تأملات في القران الكريم ح448 سورة البروج الشريفة

حيدر الحدراوي

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ والسماء ذات البروج في فرائضه فإنها سورة النبيين عليهم السلام كان محشره وموقفه مع النبيين والمرسلين والصالحين إن شاء الله .

بسم الله الرحمن الرحيم

وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ{1}

تستهل السورة الشريفة بقسم متسلسل (  وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ ) , البروج الاثني عشر , على اغلب الآراء . 

وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ{2}

يستمر القسم في الآية الكريمة (  وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ) , يوم القيامة . 

وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ{3}

يستمر القسم في الآية الكريمة (  وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ) , الشاهد يوم الجمعة , والمشهود يوم القيامة او هو يوم عرفة على اختلاف الآراء . 

( عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن ذلك فقال ما قيل لك فقال السائل قالوا الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة فقال ليس كما قيل لك الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم القيامة أما تقرأ القرآن قال الله عز وجل ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود . وعن الصادق عليه السلام الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والموعود يوم القيامة وفي المجمع عن الحسن المجتبى عليه السلام انه سئل عن ذلك فقال أما الشاهد فمحمد وأما المشهود فيوم القيامة أما سمعت الله سبحانه يقول يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وقال ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ{4}

تضيف الآية الكريمة (  قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ) , هو الشق الذي في الارض .   

النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ{5}

تستمر الآية الكريمة (  النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ) , اوقدوا نارا شديدة , وقودها وافر .  

إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ{6}

تستمر الآية الكريمة (  إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ) , قعودا على جانبي الاخدود على الكراسي .  

وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ{7}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) , بتعذيبهم والقاءهم في النار , ان لم يعودوا الى دينهم  , (  شُهُودٌ ) , حضور .

وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{8}

تضيف الآية الكريمة (  وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ ) , وما انكروا من المؤمنين , (  إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ) الا انهم آمنوا بالله جل وعلا , ( الْعَزِيزِ ) , الغالب , (  الْحَمِيدِ ) , المحمود في قوله وفعله . 

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{9}

تستمر الآية الكريمة (  الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , ابداعا وملكا وخلقا وتدبيرا , (  وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) , لا يخفى عليه شيء .

( عن النبي صلى الله عليه وآله قال كان ملك فيمن كان قبلكم له ساحر فلما مرض الساحر قال إني قد حضر أجلي فادفع إلي غلاما اعلمه السحر فدفع إليه غلاما وكان يختلف إليه وبين الساحر والملك راهب فمر الغلام بالراهب فأعجبه كلامه وأمره فكان يطيل عنده القعود فإذا أبطأ على الساحر ضربه وإذا أبطأ عن أهله ضربوه فشكا ذلك إلى الراهب فقال يا بني إذا استبطأك الساحر فقل حبسني أهلي وإذا استبطأك أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو ذات يوم إذا بالناس قد غشيتهم دابة عظيمة فقال اليوم اعلم أمر الساحر أفضل أم أمر الراهب فأخذ حجرا فقال اللهم ان كان أمر الراهب احب إليك فاقتل هذه الدابة فرمى فقتلها ومضى الناس فأخبر بذلك الراهب فقال يا بني إنك ستبتلى فإذا ابتليت فلا تدل علي قال وجعل يداوي الناس فيبرئ الاكمه والابرض فبينما هو كذلك إذ عمى جليس للملك فأتاه وحمل إليه مالا كثيرا فقال اشفني ولك ما هاهنا فقال أنا لا أشفي أحدا ولكن الله يشفي فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك قال فآمن فدعا الله فشفاه فذهب فجلس إلى الملك فقال يا فلان من شفاك فقال ربي قال أنا قال لا ربى وربك الله قال أو ان لك ربا غيري قال نعم ربي وربك الله فأخذه فلم يزل به حتى دله على الغلام فبعث إلى الغلام فقال لقد بلغ من امرك ان تشفي الاكمه والابرص قال ما أشفي أحدا ولكن ربي يشفي قال أو ان لك ربا غيري قال نعم ربي وربك الله فأخذه فلم يزل به حتى دله على الراهب فوضع المنشار عليه فنشره حتى وقع شقاه فقال للغلام ارجع عن دينك فأبى فأرسل معه نفرا وقال اصعدوا به جبلا كذا وكذا فان رجع عن دينه وإلا فدهد هوه منه قال فعلوا به الجبل فقال اللهم اكفينهم بما شئت فرجف بهم الجبل فتدهدهوا اجمعون وجاء إلى الملك فقال ما صنع أصحابك فقال كفانيهم الله فأرسل به مرة اخرى قال انطلقوا به فلججوه في البحر فإن رجع وإلا فغرقوه فانطلقوا به في قرقور فلما توسطوا به البحر قال اللهم اكفينهم بما شئت فانكفئت بهم السفينة وجاء حتى قام بين يدي الملك فقال ما صنع أصحابك فقال كفانيهم الله ثم قال إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما امرك به اجمع الناس ثم اصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضعه على كبد القوس ثم قل باسم رب الغلام فإنك ستقتلني قال فجمع الناس وصلبه ثم أخذ سهما من كنانته فوضعه على كبد القوس وقال باسم رب الغلام فرمى فوقع في صدغه فمات فقال الناس آمنا برب الغلام فقيل له ارأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك آمن الناس فأمر بالا خدود فخددت على أفواه السكك ثم أضرمها نارا فقال من رجع عن دينه فدعوه ومن أبي فاقحموه فيها فجعلوا يقتحمونها وجاءت امرأة بابن لها فقال لها يا امه اصبري فانك على الحق قال ابن المسيب كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه انهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام وهو واضع يده على صدغه فكلما مدت يده عادت إلى صدغه فكتب عمر واروه حيث وجدتموه ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" . 

