لا تثقوا بالولايات المتحدة الأمريكية

د. حسين سرمك حسن

(5) أول دولة إرهابية في العالم

تدينها الأمم المتحدة بقرار رسمي

د. حسين سرمك حسن

عندما يأتيك اي مسؤول في الولايات المتحدة الأمريكية ، ويقول لك إن الولايات المتحدة سوف تساعدك على محاربة الإرهاب أو أنّها سوف تقود حملة ضد الإرهاب ، استأذن منه أولاً واذهب إلى أقرب تواليت ، وانفجر ضاحكا ، أو اضحك أمامه ، ما الفرق ؟ وحين يسألك : لماذا تضحك ؟ قل له أرجو أن تجيبني على هذا السؤال : من هي أول دولة في العالم أدانتها الأمم المتحدة بقرار رسمي وبالإجماع على أنّها دولة إرهابية وأنها تستخدم القوة في العلاقات الدولية بصورة غير شرعية أي بصورة إرهابيّة ؟

طبعا لن يصمت ، وسوف يدخل في عينك كما نقول في التعبير العامي العراقي بسبب صلافته وقبحه وسفالته .

الولايات المتحدة الأمريكية – أيها الأخوة – هي أوّل دولة في العالم ، وفي التاريخ المعاصر ، أدانتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بشكل واضح وصريح بأنها دولة إرهابية وتمارس إرهاب الدولة وذلك في حزيران عام 1986 .

صدرت الإدانة أوّلا عن محكمة العدل الدولية بعد أن قدمت إليها دولة نيكاراغوا شكوى بقيام الولايات المتحدة الأمريكية بعدوان مسلح مدمّر وبشع ضدّ أرضها وشعبها . اعتبرت محكمة العدل الدولية الولايات المتحدة الأمريكية دولةً معتدية تقوم بـ "إرهاب الدولة" ضد نيكاراغوا ، وعليها أن تتوقف عن قصفها فوراً ، وتقدّم لها تعويضات بمقدار 12 مليار دولار !! .

صدر القرار بالإجماع عدا صوت واحد معارض يؤيّد التدمير . من هو هذا الصوت ؟ إنّه صوت دولة الإجرام والقتل الولايات المتحدة الأمريكية . ولم تكتف الولايات المتحدة بالرفض فحسب .. بل انسحبت من المحكمة وسحبت اعترافها المُلزم بالمحكمة !!

ثم توجّهت حكومة نيكاراغوا إلى مجلس الأمن لضمان إلزامية القرار ، فاتُخذ القرار بالأغلبية عدا صوتين . من هما ؟ إنّهما صوتا الوحشية والقتل والعهر في السياسة الدولية : الولايات المتحدة وحليفها – أو قائدها ؟؟؟- الكيان الصهيوني اللقيط .

ثم ذهبت حكومة نيكاراغوا بشكواها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فاتخذت الجمعية  قرار إدانة الولايات المتحدة الأمريكية بالأغلبية ، وعارضته أصوات العدوان وفي مقدمتها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني اللقيط .

ودعونا نستمع للمفكر والمؤرخ الأمريكي الشهير "نعوم تشومسكي" وهو يتحدّث عن هذه السابقة التاريخية في كتابه ( القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية ) :

(الإستنتاج نفسه ينطبق على موقف الولايات المتحدة من قضية الإرهاب ، فالولايات المتحدة لا تصلح لأن تكون حَكَماً في هذا المجال لأربعة اسباب :

الأول أنها هي التي أدخلت الإرهاب في حياة العالم المعاصر ،

والثاني أنها هي الداعمة له في كل مكان ،

والثالث هو أنها أول دولة أُدِينت رسميا بالإرهاب من قبل المحكمة الدولية ،

 والرابع هو أنها الدولة الوحيدة صاحبة الريادة والدور الفعلي في دعم ورعاية الدول الإرهابية .

فالزعيم الحالي " للحرب على الإرهاب " وهو الولايات المتحدة هو الدولة الوحيدة في العالم التي أدانتها المحكمة الدولية بالإرهاب ، والتي استخدمت الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن يدعو جميع الدول إلى احترام القانون الدولي - ص 63 ) .

أي أن أول سابقة في تاريخ السياسة الدولية لما يُصطلح عليه الآن بـ "إرهاب الدولة" كان مرتبطا بالسلوك السياسي والعسكري الإرهابي للولايات المتحدة الأمريكية . هذه الدولة هي التي أدخلت مفهوم إرهاب الدولة عمليا في الحياة السياسية العالمية ، ولم تكن دول العالم تعرفها كمصطلح ومفهوم قبل ذلك ، كما أن الأمم المتحدة لم تتعاط معها إلّا على أيدي أمريكا .

إذن . لا تثقوا - أيها الأخوة - بالولايات المتحدة الأمريكية حين تتحدّث عن مكافحة الإرهاب ورفضها للإرهاب ، فهي أول دولة في العالم تُدان بتهمة الإرهاب من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية . 

لكن يبقى سؤال مهم جدا :

ما هو ملخص قصة إرهاب الدولة الأمريكي هذه ؟ ما هي قصة تدمير الولايات المتحدة البشعة لنيكاراغوا ؟ وكيف أخرجت هذا البلد المسكين من التاريخ والحياة مثلما فعلت بالعراق ؟ 

هذا ما سنقدّمه في الحلقة المقبلة .