الشيخ الداعية محمد بوسليماني من الميلاد إلى الإستشهاد

عمر العبسو

sdgfsgwww1010.png

( ١٩٤١ - ١٩٩٣م )

هو الشيخ الداعية الشهيد محمد بوسليماني الذي أعدمه المتطرفون في الجزائر، وهو مبتسم، ...

المولد، والنشأة:

ولد الشهيد محمد بوسليماني في 05 ماي 1941 م بحي الدردارة بولاية البليدة بالجزائر من أسرة محافظة ومجاهدة.

الدراسة، والتكوين:

حفظ القرآن الكريم وتلقى تعليمه الأول بمدرسة الإرشاد التي أسستها الحركة الوطنية وعلى طاولات الدروس جمعته الأقدار مع رفيق دربه الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله.

ومع اندلاع الثورة التحريرية انخرط فيها، وفي سنة 1957 كان الرجل مسؤولا عن مجموعة من الفدائيين وكان بيته نقطة التقاء وموئلا للمجاهدين كما كان يشرف على بعض الشباب انتقاء وتنظيما وتجنيدا لصالح الثورة وتوعية بالقضية الوطنية، وكان أيضا يساهم في حمل المؤونة وإرسالها إلى المجاهدين ونقل الأدوية والألبسة وتوزيع المنشورات.

بعد الاستقلال واصل الرجل مسيرة العلم والتربية والإصلاح واشتغل في التعليم منذ بداية الاستقلال مدرسا ومديرا.

وفي سنة 1968 التحق بالجامعة المركزية بالعاصمة وانتسب إلى كلية الآداب (قسم المدرسة العليا للأساتذة)، وبعد نجاحه في مسابقة التأهيل الجامعي وتخرج بشهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها سنة 1972 م، ليعين بعدها أستاذا بثانوية الفتح بولاية البليدة كما اشتغل كرئيسا للجنة الثقافية التابعة للولاية.

عارض النظام السياسي سنة 1976 في تبنيه للنظام الاشتراكي وكلفه ذلك الاعتقال مع الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله.

وفي جوان 1979 أطلق سراحه فواصل العمل التربوي والدعوي بالمساجد والمدارس والجامعات.

شارك وحاضر في عدة ملتقيات وطنية ودولية.

ساهم في تهدئة الأوضاع المتوترة في أحداث أكتوبر 1988 ونبه إلى مخاطر الفتنة، كما كان أحد المساهمين في إنشاء رابطة الدعوة الإسلامية.

وفي سنة 1993 زار مع وفد له البوسنة والهرسك ودامت زيارته إحدى عشر يوما زار فيها اللاجئين كما زار المستضعفين المضطهدين (بموستار) رغم صعوبة الأوضاع وخطورتها.

الشهيد بوسليماني والعمل السياسي:

بحكم مشاركته في الثورة المباركة عيّن بعد الاستقلال على رأس اللجنة الثقافية بقسمة جبهة التحرير الوطني بالبليدة، ثم أبعد عن الإشراف عليها نظرا لنشاطه الثقافي البعيد عن الخط الأيديولوجي الاشتراكي. عارض فرض ميثاق 1976 م على الشعب الجزائري المسلم الذي كان يرى فيه مخالفة لبيان أول نوفمبر الذي ينص على مشروع مجتمع ديمقراطي في إطار المبادئ الإسلامية.

فواصل نشاطه في سجون البرواقية وبوفاريك فهدى الله على يديه الكثير بشهادة إدارة تلك السجون.

الشهيد بوسليماني وجمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية

ترأس جمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية سنة 1991 م، فشهدت تحت إشرافه تجسيدا لمشاريعها القيام بنشاطات تربوية فتحت فيها الجمعية العشرات من روضات الأطفال، وكتاتيب تعليم القرآن الكريم، والورشات المهنية.

كما قامت الجمعية بالعناية باليتامى وإطعام الصائمين وكفالة المحتاجين.

فتح مكاتبا وفروعا للجمعية مست جميع ولايات الوطن.

