ظالم ومظلوم
ظالم ومظلوم
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
انتصرت الثورة السورية , وجرت فيها انتخابات حرة ونزيهة , وفاز بالانتخابات طرف سياسي , هذا التكتل السياسي , يمثل الثورة , والتي قامت ضد الظلم لاحقاق الحق والعدل والمساواة بين جميع فئات الشعب , الدستور الجديد يتضمن استقلال السلطات , ومنها سلطة القضاء , والسلطة التنفيذية مهمتها فقط تنفيذ الأحكام والتشريعات المعتمدة من السلطة التشريعية , وفي هذه الحالة لو كان ألوالد وزيراً او رئيساً , وأراد الواسطة , فعندها سيقول المسئول للطالب (إن كان طلبك قانونياً فلا تحتاجني , وإن كان طلبك غير قانوني , فلا يمكنني مساعدتك ) .
هنا سيعمل القضاء على جمع الأدلة أو النظر في الشكاوي المقدمة من المظلومين لمحاسبة الجناة والقتلة والفاسدين والذين مارسوا عمليات الاجرام المخالفة للضمير الانساني وقوانينه المعتمدة .
فالظالم عليه هنا مواجهة مصيره وليس أمامه إلا طريقين اثنين :
الأول: هو الرضى بالحكم الذي ينتظره ويناسب مارتكبه من جرائم
والثاني: هو الهروب واللجوء إلى دولة أخرى تحميه , وحول ذلك تدور الحكاية :
عندما تقدمت لمفوضية اللاجئين قبل سنتين من الآن , وكانت هناك ثلاث جلسات تحقيق , وبين الثانية والثالثة ستة شهور , وكان الحديث يدور عن سبب طلب اللجوء , وكان قد مضى لي في الغربة 29 عاماً , فقلت لهم ليس عندي جواز سفر , وفي بلادي محكوم علي بالاعدام , بسبب انتمائي الفكري , ولا يوجد علي أي طلب قضائي غير ذلك , والآن ليس عندي جواز سفر , والسفارة رفضت تزويدي بجواز جديد , ولكي لاأسلم لبلدي لجأت للأمم المتحدة , وسألوني هل ارتكبت جرماً مدنياً أو قتلاً أو أي شيء آخر , فكان جوابي بالنفي , ومع هذا كله فلي سنتين وشهرين فوقهما , ولم يتم قبولي كمستوطن في أي دولة من العالم , مع أن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة , قد وجدت أنه يحق لي اللجوء .
عشرات الألوف من اللاجئين السوريين خرجوا في الثمانينات , وكانت دول العالم تتعاطف معهم , لذلك كانت قضيتهم منسية ولم تشكل أزمة دولية في حينها .
يدخل الآن لمبنى مفوضية الأمم المتحدة من المحسوبين على بشار الأسد هارباً من مصيره عندما اختار طريق الهروب , ولم يواجه العدالة في بلده , فسيكون السؤال الأول :
هل أنت ضمن قوائم مجرمي الحرب والموجودة عندنا ؟
فإن كان جوابه بالنفي فالقوائم موجودة وهنا معناها قد كذب في الاجابة وسيرفض طلبه , وقد لايكون اسمه موجوداً , ولكنهم سيقولون له , نحن عندنا وسائل استخباراتية خاصة سنتأكد من كلامك , وقد يأخذ الأمر عدة شهور للتأكد .
السؤال الثاني : طالما أنك لست مجرماً فلماذا هربت من وطنك ولم تواجه قضاءكم العادل وتكون كأي مواطن يعيش في الوطن .
سيقول لأنني أنتمي للطائفة الفلانية , ولكن هذا لايفسر سبب هروبك , فلوكان سلوكك غير اجرامي ,لكنت أظهرت سخطك على إجرام النظام والذي كان يقتل باسم الطائفة , فهل عندك مواقف تدل على أنك لم تكن مسانداً لمجرمي ومرتكبي جرائم الحرب في سوريا ؟
مع أنه لم يفت الوقت بعد , وعلى الذين لايرضون عن جرائم عصابات الأسد , فعليهم اثبات ذلك بشكل عملي وانضمامهم للثورة , قبل فوات الأوان , لأن نظرة العالم بدولها وحكامها وشعوبها ومنظماتها أصبحت ترى أن هذه الطائفة , أشد خطراً على الانسانية من النازية نفسها , وقد يقول قائل , إيران ستضمنا بحنان , ولكن أقول اسألوا أي عراقي شيعي عاش في إيران كلاجيء قبل الاحتلال , وتحقيرهم للعرب ليس على مستوى الحكومة فقط وإنما على مستوى الشعب , وكان الذي ينجو من الاحتقار فيها من يعرف يتكلم الانكليزية ليرفعوا له العمامة تحية وتقبيلاً , فالعربي فيها يخاف أن يتكلم بلغته في ايران حتى ولو كان لاجئاً أو سائحاً .