طائفيون بشعارات علمانية
طائفيون بشعارات علمانية
يحيى بشير حاج يحيى
هل في هذا تناقض ؟ كما يمكن أن يبدو للوهلة الأولى من خلال مدلول كل من اللفظين ؟؟
الواقع أثبت خلاف ذلك !
فالتقدميون - التقدميون الذين رفعوا شعارات العلمانية منذ أكثر من خمسين عاما لم يكونوا في حقيقتهم إلا طائفيين متزمتين - أدركوا أن الفكر الطائفي المتخلف لا يمكن أن يكون مقبولا في تلك الفترة ، فترة النهوض ، و البحث عن الهوية و تأكيدها بعد خروج المستعمرين .. فغلفوا معتقداتهم بأغلفة علمانية متعددة ثم راحوا يبحثون لها في زوايا التاريخ المعتمة عن سند من الماضي .
فبعضهم جعل من ثورة الزنج صورة متقدمة للثورة على الأوضاع الاجتماعية .. و آخرون نبشوا عظام القرامطة ليجعلوا من وحشيتهم و كفرهم أول تجربة رائدة في الاشتراكية ، و مضوا يقنعون المخدوعين بشعاراتهم العلمانية أنهم يستوحون التراث ، و يسترشدون بتجارب الماضي ، و أن العلمانية التي يدعون لها لا تتعارض مع تراث الأمة و تاريخها .
بل إن بعضهم دعا صراحة إلى تجاوز أربعة عشر قرناً من حضارة الإسلام ، و العودة إلى رحم الجاهلية لاستلهام قيمها ، و كان أن انخدع من انخدع .. و أبصر من أبصر ، و وصل العلمانيون الطائفيون إلى ما يريدون من خلال البلهاء و من خلال الشعارات التي امتطوها .. ثم نزعوا الأقنعة عن وجوههم في الوقت المناسب .