لا يمكن لرأس الأفعى أن يعيش بدون جسم

د.عبد الغني حمدو

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

يذكر لنا التاريخ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه , بينما كان يخطب الجمعة , إذ خرج عن سياق الخطبة وقال (ياسارية دونك الجبل ) , فسمع الصوت جيش المسلمين في العراق , بقيادة سارية , وكانوا في الوادي والأعداء حاولوا الالتفاف عليهم من الجبل , ووصلهم صوت عمر وتداركوا الموقف وأفشلوا خطة الأعداء . ولو قارنا نلك الحادثة بواقعة أخرى , في حرب ال1967 , وكيف أن اسرائيل استطاعت شراء حافظ المقبور وباعها الجولان , ومنها قمة جبل الشيخ , لتهدد العاصمة السورية من خلالها

في أي معركة كانت , عليك أن تفكر أولا بنقل المعركة لأرض عدوك , فنقل المعركة لأرض العدو يقدم لك فائدنين رئيسيتين , الأولى تقليل الخسائر البشرية والمادية في أرضك , والثانية تحطيم مقدرات عدوك اللوجستية وادخال الرعب في صفوف قواته .

فبعد أن تحولت الثورة السلمية لثورة مسلحة , نتيجة لجرائم النظام المرتكبة , واجبار الثوار على حمل السلاح للدفاع عن النفس والممتلكات , كانت الثورة كلها بعيدة عن أرض العدو وتجري في أرضنا , بحيث مكنت المجرم من ارتكاب أفظع الجرائم , وما زال يمارسها بأريحية مطلقة , لأنه على يقين أن القصاص من الداعمين له لن يتم .

إن نقطة ضعف العصابات المجرمة يعرفها الجميع , وهذه النقطة ليست محمية بالقوة التي تمتلكها , وإنما محمية بضعف القوى المضادة فيها , وإهمالها من قبل الثوار والداعمين للثورة .

فلو عرضنا خطتنا تلك على الداعمين للثورة , لوجدتهم يلوون أعناقهم ويتحولون لمكان آخر , لأن دعمهم لايمثل مصداقية واقعية , وإنما عبارة عن تمثيل مصطنع لاأن هذا الدعم يطيل من عمر الحرب القائمة بين العصابات الحاكمة , وبين الثوار حتى تصل البلاد لمرحلة الانهيار التام ليتم تقاسم البلاد على هواهم . ودعمهم هذا لايمثل إلا بوجبات غذاء تقدم للمعتقلين في حدها الأدنى حتى تُبقي المعتقل على قيد الحياة .

فرواد الفنادق العالمية من المعارضة السورية , وعناصر الجيش والذين انشقوا وتركوا البلاد وغادروها في حماية الدول المجاورة أو البعيدة , والذين يجمعون التبرعات , فعندما تطلب منهم السيطرة على قمة الجبل , يقولون لك لايوجد دعم مادي , وفي تصريحاتهم وأقوالهم وجمع الملايين العلنية والسرية تعطيك عكس هذه الادعاءات .

والدول المتضامنة مع الثورة حالها كحال رواد الفنادق , فالكل لايريد انتصار الثورة , ولا يريدون انتصار المجرم بشار , حتى يصل الفريقان لمرحلة يرضيان بأبسط الحلول , بعد دمار البلاد والعباد .

وبعد انهيار المنظومات الأمنية لكيان عصابات الاجرام ونفوق الكثير من قياداتهم الميدانية , تحولت المعركة علناً إلى صراع مكشوف بين إيران ومن يواليها من القوى الموجودة في الدول العربية , وبين القوى الثورية , وبدعم صيني وروسي .

ولعل القاريء أو الباحث يسأل السؤال التالي :

 ماهو الحل ؟

إن حربنا  في الفترة الماضية هي حرب مدن , وهي بين كر وفر , وهي خليط بين الحرب النظامية , ليست متكافئة القوى , وبين حرب العصابات , ودخول القوات الايرانية ومن والاها في معركة مكشوفة , لن نجد خلاصاً من هذه القوى إلا بجرها لأماكن قريبة من جسم الأفعى , وذات طبيعة طبوغرافية مناسبة لشن حرب العصابات عليها, تقوم بتقطيع ذلك الجسم الخبيث ليتم ومن ثم الدعس على رأس الأفعى , وهي حتمية انتصار الثورة السورية المباركة .