الخاطرة ٢٩٦ : فلسفة تطور الحياة (الروحي والمادي) الجزء ٤

ز. سانا

خواطر من الكون المجاور الخاطرة

في البداية أود أن أنوه لملاحظة هامة ذكرتها لمرات عديدة في مقالات ماضية ، وهي أن مواضيع مقالاتي الأخيرة تعتمد على معلومات جديدة وغريبة عن الثقافة العامة للعصر الحديث ، وهذه المعلومات قد شرحتها بالتفصيل في مقالات ماضية ، فجميع مقالاتي في صفحة "عين الروح" مترابطة مع بعضها البعض ، والقراء الجدد الذين لم يقرأوا المقالات الماضية وخاصة الأجزاء السابقة من سلسلة (فلسفة تطور الحياة) ، سيصعب عليهم فهم معلومات هذه المقالة . يقول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)الحجرات} ، بمعنى أن العجلة في الحكم على آراء الآخرين هو من الشيطان .

في العصور القديمة وبسبب ضعف مستوى العلوم المادية كانت دراسة الفضاء تعتمد على علم التنجيم فقط . فكان علم التنجيم في ذلك الوقت بمثابة مساعدة إلهية للإنسان ليرى الكواكب والنجوم على أنها أشياء روحية لعبت دورا في تكوين الإنسانية أي أنها بمثابة رسل للإله الأكبر ، فأعطوها أسماء آلهة . ثم ومع تطور علوم الرياضيات ظهر علم الفلك ليعمل بجانب علم التنجيم ، فاﻹنسان كان يشعر أن كل ما يحدث في السماء لا يحدث بطريقة عشوائية ولكن ضمن نظام معين وضعه الخالق كما عبر عنه الفيلسوف بيثاغوراس ( الله يهندس في خلقه ) وأن هذا الإنسجام الرياضي له معاني روحية تساهم في فهم المخطط الإلهي للخلق . ولكن في العصر الحديث وبدلا من استمرار التعاون بين النوعين من العلوم : علم التنجيم (الروحي) وعلم الفلك (المادي) ، تحول علم التنجيم إلى علم مزيف يزعم قدرته على التنبؤ بالمستقبل فتحول إلى نوع من الشعوذة وطريقة للإحتيال على عقول البسطاء . أما علم الفلك فتحول إلى علم مادي بحت ينظر إلى الكون والمجموعة الشمسية على أنها أشياء صماء ليس لها أي معنى روحي يساعدنا على فهم أنفسنا وتكويننا الروحي ، فتحول الكون إلى عالم بلا روح وكأنه قد ظهر هكذا بالصدفة ومن اللاشيء. فحسب آراء العالم الكوني الشهير ستيفن هوكينج كما يذكر في فيلمه الوثائقي " قصة كل شيء " بأن كل محتويات الكون وجدت من اللاشيء وأن الفضل اﻷول في تطور الكون ليصل إلى ما عليه اﻵن يعود إلى صفة النقص والفوضى (الإنتروبيا) التي تُعتبر - بالنسبة له - من أهم الصفات التي يتمتع بها الكون . أما بالنسبة لظهور الحياة على سطح اﻷرض فيقول " قد يبدو لنا أن ظهور الحياة من الصعب أن يكون مجرد صدفة ، ولكن إذا فكرنا في اﻷمر جيدا ...سنرى أن اﻷرض بالصدفة موجودة في البعد المناسب تماما عن الشمس ليسمح للماء أن يوجد في حالة سائلة .والشمس بالصدفة لها الحجم المناسب تماما لتبقى مشتعلة لمليارات السنين مدة طويلة كافية للحياة لتتطور. .. وبالصدفة أيضا النظام الشمسي مليء بالعناصر الكيميائية اللازمة للحياة. وبالصدفة .... وبالصدفة ... وبالصدفة ... " ويتابع كلامه بنفس المنطق ليحاول إقناعنا بأن تطور الكون وظهور الحياة وولادة اﻹنسان على سطح اﻷرض قد حدث بالصدفة بسبب قانون اﻹحتمالات وقانون الفوضى ، وأنه لا حاجة لوجود خالق ليرتب هذا الحظ الوفير ليكون كل شيء مناسب لولادة الحياة. للأسف آراء ستيفن هوكينج بشكل عام تُعبر اليوم عن معظم آراء الوسط العلمي الحديث المختص في دراسة الكون وتطور الحياة وظهور الإنسان .

