لاعبين كثر لتحديد أو تحجيم أهداف الثورة السورية

د.عبد الغني حمدو

حسابات متعددة وتوقعات مختلفة

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

عندما نستعرض مجريات الثورة السورية وتطوراتها وأحداثها الداخلية والخارجية , والحسابات البشرية والتوقعات , بحيث يمكننا تقسيم هذه الرؤى إلى قسمين رئيسيين :

القسم الأول : الرأي عنده يخالف الواقع مع قناعة داخلية تعكس القول المعلن , ومصدر التناقض بين القناعة في الداخل وبين النطق بعكس ذلك ينبع من الأمنيات , ومن العاطفة في داخل الفرد والتي تجبر العقل على التنحي لصالح العاطفة . وهذه الظاهرة نراها عند مؤيدي النظام الحاكم , وعند من دخل اليأس نفوسهم نتيجة طول المدة والتي لم تثمر حتى الآن على نتائج ملموسة في أن النصر بات قريباً , فالفريق الأول مصر على الانجرار وراء عواطفه وأمنياته , ومتأثراً بحقبة زمنية انتصر فيها الطاغي على الثورة السورية في الثمانينات , مما ولدت عنده عقدة السادية , والتي يعتمدها المجرمون في تصرفاتهم , وهذا مايظهر واضحاً وجلياً في أبشع الجرائم التي يرتكبونها وكان آخرها , دفن شاب مصورمن القصير وهو حي في مقابل النطق بألوهية بشار , فيما أصر البطل الشهيد على القول (لاإله إلا الله ) , إن هذه التضحية بالنفس في سبيل التوحيد ترعب القاتل وتشد عزم الثائرين , ولن يمر عليه وقت طويل , فإما ان يقتل أو يصبح في زمرة المجانين . أما الفريق الثاني , فاليأس قد يوصله :

إلى الهروب ومحاولة اشغال نفسه في أمور المعيشة الدنيوية , أو قد يوصله حالة اليأس تلك للخمول والكسل , وإثارة مافي نفسه من يأس ليوزعه على الآخرين . أو ينحرف انحرافاً تاماً ليعود مؤيداً ويتعامل مع النظام بندم ويكون نشيطاً في الخدمة .

القسم الثاني : القناعة في داخلهم متكاملة , ومتطابقة بين القول وبين العقل , ولكن تنقصهم الارادة , فالارادة تهم بالفعل , ولكن العقل يشتت الارادة في حسابات متعددة , وتوقعات لها حساباتها وجوانبها , والدخول بالتفاصيل الدقيقة , وكما يقال الشيطان يكمن في التفاصيل , لذلك يبقى هذا الفريق متردد , فعواطفه وميوله وقناعته بحتمية انتصار الثورة , ولكن الرؤيا عنده ليست واضحة , لتبقى الحيرة بين العقل والارادة والتشتت بين أوامرهما , مما يعطل العقل ويعطل الارادة , ونعني بهذه الفئة المتخبطة , فلا تعرف الطريق الواجب سلوكه , ومثالها التصريحات الأخيرة لرئيس المجلس الوطني برهان غليون .

ينضم تحت لواء الفريق الأول الدول التي أعلنت انها صديقة للشعب السوري , فالعواطف عندهم تميل في غالبيتها مؤيدة لبقاء النظام الحالي مع بعض الرتوش لتحسين الصورة , مع أن القناعة في داخلهم كما يقرره العقل السليم والمنطق أن الثورة منتصرة بإذن الله تعالى , ولذلك نجد عندهم ميولاً إعلامية ناتجة عن اسكات الضمير , في أن فعلهم هذا يكفي والذي لايخرج عن نطاق تنويم الضمير .وهؤلاء يسعون بخططهم في إعطاء المزيد من الوقت حتى يروا الكفة الراجحة ليأتوا في الأخير داعمين , كما حصل في تحرير مدينة الفاو في حرب الخليج الأولى سنة 1987 من قبل الجيش العراقي , وعندما رأى الأمريكان أن المعركة كانت لصالح القوات العراقية , شاركت القطع البحرية الأمريكية في اللحظات الأخيرة بالمعركة كمشاركة رمزية أعطت لنفسها أهمية كبيرة في اسهامها في نجاح المعركة , مع أن المشاركة لم يكن لها وقع عسكري مطلقاً على مجريات المعركة .

أمام هذا الوضع القائم نجد أن الدعم الخارجي للثورة لن يتغير عن السابق , وإن إطالة المدة سيتمحور عنه تكتل دولي , ليصل بالنتيجة لحرب باردة بين الطرفين , ويبقى الوضع قائماً في انتظار انتصار فريق على آخر .

خلاصة القول عبارة لابد منها (نكون أو لانكون ) شعار الثورة الحتمي , ووصل الأمر أعتقد إلى ذروة الصراع الحتمي , ولا ينقص الثوار إلا أموراً تنظيمية وإدارية , فالارادة عندهم قوية وحسابات العقل تتطابق مع الارادة , فنصف ثورة هو حرق الثورة كلها , فإما النصر ولا غيره , فوحدة الثوار تحت قيادة عسكرية هرمية ممتدة من الخارج إلى الداخل , وبتحديد الوقت المناسب للحركة بوقت واحد , لجميع القوى الثورية المدنية والعسكرية , عندها ستسقط كل الرهانات والتي تشير إلى أن الوضع الحالي سيطول وقد يمتد لسنوات.