رسالة إلى الناخب المصري الحر

بدر محمد بدر

رسالة إلى الناخب المصري الحر

بدر محمد بدر

[email protected]

كان يوم السبت الماضي من أصعب الأيام التي مرت على الشعب المصري، منذ انطلاق الثورة وانهيار النظام البائد قبل أكثر من عام، إنه اليوم التي صدرت فيه الأحكام على العصابة التي كانت تحكم مصر، شعر الجميع بالظلم والقهر بسبب براءة من شاركوا في القتل، فهل يمكن أن يفلت الجناة من العقاب، هكذا جهارا نهارا بكل سهولة؟!

لا يمكن أن يقبل الشعب المصري بعد الثورة إهدار العدالة وضياع حقوق الشهداء، وإفلات كبار المجرمين من العقاب.. لابد من تقديم أدلة إدانة مادية حقيقية، وإعادة المحاكمة من جديد حتى يهدأ ثوار الشعب ويتحقق العدل، ثم نستكمل معا مسارنا الديمقراطي، وبناء مؤسسات الدولة الجديدة، والانتهاء من جولة الإعادة يومي السبت والأحد 16 و17 من يونيو الجاري لاختيار رئيس مصر القادم، وهو المسئول الأول عن إعادة المحاكمة والقصاص للشهداء، وردع المجرمين والقتلة.

وأعتقد أن هذه الأحكام الصادمة حسمت مواقف كثير من المترددين والذين يفكرون في المقاطعة، لصالح الانحياز للثورة ومرشحها د. محمد مرسي، وضد إعادة استنساخ النظام السابق، لكن بعض السياسيين الفاشلين والمثقفين المعزولين عن الشعب، يصرون على ترويج الأكاذيب وإثارة الغبار وتخويف الناس من الإخوان المسلمين، ومن حق الناخب الحر أن يعرف ويناقش ويسأل وأن يبني رأيه على حقائق واضحة، ومن تعرض للظلم لا يجوز أن يشارك في ظلم الآخرين.

لقد شارك الإخوان المسلمون في البرلمان المصري منذ عام 1984 على قوائم حزب الوفد، وشاركوا في عام 87 على قوائم حزبي: العمل والأحرار، وشاركوا في الانتخابات الأخيرة (2011) متحالفين مع أحد عشر حزبا سياسيا، ولم يقل أحد عنهم طوال أكثر من ربع قرن من الممارسة السياسية ما يردده الآن بعض دعاة العلمانية واليسار والماركسية وبعض مدعي الليبرالية، من أن الإخوان يدعون إلى الدولة الدينية، بمعنى حكم رجال وعلماء الدين، وهو ادعاء أجوف لا أساس له.

أيضا شارك الإخوان في العمل النقابي منذ عام 1984، وقادوا مجالس إدارات نقابات كبيرة مثل: الأطباء والمهندسين والعلميين والصيادلة، وشاركوا في مجالس نقابات: المحامين والصحفيين والتجاريين والزراعيين وغيرها، فحققوا طفرة في الخدمات النقابية (مشروعات العلاج، ومعارض السلع المعمرة، وصناديق التكافل، وتبني المشروعات الصغيرة، وطرح مشروعات الإسكان وزيادة المعاشات وغيرها)، كما شجعوا المهنيين على المشاركة الإيجابية في العمل الوطني العام.

وعندما لم يجد النظام حلا لوقف جهود الإخوان أصدر القانون رقم 100 لسنة 93، وهو ما أدى إلى شلل معظم هذه النقابات وفرض الحراسة عليها لمدة تزيد عن 15 عاما، توقف فيها تطوير العمل النقابي والمهني بشكل كبير، وبالطبع هذه النقابات فيها المسلم والمسيحي، والعسكري والمدني، والرجل والمرأة، ولم يقل أحد إنهم استغلوا هذه النقابات لصالحى أعضائهم، أو أنهم فرقوا في المعاملة بين أبناء المهنة الواحدة، بل شهد لهم جميع المنصفين بالأمانة والإخلاص ونظافة اليد.

كما يشارك الإخوان في أعمال البر وخدمة المجتمع منذ تأسست دعوتهم قبل ثمانين عاما، وقدموا ما يستطيعون من مساعدات للفقراء والمساكين، وتحملوا في الستين عاما الماضية، الكثير من العنت والظلم والاضطهاد، ويكفي أن أشير أنهم قدموا 32 ألف معتقل سياسي في أيام مبارك وحدها، وأغلقت لهم 1400 شركة، وتم منع 3200 منهم من السفر لأسباب سياسية، كما تم استبعاد أكثر من 11 ألفا من الوظائف الرسمية.

ومع ذلك لا يمن أحد من الإخوان أبدا على الوطن، ولا تتباهي الجماعة بحجم تضحياتها، ولكنها للتذكرة فقط لمن يتطاولون الآن عليها.