حضرت أجيال العودة إلى برلين.. وغابت سفيرة فلسطين...!!

د. احمد محيسن

حضرت أجيال العودة إلى برلين..

وغابت سفيرة فلسطين...!!

د. احمد محيسن – برلين

مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر في برلين.. هو المؤتمر المعجزة.. وهو الصوت الأعلى في أوروبا.

هذه طلائع أجيال العودة التي توافدت إلى برلين العاصمة من كل حدب وصوب.. ليولد مؤتمر فلسطين المعجزة التي تحققت.. مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر في برلين يوم 25/04/2015.. برلين هي عاصمة العواصم.. وقاهرة المهزومين.. وها هم مخلصي أبناء شعبنا يسيرون في مؤتمر العودة في برلين بين حبات المطر.. وقد تخطوا بسلام كل الألغام والتفخيخات التي نصبت لمنع انعقاد مؤتمر التحدي والإصرار في قلب أوروبا برلين.. وذلك بصنع وبكيد الكائدين وحقد الحاقدين.. ومكر من عاونهم وحرضهم ولقنهم وزور لهم المعطيات.. وحرض على شرفاء الأمة وعلى مؤتمر فلسطين الجدار المانع .. الواقي لقضيتنا وحقنا في عودتنا وصوتنا في الشتات..!!

كم تمنينا أن نتجاوز كتابة ما ورد في أعلى ما كتبناه.. حضرت أجيال العودة من معظم الأقطار الأوروبية إلى برلين.. وغابت سفيرة فلسطين عن عرس فلسطين.. خاصة في ظل هذه الهجمة الشرسة التي تعرض لها أبناء شعبنا من الصهاينة في برلين.. وهم ماضون في تحضيراتهم لانعقاد مؤتمر العودة في برلين.. وعودوا إلى الصحافة في ألمانيا حول انعقاد المؤتمر...!!

فعلى مدار أيام أسبوعين قبل انعقاد المؤتمر.. كان هناك تشويه ممنهج من الصهاينة للمؤتملا ولمنظميه.. ووصفنا بالإرهاب.. بل وفي كل يوم كنا نصحوا على أكاذيب الصهاينة التحريضية في الصحافة الألمانية .. دون أن نسمع كلمة أو تصريحا فلسطينيا  رسميا من سعادة سفيرتنا في ألمانيا.. أو من الناطق الإعلامي في السفارة الفلسطينية في برلين .. تماما كما يحصل مع سفارات دول العالم وهي تمثل رعاياها في الخارج.. سيما ونحن المشردين اللاجئين المحتلة بلادنا.. فلم نرى أو نسمع من سعادة سفير فلسطين في ألمانيا.. ما يسعف أو يضمد الجراح أو التفكير بعقد مؤتمر صحفي كما تفعل كل الدول المحترمة وهي تذود عن أبناء شعبها عندما تحل بهم مصيبة ونحن نتكلم همنا عن مؤتمر سلمي ينادي بحقنا في عودتنا...!!

ونحترم حضور الأخ الفاضل عبد الهادي الذي أوفدته سعادة سفيرة فلسطين في ألمانيا ليلقي كلمة في المؤتمر نيابة عنها.. واعتذر الأخ الفاضل عبد الهادي عن عدم تمكن حضور السفيرة الدكتورة خلود دعيبس للمؤتمر " لظروف عملية طارئة " .. ورفض الجمهور هذا الإعتذار بطريقته..!!

نريد سماع توضيحا رسميا من سعادة سفيرة فلسطين في المانيا الدكتورة خلود دعيبس .. لعدم مشاركتها أبناء شعبنا مؤتمر العودة في برلين.. والذي حضره الألوف المألفة من كل الأقطار الأوروبية وغيرها.. وتكبدوا وتجشموا عناء ومشقة السفر ليرفعوا ألوية العودة من برلين...!!

ونريد أيضا تعليلا لسكوت السلك الدبلوماسي الفلسطيني على ما ورد في الصحافة الألمانية من تشويهات للمؤتمر وللقضية الفلسطينية.. وعدم التحرك في التصدي ولو بالكلمة والتلويح بعقد مؤتمر صحفي حول الموضوع...!!

نمتلك الحق بأن نطرح هذه الأسئلة.. لأنكي يا سعادة السفيرة تمثلين الكل الفلسطيني في ألمانيا.. وأذكرك هنا عندما خاطبتك شخصيا قائلا .. كوني سفيرة لكل الفلسطينيين يا سعادة السفيرة.. أتذكرين ذلك ..؟!

نعم هذا شأننا ويخصنا ويتعلق بالكل الفلسطيني.. ومن حقنا أن نستفسر ونطلب توضيحا وتعليلا.. جعلكم تتركون أبناءكم تحت المزراب والمطر  دون أن تضمدوا الجراح...!!

ولن نطلق الأحكام جزافا قبل أن نسمع من طرفكم سعادة سفيرة فلسطين في ألمانيا الدكتورة خلود دعيبس إجابة على أسئلتنا المطروحة على من يمثلنا في ألمانيا...!!

لقد كان وما زال  مؤتمر الذين يرفعون ألوية العودة إلى الديار.. هو مؤتمر فلسطين الجرح النازف.. مؤتمر صوت فلسطين الحر الصادق في قلب أوروبا.. سماء الحرية والديمقراطية الحقيقية في برلين.. هي برلين.. هي لب البر ولب اللين.. وثبت ذلك القول بالفعل المادي في برلين.. ورأينا ذلك يرتسم على جباه جيش من المحضرين والمعاونيين والقائمين والمنظمين للمؤتمر...!!

وكأنك تحزم أمتعة العودة إلى فلسطين.. وكانت عناية الله وحفظه ورعايته.. كانت تحف كل شبر تطأه أقدامنا ونحن نحضر ونتصدى للهجمات البغيضة الموجهة .. وكانت تحمل كل كلمة نلفظها على أجنحة الملائكة.. وكانت تسدد القول في مكانه.. فلا تعجبوا من هذا الوصف المعجزة.. فقد ذهلت شخصيا من حجم وعظم تساهيل المولى في ظل وجود أكبر وأضخم وأعنف هجمة منظمة مبرمجة ضد المؤتمر وضد العمل الجماهيري الفلسطيني في سابقة لم تشهد أوربا لمثلها مثيلا.. كما وذهل الإخوة والأخوات المنظمين والساهرين والساعين والمضحين لفلسطين.. وهم يواصلون الليل بالنهار من أجل رفع كلمة الحق فلسطين في برلين.. ذهلنا ونحن نشاهد الأبواب المؤصدة تفتح لفلسطين بأعجوبة وبقليل من العناء.. وكيف سخر لنا الله بمن يحمل معنا من الأصدقاء والمناصرين من الأجانب لقضيتنا.. وهم يبذلون ويضحون وينصحون ويضعون رقابهم على المقاصل من أجل فلسطين.. وذلك على كل المستويات.. وغابت سفيرة فلسطين...!!

فلا تعجبوا من تحقيق المعجزة وانعقاد المؤتمر ونحن نعلم سطوة الخصم وإمكانياته وقوته ويده الطائلة هنا.. لا تعجبوا من تحقيق الذي كان في نظر البعض من المستحيلات.. لا تعجبوا .. لأنها هي فلسطين وقضية شعبها وإخلاص العاملين في تلك الأيام المشهودة.. ودعاء أهلنا وأحبتنا.. وكانت عين الرحمن ترعانا.. وهي لأنها برلين.. البر واللين.. بر ولين بمن يحمل الوطن في كبده ووجدانه وحله وترحاله ...!!

وكما قال الحبيب أبو البراء عادل عبد الله..  وقد أدمع أعين الحاضرين في قاعات وصالات وباحات الأرينا حيث انعقد المؤتمر.. وذلك حين قال..  " ولأننا هنا في برلين.. هنا في عاصمة الحبيب الشهيد الخالد في وجداننا وليد أبو شوارب ..أبو خالد.. عليه الرحمة وجعل الجنة مثواه" ...!!

وهي برلين عاصمة القابضين على الجمر.. من مخلصي وشرفاء الأمة.. وهي برلين عاصمة الشتات الفلسطيني بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. وهي برلين عاصمة من دافعوا عن مخيماتنا في لبنان وفي كل مكان.. وهي برلين التي خدمت أجيال العودة بمؤسسات حقيقية موجودة على الأرض.. وتنظر إلى العودة وتربي وترعى وتخدم أبناء العودة.. وهي برلين عاصمة قررت أن تنفض عن عن نفسها كل الغبار الذي تكدس وسقط عليها..  وهي برلين التي ستبقى تعلي الصوت عاليا في وجه كل الظالمين.. وهي برلين التي قررت ومعها كل الأحرار والغيورين والثابتين الثابتين من أبناء أمتنا.. بأن لا يترك شأن شعبنا تتقاذفه أمواج اللهو والهراء.. والتداول فيه بعبثية لا بد وأن تنتهي ويوضع الحد لها.. فكفانا عبثية واستخفافا في أشرف وأقدس وأطهر قضية...!!

هي برلين وأخواتها التي تدرك بأنها لا محالة ستقابل أبو عمار والياسين.. وهي برلين التي ستلتقي  في عليين مع أبو جهاد والرنتيسي والشقاقي..  وهي برلين التي ستسلم على أبو علي مصطفى وعمر القاسم.. وهي برلين التي تضمد الآم جرحانا وأسرانا وثكلانا .. وهي برلين وأخواتها التي بقية وفية لمخميمات الشتات في حملات الوفاء.. وهي برلين التي لا تخشى من يرفع الأسواط في وجوه أبناء شعبنا.. وهي برلين التي تعودت على قول الحق وﻻ تخشى فى الله لومة ﻻئم.. وهي برلين التي لا تخشى من  يصفون شعبنا بالإرهاب وهم أهل التحرير والعودة.. وأرضنا سلبت وقسمت.. وعلى درب التحرير والعودة قدمنا الشهداء والأسرى والجرحى ونعيش في مخيمات الشتات بأغلبية ثلثي شعبنا.. وما زلنا نرزح تحت نير أبشع احتلال عرفه التاريخ.. ومن حقنا أن نجتمع في برلين الديمقراطية والحرية.. لنطالب المجتمع الدولي بتنفيذ ما أقرته الشرعية الدولية.. بحقنا في عودتنا إلى ديارنا التي هجرنا منها.. وهذا حق مكفول بكل الشرائع والقوانينين...!!

وكان إصرارنا على انعقاد المؤتمر في الموعد الذي حدد له.. وببرامجه المعلنة وبكله وكليله وتشكيلاته وأدواته وضيوفه وألوان طيفه.. التي تصنع شمس العودة التي تقترب يوما بعد يوم.. وحج الحجيج إلى برلين .. وحضرتم وشرفتم ونورتم وزدتم من عزيمتنا في برلين.. واستنهضتم هممنا.. ووسعتم مداركنا.. وأزلتم التكلس الذي يعتري المفاصل...!!

كل طفل حضر المؤتمر في برلين.. كان بمثابة سفير حقيقي لفلسطين.. أنتم حصاد سنبلة زرعت في فلسطين وأنبت زرعا في برلين.. أنتم الصوت الأعلى في أوروبا.. وأنتم تخاطبون أرواح الأمة..  خطاب سيبقى على الماديين من القوم فهمه.. وسيبقى مؤتمركم هذا خالدا في الوجدان.. وسيسجل التاريخ هذا الإنجاز بكل تفاصيله في صفحات مسيرة التحرير والعودة...!!

