البُقع العمياء فى رأس المخالفين !!

محمود المنير

البُقع العمياء فى رأس المخالفين !!

محمود المنير

مدير تحرير جريدة الحركة/الكويت

[email protected]

يقول العلماء أنه توجد في عين الإنسان بقعة عمياء تنعدم فيها الرؤية تماما.. ففي شبكية العين توجد بقعة معتمة تشبه ندبة الجرح (يخرج منها العصب البصري) تعجز عن الرؤية واستقبال الضوء القادم من الخارج !! وكما توجد بقعة عمياء في العين؛ توجد في الرأس أيضا بقع عمياء كثيرة وربما أكثر مما نتصور تعوق تفكيرنا بشكل سليم !!

هذا الطرح الذي يناقشه كتاب (البقع العمياء: لماذا يقوم الأذكياء بتصرفات حمقاء؟)  (BLIND SPOTS, why Smart people do dumb things).

 لفت انتباهي للحالة التي يعيشها رموز التيار الليبرالى بعد الربيع العربي وما تبعه من صعود لتيار الاسلام السياسي الخصم اللدود لأصحاب الفكر الليبرالي حيث يتبين لنا أنهم يعانون أشد المعاناة من البقع العمياء فى رؤوسهم من خلال نظرتهم للتيار الإسلامي وهجومهم الدائم عليهم ، وإصرارهم على اخراج كل ما فى جعبتهم من سهام ناقدة وطائشة وغير صائبة فى معظمها ليلا ونهارا تجاه الفكرة الإسلامية ، وعدم البحث ولو للحظة واحدة عن أى قواسم مشتركة أو مساحات للالتقاء على مشتركات مع الإسلاميين من أجل مصلحة أوطانهم ، وما حال بينهم وبين ذلك سوى البقع العمياء التى فى رؤوسهم !!

فالليبراليون مثلا : منذ حقق الاسلاميون النجاحات المشهودة تزامنا مع الربيع العربي فى كل من تونس ومصر لا يفكرون بشكل دائم ومستمر لمحاولة التعايش وتفهم وجهة نظر المخالفين والتعاون معهم  ، بل يقفزون مباشرة إلى الاستنتاج وإلقاء التهم واعتماد فكرة أن كل ما يجرى حولهم هو محض صفقات ومؤامرات لإقصائهم ، ويعيشون أسارى الهلع من الدولة الدينية ويعتبرون أنفسهم وحدهم من يمثلون التيار المدني وما سواهم يمثلون القرون الوسطي ويدعون للفكر الثيوقراطي ، ويطغى على كتابات رموز الليبراليين التعصب فى آلية التفكير فنجدهم يقذفون التيار الإسلامي بأحكام مسبقة يطلقونها حتى قبل انتهاء المواقف أو طرح الآراء بهدف التشويه وتضليل الرأي العام.

ومن البقع العمياء فى رؤوسهم رفعهم شعارهم الدائم " مفيش صاحب يتصاحب" من خلال تبنيهم لمنهج النقد وتقطيع أوصال الآخرين وإلصاق كل التهم بهم عبر برامج " التوك شو" فى الفضائيات ومن خلال مئات المقالات اليومية فى الصحف التي أنشائها رجال الإعمال المال السياسي المشبوه والفلول المتحولين الذين أصبحوا يتحدثون الآن باسم الثورة والذين كانوا بالأمس حملة مباخر النظام البائد وأبواقه الفاسدة !!

ولعل من أبرز البقع العمياء كذلك فى رؤوسهم رؤية العالم من خلال ما يعتقدوا أنهم صواب فكل ما سواهم خطر على الحرية والفن والهلس و الإبداع فلا يكفون عن تحذير الناس من العصور الظلامية ، وسطوة الإسلام ، وقهر الحدود ، ووصاية رجال الدين ، والعديد من المصطلحات التي يروجون لها ليلا ونهارا عبر ما يحلو لهم أن يطلقوا على أنفسهم التيار المدني .

وعليه يجب أن يخرج الليبراليون من فخ الوقوع في أسر التصنيف والأنماط المسبقة لأنهم بهذا المسار لن يفكروا بطريقة سليمة أو محايدة بخصوص انسان أو فئة لا تشاركهم ذات الآراء والأفكار والدين والمذهب.

وختاماً : يجب ألا يعتمدوا على أنصاف الحقائق ويكفوا عن نشر الأخبار المفبركة و المثيرة التي كثيرا ما يرجون لها لتضليل الرأي وتخويفه من الإسلاميين دون تمييز واستحضار الفزاعات المختلفة كما كان يفعل النظام البائد للرئيس المخلوع .

 فى السياق : من شعار الإمام الشافعي: (رأي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب).