خواطر فؤاد البنا 820

أ.د. فؤاد البنا

ما أسوأ أن يروي المرءُ أرضَ حاضره ومستقبله بسراب الأحلام والأماني، إذ ستظل حياته تعاني من القحط والجفاف، نتيجة شُحّ مياه الإرادات والأعمال.

******************************

الحركة الحوثية شجرة الزقوم التي نبتت مثل سابقاتها في تربة الفكر العنصري وثقافة التخلف،  فإن لم يتم اقتلاعها من الجذور ومعالجة تربة القابلية لها بالتربية وما لم يتم تجفيف منابعها الفكرية؛ فإنها حتى لو انهزمت عسكريا ستعود للانبثاق من جديد، وسيظهر في كل مرحلة شيطان يتأبّط شراً ويحمل لليمنيين الموت الزؤام، فماذا فعل المعسكر الجمهوري في هذا المضمار؟ وماذا ينبغي أن يفعل الأحرار؟

******************************

لا تستغربوا من كل هذا الصلف والإجرام الحوثي، فإن (استراتيجية الحوثيين) إنما تقتات على (تكتيكات التحالف) قصيرة النظر، وللأسف فإن الشرعية لم تعد سوى آلة بيد التحالف لا تملك من أمرها شيئا!

******************************

إن الوحي السماوي قد صاغه من يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون؛ ولذا فإنه صالح لجميع الناس في كل زمان ومكان، ولكن بشرط أن ينظروا إليه بأعينهم لا بأعين غيرهم، وأن يتأمّلوه بعقولهم لا بعقول من سبقهم، وأن يروه من نافذة زمنهم لا من نوافذ الأزمان التي سبقتهم، ففي كل نافذة ما يلبي حاجة الناس في ذلك الزمن!

******************************

اللهم وفّقْ حكماء السودان على إيصال سفينة وطنهم إلى شواطئ السلامة والأمن والإيمان، وأعِنهم على إرسائها في مرافئ  العدل والكرامة والعيش الرغيد. اللهم جنِّب سفينة السودان دوامات التفرق الداخلي وأمواج التدخلات الخارجية.

******************************

لا ينكر عاقل أن هناك الكثير من الأعمال التي يبتغي أصحابها بها تحرير الأمة من التبعية المقيتة وتمكينها من النهوض الحضاري، لكن أكثرها ما تزال بحاجة إلى حَقْنٍ بإكسير الوعي وترياق الإخلاص.

******************************

لقد وضعت الثورات المضادة الكثير من المنايا في طريق السائرين نحو المُنَى بالحرية والكرامة والعدالة والعيش الكريم، لكن كتائب الرجولة وألوية التضحية ستُثمر الفجر المنشود، طال الزمن أو قصر.

******************************

لن يغرق هذا الوطن ما دامت فيه طائفة تلبي نداءه فتضع أرواحها في راحات أيديها، وتجعل راحتها في خدمة الضعفاء والمساكين.

******************************

إن تَجرّعَ (كؤوس الصبر) العلقمية يُمكّن أصحابه من احتساء (أكواب النصر) العسلية.

******************************

كلما كثرت (أماسِيُّ الغفلة)؛ اتسعت (مآسيُّ الواقع) التي تنكد على الناس حياتهم، إذ تتم الغفلة عن طلب الروافع واجتلاب الرواقي، ويصبح النوم مخدراً عن طلب الكمالات واجتراح المآثر. وتخبرنا قصص الحياة بأن المواجع تخرج من رحم الهواجع، بينما تنبعث الأمم من بين أركمة الضعف بفضل ثورات الهمم.

******************************

كم ينتابني شعور بالإحباط حول مستقبل اليمن، عندما أنظر إليه من خلال جامعة تعز وما تضم بين جنباتها من آفات عديدة، وأقلها تجاهل ٦٥ أستاذا يعملون فيها منذ بضع سنوات بدون مقابل، فقد بُحّت الأصوات وجفّت الأقلام مطالبةً بتسوية أوضاعهم، لكنها أصوات في واد ونفخة في رماد!

******************************

كيف يمكن للشعوب أن تصل إلى شواطئ العزّ ومرافئ الكرامة، دون أن تركب قوارب العلم والحرية والوحدة ودون أن تجتاز دوامات الفتن والمحن؟!

******************************

كم يجيد المنافقون ذرّ الرماد في العيون والضحك على الذقون، فهاهم يسقون مجتمعاتهم السُّمّ الزعاف وفي ذات الوقت يذرفون دموع التماسيح، وهذا أمر مفروغ منه في هذه الحياة، لكن المشكلة هي أن كثيرين تشغلهم دموعُ التماسيح عن رؤية السموم والسكاكين!

******************************

إن الذين يَنتصب إيمانهم على ساق القرآن، ويتصبّب عرقُهم في مضامير الأعمال الصالحة، هم من سيحصدون الانشراح الدنيوي ويرثون السعادة الأزلية وسيجعل لهم الرحمن وُدّاً.

******************************

إن الذين يُحايدون في حروب الظالمين على المظلومين إنما يَحيدون في الحقيقة عن الحق وينصرون الباطل؛ حيث يطعنون الحق بسيوف صمتهم ويَجلدون المستضعفين بأسواط مساواتهم بالظالمين.

******************************

لا يفتأ المؤمن الحق يَنسج للناس أثواب الحياة ولا يحيك لهم أكفان الموت، إنه يجيد عزف ألحان الفرح وصناعة الأعراس ولا يتقن عزف ألحان الحزن وصناعة المآتم.

******************************

إن الذين يَحملون حساسيةً إيمانية هم فقط من يَشمّون روائح العصبيات النتنة، فيتأذّون منها ويدعون الناس للابتعاد عنها.

******************************

لا يمكن لفسائل الحرية أن تنمو في ظل ظلام الجهل الطويل، حيث تحتاج فسائل الحرية لشمس المعرفة وضياء التفكير، وإلا فإنها تضمر وتذبل حتى تموت وتصير غثاء أحوى.

******************************

وسوم: العدد 820