الإبداع وعادل إمام

أ.د. حلمي محمد القاعود

الإبداع وعادل إمام!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

أبدى الممثل الهزلي عادل إمام استياءه الشديد من الحكم الذي صدر ضده من محكمة جنح الهرم بالحبس لمدة ثلاثة شهور وغرامة ألف جنيه في قضية اتهامه بازدراء الإسلام في بعض أعماله الفنية.. وفي تصريح خاص لجريدة الأخبار 5/2/2012 ؛ قال : أشعر بالحزن الشديد لأنها المرة الأولي التي أتعرض فيها لهذا الاتهام خاصة أن جميع أعمالي تتحدث عني ولست في حاجة للدفاع عن نفسي فتاريخي الفني يشهد علي ذلك وأعتبر هذا الحكم كارثة كبري في حق الإبداع والمبدعين لأنه يشكل " فزاعة " لهم ويضع الكثير من الخطوط الحمراء أمام عملية الإبداع في بلدنا خاصة أن مصر تدخل مرحلة جديدة في حياتها يسودها الخوف من المستقبل ويجعل الجميع في حالة رعب شديد مما قد يحدث لهم مستقبلا.. وأضاف عادل إمام قائلا: المصيبة أن جميع أعمالي الفنية سواء كانت سينمائية أو مسرحية مصرح بها رقابيا ومازالت تعرض حتي هذه اللحظة علي جميع القنوات التليفزيونية.. وما خفف عني هو كم المكالمات التليفونية التي تلقيتها من رموز التنوير في مصر والعالم العربي وجمهوري وكلها جاءت تتعجب من هذا الحكم وتعلن الوقوف بجانبي ودعوتي إلي عدم التوقف، فأعمالي تحارب الفساد وطيور الظلام في كل مكان. كما أن جمعيات حقوق الإنسان ونقابة الممثلين استنكرت هذا الحكم بشدة وأعلنت وقوفها بجانبي. واختتم عادل إمام حديثه قائلا: لقد جاء  هذا الحكم غيابيا وقد كلفت محاميا بالاستئناف ومن المفترض النظر فيه في الثالث من ابريل القادم وأنا أثق في نزاهة وطهارة القضاء المصري الشريف . أ . هـ .

الذي نسيه عادل إمام هو :

1 – عندما أراد أن يصور فيلم حسن ومرقص ذهب إلى الكنيسة ليستأذن في تمثيل شخصية كنسية . وعندما رأت الكنيسة أن الشخصية تتعلق بقسيس يرتدي ملابس الكهنوت ، طلبت منه الكنيسة أن يغير الشخصية إلى رجل دين باحث في اللاهوت يرتدي الملابس المدنية كي لا يشوه صورة القسيس وانصاع عادل إمام وكاتب أفلامه ، في المقابل لم يجد عادل غضاضة في تشويه صورة الشيخ شعراوي – رحمه الله – بصورة فجة في فيلم " الولد محروس بتاع الوزير "! فضلا عن تشويه صورة الإسلام والمسلمين في فيلم حسن ومرقص نفسه حيث صار الإرهاب علامة دالة على الإسلام والمنتمين إليه !

2 – عادل إمام خدم النظام البائد الفاسد بكل إخلاص في مجال تشويه الإسلام ، حين جعل المسلم إرهابيا وشهوانيا ولصا وقاتلا وسفاحا وانتهازيا في معظم أفلامه التي زعم أنها تحارب ما يسمى الإرهاب ، في  مقابل ذلك صور الماركسي والناصري والملحد في صورة ملائكية نقية تمثل طوق النجاة للمصريين ( تأمل : طيور الظلام ، الإرهاب والكباب ، السفارة في العمارة ...) . 

3 – انحاز عادل إمام إلى نظام حسني مبارك علنا ، وقبل وهو الفنان أن يعرض مسرحية تهجو الإسلام في أسيوط تحت حماية قوات الجلاد زكي بدر ، وعاد ليجد النظام الذي يستخدمه يضع من أجله حراسة بوليسية تحرسه حتى يومنا فيما أظن ، ينفق عليها الشعب المصري المسلم .

4 – ليس عادل إمام وحده المتهم بتشويه الإسلام ولكن من كانوا يكتبون له أفلامه من الشيوعيين وكتاب أمن الدولة ، يتحملون جريمة ازدراء الإسلام . وبعض هؤلاء اتخذ من الكتابة والعمالة طريقا للثراء والانتقال من السطوح إلى القصور وأجنحة الفنادق الفخمة ، ولو كان ذلك على حساب القيم العليا والأخلاق والوطنية .

5 – عادل إمام يضحكنا مثل أي ممثل فكاهي أو هزلي ، ولا يعني ذلك أن يكون مبدعا حين يأتي إضحاكه على حساب الإسلام والأخلاق ، في الوقت الذي لا يجرؤ أن ينال من دين آخر غير الإسلام بكلمة أو حرف !

ومع أني لا أحبذ اللجوء إلى القضاء في مثل هذه الأمور ، لأن الجمهور هو الذي يحكم على الأعمال الهابطة بالنسيان ، فإن الحكم القضائي عنوان الحقيقة ، وخير للناس أن تلجأ للقضاء بدلا من اللجوء إلى وسائل أخرى !

أعلم أن فرق الشيوعيين والناصريين والعلمانيين والليبراليين والمرتزقة ستجد في هذا الحكم مادة غنية لعزف نغمات مكرورة عن الحرية والإبداع وحق التفكير والتعبير على مدى أسابيع وشهور ؛ ليس مساندة للممثل الهزلي ، ولكن تعريضا بالإسلام وتشهيرا بالمسلمين ، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح !