هل ينجح بشار في تنفيذ دويلته الطائفية ؟

م. محمد حسن فقيه

هل ينجح بشار في تنفيذ دويلته الطائفية ؟

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

مازال بشار الأسد متمسكا بكرسي الحكم ، متشبثا بتلابيبه ، ملتصقا به كأنما هو جزء من الكرسي أو الكرسي جزء منه ، لا يساوره تفكير بالتنحي بعد أن انتفض عليه أغلب أبناء شعبه من الشرفاء والأحرار، ولم يبق حوله غير تلك الثلة الفاسدة المفسدة التي تثبت فساده وتدعم طغيانه وتنفذ جرائمه ومجازره بأيديها القذرة الملطخة بدماء الأحرار والحرائر العزل ، ضد أولئك الشرفاء الذين انظلقوا يهتفون للحرية والكرامة والإنسانية وغيرها ، اللاتي غيبت من حياتهم منذ عقود طويلة ، وبعد ان هبت نسائم الربيع العربي فبددت اليأس من نفوسهم ودغدغت أحلامهم في تجاوز ذلك الواقع المرير من الذل والهوان مترافقا مع القهر والكبت ، يفرضه نظام فساد واستبداد ، يتربع على هرمه طاغية دكتاتور، يستمد قوة بطشه وتنكيليه من عصابة طائفية إجرامية تتحكم في مصير البلد بأجهزة أمنه ومخابراته ، التي يديرها عصابات المافيا من عائلته وعائلة والدته أنيسة مخلوف .

اتسع نطاق التظاهرات وانتشرت في جميع المحافظات السورية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ، وعم ذلك سهلها وجبلها وساحلها وبيداءها ، وانطلق الشرفاء والأحرار من شتى أطياف النسيج السوري ومكوناته تطالب بالحرية وإسقاط النظام ، بعد أن فشل الأسد ونظامه - وأثبت عجزه - في تقديم أية إصلاحات حقيقية على أرض الواقع ، بل زادت حدة هجمة النظام وقمعه وارتفع سعاره ضد الشرفاء والأحرار، واعتبر جميع المتظاهرين أهدافا مشروعة بل اعتبر كل المناطق التي تخرج المظاهرات منها هي مناطق متمردة تستحق القنص والقصف والتدمير .

أمام هذا التصاعد وتضييق الخناق وشعور النظام بعزلة عربية وإسلامية ودولية وغضبة شعبية جماهيرية ، بدأ النظام من عصابته الحاكمة المتوحشة ، وحاشيته من عائلته وبعض طائفته الفاسدين ، والذين ربطوا مصالحهم ومصيرهم بمصير هذه العائلة مع حلفائها في روسيا وإيران وملحقات إيران في العراق وجنوب لبنان ، يفكرون بطريقة كيف يحافظون فيها على مصالحهم ولوكان ذلك على حساب تمزيق الوطن والإستقلال بدويلة طائفية تتمركز على الساحل السوري لتكن مأوى للقتلة والمجرمين من عصابات هذا النظام وشبيحته السفلة الفاسدين ، وقاعدة لأعداء الأمة والشعب من قياصرة روسيا وامبراطورية فارس الذين يقفون مع النظام وعصاباته في قتل أبناء الشعب السوري وأحراره ، بتزويد هذا النظام المجرم وعصاباته بكل ما تملك من وسائل القتل والقمع والترويع لتنفيذ المجازر والمذابح والدمار ، لتضمن لها قواعد ومرتكزات في المستقبل  وتحافظ على مصالحها الخاصة ولو على حساب تمزيق سورية بعد تدميرها .

ومؤشرات هذا التفكير الطائفي والنهج التمزيقي عند الأسد وعصاباته لا نطلقه من فراع ولا نتهمه جزافا ، وإنما من وقائع وشواهد وممارسات تقوم بها عصابات النظام وتعتبره الحل الأخير إذا ساءت الأمور وخرجت عن سيطرة الأسد في نهاية المطاف .

لقد دأب الاسد وعصاباته منذ بداية الإحتجاجات والتظاهرات بالتأجيج الطائفي وشحن العلويين بالترهات ضد الغالبية الساحقة من أبناء السنة ، وتسليحهم بكثافة بأحدث الأسلحة في القرى والمدن والجبال ، كما قامت أجهزة أمنه وعصاباته بمحاولة خلق كثير من الفتن الطائفية لجر الثورة إلى هذا المنزلق الطائفي النتن ، كما نقلوا مخازن ومستودعات الأسلحة من مناطق السنة إلى جبال العلويين وقاموا بتشييد مخازن للأسلحة الثقيلة من دبابات ومدافع وصواريخ ... وطائرات . 

والسؤال : هل يتحقق هذا الحلم للأسد وعصاباته ، وهل تملك هذه الدويلة الطائفية مقومات الدولة ، وهل يمكن أن يكتب لها الحياة ؟

والإجابة : لا نظن أن مثل هذه الدويلة الطائفية يمكن أن تستمر أو تكتب لها الحياة ... هذا إن ولدت وذلك للأسباب التالية : 

 1 - لقد فشلت مثل هذه الدويلة إبان الإستعمار الفرنسي ورفض أبناء الطائفة العلوية هذه الدويلة ، رغم الجهل والتخلف وعدم وجود أية وسائل للإتصالات في تلك الأيام مما يسهل ترويج الدعايات المغرضة وخداع السذج والبسطاء .

2 – إن أبناء الطائفة بمجملهم أكثر وعيا من الماضي ، ولا يمكن أن تنطلي عليهم مثل هذه المغامرات الفاشلة ، حتى يصل بهم الخداع أن يحزموا حقائبهم ويمضوا مع الأسد وعصاباته في رهان خاسر يودي بهم إلى مجهول أسود .

3 – وجود الكثير من الشرفاء والأحرار العلويين الذين وقفوا مع ثورة الحرية ضد الأسد وعصاباته ، وأصدروا البيانات بدعم الثورة ضد النظام وعدم انجرارهم وراءه ، أو ربط مصير الطائفة بمصير المجرمين والقتلة من شبيحته وعناصر أمنه الإجرامية .

4 – إن  مثل هذه الدويلة ستكون محاصرة ومعزولة برا من جميع الجهات وستصبح تحت احتلال وهيمنة النفوذ الفارسي والروسي ، وتصبح مقر قواعد لتنفيذ مصالح هذه الدول وأجندتها على حساب مصالح وكرامة أبناء الطائفة .

5 – سيبقى داخل هذه الدويلة الكثير من التجمعات السنية والتي ستدعم بقوة من دولة سورية الحديثة ، والتي لن تدع هذه الدويلة تشعر بطعم الإستقرار .

6 – لن تستطيع قوة على الأرض منع الشرفاء من ضحايا أولئك المجرمين  وذوي الشهداء والمفقودين والمخطوفين ، من التسلل إلى داخل هذه الدويلة للإنتقام من القتلة والمجرمين الذين استقروا فيها بعد أن أصبحت بؤرة للٌإرهاب ومأوى للمجرمين المطلوبين ، لمحكمة العدل الدولية في لاهاي والانتربول الدولي والدولة السورية الحديثة .

7 – لو فكرت هذه الدويلة المفترضة بمغامرة من الإعتداء أو قصف دولة سورية الحديثة بالصواريخ السورية التي سرقتها ، فإنها سوف تحدث الكثير من الأضرار والكثير من التدمير ... ولكن عندها ستكون قد حفرت قبور جميع القائمين في شعابها وجبالها وانتهت الدويلة وانهت معها جميع الطائفة .

 8 – من شأن هذه الدويلة لو أقيمت أن تصبح نقطة توتر في المنطقة ومصدر قلق وإزعاج دولي ، ولذا ليس متوقعا للمجتمع الدولي أن يؤيد مثل هذه الخطوة ويجلب التوتر للمنطقة والمشاكل والأزمات التي ستشغله .

إن هذه الدويلة الطائفية لوقدر لها الوجود فلن يكون ذلك في صالح سورية أولا ولا صالح العلويين ثانيا ... لإنها ستكون في نظر جميع العرب والمسلمين أنها أرض محتلة ، وتحريرها واجب وفرض عين ، ومؤسسيها والقائمين عليها أسوأ من هرتزل وتنتياهو وشارون ، وساكنيها أسوأ من الصهاينة ، وداعمهيا ومحتليها – روسيا وإيران - أسوأ من أمريكا وإسرائيل.