فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً

عبد المعز الحصري
hosry2007@hotmail.com 
قال الله تعالى 
"  مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "  (97) النحل
 
جاء في تفسير " فلنحيينّه حياة طيبة "  
 
 1-  في تفسير القرطبي  ج 10 ص 174  
-  
إنه الرزق الحلال 
،   قاله ابن عباس و غيره  .   
-  
القناعة  ،  قاله
الحسن البصري و قول علي ابن أبي طالب  رضي الله عنه          
-  
توفيقه إلى الطاعات
فإنها تؤديه إلى رضوان الله   ،  قا ل معناه الضحاك  
-  
و قيل السعادة  ، روي عن ابن عباس أيضاً . 
-  
و قال أبو بكر الوراق : هي حلاوة الطاعة  .  
-  
و قال جعفر الصادق :
هي المعرفة بالله و صدق المقام بين يدي الله  
و قيل الاستغناء عن الخلق و الافتقار إلى الحق .  
 و قيل الرضا بالقضاء  
2-  في   تفسير الطبري ج 17 ص 290 – 293             
قال ابن عباس ( الرزق الطيب في الدنيا  )  
قال الضحاك : الرزق الطيب الحلال . 
و قال الضحاك : يأكل حلالاً و يلبس حلالاً . 
و قال آخرون : بأن نرزقه القناعة . 
و قال آخرون : بل معنى ذلك الحياة في الجنة . 
3- وفي تفسير  ابن كثير ج4  ص601  
 و الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة  من أي جهة كانت   
 4- في ظلال القرآن يقول سيد قطب رحمه الله : أن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه
حياة طيبة في هذه الأرض ، لا يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال ،  فقد تكون به و
قد لا يكون معها ،  و في الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب به الحياة في
حدود الكفاية  ، فيها الاتصال بالله و الثقة به        و الاطمئنان إلى رعايته و
ستره  ورضاه ،  و فيها الصحة و الهدوء و الرضا و البركة و سكن البيوت و مودات
القلوب ،  و فيها الفرح بالعمل الصالح     وآثاره في الضمير و آثاره في الحياة ،
 وليس المال الا عنصرا واحدا  يكفي  منه القليل حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى
وأبقى عند الله ،   وأنّ الحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص من الاجر الحسن عند الله
،  وأنّ هذا الاجر يكون على أحسن  ماعمل المؤمنون العاملون في الدنيا ،  ويتضمن هذا
تجاوز الله لهم عن السيئات فما أكرمه من جزآء وما أحسنه من عمل .   
5- في تفسير الرازي  ج 9  ص462      
يقول الرازي – رحمه الله – ان عيش المؤمن في الدنيا أطيب
من عيش الكافر لوجوه
 
الأول
: أنّه لما عرف أنّ ّرزقه انما حصل بتد بير الله تعالى ،  وعرف أنّه تعالى محسن
كريم لايفعل الا الصواب ،  كان راضيا بكل ماقضاه وقدره ،  وعلم ان ّمصلحته في ذلك ،
أما الجاهل فلا يعرف هذه الاصول ،  فكان أبدا في الحزن والشقاء  
وثانيهما
: أنّ  ّالمؤمن أبدا يستحضر في عقله أنواع المصائب والمحن ويقدر وقوعها  ، وعلى
تقدير وقوعها يرضى بها ، لأن الرضا بقضاء الله تعالى واجب ، فعند وقوعها لايستعظمها
،  بخلاف الجاهل فانه يكون غافلا عن تلك المعارف ، فعند وقوع المصائب يعظم تأثيرها
في قلبه ،  
وثالثهما
: أن قلب المؤمن منشرح بنور معرفة  الله تعالى ، والقلب اذا كان مملوءا من هذه
المعارف لم يتسع للأحزان الواقعة بسبب أحوال الدنيا ، أما قلب الجاهل فأنّه خال عن
معرفة الله تعالى ، فلا جرم يصير مملوءا من الأحزان الواقعة بسبب مصائب الدنيا ،
 
ورابعها
: أنّ المؤمن عارف بأن خيرات الحياة الجسمانية خسيسة ،  فلا يعظم فرحه بوجدانها 
وغمه بفقدانها ، أما الجاهل فانه لايعرف سعادة أخرى تغايرها فلا جرم يعظم فرحه
بوجدانها وغمه بفقدانها ،  
وخامسها
: أنّ المؤمن يعلم ان خيرات الدنيا واجبة التغيير سريعة التقلب  فلولا تغيرها
وانقلابها لم تصل من غيره اليه   .   انتهى  
 قال عبد المعز الحصري : ان حياة المؤمن مع الله تعالى ( بأنواع العبادات ) بمرتبة
الاحسان لهي من أكبر نعم الله على عبده واسعاده له  ولهي الحياة الطيبة بحقيقتها ،
 فعين السعادة وكمالها هي في الجنة قال الله تعالى " وأما
الذين سعدوا ففي الجنة " ، أما في الدنيا فكلما أخلص المؤمن  في العبادة وجد
حلاوة لها ،  فيسعد بذلك  فقد يجد السعادة في الصلاة ( لو علم الملوك مانحن فيه في
الصلاة من  سعادة لحاربونا عليها ) ، أو في الانفاق أو في  الخلوة مع الله أوفي
 الجهاد في سبيله (فزت ورب الكعبة )  فكمال السعادة في كمال التقوى ،”اتقوا
الله حق تقاته"  
عندها تغلب الروح على الجسد فلا يشعر المؤمن  با لتعب والكسل  في الطاعة  وقال بعض
السلف : ( من جهل فضائل الأعمال ثقلت عليه في كل الأحوال ) ، ولقد كان من دعا ئه
صلى الله عليه وسلم  بعد الصلاة " اللهم أعني على ذكرك
وشكرك وحسن عبادتك "  وكان من دعاء  سيدي الوالد الشيخ أحمد الحصري – رحمه
الله تعالى - في صلاة الفجر(... وأقمنا بصدق العبودية بين يديك ...)  ، قلت: وصدق
العبودية تسبقها معرفة الله تعالى وتليها خشية الله ومحصلة ذلك ونتيجته تقدير العبد
لربه واجلاله حق قدره وجلاله وعظمته  ، والله أعلم   ، قال بعض العارفين : يموت
الناس ولايذوقون أطيب مافي الدنيا ، قيل وما أطيب مافيها ، قال معرفة الله . 
 
 وصلى الله وسلم- على أسعد مخلوقاته – سيد نا محمد  وآله
وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين. 
     
 
       
![]()