مالا يمكن حسابه ، في المعادلات السياسية والعسكرية : قوّة الله .. ومع مَن تكون!؟

عبد الله عيسى السلامة

كل عنصر، من عناصر القوّة البشرية: السياسية، أو العسكرية، أو الاقتصادية.. يمكن حسابه، اليوم !

 حتى نيّات العقلاء ، يمكن التكهّن بها ، وبالحدود التي يمكن أن يفكر بها أصحابها، على ضوء مالديهم ، من قوى وأمكانات ، للفعل السياسي أو العسكري ..!

 ( أمّا الحمقى ، فيصعب التكهّن بطرائقهم ، في حساب القوى ، وفي الأفعال التي يمكن أن يقدموا عليها ! إلاّ أن حماقاتهم ، وحدها ، كفيلة بمنح أعدائهم ، القدرة على قهرهم ) !

حين خرج المشركون ، لمحاربة المسلمين ، في معركة بدر، التقى أبو جهل ، بأحد أقاربه ، في الطريق ، فقال له قريبه : علمنا أنكم خارجون ، لقتال محمّد وأصحابه، ونحن مستعدّون ، لتقديم ماتحتاجون ، من عون !

 فقال أبو جهل : وصَلتك رحِم ، ياابن عمّ .. إذا كنا نحارب محمّدا وجنده ، فما بنا من قلة ، وإن كنا نحارب الله ، فلا قبل لأحد ، بمحاربة الله !

 تلك رؤية مشرك ، يعرف قوّة الله ، لكن لايعرف ، مع مَن تكون !

دعاء رسول الله ، في معركة بدر:

(اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلاَئِهَا وَفَخْرِهَا، تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ فَنَصْرُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ أَحْنِهِمُ الْغَدَاة ) أي : أهلكهم / الحَين : الهلاك .

وروي عن أبي جهل ، أنه دعا ، في المعركة ، قائلاً : اللهمّ أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا يعرَف فأحِنه الغداة -  "أي : فأهلكه .

 أمّا نابوليون بونابرت ، فقال : إن الربّ ينصر، الجانب الأقوى عتاداً !

 وتلك رؤية قائد عسكري ، يعتمد على القوّة البشرية ، وحدها ، ويحارب قادة مثله ، في اعتمادهم على القوّة البشرية !

 أمّا ميزان الله ، فمختلف ؛ إذ يقول سبحانه : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ..) !

وقد أمد ّالمسلمين ، في بدر، بآلاف من الملائكة ، تقاتل معهم !

وفي معركة الخندق ، سخّر الريح ، لتهدم خيام المشركين ، وتقلب قدورهم !

 وفي حنين ، نظر أحد المسلمين ، في الجيش ، فأعجبته كثرته ، فقال :( لن نُغلب اليوم من قلة) فسلّط الله عليهم ، عدوّهم ، فداهمهم ليلاً، وفرّق جمعهم ! ولم يثبت سوى رسول الله ، ونفر قليل معه ، في المعركة ! ثمّ انحسر تأثير المفاجأة ، وعاد المسلمون إلى القتال ، بعد أن أمر رسولُ الله ، عمّه العبّاس ، بتوجيه نداءات قويّة، إلى المقاتلين .. وقلب الله الهزيمة نصراً ، وأنزل قرأناً ، في الحادثة : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)

فهل أدركت الشعوب المقهورة ، في بلاد المسلمين ، معنى قوّة الله ، التي لايمكن حسابها، في المعادلات الأرضية ، ولايمكن التغلّب عليها .. مع إعداد المستطاع ، من القوة الأرضية ، ولوكان قليلا: ( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ..) !

وهل انتصر المسلمون ، في أيّة معركة خاضوها ، بقوّتهم الذاتية ، دون الاستعانة بقوّة الله !

 إنها تذكرة ..!

وسوم: العدد 712