فارس بوك

خليفة فهيم

فارس بوك

خليفة فهيم

هي نفسها الرقابة التي كان يفرضها نظام الهارب زين العابدين بن علي، أيام حكمه مع ولوج عصر التكنولوجيا وانتشار الشبكة العنكبوتية وما حملته من مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث كان نظام زين العابدين بن علي يفرض رقابة شديدة، وشديدة جدا ، على هذا الممنوع المباح في عهد الديكتاتوريات ، حيث كانت تحجب الكثير من المواقع الهامة ، أما المسموحة المباحة فكانت الإباحية لا غير ، غير ذلك كان قد يمكن الحصول على جرعة من الزئبق ، لكن قد لا تستطيع الظفر بمكان لمقهى الانترنت أو نادي له كما هي العادة في الدول الغربية ، وهذا إذا فتشت أي مدينة من مدن تونس شارع شارع وزقاق زقاق ، وإذا حدث و ظفرت بمكان أو ملجأ إن صح الوصف، فقد يكون ذلك من تحت الطاولة كما حدث معي ذات مرة بمدينة قابس وهذه حقيقة ، ولم يختلف الوضع بالنسبة للجارة ليبيا وطبعا كان ذلك أيام نظام حكم القذافي ، حيث كانت الانترنت أكثر انتشارا لكنها كانت سلاح ذو حدين بين يد النظام  فكثيرا ما استعملتها اجهزة المخابرات فخا للاستدراج والإيقاع بالكثير من الشباب الليبي الذي كان بالنسبة لتلك الاجهزة القمعية فريسة يتلذذ اصطيادها و الإيقاع بها لتعذيبها وجعلها عبرة لمن يعتبر ولمن أراد ولوجها واللعب في فضائها، ذلك ما جعل الكثير من الناس أو المواطنين يتجنبون ذلك العالم المحفوف بالمخاطر عالم الانترنت ،

كذلك كان نظام مبارك يقبض بقبضة من حديد ويضع يده على تلك التكنولوجيا الطارئة والدخيلة حسب اعتقاده وأتذكر انه كان يتوجب عليك إذا ما رغبت الدخول الى مقهى عمومي للانترنت أن تسجل هويتك على مستوى ذلك المحل وهو نفس الإجراء الذي يتبعه النظام في سوريا ولم يكن الأمر يختلف في بعض من الدول العربية الأخرى أو لدى الأنظمة الحاكمة التي كانت تحذو بنفس الحذو حول كل ما يتعلق بفضاء الانترنت أو الشبكة العنكبوتية وروادها ، لكن ورغم كل تلك الرقابة والقبضة الحديدية إلا ان تلك الانظمة وقعت فيما كانت تخافه وتخشاه إذ تهاوت بعد أن شلت خيوط الشبكة العنكبوتية حركتها وكان السقوط حتميا .

هو نفسه المصير الذي سيلقاه النظام الإيراني أو او حاملي المشروع الخميني الذين خرجوا علينا أو بالأحرى خرجوا على شعبهم  بخرجة لا يمكن ان تصنف إلا في صنف العجائب المدهشة على غرار ما كان يصنعه العقيد معمر القذافي من خرجات ونظريات يشيب لها الولدان ومن خرجات طهران هذه المرة لم تكن وليدة الصدفة او اختراع نووي بالمرة ، هو إطلاقها لموقع اجتماعي على غرار الفيس بوك لكن داخل إيران فقط وعلى مقاسها اسميه أنا "فارس بوك" وحجبت مواقع أخرى ترى فيها خطر يعريها ويكشف عوراتها، مثل تويتر وغيرها بل قل كل ما له صلة بالخارج ، كما قامت باتخاذ إجراء أخر وهو الأخطر والذي يعري مدى هشاشة النظام الإيراني ، وهذا الإجراء يلزم كل أراد أن يفتح له حسابا الكترونيا المرور عبر أجهزة الأمن ، أي على الزبون أن يقوم بتسجيل نفسه بهويته لدى أجهزة الأمن، بعدها يسمح له بفتح الحساب أو البريد الالكتروني ليبقى طبعا تحت المراقبة وهناك يمكن الاطمئنان عليه ومنه  اذ تقوم أجهزة الأمن  بقراءة كل رسائله الواردة والصادرة  ، وهكذا يكون الأمر أشبه بتلك الرسائل التي ترد إلى السجناء ، حيث تخضع و تمر على مكتب المراقبة لدى السجن ، ثم تسلم إلى صاحبها في زنزانته ، فاي عقلية متحجرة هذه ؟ .

السؤال هنا ماذا ترك النظام الإيراني من حرية لشعبه أو عدوه أن صح التعبير ؟ الذي يهينه ويحتقره بهذه الطريقة او المعاملة ، ولماذا كل هذه الرقابة وهذه الإجراءات ؟ ولذلك معنى واحد ثابت وأكيد وهو أن النظام الإيراني يدرك ويفهم تماما انه على كف عفريت ، وان كل الظروف مهيأة للانقلاب عليه وإسقاطه والمسألة أصبحت تتعلق بوسائل التواصل والتنسيق بين أبناء الشعب لإحداث الرجة ، وأقول الرجة فقط لان البنية الهزيلة و بناية النظام جد هشة والشرخ بها عميق والجرح في نفوس المواطنين أعمق، لذلك فإسقاط هذا النظام لا يحتاج أي جهد سوى تنسيق ورجة خفيفة ، وهذا دليل ما بعده دليل على أن النظام الإيراني بات يعد أيامه ويشد حقائبه التي قد لا يسمح له الوقت للملمة بعضها أو على الأقل ورقة من أوراق المشروع الخميني التي ستعصف بها الرياح ويصبح في خبر كان ، فلا مجال لأي شكوك عن السقوط الوشيك ولا نفعا  لفارس بوك .