عدنان يرفض أن يكون 204
عدنان يرفض أن يكون 204
طه أبو حسين
أرى أن قضية الأسرى وإضرابهم بقيادة الشيخ خضر عدنان قد دخلت في سبات منذ ذلك الحادث المفجع الذي راح ضحيته عدد من الأطفال ما بين قتيل وجريح على طريق جبع ، حتى بات الكثير يبحث هنا وهناك بين صفحات الصحف الفلسطينية والإسرائيلية والوكالات الإخبارية والمواقع الالكترونية والشبكات المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي عن حوادث شبيهة لحادث جبع ،مؤكدين لأنفسهم أنهم يعيشون في أيام حزينة سوداء لا يجدر التفكير خلالها بغير الحزن والبكاء والحداد.
تاركين ورائنا قضايا كثيرة على رأسها قضية العدالة والحق " قضية الأسرى "التي لم تعد تعني للكثير سوا معرفة ما إذا كان إضراب الشيخ عدنان ورفاقه عن الطعام في السجون الإسرائيلية حلال أم حرام .
فأن تواجه سجّان يمثل حكومة بعدّها وعتادها وقواتها وأنت أعزلا عاريا في غرفة مغلقة لا يأويك من البرد والجوع إلا جسدك وإرادتك ، هذه من الأساطير التي يجب أن يتحدث عنها التاريخ والعالم ، ونحن حتى الآن لم نتعرف جيدا على هوية هذا الشيخ الأسطورة .
فالشيخ خضر عدنان في إضرابه عن الطعام يدخل اليوم 63 وحتى الآن لا يوجد تحرك بالكم المطلوب لا على المستوى الرسمي ولا حتى الشعبي .
على الصعيد الشعبي وخلال الاعتصامات التي أقيمت تضامنا مع الأسير عدنان جلّها بالكاد كان يصل عدد حضورها المائة متضامن إلا من رحم ربي .
نزولا إلى الشارع ، قلّة قليلة هي من تتابع آخر التطورات التي وصل إليها إضراب الشيخ ، سواء أكان عن حالته الصحية ، او من انضموا إلى الإضراب مساندة له ولقضية الأسرى ، ناهيك عن ردود الأفعال الفلسطينية والإسرائيلية . والفئة الثانية وهي السواد الأعظم التي تدّعي أن لا علاقة لها بالأمور السياسية وكأن إضراب الشيخ عدنان خرج من إطار الإنسانية بالدرجة الآولى و الوطنية بالدرجة الثانية إلى الإطار السياسي ....!!! ، وهناك فئة ثالثة ليست بالقليلة لم تسمع حتى اللحظة عن هذا الاسم مطلقا ، فهذه الفئة معذورة لانشغالها بأمور الحياة من تتبع لآخر المباريات الرياضية ، والكليبات الغنائية ، والأفلام العربية والأجنبية وسواها مما هو أهم من الكرامة الفلسطينية ....!!!
أما على الصعيد الرسمي فقد أعلن الحداد ثلاثة أيام على أطفال حادث جبع ، وحتى الآن ننتظر مرسوما رئاسيا تكلّف المؤسسات الحكومية من خلاله بالتضامن الفعلي لا التضامن القولي مع الأسير عدنان وباقي الأسرى الفلسطينيين الذين يطالبون بالكرامة الإنسانية أولا ..... فبما أن الشعب لا يتحرك إلا باستنهاضه فالأجدر أن يستنهض من قيادته ، إلا إذا كانت القيادة أيضا تنتظر من يستنهضها كموت الشيخ خضر عدنان مثلا .
أعي جيدا أننا تحت إطار دولة محتلة ، لكن هذا لا يعني على البتة أن تقف المؤسسات الرسمية مكتوفة الأيدي . بعيدا عن وزارة الأسرى ونادي الأسير وتأهيل الأسرى وغيرها من المؤسسات المهتمة بقضية الأسرى بات الجمود والدم البارد بين ثناياها واضح ولا يحتمل الشكّ .
هناك 204 شهداء استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية ، ومن المعيب أن ينتظر الفلسطينيون قيادة وشعبا وصول العدد للرقم 205 شهداء باستشهاد خضر عدنان وراء قضبان زنزانته .
فالشيخ خضر عدنان أضاف منسوبا عال جدا للنضال الفلسطيني ، وصمود الأسير الفلسطيني داخل سجنه بتحديه العظيم لسياسة السجّان الإسرائيلي ، فبأمعائه الخاوية يربك المحتل ، ويزلزل كيانه ليعلن له أن الكرامة الفلسطينية لا يمكن اغتصابها ، ونحن الفلسطينيون حتى الآن لم تزلزل أبداننا ولم يتحرك لنا ساكن كما هو متوقع على أوضاع الأسرى المدمي للقلوب "الحيّة".
كنت قد ظننت أنّ الفلسطينيين كما الغاز المتطاير في الغرفة المغلقة ، ينتظرون شرارة صغيرة حينما تلفظ أنفاسها الآولى يثورون كما النيران في كلّ مكان ، لكن كما يبدو لم يعد الغاز الفلسطيني قابلا للاشتعال .
أتساءل : بعد 63 يوما من الإضراب عن الطعام من أجل كرامة الأسرى وإنهاء الحكم الإداري التعسفي هل تنتظرون موته حتى تعلنوا الحداد عليه ثلاثة أيام كما أطفال حادث السير ،وتطوى صفحته من جديد كما هو الحال بالنسبة لــ 204 شهداء استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية ، أم ماذا أنتم فاعلون ....؟!