في المقالة الماضية أثبتنا أن مكان وجود الكواكب في المجموعة الشمسية لم يحدث بالصدفة ولكن تم تحديده حسب الرمز الإلهي (١٨) الموجود في كف يد الإنسان ، وذكرنا أيضا أن في بداية نشوء المجموعة الشمسية كان كوكب المريخ ترتيبه السادس وكان يوجد بين كوكب الأرض وكوكب المريخ كوكب مزدوج يمثل الكوكب الرابع والكوكب الخامس . وأن الحياة ظهرت في الكوكب المزدوج ثم انتقلت إلى كوكب الأرض . وربما الكثير من القراء لم يقتنعوا بصحة هذه المعلومة كونها من الغيبيات ، ولكن الله عز وجل ترك لنا علامات عديدة تساعدنا في فهم حقيقة ما حصل . ومن تابع ويتابع مقالاتي يجد أن كل معلومة غريبة يقرأها القارئ في البداية تزداد الأدلة على صحتها بشكل تدريجي ، لأن البحث هنا يتم بالرؤية الشاملة ويحتاج إلى شرح جميع زوايا رؤية المعلومة ، وهذا من المستحيل تحقيقه في موضوع واحد ،فهو يحتاج إلى رؤيته في مواضيع عديدة ذات نوعية مختلفة لتكتمل جميع الزوايا . وفي اﻷسطر التالية سنتكلم عن هندسة المجموعة الشمسية وعلاقتها في تكوين جسم اﻹنسان لنتابع إثبات أن ولادة الكون والمجموعة الشمسية وتطور كل شيء لم يحصل عن طريق الصدفة بسبب النقص والفوضى كما يحاول إقناعنا به العالم ستيفين هوكينج ولكن كل شيء وكل تغيير يتم حسب مخطط إلهي هدفه شيء واحد وهو وصول التكوين الإنساني إلى الكمال الروحي والمادي.

المجموعة الشمسية حسب علماء الفلك في العصر الحديث تتألف من نجم ( الشمس ) في المركز ، ومجموعة داخلية من الكواكب (عطارد، الزهرة، اﻷرض، المريخ) يحيط بها حزام الكويكبات ، ومجموعة خارجية من الكواكب ( مشتري، زحل، أورانوس ، نبتون ) يحيط بها حزام كايبر و القرص المبعثر وفي اﻷخير سحابة أورط ....

إن تقسيم المجموعة الشمسية على هذا النحو يعتمد على رؤية سطحية مادية لا تعطينا معنى معين يفيدنا شيئا في فهم تلك العلاقة التي تربط تكوين اﻹنسان مع تكوين المجموعة الشمسية ، فنموذج شكل المجموعة الشمسية لم يأتي بالصدفة فهو مشابه بعض الشيء لنموذج شكل الذرة ، بمعنى أن المجموعة الشمسية هي نموذج متطور عن الذرة.

فالإنسان (سيد الكائنات الحية) ظهر داخل هذه المجموعة الشمسية ولهذا فإن تكوينه هو أيضا ليس صدفة ولكن مرتبط بتكوين شكل المجموعة الشمسية ، لذلك يجب أن يحمل شيئا منها يدل على أنه نموذج متطور عنها.

لذلك حتى نستطيع فهم نوعية العلاقة بين تكوين المجموعة الشمسية وتكوين الإنسان ، يجب علينا استخدام رؤية شاملة (علم فلك وعلم تنجيم) .فبحسب هذه الرؤية سنرى إن المجموعة الشمسية في بداية تشكيلها كانت تتألف من مركزين منفصلين : الشمس وكواكب المجموعة الداخلية ، والمشتري وكواكب المجموعة الخارجية (الصورة) . أي أن المجموعة الشمسية كانت تتألف من قسمين منفصلين : قسم روحي مؤنث، وقسم مادي مذكر. والآية القرآنية تقول {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ .... (٤٩)الذاريات} . الأية تقول (من كل شيء) ، والزوجين تعني (أنثى وذكر) أي الرمز {(٨) والرمز (١)} ، وتعني أيضا : روحي (١٨) ومادي(٨١) . وهذا تماما ما سنجده في تكوين المجموعة الشمسية في الأسطر القادمة .

القسم الروحي هو القسم الداخلي من المجموعة الشمسية ، ويتألف من الشمس والكواكب اﻷربعة اﻷولى ( عطارد، الزهرة، اﻷرض، المريخ ) وأقمارها حيث يحيط بها حزام الكويكبات الذي يتألف من ملايين اﻷجرام الصغيرة.

