ما ضاع حق وراءه من يطلبه

م. سليمان أبو الخير

ما ضاع حق وراءه من يطلبه

م. سليمان أبو الخير

جرحنا يا خلق الله اكبر من أن ندعي أن زمنا ما سيعفو عليه فيندثر!!

جرحنا يا خلق الله أوسع و أرحب من أن يندمل!!

جرحنا يا خلق الله جراحات كثيرة مريرة!!

جرحنا يا خلق الله فيه كل معاني الموت الزؤام الذي ألفناه و ما عدنا نخشاه!!

جرحنا يا خلق الله فيه كل عذابات الأرض التي ناءت بما عليها و مادت فما فائت!!

جرحنا يا خلق الله فيه كل خبث سرى بين ألأرض و السماء مجللا بالشر المطلق!!

جرحنا ما له من وصف في كل لغات الدنيا.. ما عاش منها و ما باد و ما هو آت!!

جرحنا اجتمعت له كل شياطين الجن و الإنس فأشبعته ظلاما و صلفا و بغيا و عدوانا...عدد ما شئت من مفردات لن تفي بالعرض و لن تؤدي الغرض!!

جرحنا يا خلق الله اجتمعت فيه كل الدماء الزكية، خالطتها من الطرف الأخر كل الدماء العفنة الخبيثة، دماء قرامطة جدد.. و مغول و تتار و رومان و عباد نار و أكلة فئران..و قتلة ثيران!!

جرحنا استعصى حتى على الموت، ففي كل ركن لا تسمع سوى الانين، و لا تخطئ عينك جور السنين!!

جرحنا خلد للتاريخ اسماءا كثيرة

فيها الأشرار

و الفجار

و السماسرة بالقنطار

و كل موتور ثرثار

جرحنا...حريق و قتل و دمار...

الموغلون فيه اتو على كل شئ فما ابقوا و لم يذروا!!

 

المشاهدون له كثيرون..ماتت النخوة فيهم، مات الضمير...ماتت البقية الباقية من كل الأحاسيس...تبلدوا أي و الله تبلدوا

جرحنا يا خلق الله من طراز خاص يأبى الله و التاريخ من بعد ذلك أن ننساه...

هو من صنع غيرنا لنا... أن شئت أن نعددهم لن نستطيع، هم كثيرون..نعرفهم تماما كما نعرف أبنائنا.. لكننا اعجز من أن نعدهم..

هم البيض..

هم السود..

هم الملونون بكل أشكالهم..

هم الفرس..

هم الروس..

هم النصيريون..

هم الصهاينة..

أن لم يكونوا لنا أعداء، فمن المؤكد إنهم لن يكونوا لنا الأصدقاء

هم أهل الشقاق

و النفاق

و البصاق

و مساوئ الأخلاق

هم الأسدين بكل نسلهم من علا منهم مثل اليباب و من دنى دون النعال!!

هم أصحاب العمائم السود تشبه سواد قلوبهم!!

أطغاهم في طهران

و أحقرهم في لبنان

هم و الله ليسوا ممن يعرفون نهج خذ و هات!!

هم ما عادوا مع المتفرجين على مسرح محار الشمس، يرقبون الهدم والدم، و دفن الناس أحياءا، ما عادوا كذلك، صاروا على راس من يخطط و ينفذ،

هم ممن قادوا الطائرات الحربية، فدكوا بصواريخها المدن على رؤوس ساكنيها

هم ممن أفتوا بمحق الصغار قبل الكبار كي ينقطع النسل قربة إلى الله...

هم ممن اسجدوا العباد لغير الله...

هم من احتار من كيدهم إبليس...فعلى يده كنا نعد القتلى ، أما على يدهم فلقد أعيتنا الحيلة في عد المجازر!! حتى اختلطت عندنا معاني البراءة و الحياة  بمعاني الدمار و الخراب و الفناء..

كيف لنا أن ننسى؟!!

يا عباد الله من أمن منكم و من كفر، من عاش منكم و من امتدت له يد الغدر فمات، يا طوب الأرض من بقي منه واقفا صامدا، وما اندك في كل المدن و الأرياف و الأطيان السورية كانت شاهدا لأقوام أبدعوا فأشادوا، و اليوم أغار عليها البرابرة الذين ما شهد التاريخ لهم مثيلا دكوها فأفسدوها، يا كل هؤلاء و هؤلاء و هؤلاء، أن كان فينا أو بيننا من جيلنا، أو من سيأتي من بعدنا من أحفادنا، من سينسى..ألقموه مع ثدي أمه حليبا منشطا للذاكرة إلى حلبيها، يبقيه يقضا إلى يوم الدين، كيلا يعتري أحدا منا الذبول أو النسيان، أيقظوا دوما حكاية مفادها "القصاص" و انه ما ضاع حق وراءه من يطلبه...

(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)

يقيني أننا ننتمي إلى امة لا تعرف الضيم... و لا تنام عن الأخذ بثأرها مهما طال الزمن أو قصر و مهما تداركتنا الليالي وكرت علينا بكل تقلباتها الأيام!!!

يا أهل الشام الله وكيلي عليكم و حسيبي و حسيبكم.