العلامة مصطفى الزرقا

أدباء الشام

قال شيخنا العلامة مصطفى الزرقا في إحدى تراجمه الذاتية: "ومجموعة العلوم التي تلقّيتها في المدرسة الخسروية بحلب هي: النحو، والصرف، والبلاغة، والتاريخ الإسلامي، والحساب، والجغرافيا، والمنطق، والفقه الحنفي، وشرح قواعده الكلية، وأحكام الأوقاف، والفرائض (المواريث)، وعلم التوحيد، والحديث، وأصول الفقه، وأصول الحديث (المصطلح)، والتفسير، والتجويد، والإنشاء.

وقد تلقَّيت في المدرسة المذكورة على أساتيذ فيهم الفحل وفيهم الضعيف والإِنْقَحْل، وكان من فحول الأساتيذ فيها: والدي الشيخ أحمد الزرقا المختص بالفقه الحنفي والمُسْتأثر بمداركه الجمَّة الدقيقة، والشيخ أحمد أفندي المكتبي المختص بالنحو ودراسة شروح ألفية ابن مالك وحواشيها، والشيخ محمد أفندي الحنيفي المختص بالعلوم العقليَّة والآليَّة رحمهم الله تعالى جميعاً، والشيخ راغب أفندي الطباخ أستاذ التاريخ والحديث وأصول الحديث، وهو مدير المدرسة المذكورة اليوم.

وكان الحنيفيُّ لَسِناً بارعاً حسن البيان، مفتنّاً في أساليبه، شديد الإخلاص، قويَّ الذكاء.

وقد كنت أعدُّ من أكبر نِعم الله تعالى عليَّ أن رزقني في أول تفتُّح عيني وأذني على العلم هؤلاء الأساتيذ الثلاثة: والدي رحمه الله في التفقيه الصحيح، والشيخ الحنيفي رحمه الله في صَقْل الفكر وتمرينه، وقيادة منهاج البيان، والشيخ الطباخ في أفكاره الاجتماعية وتحقيقاته التاريخية.

وكم من نبوغ في نفس طالب قد دُفن في مهد نفسه؛ لأنه لم يجد أستاذاً حسن القيادة يفتح له عينيه على نور وبصر.

فمن أعظم أسباب التوفيق في نظري ممَّا يُظهر الاستعداد الكامن: أن يُرزق الطالب في أول طلبه للعلم أستاذاً كفيًّا حسنَ الأهليَّة والتوجيه، فيقود فكر الطالب قيادة تُريه مزيّة العلم وتُحبِّبه فيه وتُميِّز له الماء الشَّروب من الآسن والمشوب".

وسوم: العدد 983