"سايكس بيكو" و الربيع العربي

معاذ عبد الرحمن الدرويش

"سايكس بيكو" و الربيع العربي

معاذ عبد الرحمن الدرويش

[email protected]

عندما ظهر الفكر القومي في نهايات القرن ما قبل الماضي ،حيث كانت الدول العربية ترزح  تحت الخلافة العثمانية و التي تحولت إلى احتلال جائر في مراحله الأخيرة.

كان لفرنسا و بريطانيا دوراً كبيراً في دعم ذلك الفكر آنذاك ، مما أدى إلى استعطاف الشعوب العربية و استجرارها  للوقوف  إلى جانب فرنسا و بريطانيا في الحرب العالمية الأولى  ضد الدولة العثمانية على أمل الاستقلال و الحرية ،و بعد خروج بريطانيا و فرنسا منتصرتين و انهزام الدولة العثمانية ، كانت الهدية للشعوب العربية من قبل فرنسا و بريطانيا معاهدة "سايكس بيكو" التي قسمت الوطن العربي إلى دويلات عديدة.

و اليوم يقف الغرب إلى جانب شعوب الربيع العربي في محاولة ذكية خبيثة لاستثمار هذه الثورات القادمة لا محالة.

طبعاً هذا لا يعني من قريب أو بعيد أن ثورات الربيع العربي هي مؤامرة غربية.

فالمتآمر على الشعوب العربية هي الحكومات الديكتاتورية  نفسها التي دفعت  بالبلاد إلى الجحيم.

كما أن الدولة العثمانية هي التي دفعت إلى ظهور الفكر القومي من خلال تهميش البلاد العربية و تطبيق سياسات التتريك  بعدما امتصت خيراتها و أذلت شعوبها.

فالغرب لا يصنع الموجة و لكنه يجيد ركوبها و هذا ما حصل بالأمس ، وهذا ما  يتكرر اليوم مع الربيع العربي.

الغرب أدرك سابقاً أن موجة الفكر العربي القومي قادمة بطريقة آو بأخرى و اليوم يدرك أن  تسونامي الربيع العربي ستجتاح معظم  البلاد العربية بفكر جديد  سواء شاء أم أبى  ، و لا يمكن لأي قوة أن تقف في وجه هذه الأمواج العاتية من أجل ذلك ،فالغرب  يعرف كيف يركب الأمواج و كيف يستثمرها على هواه و مصالحه و مطامعه.

الدول الغربية لم تتعاطف مع الشعوب العربية من منطلق إنساني أو أخلاقي ،لا بل من منطلق استغلالي جشع ،فالثورات الرمادية - " و اسمحوا لي بهذا التعبير"- لم تستطع أن تفرز المواقف و تعري الوجوه على حقيقتها فغرر بنا بادئ الأمر، حتى جاءت الثورة السورية المباركة التي أفرزت كل الأشياء على حقيقتها سواء في الداخل آو على الصعيد العربي أو الدولي.

و تجلى أمام العالم أن الغرب لا يملك في سياساته أدنى درجة من الأخلاق و القيم و هو يتاجر و يحاول استثمار دماء الشعب السوري من الأبرياء الذين قضوا و سيقضون في سوريا لمصالحه و مطامعه .

و الشعب السوري البطل الأعزل يحارب العالم اليوم اجمع ، و سينتصر بإذن الله على أعتى  ديكتاتورية في التاريخ، و لن يسمح بسايكس بيكو جديدة .

راجين من  الله أن يزهر الربيع العربي و يثمر حرية و ديمقراطية و عدالة و كرامة.