تناصروا يرحمكم الله

د. أبو بكر الشامي

أيها الشعب السوريُّ العظيم ، يا أبناء الأمة

تناصروا يرحمكم الله

د. أبو بكر الشامي

* النَّصرُ والنُّصرةُ : هي إعانةُ المظلوم ونصره .

والتّناصُرُ : هو التعاونُ على النَّصر .

ولقد سمّى اللهُ أهل المدينة المنوّرة أنصاراً لنصرهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عندما طلب منهم النُّصرة ، وهاجر إليهم ...

وللتناصر والنُّصرة أهمية عظيمة في حياة الأمة ، وبدونها تصبح الأمةُ ضعيفةً ومكشوفة أمام أعدائها ومعرّضة للهزيمة لا سمح الله .

والعكسُ صحيحٌ أيضاً : فقيام أبناء الوطن والأمة بنصرتهم لله ، وذلك بالتزام حدود الله ، واجتناب معاصيه ، ثم نصرتهم لبعضهم البعض ، يؤدي حتماً إلى النصر والظفر على الأعداء ، مصداقاً لقوله تعالى : (( إن تنصروا اللهَ ينصركم ويثبّت أقدامكم )) .. وقوله تعالى : (( ولَينصُرنَّ اللهُ من ينصُرُه )) .

ومما لا شكَّ فيه أن نصر المجتمع والأمة بعضُهم لبعض ، يثبّتُ دعائم المجتمع والأمة ، فتسود فيه روح التعاون ، والألفة ، واحترام الحقوق ، وأداء الواجبات ، وتكون محصّلة ذلك مجتمعاً متماسكاً ، وأمّةً قويةً ، كالبنيانِ المرصوصِ ، يشدُّ بعضُه بعضاً ...

وما ينطبق على الأفراد في مجال التناصر ِ ، ينطبقُ على الدُّولِ أيضاً التي تنتمي إلى العروبة وتدين بالإسلام ، فإذا ظُلمت منها دولةٌ ، واعتُدُيَ على شعب منها كالشعب السوري العربي المسلم اليوم ، وجب على الدول العربية والإسلامية كافّة مناصرته وتأييده حتى يتحقق له النصر على أعدائه البغاة الظالمين ...

أما أن تتخاذل المحافظات السوريّة عن نصرة بعضها البعض ، أو تتخاذل الأمة ، وينكفيء كلُّ فرد فيها ، أو كلّ دولة ، على حدودها الضيّقة المصطنعة ، وشؤونها الداخليّة الخاصّة ، فهذا كفيل بتعريض جميع الوطن والأمة للضياع ، وتسلّط أعدائها عليها الواحدة تلو الأخرى ، لا سمح الله ...

قال تعالى في كتابه الكريم مخاطباً المسلمين الأقوياء عندما يستنصرهم إخوانهم الضعفاء : (( وإن استنصروكم في الدّين ، فعليكم النصر )) الأنفال /72

وقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا اللهَ ، ينصركم ، ويثبّت أقدامكم ))

ونصرُ المؤمنين المظلومين هو من نصر الله ...

وقال تعالى : (( أُذنَ للذين يُقَاتَلون بأنّهم ظُلموا وإنَّ اللهَ على نصرهم لقدير ، الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلا أن يقولوا ربُّنا الله ، ولولا دفعُ الله الناسَ بعضَهم ببعضٍ لهُدِّمت صوامعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يُذكرُ فيها اسمُ اللهِ كثيراً ، ولينصُرنَّ اللهُ من ينصُرُه ، إنَّ اللهَ لقويٌّ عزيز )) الحج / 40

وأما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم في وجوب النُّصرة والتناصر فأكثر من أن تحصى ، ومنها :

1. عن البراء بن عازب قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسبع :

(عيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، وإبرار القسم أو المُقسم ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام ) البخاري

2. وعن عمرو بن عَبَسَة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : ( قال الله عزّ وجلّ : قد حقّت محبّتي للذين يتناصرون من أجلي ) أحمد والطبراني

3. وعن جابر وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : (ما من امرئٍ يخذلُ مسلماً في موطن يُنتَقَصُ فيه من عِرضه ، ويُنتَهَكُ فيه من حُرمته ، إلا خذَله اللهُ في موطن يُحبُّ فيه نُصرتَه .

وما من امرئٍ ينصرُ مسلماً ،في موطن يُنتَقَصُ فيه من عِرضه ، ويُنتَهَكُ فيه من حُرمته ، إلا نصرَه اللهُ في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرتَه ) أبو داوود والطبراني

4. وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه قال :

( من أُذِلَّ عنده مؤمنٌ ، فلم ينْصُرْهُ ، وهو يقدر على أن ينصُرَه ، أذلَّهُ اللهُ – عزّ وجلّ - على رؤوس الخلائق يوم القيامة ) أحمد والطبراني والهيثمي في مجمع الزوائد

5. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال :

( من ذبَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ النارَ عن وجههِ يوم القيامة )الترمذي

6. وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم :

( من نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدنيا ، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُربِ يوم القيامة ، ومن يسّرَ على مُعسرٍ يسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستَرَ مسلماً ستَرهُ اللهُ في الدنيا والآخرة ، واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه )مسلم

7. وعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : ( المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضاً ، وشبّك بين أصابعه )البخاري ومسلم

وبعدُ ... فواجبٌ مقدّسٌ ، وفرضُ عين: على الشعب السوريّ العظيم اليوم ، في جميع محافظاته، وبجميع أديانه وطوائفه وأعراقه ، وهو يتعرّض لأبشع حرب إبادة شهدها التاريخ ، على يد عصابات الأسد ، وشبّيحته الكافرة الفاجرة ، أن يتكاتفوا ، ويتعاونوا ، ويتكافلوا ، ويتناصروا ، ويشدُّ بعضُهم إزر بعض ...

وواجبُ مقدّسٌ ، وفرضُ عين أيضاً: على الأمتين العربية والإسلامية ، والإنسانية   أن تقف معهم ، وتساندهم ، وتنصرهم ، حتى يتخلّصوا من هذه العصابات المجرمة في أسرع وقت ممكن ، ويُقيموا في وطنهم دولة الحقّ والعدل والقانون والمساواة والحرية ...(( ويومئذٍ يفرحُ المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء ، وهو العزيز الرحيم )) الروم / 5       صدق الله العظيم