طفولة في وجه الرصاص

حمزة العبد الله

طفولة في وجه الرصاص

حمزة العبد الله

في عالم الأرقام، قد يبدو الألف كالصفر أمام مليون أو أكثر، أما في عالم الإنسانية فإن الشخص يحدث فرق، وخصوصاً لو كان يحمل براءة الطفولة مع عدالة القضية، وهذا ما يتجدد يومياً من خلال أرواح الأطفال الظاهرة التي تصعد نحو خالقها برصاص قوات أمن النظام السوري وجيشه النظامي.

تمر في هذه الأيام ذكرى استشهاد الطفل حمزة الخطيب ذي الثلاثة عشر عاماً، والذي بات أيقونة مهمة من أيقونات ثورة الكرامة في سورية، بعد أن قُتل برصاص قوات الأمن التي احتجزت جثته، لتسلمه لأهله فيما بعد وقد شوّه وتم قطع عضوه التناسلي.. وهذه ليست الحالة الوحيدة في اطار تعذيب وتشويه جثث الأطفال واستهدافهم، فسجل الثورة مليء بنماذج من الأطفال الذين تم استهدافهم وقتلهم خلال عام ونيف من عمر الثورة.

قبل أيام صدمت بخبر وضعه أحد من أعرف على صفحته على الفيسبوك يحكي عن قصة أخته وأولادها الخمسة الذين تتراوح أعمارهم بين أربعة أشهر وأربعة عشر عاماً على ما أذكر، بينما كانوا بطريقهم من منطقة الغاب – التي تتبع إدارياً مدينة حماة – متجهين نحو مدينة حماة، حينما تعرضوا للخطف من قبل قوات الأمن السوري وعصابات النظام، ليتم العثور عليهم بعد يومين في منطقة المصياف – حنوب غرب حماة – وهم مقطعي الأشلاء وجثة الطفل الرضيع مفقودة. لتتلوها جريمة شنعاء في منطقة الحولة بحمص بذبح ما يزيد عن خمسين طفل بالسكاكين، في جوف الليل مع ذبح ما يزيد عن خمسة وعشرون شخص من أهاليهم بذات الطريقة.

انتهاك الطفولة من قبل الشبيحة والأمن واستهداف الأطفال لم يعد أمراً عرضياً أو محض صدفة أو عن طريق الخطأ، فبحسب إحصائيات تنسيقيات المحافظات تشير الأرقام إلى قيام النظام بقتل ما يزيد عن 1075 طفل خلال أربعة عشر شهراً من الثورة تتراوح أعمارهم بين الرضيع الذي لم يتجاوز عدة أيام، وحتى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربعة وخمسة عشر عام.

إبراهيم شيبان طفل من حي الميدان في دمشق لم يتجاوز تسعة أعوام، استشهد برصاص الشبيحة في يوم الجمعة 14 أكتوبر 2011.

 ثامر الشرعي طفل من مدينة الجيزة بمحافظة درعا على اعتاب عامه الخامس عشر الذي اعتقلته قوات الأمن في التاسع والعشرين من أبريل 2011 ليتم تسليمه إلى أهله فيما بعد جثة ممزقة ومشوهة، أشارات التقارير الطبية إلى تعرضه لثلاثة عشر رصاصة بينها ثمانية في فخذه.

علا الجبلاوي من مدينة اللاذقية لم تتجاوز منصف ربيعها الثاني، في منتصف شهر رمضان وبالتحديد في السادس عشر من شهر أغسطس 2011، استشهدت حينما كانت برفقة والدها الذي خرج بها هرباً من القصف على حي السكنتوري فقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص عليهما فأصيبت برصاصة في عينها واستشهدت بينما تم اعتقال والدها الذي اصيب برصاصة كذلك.

ليال عسكر، طفلة من منطقة الحراك بدرعا لم تتجاوز سبعة أشهر قتلت برصاصة من قبل الشبيحة في أول يوم من أيام رمضان في الحادي والثلاثين من يوليو 2011.

مجزرة حي كرم الزيتون والعدوية بمدينة حمص والتي سقط ضحيتها 87 شهيد معظمهم من النساء والأطفال في الثاني عشر من شهر مارس 2012، ووجد أثار تعذيب على الجثث فيما بعد.

وفي مشهد كهذا مئات الأمهات السوريات لم يعدن قادرات على سرد قصص ما قبل النوم لأطفالهن، ولا حتى تقبيلهم قبل المنام، فرصاص الأمن والشبيحة أراد لهم نومة أبدية لتبدأ حكايات استشهادهم هي من تراود أمهاتهم قبل المنام.

لا يزال أطفال سورية بحاجة إلى حماية كما هو حال جميع أبناء الشعب السوري، فمولود اليوم هو شهيد الغد، ولا يدري أحد بأي طريقة يتفنن النظام في قتله واستهدافه!!!