ارفعوا أيديكم عن الإخوان
ارفعوا أيديكم عن الإخوان
ياسر الباز
اختار الشعب المصري الإخوان المسلمين في أول انتخابات حرة ونزيهة شهد بها ولها الجميع ، مما كان له أثر كبير على شرائح المجتمع المختلفة ، الذين تباينت مواقفهم من هذا الاختيار ، فمنهم من توقع نجاحهم ومنهم من توقع فشلهم في هذا الاختبار.
كان متوقعًا أن يهجم المتفلتون من الشرع هجمة شرسة على اختيار الشعب خصوصًا بعدما لحق السلفيون بإخوانهم من الإخوان المسلمين في سباق مجلس الشعب ، وكأن لسان حال الإسلاميين يردد مع الشاعر القديم قوله : إن تبتدر غاية يومًا لمكرمة ...... تلق السوابق منا والمصلينا
(السابق هو أول المتسابقين والمصلي هو ثاني المتسابقين)
نعم ، كان هجومًا عنيفًا من كل حدب وصوب على كل ما هو إسلامي وكأن الانتخابات لم تتم في بلد إسلامي في حجم مصر وما أدراك ما مصر ، عبقرية الزمان والمكان ، ودرة كل عصر وأوان ، زارها الإسلام فزانها ، ورفع بالتوحيد شانها ، حتى صارت مصر حصنًا للإسلام والمسلمين وجامعة لعلوم هذا الدين. لقد أصابت المفاجأة العلمانيين - وأقصد الكارهين للإسلام - الذين عملوا لتجهيل هذا الشعب وصرفه عن دينه لأكثر من قرنين من الزمان ، لقد بذروا بذور الكفر والانحراف في مصر حتى إذا وجب الحصاد إذا بالشعب المصري يحصدهم ويلقي بهم في مزبلة التاريخ ، وكأن هذا الشعب العبقري المتدين بفطرته رأى الباطل القوي فهادنه ولم يقبله ، ورأى الحق الضعيف فآمن به ولم يظهره ، فلما جاءت لحظة الميلاد الثوري إذا بالشعب يظهر تحالفه مع الحق وينكر خضوعه للباطل في أيام من أيام الله.
لم يستغرب أحد من موقف العلمانيين الذين بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ، ولكن المستغرب هو موقف بعض المسلمين من الخاصة والعامة من الإخوان المسلمين والهجوم المستمر والمتكرر بشكل يوغر الصدور ويعقد الأمور ، وشتان ما بين النقد والنقض.
وهناك فرق كبير بين الفكر ومن يحمله ، ففكر الإخوان المسلمين فيما يتعلق بثوابت الدين أو أصوله لا غبار عليه ، ولا أعلم أحد شكك فيه وإلا خرجوا من دائرة الإسلام ، وأما فيما يتعلق بالأمور الاجتهادية والمختلف عليها فهم يعتمدون على أقوال من سبقهم من علماء الأمة ، وإن وقعت بعض الأخطاء فمما يلتمس لهم فيها العذر ، مع التنبيه على أن الكثير من الأمور السياسية وارد فيها الاختلاف ولا عصمة لأحد فيها ، فكم زلت أقدام الساسة والقادة ، سواءً كانوا من أهل الانحراف أم من أهل العبادة.
أما أفراد الإخوان المسلمين فهم كغيرهم من الناس ، فيهم العالم والجاهل ، وفيهم المخلص والعميل ، وفيهم الشريف والوضيع. ولم لا وقد حدثنا الله في القرآن عن المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويضمرون الكفر ، فإن وقع الانحراف من بعض المسلمين وهم الكل ، فيتوقع الانحراف من بعض الإخوان المسلمين وهم الجزء. وقد قابلت من الإخوان وغيرهم من الجماعات من ينازع النجوم علمًا وشرفًا ، وقابلت منهم غير ذلك (وفي الصمت كلام).
وأختم بنقاط سريعة أنصح بها إخواني ولكن لا ألزم بها إلا نفسي
1- نحن أمة تدور مع الحق حيثما دار ، ونقدمه لإخواننا في أحسن إزار ، مصداقًا لقول ربنا " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ".
2- إن الهجوم على الإخوان والسلفيين في هذا الوقت خطأ استراتيجي ، وإن وقعوا في بعض الأخطاء المرحلية.
3- النقد لا النقض.
4- لا تحكم على الإخوان لأن واحدًا منهم أساء ، فكم ممن فيهم ليس منهم كما قال حسن البنا رحمه الله.
5- لن تستطيع أن تحكم على الواقع حتى تتفاعل معه وتكن جزءًا منه ، وأحيانًا يتخذ الإنسان قرارات تبدو خاطئة لمن لا يحيط ببواطن الأمور.
6- إن المشقة في اجتماعنا خير من الراحة في تفرقنا.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل