مؤامرة كونية أم فضيحة كونية؟

محمد زهير الخطيب

مؤامرة كونية أم فضيحة كونية؟

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

النظام السوري يدّعي أن هناك مؤامرة كونية ضده!!! فأمّا أنها كونية فهذا صحيح، وأما أنها مؤامرة فهذه مغالطة، والصحيح أنها فضيحة، إنها فضيحة كونية وليست مؤامرة كونية.

المؤامرة تكون أمراً دبر بليل وكشفته الصدفة، وما حدث في الامم المتحدة اليوم فضيحة كونية للنظام السوري فقد جاء الناس في يوم الزينة واجتمعوا ضحىً في مكان سُوى، جاءت هذه الفضيحة الكونية اليوم في نيويورك العاصمة السياسية للكرة الارضية، عندما كاد العالم أن يُجمع في الجمعية العامة للامم المتحدة على إدانة النظام السوري، فقد صوتت 137 دولة مع القرارالذي يدين النظام السوري ويدعو إلى الوقف الفوري للقمع، ويطالب النظام السوري بوقف هجماته على المدنيين ويدعم جهود الجامعة العربية لضمان انتقال ديمقراطي في سوريا ويوصي بتعيين موفد خاص للأمم المتحدة الى سورية.

 وقد إعترضت 12 دولة على القرار وهي الدول الاستبدادية التي يصوت فيها الديكتاتور دون أن يحسب حساباً لشعبه أو يراعي حرمة لحقوق الانسان. وهذه الدول هي: روسيا والصين وايران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا ونيكاراغوا والاكوادور وبوليفيا وزيمبابوي وبيلاروسيا بالاضافة إلى سورية.

والحمد لله ليس فيها أي دولة عربية ما عدا النظام السوري الذي يبدو أنه أصبح إيرانياً وليس عربياً.

وقد امتنعت 17 دولة عن التصويت وهي الجزائر ولبنان وأنغولا وأرمينيا وفيجي والكاميرون وجزر القمر وميانمار وناميبيا ونيبال وسري لانكا وسانت فنسنت وسورينام وتنزانيا وتوفالو وأوغندا وفيتنام.

وإذا كنا لا ننكر أن الدول تصوت لصالح مصالحها الاقتصادية والسياسية أولا فيبدو أن العالم لم يعد يرَ له مصالح مع هذا النظام البائس القاتل الذي لا خير فيه ودخانه يعمي، والذي أصبحت العلاقة معه تهمة وفضيحة، حتى تحاشته العشيرة كلها وأُفردَ إفراد البعير المُعبّدِ كما يقول الشاعر طرفة بين العبد.

لقد كان منظر الجعفري ممثل النظام السوري مثيراً للشفقة والسخرية وهو يحدث الناس عن نظرية المؤامرة والاعلام الهوليوودي والنيات السيئة، كما لم ينسَ أن يهدد المجتمع الدولي تهديداً مبطناً بأن القرار الذي سيصوتون لصالحه سيحمل الكوارث لمحيط سورية!!! وهي نفس التهديدات التي أطلقها من قبل بشار وحسون وطالب ووئام وبقية جوقة الابواق... ولكم كان موقف الجعفري مخجلاً عندما جاء التصويت بعد كلمته 137 دولة تدين النظام السوري وتقول للجعفري إن خطابك غير مقنع ومنفصل عن الواقع.

سيقول الممانعون أن ال137 دولة التي صوتت لصالح القرار سيئة النية وضد الممانعة وتريد الشر بسورية ولها أجندات خاصة ولها مطامع سياسية واقتصادية واستعمارية و..و..

هذا كله خروج عن الموضوع، إنها دول وقفت مع الشعب السوري في قضيته العادلة بغض النظر عن نياتها وأهدافها ومشاكلها الداخلية، وكل محاولات النظام وحلفائه للتشكيك فيها وفي نزاهة أهدافها هو خروج عن الموضوع الذي هو ضرورة نصرة الشعب السوري والايقاف الفوري للقتل والتشبيح الذي يمارسه النظام ضده. ، ولا نجد إلا عبارات الشكر لكل من وقف مع هذه الثورة، فهل جزاء الاحسان إلا الاحسان؟ ومحاولات إيران وحزب الله إستخدام التاريخ السيء لبعض الدول التي تقف مع الشعب السوري كدليل على سوء الثورة السورية محاولة فاشلة لان الثورة السورية ثورة أصيلة تاريخية كبيرة نظيفة، الوقوف معها شهادة للواقف وليس شهادة لها، فهي أصيلة يشهد عليها عشرة آلاف شهيد وخمسين ألف جريح ومئة ألف سجين... مطربها القاشوش وطيورها حمزة وهاجر، وسفيرها غياث مطر وأبطالها أكثر من أن يُحصَو، كلام نصر الله في الثورة السورية تقييم له وليس تقييماً لها، فلينتبه أين يضع نفسه، وليس أمامه وقت طويل للمراجعة والتصحيح، فقسمات الفجر بدأت تلوح، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أمام المجلس الوطني السوري اليوم فرصة ذهبية ليلتقط هذا الحدث ويذهب به إلى مؤتمر أصدقاء سورية الذي سيعقد في تونس قريباً، ولا يخرج من اللقاء إلا وقد رسم خريطة طريق لتوفير مناطق آمنة في سورية تكون ملاذاً للسوريين الذين تهدد العصابة الحاكمة حياتهم، وليتركوا الباقي على الشعب السوري الذي سيأخذ حقه بيده. وحتى لا نضيع وقتنا فلن تسمح العصابة الحاكمة بايجاد المناطق الآمنة إلا بالقوة، لا بد من استخدام القوة لتأمين المناطق الآمنة، ولا استخدام للقوة الا بالحظر الجوي، إنه خيار النظام وقدرنا، وأي تردد في فهم هذه الحقيقة معناه الوصول إلى نفس النتائج ولكن بضحايا أكثر ووقت أطول، وكل كلام غير هذا كلام عاطفي منفصل عن الواقع ولا يغني عن الحق شيئاً. وإذا كان المجتمع الدولي سيتلكأ في تحمل مسؤولياته، فهذا ليس عذراً لنا في أن لانعلم ما نريد وأن لا نصر على طلب ما ينفعنا، لاتردد بعد اليوم، نريد مناطق آمنة بطاولةٍ موضوع عليها كل الخيارات ومنها منتهى القوة.