الباقي جمو الذي وافته المنية مساء أمس الأول.

وشارك في تشييع الجنازة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز وعدد من رؤساء الوزارات السابقين، ومحافظ الزرقاء الدكتور رائد العدوان، وعدد من الاعيان، والنواب، ووجهاء الزرقاء، حيث مثواه الأخير في مقبرة الشيشان في منطقة السخنة.

والشيخ جمو عالم من علماء المسلمين الذين تخرج على يديه تلامذة الدين وأصول الفقة والحديث، وكان مرجعا من مراجع المذهب الشافعي، وكان صاحب ملتقى أسبوعي يناقش خلاله كافة القضايا الدينية التي تدعو الى الاعتدال والوسطية.

كما نعى رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة بمزيد من الحزن والأسى النائب الأسبق فضيلة الشيخ المرحوم عبد الباقي جمو.

واستذكر الطراونة مسيرة ومناقب الفقيد وجهوده الخيرة في خدمة وطنه وأمته خلال مشاركته في العديد من المجالس النيابية كان خلالها مثالاً في الإخلاص والوفاء لوطنه ومليكه وامته مثلما كان قدوة في العطاء والبذل الموصولين.

وأعرب رئيس مجلس النواب باسمه وباسم اعضاء المجلس كافة عن تعازيه الحارة لآل الفقيد، سائلاً المولى عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته ورضوانه.

ويحمل المرحوم وسام الكوكب الاردني من الدرجة الثانية.(بترا)

جريدة الدستور

وكتب د. عمر وفيق صابر : كان الشيخ عبد الباقي دائما محط أنظار الناس فاذا تحدثت عن المرجعية الدينية في الزرقاء قالوا : هيا بنا نسأل فيمن نسأل الشيخ عبد الباقي الأزهري.

وان تحدثت عن المرجعية العشائرية وفض النزاعات قيل لك لا يحلها الا الشيخ عبد الباقي جمو .

وان تحدثت عن ملاذ المهلوف والشفاعة لأصحاب الحق قيل لك اذهب للشيخ عبد الباقي.

وأما العمل التطوعي والخيري فحدث ولا حرج اذ تجده من المؤسسين في الجمعيات الخيرية والجامعات الواعدة والمشهورة في الزرقاء كجمعية التربية الاسلامية وجامعة الزرقاء وجمعية الكتاب الاسلامي ...وغيرها.

انه وبكل معنى الكلمة يعتبر بعد الله ملاذا أمنا وظلا حانيا للطيبين.

عندما تنظر اليه يملأ السمع والبصر بطولة في الحياة السياسية والاجتماعية والدعوية وتنظر اليه وقد قارب المئة فما يزال كبيرا في هدوئه واتزانه وصبره حين يفقد الأحباب والأقارب ...داعية مثابرا لا يترك فرصة الا وينتصر للدين .

فصول غير مروية من حياة الراحل عبدالباقي جمو

05/30/2016

هنا الزرقاء - فضة العبوشي:

تروي ابنة الوزير والعين والنائب الأسبق الشيخ عبدالباقي جمو عن ابيها الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في 11 آيـار، أن زهاء 82 امراة اشهرن إسلامهن علي يديه، وأكثر منهن رجال كان بينهم ملحق ثقافي في السفارة الفرنسية لدى المملكة.

ربما يعد هذا فصلا لا يعرفه كثيرون من حياة الشيخ الذي كان أصغر خطيب يعتلي منابر مساجد الزرقاء، وهو في الرابعة عشرة من عمره، وظل مصرا على عدم مفارقة هذه المدينة التي شهدت ولادته لأبوين شيشانيين مهاجرين عام 1924، وبقي فيها حتى آخر يوم في حياته.

كان شديد التعلق بالزرقاء، هكذا تصف هيام جمو أباها الذي تخرج من الأزهر حيث درس العلوم الشرعية، وبدأ حياته الوظيفية إماما ومدرسا وخطيبا في مسجد المدينة الكبير، ثم مامورا للأوقاف، قبل أن ينخرط في العمل السياسي عبر انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين التي انفصل عنها لاحقا، ثم دخوله إلى مجلس النواب عام 1956 نائبا عن المقعد الشيشاني.

ومع استئناف الحياة النيابية في البلاد عام 1989 عقب انقطاع دام منذ العام 1974، عاد جمو إلى مقعده في المجلس ثم شغل بعدها أول مناصبه الوزارية. ولم يلبث أن عرضت عليه رئاسة جمهورية الشيشان، لكنه زهد فيها مؤثرا البقاء في الزرقاء.

