سؤال يُطرح دائماً: هل ستنتصر الثورة السورية؟

د.عبد الغني حمدو

سؤال يُطرح دائماً:

هل ستنتصر الثورة السورية؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

وقبل الحديث عن التوقعات نسأل هنا كبداية :

لماذا اندلعت الثورة في سوريا ؟

فلو طرحنا هذا السؤال في الأشهر الأولى من قيام الثورة , أعتقد أن الجواب سيكون الآتي :

الثو رة انطلقت بعد أن نضجت عوامل الثورة , ضد حكم ديكتاتوري ظالم قمعي وإقصائي دمر البلاد والعباد , بالقتل والاعتقال والتشريد ونهب أموال الناس , بحيث أدى ذلك لهبوط التطور الفردي والاجتماعي في سوريا ينحدر لمرتبة الصفر تقريباً ,و الدليل على ذلك , أن نسبة الأمية في سوريا في الستينات من القرن الماضي كانت تحتل المرتبة الثالثة مقارنة مع الدول العربية , بعد الكويت ولبنان , بينما في سنة 2010 أصبحت سوريا تحتل المرتبة الثامنة عشرة بارتفاع نسبة الأمية وتدنيها في الدول العربية الأخرى .

فالثورة هي ثورة شعبية ضد نظام حكم مستبد وديكتاتوري وظالم وفاسد

والسؤال الآن الثورة هي ضد من وما أهدافها ؟

الثوار بشكل خاص والمؤيدين للثورة بشكل عام , يوجهون الاتهامات للدول العربية والاسلامية , ولمجموعة الدول في مجلس الأمن , لعجزهم عن دعم الثورة السورية , أو عدم رغبتهم في المساعدة على اسقاط النظام الفاجر , مع ان الجرائم المرتكبة والتي ترتكب بحق الشعب السوري جرائم حرب من الدرجة الأولى بشهادة لجان حقوق الانسان , وكذلك معظم دول العالم وصلت لهذه القناعة , ومع هذا لاتتقدم خطوة واحدة باتجاه مناشدة ضمائرها للتحرك وإنقاذ ماتبقى من المجتمع السوري .

فلو سألني إنسان أمريكي وقال لي بعد انتصار الثورة واسقاط النظام ماهو طبيعة الحكم القادم ؟

ولو افترضنا ان هذا الأمريكي هو عضو مشترك في معظم مجموعات الثورة والموجودة على الفيس بوك , فعندها سأجد نفسي من المستحيل أن أعطيه جواباً مقنعاً , وإن أعطيته جواباً على سبيل المثال أن الثورة هي ضد حكم ديكتاتوري فاسد , وعندما نسقط هذا النظام فإن سوريا ستصبح بلد الحرية , كدولة ديمقراطية حديثة تضم جميع السوريين , ولا وجود للتمييز على أساس العرق أو العقيدة أو المذهب .

فحتماً ستكون قناعته صفراً , لأن الموجود على الصفحات إلا في القليل منها يتفق مع هذا الرأي , فالغالبية من الناشطين على صفحات الثورة , أخذت تصنف الناس لأصناف شتى :

أولاً على أساس طائفي , وثانياً على أساس انتماء فكري , وثالثاً على أساس عرقي , ورابعاً على أساس اثني

فكل من لاينتمي للطائفة السنية فهو عدو , وكل شخص لاينتمي فكرياً من الطائفة السنية لمجموعة الاسلاميين كتعبير مجازي , فهو علماني كافر لايمكن الوثوق فيه ويحل قتله , وبالتالي المشروع القادم الخلافة الاسلامية التي ستكون مركزيتها في دمشق لتنطلق منها وتسيطر على العالم كله , وبين هؤلاء يوجد من يقول : كل من لاينتمي لطريقنا فدمه مباح وما بقي من ملكه أنفال وسبايا .

في المقابل استطاع النظام جر الناس طائفياً من خلال الفيديوهات المسربة , والتي تعمل على النفس الطائفي , ليزداد الشحن الطائفي عند الطائفة الأخرى , وفي نفس الوقت استجداء الدعم الخارجي على أساس طائفي , في مقابل الدعوات الموجودة والمتوعدة بإبادة الطائفة الأخرى إبادة تامة مع تغذية هذه الرؤيا من قبل إسرائيل أنها مستعدة لاستقبال مليون ونصف لاجيء من الطائفة , بالاضافة إلى ذلك الدعوات القومية والمنادية بالتقسيم والانفصال , وكذلك الدعوات على أساس التقسيم الطائفي .

والمعارضة في الخارج تقدم الدعم على أساس الانتماء الفكري أو غيره من الأمور , وكأن الثوار والذين لاينتمون لهذا الفكر أو ذك هم ليسوا بثوار .

وفي نفس الوقت نعيب على العالم ونتهمه بأبشع الاتهامات وأقذع الشتائم , بينما مشاريع الكثير من نشطاء الثورة على هذه الصفحات , تقول لهم عندما ننتهي من بشار سيأتي دوركم طبعاً , فهل من المعقول أن نناشد مجتمعاً لمساعدتنا , ونقول له عندما نقوى سيكون مصيرك كمصير النظام !!!! .والتخوف من القادم حتى داخل المجتمع السوري نفسه

لايعيب عليك أن تطرح مشروعك السياسي وأهدافك وانتماءك الفكري , عندما يكون عندك وطن , ولكن عليك أن تعترف بالآخرين كما تعترف بنفسك .

فالثورة السورية تحولت لصراع أجندات في داخل الثورة , والنظام المجرم يبطش بالجميع ,مستفيداً من تخوف العالم من القادم , ومن التشتت والصراع الحاصل بين أجندات المعارضة السورية  .

وهنا أجيب على السؤال : نعم ستنتصر الثورة فقط عندما تعود لأصلها الذي انطلقت من أجله , وتوحدت كلمة الجميع حول الهدف الواحد هو اسقاط النظام لبناء الدولة السورية الحديثة , وأن سوريا وطناً للجميع ويعاقب المجرم على جرائمه , لأن العصابات المجرمة في سوريا تضم جميع أنواع الطيف السوري.