هذا القسم من المجموعة الشمسية هو رمز الكائن العلوي في اﻹنسان والذي رمزه (٨) ، وكما ذكرنا في مقالات ماضية بأن الكائن العلوي هو القسم الذي يشمل الرأس وعظم الترقوة والذراعين في اﻹنسان (الصورة) . إذا تمعنا جيدا في القسم الداخلي من المجموعة الشمسية وقارناه مع الكائن العلوي في الإنسان سنرى تطابقا كاملا بينهما :

١- الشمس هي الرأس ، وكما هو معروف أن الشمس تعتبر مركز المجموعة الشمسية وهي من أهم مكوناتها ، فهي التي تسيطر على جميع محتويات المجموعة وتجعلها تدور حولها ولذلك سميت على إسمها ( المجموعة الشمسية). أما الرأس فهو يحوي على الدماغ والذي يعتبر هو أيضا أهم جهاز من أجهزة جسم اﻹنسان ، فهو يسيطر ويتحكم في عمل جميع اﻷجهزة اﻷخرى. فالدماغ هو في الحقيقة شمس جسم اﻹنسان ، والشمس هي أيضا دماغ المجموعة الشمسية.

٢- الكواكب اﻷربعة وأقمارها الثلاثة هي الفقرات العنقية من العمود الفقري والتي لها نفس العدد سبعة {١-عطارد -٢- الزهرة - (٣-اﻷرض ٤- القمر) - (٥-المريخ وقمريه : ٦-فوبوس و ٧- ديموس)}. فالعدد سبعة الذي هو عدد الكواكب واﻷقمار في المجموعة الداخلية ليس صدفة ولكن هو الذي حدد عدد الفقرات العنقية في العمود الفقري للإنسان. والرقم سبعة هنا أيضا ليس صدفة ولكن هو رمزي يعبر عن فتحات أجهزة اﻹحساس في الرأس. فهناك (عينان اثنتان ٢ ) في جهاز البصر و( وأُذنين إثنتين ٢ ) في جهاز السمع و( فتحتي أنف ٢) في جهاز الشم و ( فتحة الفم ١) . فمجموع عدد فتحات أجهزة اﻹحساس في رأس اﻹنسان هو العدد (٧). فعدد الفقرات العنقية في الحقيقة ليس صدفة ولكن يعبر عن عدد فتحات أجهزة اﻹحساس في رأس اﻹنسان ، وهذا العدد لم يأتي صدفة ولكن من تكوين القسم الداخلي من المجموعة الشمسية (الكواكب واﻷقمار ).

الرأس كما ذكرنا يمثل الشمس وهو قطعة مختلفة عن قطع فقرات العمود الفقري ، فإذا أضفناه كرقم إلى عدد الفقرات العنقية السبعة سيكون المجموع هو رقم ثمانية. هذا الرقم ليس صدفة ولكن له شكل الكائن العلوي في اﻹنسان ( كما توضح الصورة ) .

٣ - حزام الكويكبات والذي يتألف من آلاف الكويكبات المتنوعة اﻷحجام ، فهو يمثل عظام الترقوة والكتف والذراع والكف والأصابع والتي هي أيضا تتألف من عدد كبير من القطع العظمية. كف يد اﻹنسان اليمنى كما نعلم تحتوي على خطوط لها شكل ( Λ ا ) وهذا الشكل كما ذكرنا في المقالات الماضية ليس صدفة ولكن يمثل رمز روح الله التي نفخها في آدم. فهذا الرمز في الحقيقة يعبر عن القسم الروحي ( الداخلي ) في المجموعة الشمسية ، حيث الشمس والكواكب اﻷربعة وأقمارها الثلاثة والتي عددها كما ذكرنا هو الرقم ثمانية وهو الذي يمثل الشكل ( Λ ) ، أما حزام الكويكبات فهو الذي يمثل القسم الثاني من الرمز وهو الشكل ( ا ). فالقسم الروحي من المجموعة الشمسية هو الذي يأخذ رمز شكل الخطوط الموجودة في كف اليد اليمنى في اﻹنسان .

أما بالنسبة للعلاقة بين مكونات القسم الخارجي من المجموعة الشمسية مع القسم السفلي من جسم اﻹنسان ، هنا لا بد في البداية من شرح ملاحظة هامة عن طبيعة مكونات القسم الداخلي من المجموعة الشمسية. فكما رأينا قبل قليل بأنه يوجد تطابق عددي بين مكونات محتويات القسم الداخلي من المجموعة الشمسية مع القسم العلوي من جسم اﻹنسان. فهذا التطابق كان في الناحية العظمية ، أي الجمجمة وعظام الفقرات العنقية والتي عددها سبعة، فالتطابق هنا قد حدث مع القسم الصلب ( العظم ) من القسم العلوي من جسم اﻹنسان ، ولهذا السبب كانت جميع كواكب القسم الداخلي تتكون هي أيضا من طبيعة صلبة (صخرية) ، وهذا ليس صدفة ولكنه يعبر لنا عن حقيقة هذا القسم وعلاقته بتكوين اﻹنسان ، فهذا القسم في الحقيقة هو رمز المملكة النباتية ، فالحياة بشكل عام أيضا تتألف من زوجين من الكائنات الحية : نباتية وحيوانية ، فالمملكة النباتية تمثل القسم المؤنث في الكائنات الحية ، أما المملكة الحيوانية فتمثل القسم المذكر. وكما هو معروف بشكل عام كائنات المملكة النباتية تعتبر كائنات ذات طبيعة صلبة فهي تتألف عادة من خشب وألياف. وهناك شبه كبير في الشكل العام للدماغ والحبل الشوكي والأعصاب مع شكل الشجرة وساقها وفروع جذورها . فالأصل الأول لشكل الجهاز العصبي في الإنسان هو من المملكة النباتية .

قد يبدو للبعض وجود بعض التناقض في هذه الفقرة فمن المعروف أن المرأة (أنثى) بشكل عام هي الكائن الرقيق والناعم بينما الرجل هو القاسي والخشن لذلك فيجب عليه هو أن يكون رمز المملكة النباتية والقسم الداخلي من المجموعة الشمسية ، هذا صحيح لو أن القسم الداخلي كان يتألف فقط من الكواكب الصخرية ، ولكن كما ذكرنا أن أهم قسم من مكونات القسم الداخلي من المجموعة الشمسية هو الشمس ، والشمس عدا عن أنها تعتبر كتلة هائلة من الغازات ولكنها هي منبع الضوء لجميع مكونات المجموعة الشمسية ، وهذا يجعلنا نفهم اﻷمور أكثر في طبيعة تكوين الكائنات الحية ، فصحيح أن الكائنات النباتية عديمة الحركة وتبدو وكأنها كائنات جامدة وأنها أقل تطورا من الكائنات الحيوانية ، ولكن في الحقيقة الكائنات النباتية هي مصدر الطاقة لجميع كائنات المملكة الحيوانية ، وهي تشكل القسم الروحي في تكوين اﻹنسان وقد ذكرنا في الجزء الثاني عدة آيات من القرآن والكتب المقدسة تؤكد ذلك ، ومنها مثلا الآية القرآنية عن مريم ( وأنبتناها نباتا حسنا ) ، فأهم مشكله في نظرية داروين في تفسير تطور الكائنات الحية أنه أعطى أهمية كبيرة للقسم المذكر من الكائنات الحية ( الحيوانات والرجل ) ﻷن رؤية التشابه فيها سهلة، بينما أهمل تماما القسم المؤنث ( المرأة والنباتات) في فهم أسباب التطور واﻹرتقاء ، فهذه العلاقة بين الإنسان والنبات صعب رؤيتها وتحتاج إلى بصيرة وليس فقط إلى بصر ، لذلك خرجت نظرية داروين بمفهوم ( أصل اﻹنسان قرد ) لأنها لا تحتاج إلى بصيرة . فالمرأة هي كائن روحي عاطفي لأنها تمثل الجزء الأهم من المجموعة الداخلية وهو الشمس . ولذلك كانت كلمة الشمس مؤنثة في اللغة العربية لغة القرآن الكريم.

نستنتج مما شرحناه أنه حتى نستطيع رؤية العلاقة بين مكونات القسم الخارجي من المجموعة الشمسية مع القسم السفلي من جسم اﻹنسان يجب علينا أن ننظر إلى هذا القسم على أنه قسم مذكر أي أنه يتألف من القسم اللحمي وليس العظمي ، فأهم إختلاف بين النبات والحيوان هو أن جسدها يتألف من كتلة لحمية ، ولهذا السبب كانت كواكب القسم الخارجي بشكل عام ذات طبيعة غازية. وهي تمثل اﻷجهزة الداخلية في جسم اﻹنسان حسب التسلسل التالي :

- كوكب المشتري يمثل القلب وجهاز الدوران

- كوكب زحل يمثل المعدة وجهاز الهضم

- كوكب أورانوس يمثل الرئة وجهاز التنفس

- كوكب نبتون يمثل الكلية وجهاز اﻹطراح

- كوكب بلوتو يمثل جهاز التناسل

- عظام الساق والقدم تمثل أجرام حزام كايبر والقرص المبعثر .

لربما قد يراه البعض منكم أن هذا التطابق مجرد خيال وانه ربما لا يوجد أي اثباتات تؤكد صحة هذا التشابه ولكن لنتمعن قليلا في معلومات علم التنجيم التي وضعها الأقدمين ، فهذه المعلومات ليست من خيال عقل بشري ، ولكن هي من وحي إلهي ، وهي عبارة عن تعبير روحي لكل كوكب ، فهو يعطينا نوعية أخرى من التطابق :

كوكب المشتري حسب علماء الفلك هو الكوكب الخامس ، ولكن بحسب الرؤية الشاملة هو رقم واحد في القسم الخارجي من المجموعة الشمسية ، أي أنه يحل مكان الشمس في هذا القسم ، ولهذا السبب نجد أن إسم هذا الكوكب (زيوس أو جوبتير) هو إسم اﻹله اﻷكبر في الحضارات الغربية ( اﻹغريقية والرومانية ) ، فهذه التسمية ليست صدفة ولكن حكمة إلهية تساعدنا على فهم العلاقة بين التكوين الروحي للإنسان والمجموعة الشمسية ، فمن المعروف أن الحضارات الغربية قد لعبت دورا كبير في تطوير العلوم المادية، بينما حضارات الشعوب الشرقية لعبت دورا كبيرا في تطوير العلوم الروحية فجميع الديانات العالمية ظهرت في الشعوب الشرقية ومنها ذهبت إلى جميع شعوب العالم . لذلك كانت الشمس بالنسبة للديانات القديمة في الشعوب الشرقية هي اﻹله اﻷكبر . فهذا السلوك الروحي في الشعوب الشرقية والشعوب الغربية ليس صدفة ولكن مرتبط بشكل تام مع التكوين الروحي للمجموعة الشمسية ، فإذا قارنا بين رمز الشمس ورمز كوكب المشتري سنجد شبهاً كبيراً في طبيعة وظيفة كل منهما ، بحيث يسمح لنا فهم الفرق بين نوعية فكر الحضارات الشرقية ونوعية فكر الحضارات الغربية.

فالشمس كما ذكرنا تمثل الدماغ فهو يستقبل اﻹحساس العصبي ثم يرسله من خلال اﻷعصاب إلى جميع أنحاء الجسم ، فما ينتقل هنا هو إحساسات لها معاني تشعر بها الروح. ومعنى عمل الدماغ بشكل عام هو تأمين الحاجات الروحية للإنسان.

أما القلب (رمز كوكب المشتري) فهو يستقبل الدم ثم يرسله من خلال اﻷوعية الدموية إلى سائر أنحاء الجسم ، ودوره هو نقل العناصر الغذائية الموجودة في الدم إلى جميع خلايا الجسم ، أي له دور تأمين الحاجات المادية لجسم اﻹنسان. لذلك يعتبر القلب أهم جهاز في القسم السفلي في اﻹنسان. وهذا هو السبب الذي جعل كوكب المشتري الإله الأكبر في الشعوب الغربية، والتي دورها كان تطوير العلوم المادية. فطريقة نشوء كوكب المشتري تختلف تماما عما هو في نظرية نشوء المجموعة الشمسية التي يؤمن بها علماء الفلك ، فالمشتري يشابه تماما الشمس في طريقة نشوءه ، فهو نشأ ليتحول إلى نجم ، ولكن وجود الشمس في نفس المنطقة منعه من جذب كميات هائلة من الهيدروجين ليتحول إلى نجم . فلو كان كوكب المشتري قد إستطاع أن يكبر في حجمه أكثر بأربعين مرة مما هو عليه لكان قد سمح في مركزه القيام بالتفاعل النووي ليتحول إلى كتلة مضيئة مثل الشمس ، ولكن بسبب أن الشمس نشأت قبله بفترة وجيزة مكنتها من منعه في التحول إلى نجم . ولهذا فإن كواكب المجموعة الخارجية في البداية كانت تابعة للمشتري وليس للشمس . ولهذا نجد هناك تناظر واضح تماما بين كواكب المجموعة الداخلية وكواكب المجموعة الخارجية حسب تسلسلها :

١- (عطارد - زحل) الكوكب عطارد هو الأول في الترتيب ، وكوكب زحل هو أيضا الأول في الترتيب ، ونجد أن أهم ميزة في كوكب عطارد أنه (بالنسبة لحجمه) هو أثقل كوكب في المجموعة الشمسية ، أما أهم ميزة في كوكب زحل فهو أخف كوكب (بالنسبة لحجمه) في المجموعة الشمسية. هل هذه صدفة ؟

٢- (الزهرة - أورانوس) الزهرة هو الكوكب الثاني وأهم صفة في كوكب الزهرة هو أنه يدور حول نفسه بشكل معاكس لجميع الكواكب أي أن الشمس فيه تشرق من مغربها ، وكذلك الشيء نفسه يحصل في كوكب أورانوس الذي ترتيبه الثاني في مجموعته . فهل هذه يا ترى صدفة ؟

٣- (الارض - نبتون) الكوكب الثالث الأرض هو من أكثر الكواكب إحتواء على الماء ، الكوكب الثالث نبتون هو إله الماء في الأساطير الإغريقية. فهل هذه أيضا صدفة ؟

٤- (الكوكب المزدوج - بلوتو) ، الكوكب المزدوج (الرابع والخامس) غير الموجود اليوم والذي تكلمنا عنه في المقالة الماضية ، نظيره هو كوكب بلوتو وقمره شارون ،حيث التشابه في حجم شارون وبلوتو دفع بعض الفلكيين إلى تسميته كوكب قزم مزدوج. فهل هذه صدفة ؟

٥- ذكرنا في المقالة الماضية أن الكوكب السادس المريخ قام بتدمير الكوكب المزدوج وحوله إلى حزام الكويكبات ، أما في المجموعة الخارجية فحدث العكس فكوكب المزدوج (بلوتو وشارون) هو الذي دمر الكوكب السادس وحوله إلى حزام كايبر . هل هذه أيضا صدفة ؟

من يعتبر أن هذا التناظر بين المجموعة الداخلية والمجموعة الخارجية هو مجرد صدفة فهو أعمى البصيرة. فهذا التناظر يؤكد أن نظرية نشوء المجموعة الشمسية التي يعتمدها علماء الفلك والتي تعتمد على الصدفة ، هو مجرد خرافة علمية ولا أساس لها من الصحة ، لأنها لا تعطينا قانون محدد يمكن به تفسير نشوء بقية النجوم وكواكبها الموجود في الكون ، أما طريقة نشوء المجموعة الشمسية كما شرحناها قبل قليل فهي تعطي نموذج يوضح نشوء جميع النجوم والكواكب المحيطة بها ، ويؤكد أن الإنسان هو سيد هذا الكون ، وأن نظرية وجود مخلوقات فضائية فهي مجرد خرافة ساذجة من العصر الحديث .

لنتابع موضوع علاقة كواكب المجموعة الخارجية مع أعضاء الكائن السفلي في الإنسان:

بعد كوكب المشتري (الذي يمثل القلب وجهاز الدوران) يأتي كوكب زحل وهو يمثل المعدة وجهاز الهضم. وظيفة المعدة كما هو معروف هي طحن وتفكيك المواد الغذائية إلى أجزاء بسيطة ليسهل إمتصاصها واستخدامها في تغذية خلايا الجسم.

كوكب زحل في اﻷساطير اليونانية هو إله الزمن ( كرونوس ) ، وحتى نفهم معنى العلاقة بين كوكب زحل وإله الزمن والمعدة لا بد لنا من العودة إلى تلك اﻷساطير لتوضيح معنى أحداثها.

اﻷساطير اليونانية تذكر أن إله الزمن ( كرونوس ) قتل والده وأخذ العرش منه ،وﻷن والده قبل موته قد أخبره بأن أحد أبنائه سيفعل به كما فعل هو بأبيه ، لذلك راح إله الزمن (كرونوس) يلتهم كل طفل مذكر تنجبه له زوجته ليحافظ على حياته وعرشه. عندما رأت زوجته ( ريا ) يلتهم إبنها نبتون ثم إبنها الثاني بلوتو قررت أن تحتال على زوجها ﻹنقاذ حياة أطفالها ، وعندما أنجبت إبنها الثالث زيوس أرسلته إلى جزيرة كريت ليكبر هناك بعيدا عن أعين أبيه، وبدلا منه قدمت لزوجها حجرة لها شكل طفل رضيع ، فأخذها والتهمها ظانا بأنها إبنه الجديد، وبعد سنوات عندما كبر زيوس وأصبح شابا عاد إلى بلاده لينتقم من أبيه، وطلب من زوجته (ميتيس) أن تساعده في تحقيق إنتقامه ، وهي بدورها إحتالت على كرونوس وأعطته دواء جعلته يتقيأ ويخرج أخوة زيوس (نيبتون وبلوتو) من معدته. وهكذا وبمساعدة إخوته اﻹثنين شن زيوس حربا ضد أبيه دامت عشر سنوات معروفة بإسم ( صراع الجبابرة ) حيث إنتصر فيها زيوس على أبيه وأخذ العرش منه. ومن ذلك الوقت راح سكان هذه المنطقة المعروفة اليوم بإسم أولمبيا يقومون بتنظيم اﻷلعاب اﻷولمبية إحتفالا بذكرى إنتصار زيوس إله البرق على أبيه كرونوس إله الزمن.

جميع علماء الفضاء اليوم يعتقدون أن هذه اﻷسطورة هي قصة خرافية صنعها عقل إنسان ، لذلك أثناء دراستهم للكواكب والنجوم لا يحاولون الربط بين ما يحدث في هذا الكون وبين أحداث هذه اﻷسطورة ، ولكن في الحقيقة أن هذه اﻷسطورة هي وحي من الله وأحداثها لها معنى رمزي يساعدنا على فهم الناحية المادية لقصة الخلق. فأبطال هذه اﻷسطورة يمثلون القسم المادي من المجموعة الشمسية وهذا القسم هو أيضا يمثل رمز التطور المادي الذي حدث منذ بداية هذا الكون وحتى ظهور الحياة ، فالإله زيوس والذي يمثل كوكب المشتري هو إله البرق وهو رمز ولادة النور وظهور النجوم في الكون ، أما إله الزمن كرونوس والذي يمثل كوكب زحل والمعدة فهو رمز الثقوب السوداء في الكون ، فالثقب اﻷسود هو أيضا نجم ولكنه نجم مظلم فهو أيضا له قوة جاذبية كبيرة قادرة على جذب كل ما حولها ، ولكن بدلا من تحويل ما يجذبه إلى ضوء عن طريق التفاعل النووي كما يحصل في الشمس والنجوم ، يقوم بتحطيم كل ما يجذبه إليه كما يحدث في المعدة من عملية طحن ولكن في الثقوب السوداء يستمر هذا التحطيم حتى يصل إلى الفناء المطلق ، لذلك الزمن في الثقوب السوداء يعتبر زمن من النوع السلبي. فبدلا من أن يؤلف البعد الرابع والذي سيؤدي إلى تطور اﻷبعاد الثلاثة ( طول ، عرض، إرتفاع ) ، نراه يقوم بتحطيم الروابط بين هذه اﻷبعاد لتخسر المادة حجمها كما يحدث في المعدة ، لذلك تذكر اﻷسطورة أن إله كرونوس إبتلع إبنه اﻷول نبتون ثم إبنه الثاني بلوتو ثم أراد إبتلاع إبنه الثالث زيوس ، فهؤلاء الثلاثة هم في الحقيقة رمز للأبعاد الثلاثة الطول والعرض واﻹرتفاع ، فـبوجود هذه الأبعاد الثلاثة تتكون المادة .

إسطورة ( صراع الجبابرة ) هي في الحقيقة رمز لظاهرة Big Bang الإنفجار الكبير التي حدثت في بداية ولادة الكون والتي فيها ظهر النور و راح الكون يتمدد مع تكوين النجوم والمجرات. فالكون في البداية كان عبارة عن ثقب أسود ومع حدوث اﻹنفجار الكبير تم تحطيم هذا الثقب الأسود ليتم تحرير ما في داخله قبل أن يتم فيها الفناء اﻷبدي ، فخروج آدم وحواء والشيطان من الجنة لم يكن خروج جسدي كما يعتقد الجميع ، ولكن كان خروج روحي فهذا الكون الفسيح بأكمله كان في بدايته أصغر من ثقب اﻹبرة ولكن نتيجة تحرر الأبعاد الثلاثة للمادة ( الطول والعرض واﻹرتفاع ) حدث اﻷنفجار الكبير الذي أدى إلى التوسع السريع الفجائي لحجم الكون ليصل مع مرور الزمن إلى حجمه الحالي. فالزمن في الكون هو في الحقيقة يعبر عن درجة نشاط الروح وليس بُعداً رابع كما تنظر إليه النظرية النسبية ، لذلك يوجد نوعين من الزمن زمن سلبي ويعني إضمحلال الروح لتصل إلى الفناء المطلق كما يحدث داخل الثقب اﻷسود ، وزمن إيجابي ويعني إرتقاء الروح بشكل تدريجي عن طريق خلق مادة جديدة تعبر عنها لتصل إلى الكمال المطلق.