وفي قرار غير معلن، كان الشيخ يعتزل العمل السياسي عام 1997، ويعتكف في مدينته متفرغا لخدمة ابنائها وللأعمال الخيرية التي جعلها ديدن حياته منذ أن وعت عيناه على الدنيا.

وتكشف هيام أحد أسرار تعلق أبيها بالزرقاء عبر إيرادها حوارا دار بينه وبين اختها الكبرى جيهان التي تقيم في عمان، حيث أشارت عليه يوما بالانتقال للسكن هناك، فما كان منه إلا أن رد عليها قائلا "يا ابنتي، ربي يسرني لأخدم الناس، واحب أن أكون حيث يستطيع أفقر شخص أن يصل إلي".

"حمل هم الناس":

بشجن، تؤكد الإبنة أن والدها الذي كان أحد أبرز مشايخ الشركس والشيشان في الأردن "حمل هم الناس طوال حياته"، وكان يؤثرهم حتى على ابنائه.

وللراحل أربع بنات، وثلاثة أولاد ذكور، وهؤلاء الآخيرين توفوا جميعهم أثناء حياته، وأكبرهم هارون.

وتستحضر هيام موقفا يلخص مدى الإيثار في نفس أبيها، قائلة إنها قصدته بعد تخرج ابنائها حتى يتوسط في توظيفهم، لكنه رفض وقال لها "ألا تعلمين أن هناك أولاد ناس تخرجوا منذ سنوات وحتى الآن لم يجدوا وظيفة؟ لم أنت مستعجلة؟ أنا في مقدوري الانفاق على أولادي وأحفادي، وأريد أن اترك مجالا للآخرين حتى يجدوا عملا".

وأكدت أنه كان يمتعض حين يسمع أن شخصا ما بنى بيتا بمئات الآلوف من الدنانير، ويقول "لو كان معي هذا المبلغ لما جمدته في الحجر، كنت سافرّج به على كثير من أبناء هذا البلد".

وتابعت هيام واصفة أباها بانه "كان حنونا..صحيح أن الأم أحن من الأب، لكن هو كان أحن من الأمهات".

وأضافت والحزن يتخلل صوتها: "لم نكن نراه كثيرا لانشغاله الدائم، ولكن اتيح لنا ذلك في السنوات الأخيرة من حياته حين مرض، وقد سمعنا منه خلالها الكثير عن أمور لم نكن نعرفها عنه، وأثارت دهشتنا.. وربما أنه لم يخبرنا بها سابقا حتى لا نغتر ويصيبنا الكبر".

واستدركت "علمنا على البساطة وزرع فينا حب الدين والناس، وأوصانا بذلك، و كان يقول لنا كونوا مثلي، فهو لا ينسى الإساءة، ولكنه يغفر للجميع".

ووصفت هيام زيارة الملك لمواساتهم بأنها "رفعت معنوياتنا وكانت لفتة جميلة جدا"، مشيرة إلى أن بيوت عزاء فتحت لوالدها في فلسطين وتركيا والشيشان، كما أقيمت عليه صلاة الغائب في مئتي مسجد.

"زرع فينا حب الهاشميين":

ذات المشاعر الجياشة التي عبرت عن الأثر الطيب والعميق في النفوس الذي تركته زيارة الملك، تردد صداها في حديث (جيهان)، الإبنة الكبرى لجمو، والتي أكدت أن "والدنا زرع فينا حب الهاشميين، ونحن مثله نحبهم كثيرا".

وأضافت (جيهان) التي أقامت مع والدها الراحل بعد وفاة زوجها قبل نحو عقد من الزمن "أنا سعيدة جدا لتمكني من البقاء معه طوال هذه الفترة والاعتناء به في مرضه، وسماع كلماته وهو يقول لي: جيهان، أنت لست ابنتي، أنت أمي".

ومن بعض وصاياه التي تذكرها ابنته الثالثة ( إلهام) أنه "كان يحثنا على حسن معاملة الناس، ويحذرنا من التعالي عليهم قائلا: ما بتعرفوا ايش مخبي الزمن، اياكم تزعلوا احد".

وقالت إلهام أن الشيخ "كان بابه مفتوحا على الدوام ولا يغلقه في وجه أحد، وكان يجير الدخيلات ومن يريدون إشهار إسلامهم، وبيته طيلة الوقت عامر بالناس وأصحاب الحاجة، وأشبه ما يكون بدائرة حكومية، لكنها تعمل على مدار 24 ساعة وليس حتى الثانية ظهرا كبقية الدوائر الحكومية".

وتكشف الابنة الصغرى ( أسماء) عن أن "هاتف البيت أيضا لم يكن يكف عن الرنين طيلة الوقت" مؤكدة أن "من أصحاب الحاجة من كان يقف بالباب منذ الساعة السادسة صباحا بانتظار استيقاظ الشيخ، حتى أني لا أذكر أنه أكمل وجبة إفطاره يوما".

وأضافت أن "الناس يعرفون أبي ومواقفه أكثر منا، فهو عاش بينهم، وكانت تمر أيام لا نراه فيها.. واللحظات المميزة لنا معه كانت قليلة، لكنه كان يمنحنا فيها حنان الدنيا. لقد كان يحبنا أكثر من روحه".

"ميزان للحكمة":

عقود أفناها جمو في العمل الخيري وإصلاح ذات البين، وامتاز بانه كان خلالها "ميزانا للحكمة"، كما يصفه المتصرف حسين الحديد مساعد محافظ الزرقاء لشؤون العشائر.

وقال الحديد أن جمو من الرجال النادرين الذين يمتلك أحدهم "الحكمة والحنكة والخبرة والعقلية المتفتحة، وينظر (للأمور) بموضوعية وأمانة"، مضيفا أنه "كان ميزانا للحكمة" ومرجعا للاستشارة في الكثير من القضايا، وصاحب حضور مميز من خلال التزامه بالحق وعدم مجاملته فيه.

وأكد أن "غياب الشيخ سيترك فراغا كبيرا، خصوصا على البعد العشائري: حيث أن كان له تاثيره الواضح على المجتمع.

وتابع الحديد أنه عندما كان يسير في إصلاح ذات البين في قضية مثل القتل أو هتك العرض أو تقطيع الوجه، ويذكر فيها اسم جمو، يجد الجميع يقولون: "انتهينا، وصلنا للحق".

وأضاف أن الشيخ "كان يمتاز بالستر في القضايا التي يتدخل فيها.. وبحيث لم تكن تصل القضية للدولة، بل تنستر سواء بزواج أو إصلاح بنفس موقع الحادث أن كان دهسا أو غيره".

ولفت إلى أنه عندما كان يتم اللجوء الى جمو لكتابة صك صلح، فإنه "يكتبه على أصوله بحيث لا تكون شروطه تعجيزية.. بل ضمن المنطق وضمن قدرات الناس".

جدير بالذكر أن شدة تواضع الراحل كانت تجعله لا يحبذ تسميته بالشيخ، وقد كشف عن ذلك خلال مقابلة أجرتها معه "هنا الزرقاء" عام 2014.

حيث قال حينها "أرفض أن يقال عني شيخ. ولما سالوني مرة لماذا ؟؟ قلت مازحا: لأن الشيخ لغة من بلغ الأربعين وفي رواية من بلغ الخمسين، وأما في اللفظ الآخر، فللشيخ تعريفه في اللغة العربية وهو من بلغ رتبة أهل الفضل و لو كان صبيا. فقلت: لا أدَّعي ولا يجوز لي أن أدَّعي أنني بلغت رتبة أهل الفضل حتى يقال عني شيخ".

- يصادف اليوم الذكرى الرابعة لرحيل مؤسـس الجمعية الخيرية للتربية الإسلامية الشيخ عبد الباقي جمو...

وننتهز هذه الفرصة للتعريف به وبمأثره وانجازاته

اتسمت حياته بالصراحة والشجاعة والدفاع عن الحق.

وحينما نذكر الزرقاء يذكرمعها الشيخ عبد الباقي جمو اذ لم تكن شهرته نابعة من كونه ممثلًا لها في البرلمان مع بداية الخمسينات من القرن الماضي فحسب، بل عرفته الزرقاء بكل جنباتها خطيبا فصيحا في مسجد الشيشان، حاضرًا في دواوينها ومجالسها ومقدَّما في جميع مناسباتها، ولا عجب أن يطلق عليه الملك الحسين -رحمه الله -" شيخ الأردن ".

للشيخ الراحل إنجازات كبيرة، نعد منها ولا نعددها، ولعل أبرزها روضة و مدرسة الجمعية الخيرية للتربية الإسلامية، هذا الصرح التربوي الرائع الذي كان للشيخ الفضل كل الفضل مع إخوان له من أهل الخير، في أن يرى هذا الصرح النور ويصبح حقيقة واقعة حية، تنشر العلم و الفضيلة والسماحة التي كانت كلها متمثلة في شيخنا الحبيب و داعيا اليها.

كلمات في وداع عبد الباقي جمو:

أحمد جميل شاكر

الاثنين  16 أيار / مايو 2016.

في موكب مهيب، ودع أبناء الأردن بالأمس القريب، واحدا من الرموز الوطنية، المخلصة، والذي وهب حياته لخدمة بلده، وجسد في شخصه، ومن خلال المواقع الكثيرة التي عمل فيها روح المحبة، والتسامح، والوقوف بقوة مع الشارع، ومع الانسان الأردني، فكان مثالا يحتذى به في احقاق الحق، ورأب الصدع، والقيام بالواجبات التي تناط به حق القيام.

فقدنا رجل المواقف، والرأي الصائب، والمدافع عن ثرى الوطن، وكرامة الانسان، فكان رحيل العلامة الفاضل سماحة الشيخ عبد الباقي جمو، عميد البرلمانيين.

واكبت مسيرة هذا الراحل العزيز منذ أن كنت أغطي جلسات مجلس النواب، في مقره في الدوار الأول في جبل عمان، وكان من أكثر النواب رقابة للحكومة وصرامة في كشف العيوب والثغرات، ويتناول أداء بعض الوزراء او الحكومة بكل شفافية، ودون اي مجاملة ودون اي حقد شخصي، او منفعة ذاتية حتى أننا كنا في احدى الجلسات المخصصة للحديث عن الخدمات الهاتفية التي تقدمها وزارة المواصلات آنذاك، كنا نستعد لأن نستمع الى خطبة نارية طويلة، وغير مكتوبة كالعادة، ونعمل على تسجيلها، لكننا فوجئنا بأن النائب الشيخ عبد الباقي جمو، يقف تحت القبة، ويقول:

أنا سأخالف كل الزملاء الذين تهجموا على وزارة المواصلات، وقالوا أن خدماتها رديئة ومتدنية، وأنني سأشيد بهذه الوزارة ووزيرها،وأقول» اذكروا محاسن موتاكم» وذلك امتثالا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان بذلك أبلغ المتحدثين ، وكانت هذه أقصر خطبة موجعة في مجلس النواب.

فقيدنا عبد الباقي جمو قدم من جمهورية الشيشان، واكتشفوا هناك الصفات النبيلة والأخلاق الحميدة والعلم الذي يتمتع به ، ناشدوه أن يصبح رئيسا لجمهوريتهم، لكنه رفض وقال أفتخر بأنني أردني من أصل شيشاني، ولا يمكن أن اعيش خارج الأردن لكنني سأعمل على خدمتكم من خلال موقعي كنائب ووزير أردني.

لم يتردد الشيخ عبد الباقي جمو وطوال سنوات عمره التي تزيد عن التسعين عاما في رئاسة الجاهات لرأب الصدع، ليس بين أبناء الشيشان أو محافظة الزرقاء ولكن بين أبناء الشعب الأردني كله، فتجده يوما في معان، ويوما في الكرك، ومرة في مخيم البقعة ومرة أخرى في البادية، وكان مع الوفد الذي يترأسه، يحل الوئام مكان الخصام، والمحبة مكان الكراهية ويتم حل معظم قضايا الدم، والدهس، والمشاجرات، لأن أحدا لا يمكنه أن يقول لأبي هارون كلمة لا...

رحل قبل أن تكرمه جامعة العلوم الإسلامية العالمية، فقد طلبني رئيسها آنذاك سماحة الدكتور عبد الناصر أبو البصل لنقيم للشيخ جمو حفل تكريم يتحدث به العديد من الشخصيات ورجالات البلد، بحكم انني كنت أشغل منصب مدير العلاقات العامة والثقافية في الجامعة لكن الدكتور ابو البصل ترك الجامعة، وتركت معه، وغاب التكريم حتى غيب الموت عبد الباقي جمو.

عندما أصبح وزيرا للدولة لشؤون رئاسة الوزراء، لم يتبدل الرجل أو يتغير كما يحدث مع الكثيرين، وبقي مكتبه يعج بالمراجعين من كل أنحاء الوطن ويقضي حاجتهم ويتابعها ويحلها شخصيا مع الوزراء والتي كانت في معظمها خدمات صحية او تعليمية او توظيفية او حل قضايا الناس ما بعد فك الارتباط.

رحم الله الفقيد الكبير واسع رحمته، وأننا نتطلع الى اهله وذويه ومحبيه وحتى الجهات الرسمية أن تنشر ما تركه عبد الباقي جمو من ارث كبير في الشؤون االدينية وفي حياته النيابية وأن يتم اطلاق اسمه على مدرسة وشارع في الزرقاء وكذلك في أمانة عمان فقد كان يترشح في كتلة نيابية عن محافظة العاصمة وينال شخصيا على الأصوات.

رحم الله الشيخ عبد الباقي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته

المراجع:

1- الموسوعة التاريخية الحرة ( ويكيبيديا).

2- موقع وكالة عمون .

3- موقع صحيفة الراي.

4- موقع جريدة الدستور.

5- مواقع الكترونية أخرى .

وسوم: العدد 944