أبونا آدم عليه السلام
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
القصة الأربعون
أبونا آدم عليه السلام
   
د.عثمان قدري مكانسي
   
   
   othman47@hotmail.com 
هذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله أصحابه يسألونه عن الأنبياء الكرام وصفاتهم
الخُلُقية والخَلْقية ، وعن أقوامهم ، ومن صدّقهم ، ومن كذ ّبهم ... ورسول الله صلى
الله عليه وسلم يجيبهم ، ويزيدهم ما ينفعهم ، ويشحذ قرائحهم ، ويقوّي الإيمان في
نفوسهم ، ويُطَيـّبها . 
قال
عليه الصلاة والسلام : 
خُلِق آدم وطوله ستون ذراعاً .. إنها قامة فارعة ، تسامق الأشجار العالية طولاً ،
وتسمو على الحصون والقلاع ارتفاعاً . 
 قالوا : يا رسول الله ؛ فما بالنا أقصر منه بكثير ؟. 
قال
عليه الصلاة والسلام : لم يزل الخلق ينقصون جيلاً بعد جيل حتى وصلنا إلى ما نحن
عليه .  
قالوا : فكيف يكون المؤمنون في الجنة إزاءه عليه السلام  والأجيال السابقة ؟. 
قال
عليه الصلاة والسلام : كل من يدخل الجنة يدخلها على صورة أبيه آدم . 
  
ثم أردف قائلاً :  
لما
خلق الله تعالى آدم نفخ فيه الروح فعطس ، فألهمه الله تعالى حمده ، فقال : الحمد
لله . 
فقال له ربه : يرحمك الله . 
فذهب الحمد والرحمة أدباً عالياً يعيشه المسلمون في مجتمعاتهم ، فيكون حمد الله
ورحمته شعارهم ومآلهم ، فإذا عطس أحدكم ، فحمد الله فشمّتوه ، واطلبوا له الرحمة
والهداية ، فهذا من سنّتي .  
قال
عليه الصلاة والسلام : ثم قال الله تعالى لآدم :  
اذهب فسلم على أولئك الجلوس من الملائكة ، وقل لهم : السلام عليكم .  
فذهب فسلم عليهم ( السلام عليكم ) ، فقالوا له : وعليك السلام ورحمة الله . 
قال
تعالى : يا آدم ؛ أوَعَيْت ردّهم ؟  
قال
آدم : نعم ؛ يا رب .  
قال
تعالى : فإنها تحيتك وتحية ذرّيتك .... إنك سلمتَ عليهم ، فردّوا عليك السلام ،
وزادوك إكراماً ، فسألوني أن أرحمك ، فلك ذلك . 
وقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم : " وإذا حُيّيتُم بتحية
فحيوا بأحسن منها أو رُدّوها "  
قال
عليه الصلاة والسلام بعد أن رأى أصحابه منتبهين ، يتلقَّون كل كلمة بأُذُن واعية
وقلب محبّ : ثم إن الله تعالى مسح على ظهر آدم ، فسقط من ظهره كلُّ نَسَمة هو
خالقها من ذريّة آدم إلى يوم القيامة ، وجعل بين عينَيْ كل إنسان منهم بصيصاً من
نور ، ثم قبضها بيده سبحانه . 
قالوا : وكيف يقبض سبحانه الأمورَ بيده ؟. 
قال
عليه الصلاة والسلام : إن الله تعالى يقبض الأشياء كيف شاء ، متى شاء ، من غير
تكييف ولا تمثيل – سبحانه – ليس كمثله شيئ ، وهو السميع البصير . 
قالوا : آمنّا بالله سبحانه ، وتعالى ربنا عن الشبيه والمثيل، ليس كمثله شيء وهو
السميع البصير . 
قال
عليه الصلاة والسلام : فقال الله ويداه مبسوطتان : اختر أيهما شئت . 
قال
آدم بأدب جم علمه إياه ربه : اخترتُ يمين ربي ، وكلتا يدي ربي  
يمين مباركة . 
فيبسط الله تعالى يده ، فإذا فيها آدم وذريته .... 
قال
آدم : أيْ ربّ ؛ ما هؤلاء ؟ 
قال
تعالى : هؤلاء ذريتك . 
وينظر آدم عليه السلام إلى ذريته ، فإذا كل إنسان مكتوب عمُره بين عينيه . 
 ويلوح له فيهم رجل من أضوئهم ، فيخفق له قلب آدم حباً  ، 
 فيقول : يا ربّ ؛ من هذا ؟  
فيقول الله عز وجلّ : هذا ابنك داود ، قد كتبت له عمُر ستين سنة .  
فيقول آدم : ربّ ؛ زد في عمُره ؟. 
فيقول الله تعالى : هذا ما كتبت له ، وقدّرت. 
فيقول آدم : كم كتبت لي من العمر ؛ يا رب ؟   
فيقول الله تعالى : ألف سنة . 
فيقول آدم : أيْ ربِّ ، فإني قد جعلت له من عمري أربعين سنة .  
فيقول الله تعالى : قد أجزت لك ذلك . 
فيًقدّر لداود مئة عام . 
كل
شيء مقدّر ومكتوب ... صُنع الله الذي خلق كل شيء ، فأحسن خلْقه ، وأبدعه وقدّره ،
وهو يفعل ما يشاء ... يمحو الله ما يشاء ويُثبت ، وعنده أمّ الكتاب . 
قال
عليه الصلاة والسلام :   ويسكن آدم وزوجه الجنة ماشاء الله .... 
 ويشاء الله أن يبتليه بعد ذلك ، فيأكل وحواء من الشجرة المحرّمة ، ثم يهبطان منها
.  
فكان آدم عليه السلام يَعُدّ لنفسه عمرها ...... 
 فلما أتاه ملك الموت يريد استيفاء روحه قال له آدم :  
قد
عجلتَ ؛ قد كُتب لي ألف سنة ، فها انت تأتي قبل أربعين سنة .  
يقول له ملك الموت : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود أربعين سنة ، فصارتْ إليه . 
فجحد آدم ما جعله لداود ، وكان جحوده نسياناً ، وورث أبناؤه صفات أبيهم ، فجحدوا
كما جحد ، ونسوا كما نسي ، فأمر الله تعالى بالكتابة والشهود ليواجه بها جحود
الجاحدين ونسيان الناسين . 
1-  
البخاري المجلد الثاني الجزء /4/ 
كتاب : بدء الخلق  
باب
قوله تعالى  
"
وإذ قال ربك للملائكة  ....." 
2-
سنن الترمذي ج3ص 52 
        
        
	
	![]()