الله عز وجل ترك علامة تشرح علاقة المعدة والثقب اﻷسود وكوكب زحل حيث نجد أن حول هذا الكوكب تدور كميات هائلة من القطع المتحطمة المتناثرة حوله والمعروفة بإسم حلقات كوكب زحل وهي بمثابة تلك الأجرام والنجوم التي تحيط بالثقب الاسود .

بعد كوكب زحل يأتي كوكب أورانوس ، وهو يمثل الرئة وجهاز التنفس ، لذلك نجد أن إسم هذا الكوكب هو إسم إله السماء في اﻷساطير اليونانية ، والمقصود هنا ليس السماء بمعناها الحرفي ولكن الغلاف الجوي المحيط بالكرة اﻷرضية ، والذي يتألف من غازات والتي تستخدمها رئة اﻹنسان في عملية التنفس.

بعد كوكب أورانوس يأتي كوكب نبتون ويمثل جهاز اﻹطراح حيث يقوم بتصفية السوائل من المواد الضارة في الجسم والتي تخرج على شكل سائل وهو البول ، لذلك نجد أن إله نبتون في اﻷساطير اليونانية يمثل إله البحار (السوائل) ، إي اﻹله المسؤول عن السوائل بشكل عام . مثله مثل جهاز الإطراح .

بعد كوكب نبتون يأتي كوكب بلوتو المزدوج ، هذا الكوكب يمثل جهاز التناسل في جسم اﻹنسان ، وبما أن جهاز التناسل هو المسؤول عن الغريزة الجنسية ، وكما شرحنا في المقالة (فلسفة الخروج من الجنة ) بأن طرد اﻹنسان من الجنة كان سببه إرتكاب الفاحشة ( الزنى ) لذلك ليس من الصدفة أن إسم هذا الكوكب يحمل إسم إله الظلام بلوتو في اﻷساطير اليونانية ، ونجد أن القرآن الكريم قد أشار بشكل غير مباشر لهذه الفكرة ، فالسورة القرآنية التي تحمل عنوان ( النور) والذي معناها معاكس لكلمة (ظلام ) ، نجد إحدى آياتها تقول ( الزانية والزاني ) فذكر هذه اﻵية في بداية هذه السورة هو حكمة إلهية تساعدنا على فهم العلاقة بين كوكب بلوتو(إله الظلام ) مع جهاز التناسل في جسم اﻹنسان. وإذا تمعنا جيدا في طريقة دوران هذا الكوكب حول الشمس نجده مطابق لموقع جهاز التناسل في جسم اﻹنسان ، فبما أن جهاز التناسل في الرجل يقع خارج الجسم ، بينما في المرأة يقع داخل الجسم ، لذلك نجد كوكب بلوتو أثناء دورانه حول الشمس يقترب منها ويصبح أقرب لها من كوكب نبتون ، ففي هذه الحالة يمثل جهاز التناسل في المرأة حيث المبيض يقع قبل المثانة والتي هي قسم من جهاز اﻹطراح الذي يمثله كوكب نبتون ، ولكن عندما يبتعد عن الشمس ويصبح أبعد من كوكب نبتون عندها كوكب بلوتو يمثل جهاز التناسل في الرجل حيث الخصية تقع خارج الجسم.

كوكب بلوتو هو رمز الجهاز التناسلي أي أنه المسؤول على التكاثر ، وكما ذكرنا قبل قليل أن نظير كوكب بلوتو في المجموعة الداخلية هو الكوكب المزدوج (الرابع والخامس) ، لذلك قلنا في المقالة الماضية بأن الحياة ظهرت أولا في الكوكب المزدوج ثم انتقلت إلى الأرض .

بعد كوكب بلوتو تأتي أجرام الحزام الخارجي ( أجرام حزام كايبر وأجرام القرص المبعثر ) جميع هذه اﻷجرام - بإستثناء النجوم المذنبة - تمثل عظام الساق والقدم.

أخيرا نقول أن علم التنجيم هو علم حقيقي يدرس التعبير الروحي في الأجرام السماوية ليكشف لنا ماضيها وعلاقتها بتكوين الإنسان وليس هدفه التنبؤ بمستقبل كل شخص ، وان بإلغاء هذا العلم وكذلك إلغاء ما تذكره الكتب المقدسة عن الكون سيتحول علم الفلك إلى علم مادي فقير يعتمد مبدأ العلم للعلم لا فائدة له في تهذيب سلوك الإنسان.

في المقالات القادمة إن شاء الله سنتابع ذكر أدلة جديدة توضح لنا حقيقة تطور الحياة وظهور الإنسان .

وسوم: العدد 947