حول مضلة تشكيل حكومة لبنانية

ميشال نصر

كما البواخر الإيرانية "الضايعة" بين البحار والمحيطات تتقاذفها موجات المعلومات المغلوطة، كذلك وزراء الحكومة العتيدة "الضايعين وألله مضيّعُن" بين الخطوط البيانية لبورصة التأليف، نهاراً يوزّعون البقلاوة، وليلاً ينامون "على وِجُّن طَبّ"، حتى أن وزارة العدل كادت أن تتسبّب بتفكّك أسرة جديدة نتيجة التنافس على الحقيبة بين "الزلمة ومرته"، قبل أن ينتهي الأمر إلى خروجهما معاً من الجنّة الوزارية إلى جهنّم"الشعب العادي".

إنها العصفورية عن حقّ وحقيق التي يتقاسمها اللبنانيون بكل امتيازاتها مع الطبقة السياسية، "مش عارفين كوعن من بوعن"، لا في أي صف أو طابور "الله حاططن". هي جهنّم التي يأبون أن يتقبّلوا لحظة صدق قيلت فيها، فوصلوا إليها، وإلى ما بعد بعد بعدها، بفضل غضب الله وإصرار حزبه، على مواجهة أميركا حتى آخر لبناني، شاء منهم من شاء وأبى من أبى، كرمى لعيون الجمهورية الإسلامية، وكَسراً لشوكة الحصار المفروض عليها وعقوباته.

في كل الأحوال، ولأن اللبناني من الإشارة يفهم، بعدما تقمّص أنتينات بَيك المختارة اللاقطة للذبذبات الفوق صوتية، فهو بات على قناعة أن تطورات الساعات الماضية، من غياب "سندباد" عن السمع والنظر، إلى إعلان المعنيين "أخذهم عطلة الويك أند للراحة"، يظهر بالوجه الشرعي أن "لا حكومة ولا من يحزنون"، إستناداً إلى مجموعة عوامل استجدّت أبرزها:

تغريدة اللواء جميل السيد، وما رشح عن أجواء لقائه برئيس الجمهورية ميشال عون، ما طرح الكثير من علامات الإستفهام حول دور سندباد والجهة التي استدعته. فبعيداً عن الحساب الشخصي بين اللواءين، حمل "تويت" مرشد الجمهورية ومسدّد خطاها، رسائل رئاسية بالغة المعاني والأهمية، من تقصّد "جنرال بعبدا" التأكيد أنه "عمل يلّلي عليه"، إلى"لطشه"حاكم "مقرّ المتحف" بتأكيد أن لا حاجة لوساطة بين بعبدا و"بلاتينوم"، وهو أمر صحيح إذ ما هو الحل السحري والنيترات الذي سيكتشفه لواء الأمن العام، بعدما "حفي كل من شديد وشقير على الطريق رايحين جايين" أكتر من ١٤ مرة؟ للعلم، فإن محاولة "حزب الله" واندفاعة سندباد، لن يكون مصيرها أفضل من تلك التي سبقتها قبل سنة، وأنهاها صهر العهد بكلمة واحدة من عين التينة، تشبه إلى حدّ كبير ما قاله رئيس الجمهورية. باختصار هي عملية حرق أصابع من جديد لمن يريد أن يستوعب.

حرب المقرّات المجهولة الأهداف، التي استعاد معها اللبنانيون مشهد حرب البيانات المبطّنة، أملا بترك مطرح للصلح، ففرملة اندفاعة اللواء، لتحول التوضيحات دون تجميد وساطته، فبعبدا نفت أن يكون المقصود "الرئيس النجيب"، و"بلاتينوم" كرّست نهج الإنفتاح على "الجنرال، قبل أن يستبعد الميقاتي نفسه في إطلالته عبر "الحدث" سيناريو الإعتذار، متحاشياً الحديث عن مهلة، كما درجت عادته، ما أوحى بأنه على درب سلفه سائر، لندخل بذلك جولة جديدة من المراوحة والمماطلة، بعدما أكل وفد الكونغرس الأميركي الضرب، كما سبق وحصل مع الفرنسيين. فالخطة بدت واضحة كعين الشمس حيث يتبارى الفريقان المعنيان في المزايدة حول الإيجابيات، متّكلين على ماكينة اللواء الدعائية من جوقة "حسب الله"، فيما المواطنون في وادٍ ثانٍ، رزق بعضهم على الله والبعض الآخر على ...

قنبلة نائب الضنية جهاد الصمد التي فجّرها في وجه الرئيس المكلّف، لجهة فضح ملفات تتعلّق بالإسم المقترح لتولي وزارة الداخلية والبلديات، وإن كان البعض من باب تخفيف الصدمة، وضعه في إطار التنافس الإنتخابي.

حضور الرئيس ميقاتي إجتماع نواب طرابلس، ما أوحى بأنه سلّم بعدم إمكانياته بأن يكون رئيساً للحكومة، وبالتالي، أعاد حساباته السياسية. فهل يعني ذلك نقل معركته إلى الساحة النيابية؟

تلقّف الرئيس المكلّف للرسالة الأميركية الواضحة وشروط التعاون معه، والتي يمكن عملياً الإستنتاج ببساطة أنها أكبر من طاقته على الإحتمال. وهنا، يدور الكلام عن أحداث متوقّعة بين 10 و12 أيلول، يستتبعها اعتذار نجيب العجيب، لتدخل البلاد مرحلة حرم دار الفتوى على أي شخصية سنّية لتولّي رئاسة الحكومة، وصولاً إلى مقاطعة سنّية كاملة للرئيس عون، ودخول مرحلة ترحيله من بعبدا موضع التنفيذ.

إذن، أين تكمن العقدة الحقيقية؟ وإذا كانت العقبة الأساسية لدى الرئيس عون، فلماذا قبِل نجيب العجيب ميقاتي التكليف، فهو إذا " ما مات ما شاف مين مات"؟ أمِنَ المنطقي أنه قَبِل الرهان من دون أن يحظَى بضمانات مسبقة تسمح له بالوصول إلى خواتيم سعيدة؟

"متل العادة يا بو سعادة "، عكّرت السلبية الأجواء الإيجابية، والحق على شياطين التفاصيل، التي "جِسمها لَبّيس وبتحمل"، فهل القصة "اشتدّي أزمة تنفرجي" أم هي "رمانة القلوب المليانة" بين بعبدا وبيت الوسط؟ نسأل مع الشاطر حسن.

وسوم: العدد 945