قم يا مصري
حسام مقلد *
يكاد يُجمع الخبراء والمحللون أن مصر قد شهدت في صمت وهدوء يوم الخميس الموافق 14/6/2012م انقلابًا عسكريا ناعماً على ثورة 25يناير المباركة سيطر فيه الجيش بالكامل على السلطة، وذلك من خلال أحكام المحكمة الدستورية، ولم يكن الأمر مفاجئا بقدر ما كان صادماً ومؤلما، وقد سبق وهدد الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء المصري رئيس مجلس الشعب شخصيا الدكتور سعد الكتاتني بحل مجلسه قبل ذلك بنحو شهرين، وقال له: "قرار حل مجلس الشعب جاهز في درج المحكمة الدستورية...!!"
وفي سياق هذا الانقلاب العسكري الناعم وقبل قرارات المحكمة الدستورية بنحو يوم واحد يأتي منحُ ضبَّاط صف المخابرات الحربية وضباط صف الشرطة العسكرية سلطةَ ضبطِ المخالفين ومرتكبي الجرائم... فمن يضمن للشعب المصري أن هذه السلطة ستُستخدم في موضعها ومكانها الصحيح؟ ومن يضمن ألا يظهر بيننا خالد سعيد آخر هنا أو هناك؟!!
في الحقيقة لا أبالغ إن قلت: إن المجلس العسكري المصري يلعب بالنار، وإن كان يظن أنه سينجح في سرقة الثورة والانقلاب عليها بطريقة قانونية ناعمة فهو واهم... واهم...!! ولا يظنن رجالات هذا المجلس أن الشعب المصري عام 2012م هو نفس الشعب المصري عام 1954م، كلا... كلا، ومخطئ جدا جدا لو تعامل مع المصريين بهذا المنطق، فما نجح وقتها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينجح الآن... فعقارب الساعة لا ترجع للوراء!!
وربما ظن المجلس العسكري أن ثورة 25يناير المباركة قد انتهت... وأن خطته في تمزيق الثوار قد نجحت... وربما توهَّم أنه كان بارعا في استنساخ نظام مبارك وإعادة إنتاجه بشكل قانوني، وأنه سيفاجِئ العالم بمبارك المستنسخ والمعدل إعلاميا في غضون أيام قليلة...!!
وبكل ثقة نقول للعقول المدبرة لهذا الانقلاب الناعم: عفواً أيها السادة لقد أخطأتم التقدير هذه المرة... ولم تحسنوا فهم شخصية الشباب المصري المعاصرة، إن مشكلتنا ليست الصراع بينكم وبين الإخوان المسلمين، وتصوير الأمر على هذه الصورة فيه استهزاء بعقولنا واستخفاف بمشاعرنا...!!
وليعلم المجلس العسكري أن الشعب المصري يرفض وبشدة الضرب على القفا... ويوجه جميع المصريون رسالة شديدة الوضوح للمجلس العسكري قائلين له: "احذر غضب الشعب المصري... ولا تتذاكى عليه، وتدبر لخيانته وخداعه تحت ضغط القوى المنتفعة من عودة نظام مبارك (داخلية كانت أو إقليمية أو دولية) ... وثق تماما أنه لا يمكن أبدا إجبار المصريين على القبول بحكم أحمد شفيق... وعودة نظام مبارك البائد مهما كانت الظروف ... "
وبكل وضوح وصراحة نقول لرجالات المجلس العسكري أنتم واهمون إذا كنتم تظنون أن الشعب المصري سيرضى بالذل والهوان ثانية... ونتمنى منهم أن يتدبروا أمرهم... ويستعيدوا رشدهم وصوابهم ... وليتعاملوا مع الواقع بروح جديدة تختلف عن منطق الخمسينيات... فالزمن لا يعود للخلف... وإلا فليستعدوا لجعل ثورة مصر المباركة التي أشاد بها العالم تأخذ مسارا آخر كمسار ثورتي سوريا وليبيا... وليحتملوا حكم التاريخ عليهم!!!
ليعلم المجلس العسكري أن الشعب المصري يرفض وبشدة الضرب على القفا.... ويوجه جميع المصريون رسالة شديدة الوضوح للمجلس العسكري قائلين له: احذر غضب الشعب المصري... ولا تتذاكى عليه تحت ضغط القوى المنتفعة من عودة نظام مبارك... وإلا فاستعد لإراقة حمامات الدم في جميع الميادين المصرية... مادمت قد خنت الأمانة وناصرت الثورة المضادة بل قدتها بتخطيطك... وعلى الثوار الأحرار أن يجهزوا أكفانهم ويستعدوا للشهادة في سبيل الله، وفي سبيل حماية أوطانهم وأحلامهم من السرقة... وليستعد مجلسنا العسكري لمواجهة العالم عندما تملأ برك الدم المصري ميادين مصر كلها...!!
ونرجو ونتمنى من المصريين أن يوقفوا هذا السيناريو المظلم من خلال النزول بالملايين لصناديق الاقتراع لاختيار مرشح الثورة لإنقاذها من الضياع وإيقاف هذه المهزلة سريعا، ولعل الأيام تخبئ لنا مفاجأة سارة قريبا جدا بإذن الله تعالى... وإلا فليستعد الجميع لأشد انفجار اجتماعي سياسي في التاريخ... هذا ما يقوله علم الاجتماع السياسي ويؤكده الخبراء وتجارب الآخرين... وإن غدا لناظره لقريب... وما هي إلا ساعات...!!! "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
* كاتب إسلامي مصري