عندما تتناغمُ مواقفُ السَّاسةِ مع نبض الحراك الثوري
عندما تتناغمُ مواقفُ السَّاسةِ
مع نبض الحراك الثوري
محمد عبد الرازق
بهذا الموقف الذي عبَّر عن نبض الحراك الثوري في سورية يكون الأستاذ أحمد معاذ الخطيب ( رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة، و الثورة ) قد وضعَ النقاط على الحروف فيما ينبغي أن تكون وفقه العلاقة مع روسيا ــ سواءٌ الآن، أو في قادم الأيام ــ.
لقد تضمَّن هذا الموقف أمرين اثنين ينبغي على الروس أن يأخذوا بهما حتى يجلسوا في الطرف المقابل مع القيادة السياسية الجديدة للثورة السورية:
1ـ الاعتذار للشعب السوري عن عمليات القتل التي تقع له تحت الغطاء السياسي الذي توفره له روسيا في مجلس الأمن، و المدد العسكري الذي لم تألوا جهدها في إمداد نظام الأسد به على مدى ما يقرب من عامين.
2ـ رفض الدعوة الموجهة للأستاذ الخطيب في زيارة موسكو؛ لإجراء مفاوضات حول مستقبل سورية، و الاستعاضة عن ذلك بمكان محايد آخر. شريطة أن يتضمَّن الأمر جدول أعمال محددًّا، يتمّ الاتفاق على بنوده، و يتعهَّد الروس بالالتزام بنتائجه.
الأمرُ الذي جعل وزير الخارجية الروسي ( سيرجي لافروف ) يخرج عن حدود الدبلوماسية، و هو يعلِّق في المؤتمر الصحفي مع الأخضر الإبراهيمي ظهر اليوم ( السبت: 29/ 12/ 2012م )، على هذا الموقف الذي صدر عن الائتلاف الوطني ممثلاً بشخص رئيسه الأستاذ الخطيب.
لقد تجاوز الأستاذ الخطيب بهذا الموقف المطبات السياسية التي وقع فيها أسلافه من قادة المجلس الوطني في العلاقة مع الروس. لقد أرادوا منه أن يذهب، و يعود، ثم يذهب، و يعود؛ من أجل أن يُسمعوه جملةً من التبريرات حول مواقفهم السياسية تجاه ما يجري في سورية، ثمَّ ليخرجوا بعدها بتصريحات يقولون فيها: إنّهم ليسوا مع الأسد فيما يُقدِم عليه، و إنَّ السوريين هم وحدَهم من يقرر مستقبل سورية. و ليوصلوا رسائل إلى المعنيين بالشأن السوري ( داخليًّا، و إقليميًّا، و دوليًّا ): إنّه لا يمكن تجاوزهم في أيّة عملية سياسية يتمّ بموجبها رسم ملامح المشهد السوري.
لقد قرأ الأستاذ الخطيب المشهد جيدًا، فخرج بعدها بهذه المواقف التي أثارت حفيظة الوزير ( لافروف )، و جعلته يخلع من الأوصاف ما يشاء على شخص الأستاذ الخطيب، دونما مراعاة لأدنى قواعد اللياقة الدبلوماسية التي يمثلها كوزير للخارجية.
لقد اطلع على ما تناقلته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام ( الوكالة الرسمية )، و أكّدته وكالة أنباء الأناضول عن مغادرة ثلاثة سفراء أجانب دمشقَ عبر مطار بيروت:
ــ جانوت سندومنا ( رومانيا )، توجّه إلى بوخارست عن طريق اسطنبول.
ــ أزمات كولمو كوافيز ( روسيا )، توجّه إلى موسكو عن طريق دبي.
ــ برناتار فيرو باتشام ( الهند )، توجّه إلى دلهي عن طريق دبي أيضًا.
و اطلع كذلك على نتائج لقاء جمع بعض قيادات الحزب القومي التركي المعارض مع وفد من المعارضة السورية برئاسة رئيس المجلس الوطني، الأستاذ جورج صبرة. و هو اللقاء الأول من نوعه على هذا الصعيد.
و اطلع كذلك على ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية ( الجمعة: 28/12/ 2012م )، عن فيودرو لوكيانوف ( رئيس مجلس السياسات الخارجية، و الدفاعية في روسيا ): إنَّ روسيا ليستْ غافلة عن واقع الأمور، الدبلوماسيون الروس ليسوا أغبياء؛ إنّهم مدركون أنّ الأمور تسير باتجاه واحد. لقد بات معروفًا للجميع ما ستؤول إليه الأمور في نهاية المطاف؛ و لكن من غير المعروف متى سيحدث ذلك.
و قبل هذا، و ذاك عرف عن قرب التطوّرات الميدانية التي جعلت الإبراهيمي يصل إلى دمشق، و يغادرها عن طريق ( دمشق ـ بيروت البري )، عوضًا عن هبوطه في مطار دمشق الدولي، المغلق منذ ثلاثة أسابيع. و كذلك فعل مبعوثا الأسد ( فيصل مقداد، و أحمد عرنوس ) إلى القيادة الروسية؛ للاستفسار عن تفاصيل التفاهمات مع أمريكا لمرحلة ما بعد الأسد.
لقد كان الأستاذ الخطيب في مواقفه هذه متناغمًا مع نبض الحراك الثوري، الذي يرى في مواقف كلٍّ من روسيا، و إيران معرقلاً لأيّ حلٍّ سياسي ينتظر في سورية، و ليستا كما تروجان مركزًا لحلحلة الأمور؛ فهما شريكان للأسد، و أركان حكمه الوالغين في دماء السوريين على مدى واحد و عشرين شهرًا خلت.