التستر وراء الحجج الواهية وأثرها على الثورة السورية

د.عبد الغني حمدو

التستر وراء الحجج الواهية

وأثرها على الثورة السورية

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

سؤل مرة مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري السابق , كيف ساندت حافظ الأسد في الثمانينات وأنت محسوب على الطرف المقابل كون الذين تعرضوا للقتل هم من طائفتك ؟

فقال كان حافظ الأسد يخوفنا من الحرب الأهلية , وهذا الخوف جعلنا نكون مع بعض ضد حركة التمرد والتي كانت تعمل على اسقاط النظام في حينها .

وبعد احتلال العراق وبعد محاصرة النظام السوري دولياً والضغط عليه وخروجه من لبنان , ووصول النظام لمرحلة حرجة من الضعف , رسخ في ذهن السوريين قناعة مفادها ( إما النظام , أو الفوضى ) , وانعموا بالأمان الذي عندكم , وإن تحركتم فستفقدون معنى الأمان كلياً والحرب الطائفية جاهزة . واختار الناس الأمان المزعوم , والمتستر بكل انواع الشرور والمعجون فيها , ومن يريد القتال فهذه ساحة العراق مفتوحة لكم .

وعندما انطلقت الثورة في تونس وبعدها مصر وليبيا واليمن , كانت تصل لبشار الأسد العشرات من الرسائل المفتوحة والسرية تنذره بالقادم وأن يكون بطلاً ينقذ البلاد من الشر القادم , ومنهم من أفتى بحرمانية التظاهر والخروج ضد الحاكم وقالوا عنها فتنة , فعندما دعونا لانتفاضة الغضب السورية بتاريخ 4شباط 2011

 ومنهم الشيخ العرور , ومنظمات سياسية وشخصيات اسلامية وعلمانية كانت تطالب بنفس الشيء .

لكن غباء العصابات المافياوية والحاكمة في سوريا , وعقدة السادية التي تولدت عندها في القضاء على ثورة الثمانينات , لم تبالي بتلك النصائح , واستخدمت القوة في قمع أول حراك ثوري في درعا .مع مساندة الغرور المطلق بداخل تلك العصابات المجرمة , متوهمة سهولة القضاء على الثورة ولكن هيهات هيهات , فهي ثورة شعبية بدأت من الأصغر ومن أطفال , إلى الشباب والرجال , وأحزاب المعارضة فاغرة فمها من هول الصدمة , ولم تستطع التحرك إلا بعد سبع شهور من الثورة .

الكتلة الرئيسية في المعارضة والممثلة بالمجلس الوطني , فقد دأب هذا المجلس على موقف لايتزحزح عنه هو خوفه من انهيار الجيش , ووجود بديل عنه هو الجيش الحر , ولذلك بقي يراوح في المكان ولم يستطع أن يتقدم خطوة واحدة للأمام , وكان وقوفه غير المعلن وقد يكون المعلن في أحيان كثيرة , النأي بنفسه عن دعم تسليح الجيش الحر , مما أفقده مصداقيته , وفي نفس الوقت لم يستطع تقديم شيء يذكر للثورة , وما زالت المسافة بينه وبين الحراك الثوري بعيدة جداً , فلو تبنى مطالب الثوار في الداخل ودافع عنها بكل قوة , لكان هذا المجلس قد اندمج كلياً بالثورة وأصبح هو المعبر الوحيد عن الثورة بصورتها السياسية .

الكثير من المترددين في الداخل وفي الخارج من السوريين مازالوا يقفون وراء حجة مفادها الحرب الأهلية , ودائما انموذج العراق ولبنان حاضرٌ أمام الجميع , ولم يع هؤلاء أن سورية في تركيبتها الطائفية تختلف عن تلك الدول , ويقسمون الدولة على أساس مذهبي , فيقولون السنة والعلوية والمسيحية والدروز والأكراد , ويتناسون أن الأكراد هم من الطائفة السنية , ونسبة السنة في سوريا تفوق الثمانين في المائة , وهنا تدعي روسيا أن السنة سوف يحكمون سوريا إن سقط الساقط حتماً وتتحول إلى ولاية سلفية ستبيد كل الطوائف الأخرى في حال إن استلمت الحكم , في حين كان ضحية المقبور حافظ ووريثه المعتوه من السنة أكثر من مليون شخص بين شهيد ومشرد قبل الثورة والآن فاقت الملايين , وكأن السنة في سوريا كلها تنتمي إلى القاعدة , أو أنها كلها تابعة للإخوان المسلمين وهم الذين سيستلمون الحكم بعدها ؟؟؟!!!

وعنان يقول في مجلس الأمن إن فشلت خطته فسيكون هناك حرب أهلية في سوريا , بدلاً من أن يكون البديل جاهزاً , وهي حجة واهية أخرى تضاف للتستر وراءها والوقوف على طرف المحايد أو غير الداعم للثورة السورية .

إن تصريحات يهود باراك اليوم , وتلتها استعداد الدكتور غليون الاستقالة من رئاسة المجلس الوطني , وإطلاق الرصاص بكثرة في الهواء من قبل مجموعة من الجيش الحر عند تمكنهم من تدمير عدة مدرعات لعصابات الأسد , يشير ذلك إلى دلائل واقعية ومنطقية , على أن المهل والحجج التي تستر فيها العالم والعصابات المجرمة وشبيحته المختلفة , في إعطاء الفرص لعصابات المجرم بثار , قد استنفذت كلها , وتحطمت كل الخطط والمؤامرات تحت أقدام ثوارنا الأبطال , ولا بد لهم من الظهور بمظهر الداعم في اللحظات الحاسمة.

هي ثورتنا المباركة وقوة عزائم الثوار والتصميم والارادة , جعلت منها الرقم الرابح وبثار يمثل الرهان الخاسر , وهناك عصر جديد قادم في النصر والحرية والتقدم , ولن يخش على نفسه من انتصار الثورة إلا المجرمين , فهلموا ياثوارنا الأبطال متكاتفين متلاحمين لسحق هؤلاء المجرمين , فأنتم على والحق معكم والله هو الحق وهو ناصركم .