وكان دائم التنقل والزيارة للقائمين عليها مشجعا لهم وحاثا على بذل أقصى الجهود لتحقيق مشاريعها الحضارية.

كما دعا باسم الجمعية جميع أبناء الجزائر إلى الحوار الهادئ، ونبذ التطرف الفكري والعنف بجميع أشكاله وذلك منذ أول بيان صدر عن الجمعية.

اهتم الشهيد بالشباب في التربية والتوجيه، فأقام المخيمات الصيفية التي تهدف إلى الترفيه والتكوين والتثقيف، كما كان بيته قبلة للعديد منهم طلبا للاستشارة في أمور الدين والحياة.

ساهم بنشاطه الخيري في تزويج الشباب للقضاء على العزوبية والعنوسة لما ينجر عنهما من أثار سلبية على المجتمع وبنيته.

وضع مشاريع عديدة ضمن النشاط المستقبلي للجمعية لتساهم في حل مشاكل الشباب في الجانب الاجتماعي والاقتصادي.

حارب الآفات الاجتماعية عامة، والآفات التي تفتك بالشباب خاصة كالخمر والمخدرات.

شجّع النشاطات الرياضية والأعمال الفنية الهادفة وكرم بعضا من أهلها. بذل جهدا كبيرا في توجيه الطلبة والطالبات والعناية بهم.

اهتمام الشهيد بوسليماني بالجزائر وأبنائها لم يمنعه من المشاركة الوجدانية والميدانية لأبناء الأمة العربية والإسلامية في قضاياها المصيرية، وعلى رأسها قضية فلسطين التي كان يعتبرها القضية العقيدية والمركزية لأمة العرب والمسلمين.

كما ساهم في تقديم المساعدة للشعب العراقي وتعاطف مع الكويت في محنتها، وزار المسلمين في البوسنة والهرسك في أشد أزمتها.

كما اهتم بالأقليات الإسلامية في بلاد الغرب فكان يزورها ويدعمها لتتشبث بهويتها ودينها.

الاختطاف، والاستشهاد:

كان الشهيد محمد بوسليماني شديد التأثر بما وقع للجزائر في محنتها الدموية، فلم يترك مجلسا إلا ودعا فيه إلى الصلح بين أبناء الجزائر ، مقتنعا أن الخلاف بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد لا يحل بالعنف، بل بالحوار والمحبة والتراحم، إلا أن هذا النهج لم يعجب بعض مخالفيه من الغلاة، فلم يراعوا في الرجل جهاده ولا إمامته ولا ريادته الدعوية ولا رمزيته الوطنية والعالمية، فاقتحموا عليه منزله المتواضع فجر يوم الجمعة 26 نوفمبر 1993 م بعد أن صلى الصبح وجلس مرتلا القرآن الكريم والمصحف بين يديه، فأفزعوا أهل بيته الذي طالما كان أيام الثورة التحريرية مأوى للمجاهدين، وأيام الاستقلال مثابة للدعاة والعلماء الخيرين، فاختطفوه وأرادوا منه فتوى بجواز قتل المخالفين، وما علموا أنه ليس هذا الرجل الذي يشتري الدنيا بالدين، فكان له من الله الثبات على موقفه من حرمة قتل المسلم – وهذا من المعلوم بالضرورة من الدين – فكان منهم الغدر والقتل بالسكين.

اكتشفت قوات الأمن جثته، وتأكد الأمر بعد أن عاينها وفد من عائلته والجمعية يوم الجمعة 28 جانفي 1994 م، ثم نقل جثمانه إلى مقبرة الدردارة بالبليدة يوم الأحد 30 جانفي 1994 م.

أخريات الشهيد:

وكان آخر ما كتبه كوصية :”اعتمدوا على الله وثقوا فيه فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه أدوا الفرائض، واجتنبوا نواهيه، كونوا أقوياء بأخلاقكم، أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنين، كونوا عاملين واتقوا الجدل”.

من أقوال الشهيد:

مصادر الترجمة:

١- الموسوعة التاريخية الحرة.

٢- موقع حركة حمس في الجزائر.

٣- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1010