فأنتم سفراء  فلسطين الحقيقيون.. وأنتم  خير من يعبر للعالم  في حلكم وترحالكم عن الوجع الفلسطيني.. لأنكم ولدتم من رحم معاناة هذا الشعب.. ولامستم همومه والآمه وعرفتم معاناته.. وتتمسكون بالثوابت العربية الفلسطينة.. وفي مقدمتها حق  العودة الأكيد.. العودة إلى الديار التي هجرنا منها بسطو مسلح...!!

وليعلم العالم.. بأن شعب يملك هذا المخزون من الطاقات والكنوز البشرية.. لا يمكن أن يهزم...!!

الشكر  كل الشكر والتقدير والعرفان للإخوة القائمين على تنظيم المؤتمر.. ولكل من بذل جهدا  في إنجاحه.. وساهم وحضر وسهر وبذل وعمل من أجل أن يولد هذا المؤتمر المعجزة.. هي لجان عديدة.. وجيش من العالملين المخلصين من مختلف الأعمار والجنسيات.. والكل يتعبر نفسه أولا  فلسطيني الإنتماء والهوى.. ومن ثم يذكر لك جنسيته.. يتسابقون في البذل والعطاء وإنجاز المهمات الموكلة لهم .. كخلايا النحل في كل المواقع تعمل بجد وتفان.. ليخرج العسل الصافي.. إخوة وأخوات .. شباب وشابات.. رجال ونساء وأطفال... فنانيين مغنيين ومنشدين عازفين ممثلين.. أهل الطباعة والتصاميم.. طهاة.. نجارين.. فنيين يعرضون التراث والطعام العربي الفلسطيني.. وهناك من حاك الزي الفلسطيني بأجمل حلله.. وهناك من العيون التي سهرت وتابعت حفظ الأمن في المؤتمر وما قبله وما بعده.. وهناك من عمل على تأمين وصول المواد هنا وهناك .. وتابع وأحصى.. وهناك من جلس أمام القاعات لساعات خلف أجهزة الحاسوب بتقنية متميزة.. وهناك أطفالنا صنعوا مفتاح العودة بطول مئة وثلاثين سم.. وهناك أطلس فلسطين الذي صممته وعملته رابطة المرأة الفلسطينية ألمانيا.. وبمشاركة أبناء فلسطين في الشتات باللغة الألمانية.. وهم يتحدثون عن بلداتهم وقراهم ومدنهم في فلسطين.. عمل رائع جبار.. تعجز عنه وزارات وسفارات.. هي أيدي بيضاء نظيفة طاهرة مخلصة لفلسطين.. بحثت عن طرق العطاء لفلسطين.. فوجدته يتجسد في هذا المؤتمر.. للثقة بلا حدود في مفاصله وفسيفساءه.. وتقبلنا مقولة يا احمر الخدين ..  قالوها عندما لم يجد البعض عيبا في الورد...!!

 فأنت يا مؤتمرنا الثالث عشر في برلين .. يا معجزة تحققت على الأرض وراهن من راهن على عدم ولادته.. أو تمنى له ولادة ميتة.. لكن الله لهم بالمرصاد.. والجهود التي بذلت هي جهود تفوق  قدرات التحمل البشري.. ورغم الضغوطات الهائلة والتوتير للأجاء والتحريض على المؤتمر.. هي ضغوطات فوق العادة .. انحنى لها من انحنى.. وركع لها من ركع.. وطأطأ الرأس لها من طأطأ..  أما مؤتمرنا فقد انحنى له التاريخ...!!

إنا نرى في الأفق ما يستحق النظر.. وفي المدى نصر  قادم... يرونه بعيدا ونراه قريبا.. وخلي كل الدنيا تسمع.. فلسطين حرة ما راح تركع...!!

ويا جبل ما يهزك ريح..!!