( عن الباقر عليه السلام قال ارسل علي عليه السلام إلى اسقف نجران يسأله عن أصحاب الاخدود فأخبره بشيء فقال عليه السلام ليس كما ذكرت ولكن سأخبرك عنهم ان الله بعث رجلا حبشيا نبيا وهم حبشة فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه واسروه واسروا أصحابه ثم بنوا له حيرا ثم ملاه نارا ثم جمعوا الناس فقالوا من كان على ديننا وأمرنا فليعزل ومن كان على دين هؤلاء فلريم نفسه في النار معه فجعل أصحابه يتهافتون في النار فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر فلما هجمت هابت ورقت على ابنها فناداها الصبي لا تهابي وارمي بي وبنفسك في النار فان هذا والله في الله قليل فرمت بنفسها في النار وصبيها وكان ممن تكلم في المهد ) . "تفسير العياشي " .

( كان سببهم إن الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذو نواس وهو آخر من ملك من حمير تهود واجتمعت معه حمير على اليهودية وسمى نفسه يوسف وأقام على ذلك حينا من الدهر ثم اخبر ان بنجران بقايا قوم على دين النصرانية وكانوا على دين عيسى عليه السلام وعلى حكم الانجيل ورأس ذلك الدين عبد الله بن برياس فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهودية ويدخلهم فيها فسار حتى قدم نجران فجمع من كان بها على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها فأبوا عليه فجادلهم وعرض عليهم وحرض الحرض كله فأبوا عليه وامتنعوا عن اليهودية والدخول فيها واختاروا القتل فاتخذ لهم اخدودا وجمع فيه من الحطب وأشعل فيه النار فمنهم من احرق بالنار ومنهم من قتل بالسيف ومثل بهم كل مثلة فبلغ عدد من قتل واحرق بالنار عشرين ألفا وأفلت رجل منهم يدعى دوس ذو بغلتان على فرس له وركضه واتبعوه حتى اعجزهم في الرمل ورجع ذو نواس إلى ضيعة من جنوده فقال الله قتل أصحاب الا خدود إلى قوله العزيز الحميد ) . "تفسير القمي" .   

إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ{10}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) , بالأذى والقتل والاحراق , (  ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) , من فعالهم , (  فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ) , النار المستعرة , وهو صورة من عذاب اول سببه كفرهم , وهو ثابت في الاخرة , (  وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) , عذاب الاحراق , وهو صورة لعذاب اخر, وسببه احراقهم وآذاهم للمؤمنين , ويرجح انه في الدنيا , حيث ان اصحاب الاخدود احترقوا بنارهم التي اوقدوها لحرق المؤمنين . 

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ{11}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , آمنوا بالله تعالى وقرنوا ايمانهم بالعمل الصالح , (  لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) , لهم عند ربهم في الجنة بساتين ذات انهار كثيرة ووافرة , (  ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) , لا فوز يضاهي ذلك الفوز , يصغر ازاءه كل فوز في الدنيا , مهما بلغ من الدرجات .

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ{12}

تستمر الآية الكريمة مقررة ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) , ان انتقام الله تعالى من الكفار شديد , مضاعف , فأن البطش هو الاخذ بعنف .    

إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ{13}

تضيف الآية الكريمة (  إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ ) , الخلق , (  وَيُعِيدُ ) , ويعيده . 

وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{14}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَهُوَ الْغَفُورُ ) , كثير المغفرة للتوابين والمستغفرين , (  الْوَدُودُ ) , كثير التودد لأوليائه .  

ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ{15}

تضيف الآية الكريمة (  ذُو الْعَرْشِ ) , موجده وخالقه ومالكه , (  الْمَجِيدُ ) , العظيم في ذاته وصفاته . 

فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{16}

تستمر الآية الكريمة (  فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) , يفعل ما يريد , لا يعجزه شيء , ولا يمتنع عنه مراد .  

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ{17}

تستمر الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ) , وهم الجموع الكافرة , التي اتخذت على عاتقها محاربة الرسل والانبياء "ع" .  

فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ{18}

تستمر الآية الكريمة (  فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ) , من جملة من كذب الرسل فرعون وقومه , وكذلك ثمود , وقد خبرت ما جرى لهم بسبب تكذيبهم للرسل . 

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ{19}

تضيف الآية الكريمة (  بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ ) , بل الكفار في تكذيب مما جئتهم به , ماضون مستمرون على سيرة الكفار من الامم السابقة , وسيحيق بهم ما حاق بتلك الامم . 

وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ{20}

تضيف الآية الكريمة (  وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ ) , لا يعجزونه , ولا يفوتونه , ولا عاصم لهم منه جل وعلا . 

بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ ) , كتاب شريف , وحيد فريد في النظم والمعاني . 

فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ{22}

تختتم الآية الكريمة (  فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) , من التحريف والتبديل . 

وسوم: العدد 869